top of page

سلسلة مقالات بدون عنوان ٥

يناير 31

٣٦ min read

0

2

0

(126) 4/2/2014 (“بيان” تأخر كثيرا…)

 عدد المشاهدات : 90

أرجو من الأخوة المفكرين، والباحثين، الذين ينقلون موضوعات، أو فقرات، أو مصطلحات…، من “مشروعي الفكري”، أن ينسبوها إلى مصدرها، فكثير منهم نسبوا ما نقلوه إلى أنفسهم…، فأحدثوا لبسا وحيرة عند كثير من المتابعين، الذين ظنوا أني أوافق أصحاب هذه التوجهات “القرآنية” في كل ما ذهبوا إليه [نظرا لاتفاقنا على بعض ما ذهبوا إليه] والحقيقة أني أخالفهم، ليس فقط في النتائج، وإنما في المنهج، والتأصيل العلمي الذي أقاموا عليه هذه النتائج…، لذلك لزم البيان!!


(127) 4/2/2014 ( أم الكتاب … والسبع المثاني …)

 عدد المشاهدات : 99

القرآن الكريم، هو الكتاب المنزل على النبي الخاتم محمد، عليه السلام، والآية الدالة على صدق نبوته. ولكونه “آية”، قائمة بين الناس إلى يوم الدين، يستحيل فهم نصوصها، وعطاءاتها، بدون تأصيل علمي، يحمل منهجا وأدوات لفهمها، حسب إمكانات كل عصر، العلمية والمعرفية والتقنية.وعلى هذا الأساس، ومن هذا المنطلق، نجتهد في فهم الآيات، ونضع النظريات، ونقف على عطاءات الآية والكلمة القرآنية…، نختلف أو نتفق…، المهم هو أن نكون جميعا داخل دائرة المنهج العلمي، نتبع الأدوات التي حملها القرآن إلينا، رحمة بنا. وبدون هذا المنهج، وبدون هذه الأدوات، لا يصح أن نصف توجهنا الفكري بأنه قرآني!!ومع تقديري واحترامي للأستاذ “نبيل أكبر”، الذي له صفحة بعنوان “التأويل الواقعي المنظور للقرآن الكريم”، وقد طلب مني أن أبدي رأيي فيما توصل إليه من اجتهادات حول معنى “أم الكتاب”، و”السبع المثاني”، في القرآن الكريم…، أجدها فرصة لبيان [بطريقة عملية] ما ذكرته فيما سبق عن المنهج والأدوات الواجب اتباعهما عند التعامل مع القرآن الكريم.بعد اطلاعي على نظرية الأستاذ نبيل، في فهم “الحروف الأبجدية”، ودورها في بيان معني “أم الكتاب”، و”السبع المثاني”، وجدته لم يختبر نظريته على كافة الفروض المحتملة، في السياقات القرآنية المختلفة، للوقوف على صحتها، أو عدم صحتها، وذلك قبل نشرها، وأرى أن ذلك كان بسبب غياب التأصيل العلمي الذي كان يجب أن تنطلق منه هذه النظرية.فمثلا، يرى الأستاذ نبيل أن تعبير “أم الكتاب”، الذي ورد في القرآن، يعني الحرف الأول (ا)، والرقم الأول (1)، فيقول: “ومن هذا المنظور، فأمَّ الكتابِ هي حرف ألف المدِّ (ا) …، ولأنَّ الكلماتِ مجموعةُ أحرفٍ، فإنَّ القرآنَ الكريم كلَّه من منظورنا توَّلدَ من أمِّ الكتابِ (ا)…، والرقم (1)…، وعلى هذا الأساس فهم قوله تعالى في سورة آل عمران: “هُوَ الَّذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتبَ مِنْهُ ءَايَتٌ مُّحْكَمَتٌ هُنَّ (أُمُّ الْكتبِ) وَ(أُخَرُ مُتَشبهتٌ)…، على أن “أمُّ الكتبِ” هي حرف (ا)، وأن “الأُخرُ المتشابهاتُ” هي مجاميع الأحرفِ الأخرى والتي هي مُتشابهةٌ في رسمِها وصُورها كما في الحروفِ (الكُتُبِ) التاليَّةِ: (ب، ن، ت، ث)-(ح، ج،خ)- (ص، ض، ط، ظ)-(ر، ز، د، ذ)!!وعندما جاء يطبق نظريته على آيات الذكر الحكيم، اختار سورة الزخرف، وقوله تعالى: “إِنَّا جَعَلْنَهُ [قُرْء نَاً] عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ {3} وَإِنَّهُ فِى [أُمِّ الْكِتَبِ] لَدَيْنَا لَعَلِىٌّ حَكِيمٌ {4}. وقال: نلاحظُ في الآيةِ {3} أنَّ كلمةَ [قُرْء نَاً] حذفت منها ألف المدِّ (ا)، التي بين الهمزةِ والنونِ!! ويسأل: فما هي دلالةُ اختفاءِ حرفِ (ا) من كلمةِ {قُرْءَ ناً} وظهورِ عبارةِ {أمِّ الكتبِ} في الآيةِ التاليَّةِ لها؟! ويجيب: لأن (ا) هي أمّ الكتابِ، فاختفت من {قُرْءَ ناً} لأنها هي نفسها {أمِّ الكتبِ}!!وأنا أسأل: لقد بدأت سورة يوسف، بقوله تعالى:الر تِلْكَ آيَاتُ الكتب الْمُبِينِ [1] إِنَّا أَنزَلْنَاهُ (قرء نا) عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [2]وبدأت سورة الزخرف، بقوله تعالى:حم [1] وَالْكِتَبِ الْمُبِينِ [2] إِنَّا جَعَلْنَاهُ (قرء نا) عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [3] وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ [4]فمثلا، لماذا لا يكون اختفاء الـ (ا) من (قرء نا) بسبب وجود الحروف المقطعة في بداية هاتين الآيتين تحديدا؟! لماذا ذهبنا إلى “أم الكتاب”، ولم نذهب إلى العامل المشترك بين الآيتين وهو “الكتب الْمُبِينِ”؟!إن كل هذه الإحصاءات، والاجتهادات، التي يشكر عليها الأستاذ نبيل، أثمرت في النهاية تعريفا لـ “أم الكتاب” فكانت الألف (ا)، وتعريفا لـ “السبع المثاني” فكانت المجموعات السبع التالية: (ن ب ت ث ى)-(ح ج خ)-(ص ض ط ظ )-(د ذ ر ز ك ل)-(س ش)-(ع غ)-(مـ ف ق و هـ)….، ثم ماذا بعد؟!! وذلك من منظور تفعيل نصوص “الآية القرآنية” على أرض الواقع، أو كما يقول الأستاذ نبيل “التأويل الواقعي المنظور للقرآن الكريم”؟!وهكذا، نجد أن غياب المنهج، والأدوات…، يفتح علينا إشكالات كثيرة، لأننا حصرنا اختبار نظرية (الألف بين الحذف والإضافة) في البحث عن معنى “أم الكتاب”، و”السبع المثاني”، ولم نختبرها على كل الكلمات المتعلقة بها، ككلمات: (يخدعونَ- يخادعون)، (وعدنا- واعدنا)…. إلى آخره.وأنا شخصيا، وفي إطار مشروعي الفكري، لم أبحث بعد عن معنى “أم الكتاب”، و”السبع المثاني”، ولعلها من العطاءات القرآنية، التي ستفتح أبوابها لقوم آخرين، في إطار التأصيل العلمي الذي أمرنا القرآن الحكيم أن نتبعه!!


(128) 5/2/2014 (شريعة الله … شريعة القرآن)

 عدد المشاهدات : 258

لقد خلق الله تعالى الناس أحرارا، مخيّرين، ليقوموا بمهمة الاستخلاف في الأرض على أساس التنوع والتكامل، فتنوعت معتقداتهم، وتباينت أفكارهم، واختلفت سلوكياتهم…، فكان لابد من وجود شريعة تهدي الناس إلى صراط ربهم المستقيم. فأنزل الله الكتاب، وأوجب العمل به، ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، فيرتفع الاختلاف، وينال كل ذي حق حقه. يقول الله تعالى في سورة البقرة [الآية 213]:“كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ”والله تعالى لم ينزل الكتاب ليتصادم مع تنوع المعتقدات، وتباين الأفكار، واختلاف السلوكيات…، وإنما أنزله ليكون شريعة يتحاكم إليها الناس بإرادتهم. ولكن “علماء الكتاب”، الذين أُوتُوه على علم، أضاعوا الشريعة، وحاربوا سنة الله في التنوع والتباين والاختلاف…، بسبب “البغي” الذي أصاب قلوبهم: “وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ”إن المختلفين في الكتاب، أهل دين واحد، تفرقوا إلى مذاهب متصارعة، فوقعوا في المحرم الذي نهاهم الله عنه:شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى [أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ]….(13) وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ [بَغْياً بَيْنَهُمْ]….، وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14) [الشورى]تدبر قوله تعالى: “وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ”!!لقد حرف الذين أوتوا الكتاب، من علماء اليهود والنصارى، كتبهم، فزرعوا الشك والريبة في قلوب الذين ورثوا الكتاب من بعدهم…، ولكن الشيطان لم يستطع تحريف كتاب الله الخاتم، فوسوس لعلمائه أن يأتوا بمصدر تشريعي يصنعوه بأيديهم، ويجعلوه حاكما على شريعة الكتاب، فزرعوا الشك في قلوب الذين ورثوا الكتاب من بعدهم، “لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ”، وارتابوا أن يكون هذا الكتاب وحده هو شريعة الله، فأصبحوا لا يصدقون أن شريعة الله هي شريعة الكتاب، هي شريعة القرآن، ولا شريعة غير القرآن!!والحقيقة، وبعد رحلة مع “المذهبية”، و”السلفية”، استغرقت ما يزيد عن ثلاثة عقود، أكاد أجزم، أن الله تعالى لو بعث محمدا ليقول لهم “إن شريعة الله هي شريعة القرآن” ما صدقوه، ولشككوا في بعثته!!واليوم، يتهمون من يرفع راية “شريعة الله هي شريعة القرآن” بالكفر!! فهل بعد ذلك من برهان، يجعلنا نسجد لله شكرا، أن رأينا بأم أعيننا، فاعلية قوله تعالى: “وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ [بَغْياً بَيْنَهُمْ]….، وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ”؟!!وهل بعد ذلك من برهان، يجعلنا نسجد لله شكرا، ونحن نقرأ خاتمة الآية [213]:“فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ ءَامَنوُاْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَاط مُّسْتَقِيم”؟! أليس من ورثوا الكتاب، وعلموا أنه وحده “شريعة الله”، ولم يدخل شك في قلوبهم، ولا ريبة، ولو اجتمع على غير ذلك الإنس والجن…، أليسوا على الحق؟! فماذا بعد الحق إلا الضلال؟!

* “فَذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنَّا تُصْرَفُونَ [32] كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [33] يونس


(129) 6/2/2014 (الآية القرآنية، والآيات الحسية ….)

 عدد المشاهدات : 77

مازال الناس لا يصدقون، أن “القرآن” الذي بين أيدي المسلمين اليوم، هو “الآية الإلهية” الدالة على صدق “نبوة” النبي الخاتم محمد، عليه السلام، وأنها لا تقل في حجيتها عن “الآيات الحسية”، التي أيد الله بها الرسل السابقين، ورآها الناس بأم أعينهم، كعصى موسى، وإبراء الأكمه والأبرص، وإحياء الموتى بإذن الله!!لماذا لا يصدقون أن هذا “القرآن”، الذي يوجد منه مليارات النسخ بين أيدي المسلمين، ليس فقط ورقا يحمل جملا وكلمات عربية، وإنما يحمل في ذاته “آية إلهية”، أمر الله رسوله أن يتلوها على الناس، وأمر الناس باتباعها؟!ألم يكن الله تعالى قادرا، أن يجعل آيات الذكر الحكيم، تخرج من المصحف، بمجرد تلاوتها، وتقف أمام الناس في الهواء؟! ألم يكن ذلك معينا للناس على الإيمان بأنهم أمام برهان يثبت صحة نسبة هذا القرآن إلى الله تعالى؟!وقبل أن تتسرع في الإجابة…، هل تؤمن أولا أن الله تعالى كان قادرا أن ينزل القرآن آيات حسية، تمشي على الماء، وتسبح في الهواء؟! إذن فلماذا لا تؤمن أن “الآية القرآنية”، أعظم من كل “الآيات الحسية” التي أيد الله تعالى بها جميع الرسل؟! ولكن، أين هي؟!لقد تعامل المسلمون مع القرآن على أنه كتاب إلهي فقط، يدرسون آياته، ويقدمون الأبحاث العلمية عنها، ويقرؤونه في المناسبات، وفي الصلاة…، تماما كما فعل أهل الكتاب بالتوراة والإنجيل!! ولقد غاب عنهم أن الناس ما كانوا ليؤمنوا بالتوراة لولا عصى موسى، وما كانوا ليؤمنوا بالإنجيل لولا الآيات الحسية التي أيد الله بها عيسى، ولن يؤمنوا بالقرآن، لأنهم لم يروا “الآية القرآنية” تتحرك أمامهم!!فهل يستطيع المسلمون أن يجعلوا القرآن يمشي على الماء، ويسبح في الهواء؟!

* “أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ”


(130) 8/2/2014 (“الختان” ….. وكلمة في المنهج)

 عدد المشاهدات : 190

من أصول البحث العلمي، أن يبدأ الباحث بعرض منهجه، ويحدد مشكلته، ويضع الفروض، ويختبرها، ليقف على مدى صحتها، ويُعرّف المصطلحات، ويذكر المراجع العلمية وحجيتها.ولقد كتب الأستاذ “نضال الغطيس” بحثا بعنوان: “ختان الذكور جريمة وافتراء على الإسلام”، واستند في بحثه إلى المرجعية الدينية والعلمية، فأردت أن أعلق على الشق الثاني من العنوان، وهو قوله: “وافتراء على الإسلام”!!إن “التحريم” لا يكون إلا بنص قطعي الثبوت، قطعي الدلالة، ومعظم أصحاب مشاريع التجديد، في الفكر الإسلامي، يأتون بالنص القرآني، قطعي الثبوت، ثم يوظفون دلالته الظنية لخدمة توجهاتهم الفكرية، وسنرى هذا التوظيف في ما يلي:1- اعتبر الباحث أن اختلاف المفسرين حول معنى “الابتلاء” في قوله تعالى في سورة البقرة [الآية 124]: “وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ”، يسقط حجية من ذهبوا إلى أن هذا “الابتلاء” هو “الختان”!!أقول: الحجة في الأدلة والبراهين، وليست في اختلاف المفسرين!!2- استدلال الباحث على تحريم “الختان” بآيات تتحدث عن “خلق الإنسان في أحسن تقويم”، وعن حرمة “تغيير خلق الله”، وحرمة “سفك الدماء والبغي والعدوان”.أقول: فأين الدليل [قطعي الدلالة] على حرمة “الختان” في كل الآيات التي استدل بها؟!قاعدة: إننا إذا فتحنا باب استنباط “الأحكام القرآنية”، على أساس “الدلالات الظنية”، لفتحنا باب الهوى على مصراعيه، فالذي هواه مع “المنع” يستطيع استنباطه من القرآن، والذي هواه مع “الإباحة” يستطيع استنباطها من القرآن…، ومن يرى إباحة جراحات التجميل، ونقل الأعضاء من الأحياء، يستدل بنفس الآيات، لأنه يرى أن في هذه الجراحات “حسن تقويم”، يعين الإنسان على أداء وظيفته في الحياة بطريقة أفضل، وقد يرى آخرون خلاف ذلك!!وأنا أسال: هل إذا أجمع المفسرون على وجوب “الختان” سيصبح فريضة شرعية؟!لقد كان على الباحث، أن يحدد أولا حجية مرجعية [كتب التفسير]، وهل هي [بالنسبة له] مصدر تشريعي أم لا، حتى لا يرهق نفسه في وضع فروض جدلية، تكون ساقطة أصلا، فيُدخل نفسه في متاهات اختبار الفرض الجدلي، ويطرح أسئلته، ويقع في إشكالات أكثر وأكثر، وقطعا سيجد من يرد عليه بأدلة من نفس المصدر التاريخي الذي استند إليه…، فهل يمكن أن تستنبط أحكام القرآن بهذه الطريقة العشوائية!!3- اتخذ الباحث بعض الآيات القرآنية لإثبات حجية “الأحاديث”، التي لا تتعارض مع القرآن!! وهو يُذكرني بحوار دار بيني وبين د/ موسى شاهين لاشين، رئيس مركز السنة بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية [سابقا]، قال لي فيه:أعلم أنك ترفض الاستدلال بالأحاديث جميعها، وقد جئت بالبراهين القرآنية الدالة على عدم حجيتها، حتى ولو وافقت القرآن، ولكن هناك من ثبتت عنده حجية “الأحاديث”، ويستند في ذلك أيضا إلى القرآن!! قلت له: سأرسل لك دراسة تفصيلية، أثبت فيها أن المدافعين عن حجية “الأحاديث”، وظّفوا الآيات القرآنية حسب هواهم، عن طريق “دلالاتها الظنية”!!لقد أدخل الأستاذ نضال الغطيس نفسه في عش الدبابير عندما اتخذ الأحاديث مصدرا تشريعيا، بدعوى عدم معارضتها للقرآن، وذهب إلى أن أكثر الروايات ضعيفة…، وطبعا أهل الحديث لن يتركوه، وعندهم حق في ذلك، لأنه هو الذي دخل “عشهم” بإرادته!!إن مسألة التصحيح والتضعيف مسألة اجتهادية، فسيأتي له أهل الحديث بما يثبت صحة الضعيف، وعدم معارضته للقرآن!!لذلك أعجب، كيف يتضمن بحث علمي، يستند إلى القرآن، “أحاديث” تؤيد وجهة نظر الباحث في تحريم “الختان”؟!الحقيقة هذا جعلني أشك أن يكون الأستاذ نضال قد درس علم الحديث، وعرف “متاهاته”!!4- أما عن مرجعية “الفقه”، فهي أكبر عش للدبابير دخله الباحث!!5- وحسب مشروعي الفكري، أرى أن مسألة “الختان” من المسائل العلمية [الطبية] التي يجب أن يُرجع فيها إلى أهل الاختصاص، حسب ظروف كل حالة، وحسب البيئة المناخية لكل بلد، فالمناطق الحارة غير الباردة…، فهي ليست من المسائل التي يصدر فيها تشريععام، فهناك حالات قد تحتاج إلى هذه العملية في الكبر، وهناك بلاد حارة قد تكون هذه العملية ضرورة، وقد لا تكون ضرورة في البلاد القطبية…، المهم الذي يقرر هذا هم أهل الاختصاص!!

* “يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً [174] فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً [175] النساء


(131) 9/2/2014 (الفكر الإسلامي “علم” وليس “رواية”!!)

 عدد المشاهدات : 99

عقب الأستاذ “نضال الغطيس” على منشور الأمس، بمقال طويل، فهمت منه أن محور الموضوع المنشور قد أكون لم أحسن بيانه، لذلك أردت أن أعيد بيانه هذه المرة من نفس كلامه الذي تفضل به، وذلك على النحو التالي:قال: [تكلم الدكتور عن موضوع المنهجية، وأنا اتفق معه في ذلك لو كان الكتاب عبارة عن بحث علمي يُراد له أن ينشر في مجلة علمية مُحكَّمة… ولكنه كتاب وليس بحثاً علميا، وهو خطاب لعامة الناس].وأقول: إن مشروعي الفكري، الذي انتقدت منهجك على أساسه، يفرض عليّ ألا أتحدث عن الإسلام إلا على أساس “التأصيل العلمي”، سواء كنت أخاطب العلماء أو العامة، لا فرق عندي.أما إذا كنت تقصد “الأسلوب”، فلا شك أن “الأسلوب” مع العلماء سيختلف عن “الأسلوب” مع العامة!! وأنا نقدي كان عن منهج البحث، وليس عن “أسلوب” البحث، وما ذكرته أنت في تعقيبك هو “فهرس” البحث وليس “منهج” البحث!!أضرب لك مثالا توضيحيا: قلت عن كتابك: “والكتاب مناقشة شرعية تفصيلية”، أي أنك تتحدث من منطلق “الشريعة الإسلامية”، فكيف تقول عن دراسة تتحدث عن “الشريعة الإسلامية”، خاصة لو كانت “قرآنية”، تقول: [ولكنه كتاب وليس بحثاً علميا، وهو خطاب لعامة الناس]!!أنت هنا تتحدث عن “أسلوب” الكتاب، وأنا أحدثك عن “منهج” الكتاب!! فهذا تناقض، بين ما يجب أن يكون بناء على قولك: [والكتاب مناقشة شرعية تفصيلية]، وبين قولك: [ولكنه كتاب وليس بحثاً علميا، وهو خطاب لعامة الناس]!!أيضا قلت: [ودين الله لم يبق غير مكتملٍ حتى جاء علماء الحديث ليكملوه، ويوثقوه، ويصححوه، بعد عشرات السنين من انتهاء البعثة المحمدية وانقطاع الوحي].يفهم من كلامك أنك تؤمن بأن دين الله اكتمل، ولا حاجة لنا بما جاء به علماء الحديث!!ثم قلت: [لا يكفي الحديث [وحده] للتشريع في دين الله، إذا لم يوجد ما يُؤيده من الكتاب]!! ويُفهم من الجزء الأول من هذه الجملة [بالنسبة لأهل اللغة] أنك تؤمن بأن هناك أحاديث تشريعية!! ومن الجزء الثاني أنك ستأخذ فقط الأحاديث التشريعية التي توافق القرآن!!وهذا تناقض في المنهج، لأنك سبق أن قلت: إن دين الله قد اكتمل…، إذن فما الحاجة إلى استنادك إلى أحاديث، اتهمتها بالتحريف، في الوقت الذي ترى فيه، أن التشريعات التي جاءت بها هذه الأحاديث توافق ما جاء في القرآن، وأنت الذي قلت: [فإذا لم يوافق الحديث ما في كتاب الله من آيات محكمات بينات، تركنا هذه الأحاديث، ولجأنا إلى الكتاب المحكم، الذي هو حجة على الناس]!!ألا يكفيك أن يكون الكتاب هو حجة الله على الناس؟!!ولن يشفع لك قولك: [أتفق معك تماماً بأني أدخلت نفسي في “عش الدبابير” بمناقشتي للأحاديث]!! لأنه لا يصح لباحث، ينطلق في بحثه من منطلق “الشريعة الإسلامية”، أن يبرر سبب دخوله “عش الدبابير” بقوله بعدها: [وكما يقول المثل: مُرغماً أخاك لا بطل]!!الأخ نضالهذا التناقض في المنهج هو موضوع الرسالة التي أردت أن تصل إليك [فقط لا غير]، حتى لا نَدخل، ونُدخل معنا، أصدقاء الصفحة، دائرة الكلام المرسل، أو الجدل العقيم.مع تحياتي، وتقديري للمجهود الذي بذلته في بحثك.


(132) 10/2/2014 (انتهى عصر “الآية الحسية”، وجاء عصر “الآية العقلية”)

 عدد المشاهدات : 100

إن شهادة “الوحدانية” شهادة علمية، تقوم على منهج “التأصيل العلمي”، الذي يتميز به أصحاب القلوب السليمة، الذين أخلصوا دينهم لله تعالى، وحملوا أدوات وآليات الفهم السليم لكتابه.إن شهادة “الوحدانية” لا تقوم على معارف نظرية، يتلقاها المرء من بيئته، فإذا هو لا يعلم عن حقيقتها شيئا، ولا على أي أساس قامت..، فلعلها تدعوه إلى الشرك بالله وهو لا يدري!! إن شهادة “الوحدانية” تقوم على علم “التعرف على الله”، من خلال واقع مادي مشاهد، لا ينكره إنسان عاقل.“فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ” [محمد 19]إن منهج “التأصيل العلمي”، منهج منطقي، يصل إلى معرفة الحق، وسط هذا التراكم المعرفي، عن طريق قراءة السنن الكونية، قراءة صحيحة، بتفعيل آليات التفكر والتعقل…، آليات عمل القلب.ــــ قراءة تربط القلوب بدلائل الوحدانية، وتفاعلها مع الرسالة الإلهية.ــــ قراءة تقيم موازين الحق والعدل بين الناس، تساهم في مواجهة التحديات، بفقه قرآني يتفاعل مع متطلبات العصر.ــــ قراءة تتفاعل فيها نصوص “الآية القرآنية” مع تطور العلوم والمعارف والثقافات..، بما يدعم مسيرة التقدم الحضاري.لقد انتهى عصر “الآية الحسية”، وجاء عصر “الآية العقلية”، عصر “الآية القرآنية”، حجة على العالمين إلى يوم الدين.لقد جاءت “الآية القرآنية” لتبني الإنسان بناءً إيمانيا علميا صحيحاً، فلا يقبل شيئا في تدينه إلا بدليل، وعندما يرفض الباطل يرفضه بدليل.

“شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” [آل عمران 18]“وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ” [سبأ 6]


(133) 12/2/2014 (“وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا”)

 عدد المشاهدات : 92

لم أجد عند أتباع الفرق والمذاهب المختلفة فهما صحيحا للكلمات القرآنية: الطاعة – الاتباع – القدوة – الأسوة!! لقد انحرفت دلالات هذه الكلمات عن سياقها الخاص بـ “سنة الله” في إرسال الرسل، وأن الله تعالى أرسل الرسل ليطاعوا بإذنه، وليتخذهم المسلمون قدوة، وأسوة، ليس لذواتهم، وإنما لاصطفاء الله لهم…، انحرفت دلالات هذه الكلمات عن هذا السياق، لتوظف في سياقات أخرى، تتعلق بـ “سنة البشر” مع أئمتهم وأوليائهم الصالحين!!لقد كان للشيطان الرجيم، وللمرويات المنسوبة إلى النبي، دور كبير في تقديس المسلمين لأئمتهم، حتى وصل الأمر ببعضهم، أن يفتوا بعدم قبول صلاة “المريد”، إذا لم يستحضر صورة شيخه أمامه في الصلاة، بدعوى أن هؤلاء “الأئمة” هم الذين ربطوا المتأخرين بالمتقدمين، وهم الذي حفظوا “دين الله”، عن طريق حفظهم لأسانيد “الحديث النبوي”، وتدعيمهم لمذاهبهم الفقهية، وجاهدوا في سبيل ذلك، حتى وصل “دين الله” إلى المتأخرين سليما صحيحا!!ولذلك يرى أتباع “الأئمة”، أن حاجتهم إلى الإمام هي نفسها حاجتهم إلى رسول الله، وبما أن الرسول مات، وهؤلاء الأئمة هم ورثته، وجب اتباعهم!!والحقيقة أنا لا أعلم، كيف غاب عن هؤلاء “التابعين”، المقلدين، المغيّبين بـ “ولاية الإمام”، أن اتباع “الرسول”، أو اتباع “الأئمة”، أو اتباع سبيل “المؤمنين”…، لا يكون مطلقا لشخص الرسول، ولا لشخص الإمام، ولا لشخص المؤمن، وإنما للرسالة الإلهية التي حملها كل هؤلاء للناس، أي لـ “سبيل الله”، فتدبر:“وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ [سَبِيلِ اللَّهِ] إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ” [الأنعام 116]لم يقل الله تعالى يضلوك عن سبيل الرسول، ولا عن سبيل المؤمنين، ولا عن سبيل الأئمة، وإنما قال: يضلوك “عن سبيل الله”، حتى يغلق الباب على “المغيّبين” عن الحق، الذين سيقولون: إن سبيل المؤمنين هو سبيل الأئمة هو سبيل الرسول، هو سبيل الله!!!إنه عندما جاءت كلمة “أئمة” صفة للرسل، جاءت لبيان أن إمامتهم إمامة “هداية” إلى صراط ربهم المستقيم، فتدبر:وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً [يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا] وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ [الأنبياء 73]والآية الوحيدة التي ورد فيها الأمر باتباع “سبيل المؤمنين”، هي قوله تعالى:وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً [النساء 115]فانظر كيف جاءت الآية تبيّن أن الاتباع للسبيل، وليس للمؤمنين، وأن هذا السبيل هو “الهدى”، “سبيل الله”، الذي اتبعه الرسول والمؤمنون.لقد حرف “الأئمة” مفهوم “الاتباع” ليكون اتباعا لسبيل مذاهبهم، وليس لـ “سبيل الله”، وأقاموا على ذلك مفهومهم للطاعة، والتأسي، والاقتداء…، فتوقف “السبيل” عند الأئمة، ولم يتبع الناس “الرسالة الإلهية” إلا عن طريق الأئمة…، فضل الناس السبيل، وغابت عنهم الرسالة، وأصبحت معيشتهم معيشة ضنكا!!

وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ [مَعِيشَةً ضَنكاً] وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ [أَتَتْكَ آيَاتُنَا] فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126) [طه]


(134) 15/2/2014 (“إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ”)

 عدد المشاهدات : 119

إن القلوب السليمة هي التي:– ترى بعين البصيرة، عين التفكر والتعقل والتدبر والنظر.– عرفت ربها على علم بدلائل الوحدانية، وفاعليتها في هذا الوجود.– تشهد شهادة علمية أن الآية الدالة على صدق نبوة رسول الله محمد هي الآية القرآنية.– تعلم أن الكتاب الذي حمل الآية القرآنية، هو حجة الله على العالمين إلى يوم الدين.– لا تقبل في دينها إلا ما كان قطعي الثبوت عن الله، وليس عن رسوله.– علمت أن الشرك بالله، مرض عضال، يصيب القلوب كلها، ولو كانت مسلمة.– ترى الكون متفاعلا متناغما مع آيات الآفاق والأنفس.– تعلم أن الدعاء هو جوهر الصلة بالله تعالى، فلا تستكبر عن عبادته.– تعلم أن التوبة مفتاح الرحمة، فلا تغفل عن الاستغفار.– تحررت من أغلال التقليد الأعمى، فعادت حرة كما أرادها الله تعالى.– تغير ما بالنفس قبل أن تعمل على تغيير ما بخارجها.– تحلل ما استقبلته وسائل الإدراك، ولا تكتفي بتجميعه.– تربط النتائج بالأسباب، وتأخذ العبر، وتصحح المسار.– لا تعرف الصدفة ولا العشوائية، وإنما التخطيط والمتابعة.– تقبل الآخر، وتتحاور معه، في إطار المنهج العلمي للحوار.

* “وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإٍبْرَاهِيمَ – إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ”


(135) 17/2/2014 (“وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ”)

 عدد المشاهدات : 94

إن من رحمة الله بالناس، أن أرسل إليهم الرسل بالبينات، الدالة على صدق بلاغهم عن الله، وأنزل معهم الكتاب بالحق والميزان: “لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ” – “اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ”، وأمرهم أن يبيّنوا للناس أنه لولا “الحق والميزان”، لاتبع الناس أهواءهم، ولفسدت السماوات والأرض ومن فيهن: “وَلَوْ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُم لَفَسَدَتْ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ”.إن “الحق” واحد، لا شريك له، فالذي وضع “الحق” هو الله تعالى: “وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ”، لذلك كان الطريق إلى “الحق” هو البراهين القطعية الثبوت عن الله تعالى. فالذي لا يعرف الطريق إلى “الحق” قد غابت عنه البراهين الموصلة إليه، فلا يتهم “الحق”، ويتهم نفسه!!وإن “الميزان” واحد، لا شريك له، فالذي وضع “الميزان” هو الله تعالى، لذلك كان الطريق إلى هذا “الميزان” هو معايير وضوابط وحدود الشريعة، التي بيّنتها آيات الذكر الحكيم. وإذا كانت “آلة الوزن”، التي صنعها الإنسان تخطيء، فإن “ميزان الله” لا يخطئ أبدا. إنه تقدير العزيز العليم: “ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ” – “إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ” – “وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ”.إنها منظومة إلهية متكاملة متناغمة: البيّنة – الكتاب – الحق – الميزان، وما كان للبشر، أن يدركوا وحدهم البيّنة [الآية]، ولا الكتاب [الشريعة] ولا الحق [المنهج] ولا الميزان [السنن والأدوات] بمعزل عن الله تعالى، فهناك شيطان يوسوس، وأهواء تضلل، وقلوب تمرض…، والهداية لا تكون إلا من الذي خلق: “الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ” – “الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى” – “الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى” – “وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى”.إن هذه المنظومة الإلهية المتكاملة المتناغمة [البيّنات، الكتاب، الحق، الميزان] قد أنزلها الله تعالى “لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ”، كما بيّنت آية سورة الحديد، وهي التي سيحاسب عليها الناس يوم القيامة: “وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً”…، فماذا فعل أئمة وعلماء ودعاة الفرق الإسلامية المختلفة بهذه المنظومة في دنيا الناس؟!لقد حصروا طاعة الرسول، والتأسي به، في الباطل الذي نقله الرواة إليهم، ولم يتبعوا الرسول في “الآية البيّنة”، ولا في “الكتاب”، ولا في “الحق”، ولا في “الميزان”؟!! أتعلمون لماذا؟! لأنهم اتبعوا شيطان الجن والإنس، فجعلوا إلههم هواهم، ثم جعلوا أنفسهم أوصياء على دين الله…، فتركهم الله تعالى لسنة “الاختيار”!!لقد جعل الله سنة “الاختيار” ابتلاءً للناس، فنرى “المقلد” يصبح عالما بغير علم، ومُفتيا بغير تخصص، ومفكرا إسلاميا بغير مشروع إسلامي…، فقد غابت عنهم “الآية القرآنية”، وهجروا “الكتاب”، وضيّعوا “الحق”، وأفسدوا “الميزان”، وأصبح الناس يسألون: هو “مين الصح ومين الغلط”، وهم لم يعرفوا “الآية”، ولم يتبعوا “الكتاب”، ولم يروا “الحق”، ولم يقيموا الوزن بالقسط!!!

* وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ [7] أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ[8] وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ [9] الرحمن


(136) 19/2/2014 (“أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا”)

 عدد المشاهدات : 110

لقد جاء الأمر بتدبر القرآن للناس كافة، وليس لفئة معينة، لذلك كانت مهمة علماء المسلمين العمل على تعليم الناس كيف يتدبرون القرآن، وذلك بنقل خبرة وآليات وأدوات التدبر إليهم، وليس بنقل تفسير السلف واجتهاداتهم في فهم القرآن!! إن القرآن الكريم “آية” تتحرك فاعليتها عبر العصور، ويحتاج تفعيلها إلى خبرات العلماء المعاصرين، وليس علماء السلف!!وإن العلماء المعاصرين لا يجب أن يكونوا وسطاء بين كلام الله وفهم الناس له، إنهم فقط مصابيح هداية وإرشاد، ونقل خبرات علمية وتقنية…، ، إنهم والناس جميعا طلاب علم أمام كلام الله تعالى، فليس في الإسلام مهنة أو مدرسة متخصصة في تفسير القرآن، وإنما القرآن نفسه هو المدرسة، والتي تشترط للالتحاق بها أن يملك الإنسان، قبل اللسان العربي، قلبا حيا، يحمل آليات التفكر والتعقل والتدبر، والنظر…، ويتخرج منها “الربانيون”، كل حسب تخصصه العلمي أو المهني.إنه مع إيماننا بأن العلوم والمعارف، والتقنيات…، سلسلة متصلة الحلقات، ومع اعترافنا بأنه لولا حلقات السلف ما وصلت هذه المعارف إلى الخلف…، إلا أننا نؤمن أن رسالة الله الخاتمة جاءت “آية” قرآنية، وحجيتها قائمة على مر العصور، وهذه “الحجية” ليست تاريخية، ولا تراثا دينيا، وإنما تفاعل كل عصر مع هذه “الآية القرآنية”، حسب متطلباته وتحدياته.إن لكل عصر تحدياته التي تفرض على الناس أن ينظروا إلى الغد، وليس إلى الأمس، وأن يعلموا أن حجية تفاعل السلف مع “الآية القرآنية” تخص العصر الذي ولد فيه، فلكل عصر تفاعله، وعطاءاته.

* يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً [174] فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً [175] النساء


(137) 20/2/2014 (من ….. نحن؟!)

 عدد المشاهدات : 115

* نحن شعب لم نتعلم كيف نربي أولادنا، حتى وهم في بطون أمهاتهم!!“وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً”

* نحن شعب نجحنا في تربية أولادنا على عقوق الوالدين، فإذا كبروا قتلناهم أحياءً!!“فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً”

* نحن شعب فقدنا السيطرة على أولادنا، فتركناهم للإنترنت، ولشبكات التواصل، لنريح ونستريح، فوقعوا في مصيدة الشيطان الرجيم!!“وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي”

* نحن شعب اختزلنا المرأة في جسدها، وهي مكرمة كالرجل، بإيمانها وصلاحها!!“مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”

* نحن شعب يعيش بلا علم، ولا رؤية، ويلعن شعوبا قامت على العلم والرؤية!!“وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”

* نحن شعب تربى على اللامبلاة، والعشوائية في التفكير!!“أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ”

* نحن شعب يجد متعته وهو يقول: “كفانا جلدا للذات”، ويجد راحته النفسية وهو يعيش في “نظرية المؤامرة”!!“وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ”

* نحن شعب لم ينل حظاً وافراً من التربية الأخلاقية!!“وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ”

* نحن شعب هجر “الآية القرآنية”، ففعل كل هذه المصائب، فكانت معيشته ضنكا!!“وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى”“قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً”“قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى”


(138) 22/2/2014 (“لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ…..” )

 عدد المشاهدات : 98

“لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ…..”لقد سمى الله تعالى أهل الكتب الإلهية بأهل الذكر، لإفادة قوة وصف هذه الكتب بالتذكير، وإقامة الحجة على اللاهين الغافلين عن رسالة ربهم، المعترضين على أن يرسل الله بشراً رسولا.وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ [7] وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ [8] الأنبياءوَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [43] بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [44] النحلإن المتدبر لسياق الآيتين، يعلم أن الخطاب خاص بهؤلاء المختلفين على رسالة رسول الله محمد، المكذبين بها، وليس خطابا للمسلمين، هؤلاء الذين آمنوا برسول الله، ولم يختلفوا على رسالته!! وهذا ما نفهمه من قوله تعالى “وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ”، فهو الختام المناسب لدعوة المختلفين إلى إعمال آليات التفكر والتعقل …، لعلهم يرجعون إلى رشدهم.وبرهان ذلك، سياق الآيات التي سبقت الآيتين [43-44]، حيث يقول الله تعالى:وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [38] لِيُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ [39] النحلفقول الله تعالى: “لِيُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ” جاء للرد على شبهات المكذبين، واختلافهم حول أصول الدين، وهي نفس القضية التي جاءت الآية [64] من نفس السورة لتبيّنها، فتدبر:وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [64] النحلهذا من حيث “السياق القرآني”، وبالنسبة لـ “اللسان العربي”، نلاحظ أن اسم الموصول [ما] وصلته [نُزّل] في قوله تعالى: “لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ”، غير [الذكر المنزل] في قوله تعالى: “وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ”، إذ لو كانا شيئا واحدا لاقتضى ظاهر السياق أن يكون: “لتبينه للناس”، وليس “لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ”!!وعلى هذا، يكون معنى قوله تعالى: “وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ”: أي “وأنزلنا إليك القرآن”. وتسمية القرآن بـ “الذكر” ورد في مواضع كثيرة من كتاب الله.وقوله تعالى: “لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ”: أي لتبيّن لهؤلاء الشاكين المكذبين، حقيقة ما نُزّل إليهم، في كتبهم، وما هم فيه مختلفون. وتدبر قوله تعالى في سورة المائدة:يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ [15] المائدةلقد بعث الله رسوله محمداً، عليه السلام، في قوم هم أهل الفصاحة والبيان، وجعل آية صدقه من جنس ما نبغوا فيه، فهل يُعقل ألا يستطيع القوم أن يأتوا بمثل نصوص “الآية”، الدالة على صدق “نبوة” الرسول، إلا إذا فسرها لهم الرسول أولا؟!الحقيقة أنني، وخلال عقود مضت، كلما حاورت إماما من أئمة الفرق والمذاهب المختلفة، ووجدته يقول لي: “يعني أئمة وعلماء السلف، عبر قرون مضت، لم يفهموا القرآن، وأقاموا حجية “السنة النبوية” على فهم خاطئ للآيات، وجاء محمد مشتهري اليوم ليقول إنه هو الذي فهم القرآن… إلى آخره …، الحقيقة كنت كلما سمعت منهم هذا الكلام تصيبني حالة من الشك في ما أنا عليه..، ولولا إيماني بالمنهج الذي ألزمت به نفسي، وبأدواته التي استنبطها من القرآن الحكيم، واللذان أقمت عليهما إسلامي وفهمي لديني….، ما صمدت أمام هذه الشبهات، وهذه التحديات.

“رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ” – “أَنَّى لَهُمْ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ”


(139) 24/2/2014 (“وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا” )

 عدد المشاهدات : 106

لقد خلق الله تعالى الكون في غاية الكمال والإبداع، صالح للحياة الآمنة، لا يعرف تلوثا ولا إفسادا. ولقد جاءت نصوص “الآية القرآنية”، تبيّن للإنسان العلاقة بين “آيات الآفاق” و”آيات الأنفس”، وتطلب منه الوقوف على السنن الإلهية التي قامت عليها هذه العلاقة، ليتخذها نموذجا يقتدي به في نظام حياته.إن “آيات الآفاق”، و”آيات الأنفس”، لا تُنتج شركا بالله، ولا فسادا، ولا ظلما، ولا كذبا، ولا خيانة، ولا عشوائية فكرية، ولا سفكا للدماء بغير حق...، فكل هذه الكبائر، وهذه الفواحش، صنعها الذين حق عليهم العذاب، فتدبر:أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ (وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ) (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ) وَمَنْ يُهِنْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ [18] الحجإن “آيات الأنفس”، تعمل مع “آيات الآفاق”، في منظومة كونية ساجدة مسبحة، والذي يخرج عن سنن وقوانين هذه المنظومة المسبحة فقد حق عليه العذاب، فتدبر:تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ) إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً [44] الإسراءإن التسبيح تنزيه لله تعالى عن كل ما لا يليق بأسمائه الحسنى، وصفاته العليا، فهل يحل لمسلم أن يعيش غافلا عن سنن هذا الكون وتسبيحه؟! وإذا كان يحرم عليه ذلك، فلماذا يفسد في الأرض، ويسفك الدماء بغير حق، والله لا يحب الفساد؟!وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ (لِيُفْسِدَ فِيهَا) وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ [205] البقرةإن الذي لا يعلمه هذا المفسد، أنه عند أهل البصيرة، أهل التدبر، قد أصبح كالأنعام، بل أضل منها، لأنه اتخذ إلهه هواه، ولم يُعمل آليات عمل قلبه، فأفسد في الأرض بإرادته، فتدبر:أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ (إِلَهَهُ هَوَاهُ) أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً [43] أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ (كَالأَنْعَامِ) بَلْ هُمْ (أَضَلُّ) سَبِيلاً [44] الفرقانإن الإفساد في الأرض له صور كثيرة، وكلها صور يفعلها الناس يوميا، حتى أصبح الإفساد عادة!! فسفك الدماء بغير حق إفساد، وقطع الطريق، وتخريب الممتلكات العامة، والعبث بحقوق الناس، وتعطيل مصالحهم، وتعطيل العمل والإنتاج، وتضييع الموارد بالإسراف في استخدامها، والغش التجاري، والاحتكار، والتفكير العشوائي، والتلوث البيئي…، المهم، أن الله تعالى لن يقبل توبة المفسد إلا إذا أصلح ما أفسده.ألا يعتبر تحريم الله تعالى “الإفساد في الأرض”، دعوة عالمية لمحاربة كل أنواع الفساد، التي تشكل اليوم أزمة عالمية تهدد الناس جميعا؟!والسؤال: هل تضمن أن تعيش حتى تصلح ما أفسدته؟!

“وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ”


(140) 26/2/2014 (“كُونُوا رَبَّانِيِّينَ، بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ، وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ” )

 عدد المشاهدات : 107

“كُونُوا رَبَّانِيِّينَ، بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ، وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ”لقد تحول مفهوم “السنة النبوية” عن معناها الذي حملته نصوص “الآية القرآنية”، وهو تفعيل النبي للنص القرآني، سلوكا عمليا مطردا في حياته، إلى “مرويات” ظنية الثبوت عن الرواة الذين نقلوها، وليس فقط عن النبي، عليه السلام!!والأخطر من ذلك، أن يعتبر أئمة وعلماء المسلمين هذه “المرويات” نصوص وحي إلهي ثان، نزل بشريعة مبينة للقرآن، ومكملة لأحكامه، وهم يعلمون أنها قد أتاها الباطل من بين يديها ومن خلفها!!إن رسول الله لم يفسر القرآن، وإلا فأين هذا “التفسير النبوي”، الذي إن وجد لما كان لأمهات كتب التفسير أن تولد أصلا؟! وما استطاع عالم أن يصف حديثا واحدا بأنه الـ “الحديث النبوي” المبيّن للقرآن والمكمل لأحكامه!!لقد دخلت “مرويات” البشر دائرة المقدس الإلهي، وأصبح من ينكر أن تكون هذه “المرويات” دينا إلهيا واجب الاتباع حلال الدم!! واستنادا إلى هذه “المرويات”، يسفك دم الزانية والزاني بغير حق!! ويفجر الإنسان نفسه، طمعا في الحور العين!! وتطلق المرأة طلاقا بائنا استنادا إلى هذه “المرويات”، وهي مازالت عند الله زوجه!!فلماذا أشرك أئمة وعلماء الفرق والمذاهب المختلفة مع كتاب الله مصادر تشريعية، تحل وتحرم بغير ما أنزل الله؟!لأن “المدرسة الربانية” أغلقت أبوابها، بعد أن استحل المسلمون دماء بعضهم بعض، وتفرقوا إلى فرق ومذاهب تكفيرية…، فلم يعد هناك “ربانيون”. لقد فقد المجتمع الإسلامي”المرأة الربانية”، و”الأسرة الربانية”، لذلك تخلف المسلمون ولم يلحقوا بركب الحضارة.ولقد حكمت الرواية البشرية، “الآية القرآنية”، وحكم الهوى السياق القرآني، وحكمت “المصطلحات الدينية” قلوب أئمة وعلماء الفرق والمذاهب الفقهية المختلفة، وعلى رأسها مصطلح “السنة النبوية”، و”الحديث النبوي”، و”المعلوم من الدين بالضرورة”، و”الإجماع”…!!إن الذين يتحدثون عن الإسلام، وعن القرآن، وعن “السنة النبوية”…، دون أن يؤهلوا تأهيلا قرآنيا، حسب شروط الالتحاق بـ “المدرسة الربانية”، مدرسة تعلم ودراسة وتدبر نصوص “الآية القرآنية”، هؤلاء لن يقيموا إلا دين هواهم، بعيدا عن الدين الذي ارتضاه الله للناس، والذي ما كان لنبي أن يأتي بغيره:مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ [79] آل عمرانإنه لا مفر من إعادة تقديم أوراق الالتحاق بـ “المدرسة الربانية” مرة أخرى، وفيها لن يقبل مسلم أن ينسب إلى الله أو إلى رسوله شيئا إلا بالبرهان قطعي الثبوت عن الله تعالى، وليس فقط عن رسوله!!إن الله تعالى لم يرسل رسوله محمدا للعرب وحدهم، ولا لأهل السنة وحدهم، ولا للشيعة..، ولا للحنفية والمالكية….، وإنما أرسله للناس كافة، بـ “آية قرآنية”، هي البرهان الوحيد (الذي يملكه المسلمون اليوم) على صدق “نبوة” رسولهم.فإذا سأل غير مسلم إماما من أئمة المسلمين، وقال له سأدخل في الإسلام إذا أجبتني على هذا السؤال:لقد فهمت أن “الوحي الأول” هو كلام الله، وأن “الوحي الثاني” هو السنة النبوية، وأن برهان “الوحي الأول” آية إلهية، فما هو برهان “الوحي الثاني”، الذي يثبت أنه أيضا من عند الله؟!فبماذا سيجيب أئمة وعلماء المسلمين ليدخل هذا الإنسان في الإسلام؟!إنها أزمة كبرى، ومصيبة صنعها المسلمون بأيديهم، ولا يريدون رفعها ولا ترميمها!! يشركون بالله ويقولون إنما نحن موحدون!! ويفسدون في الأرض ويقولون إنما نحن مصلحون!!

والحل: أن نفتح أبواب “مدرسة الربانيين”، وتكون المرأة هي أول “جيل” يتخرج منها، لتساعد في بناء “الأسرة الربانية” من جديد، فهي القاعدة التي ستقوم عليها خير أمة أخرجت للناس.

محمد السعيد مشتهري


(141) 1/3/2014 (جدلية “كتابة” الحديث النبوي و”تدوينه”)

 عدد المشاهدات : 132

إذا افترضنا جدلا، أن ما نُسب إلى النبي من “أحاديث”، كان الصحابة قد (كتبوها) في حياة النبي، ثم (دوّنها) أئمة السلف بعد وفاته…، فهل يمكن اعتبار هذه “الأحاديث” شريعة إلهية، لأن الصحابة (كتبوها) في حياة النبي؟!إن (كتابة) الحديث في حياة النبي، بصرف النظر عن كونها تمت بموافقة النبي أم لا، إذا حققت لها صحة النسبة إلى النبي، فإنها لا تحقق صحة النسبة إلى الله تعالى، فصحة النسبة إلى الله تعالى تحتاج إلى برهان قطعي الثبوت عن الله، وليس عن الرسول!!إن الشريعة الإلهية لا تثبت حجيتها بصحة النسبة إلى الرسل، وإنما بصحة النسبة إلى الله، عن طريق “الآية الإلهية” الدالة على صدق بلاغ الرسول عن الله، كإثبات صحة نسبة “القرآن” إلى الله، وليس إلى الرسول!!فهل “الأحاديث” التي نسبها الرواة إلى الرسول، حملت “الآية” الدالة على صحة نسبتها إلى الله تعالى، باعتبارها شريعة إلهية واجبة الاتباع؟!الحقيقة، أنها لو حملت “الآية” الدالة على صحة نسبتها إلى الله، ما أتاها الباطل من بين يديها ولا من خلفها!!والسؤال: كيف يقبل مسلم، أن يعبد الله، بنصوص شريعة، ما أنزل الله بها من سلطان؟!هذا عن التحليل “المنطقي”.فإذا ذهبنا إلى ما حملته لنا “منظومة التواصل المعرفي”، وجدنا أن هناك من أقاموا حجية “الأحاديث” على دعوى وجود (مدونات) للحديث في القرن الأول الهجري!! وهؤلاء نسألهم:أين هي (مدونات) الحديث، التي شهدها القرن الأول الهجري، والتي لو وجدت ما ظهرت (مدونات) القرنين الثاني والثالث؟!فهل كانت (مدونات) القرن الأول أقل علماً وأهمية وتوثيقا من (مدونات) القرنين الثاني والثالث؟!وإذا كانت أقل علما وتوثيقا [وهي الأقرب إلى عصر الرسالة] إذن فمن أين جاء العلم والتوثيق لـ (مدونات) القرنين الثاني والثالث [وهما الأبعد]؟!ولو أن صحابة رسول الله (كتبوا) الأحاديث في حياة النبي، لكان ما (كتبوه) هو المرجعية الوحيدة للحديث النبوي، ولجمعه الخلفاء الراشدون في كتاب واحد، دون أن يُنسب إلى أحد منهم، ولورثه المسلمون [جميعا] كتابا واحدا موثقا من “الخلافة الراشدة”، ولوصل إلينا اليوم على هذا الحال، كتراث ديني، وليس كشريعة إلهية!!ولكن الذي حدث…، أن هذه “الأحاديث”، المنسوبة إلى النبي، ورثها المسلمون (مدونات) مختلفة، حفظها أئمة الحديث، كلٌ حسب مدرسته في الجرح والتعديل، والتصحيح والتضعيف، ولو أنها (كُتبت) في حياة النبي، وتحت إشرافه، ما ورثها المسلمون على هذا الحال!!أما كتاب الله تعالى، فقد (كُتب) في حياة النبي، وتحت إشرافه، لذلك ورثه المسلمون [جميعا]، كتابا واحدا، محفوظا بحفظ الله له، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.والسؤال: لقد بيّن الله تعالى أنه [وحده] الذي ينزل الشريعة الواجب على الناس اتباعها، فهل (مدونات) الأحاديث، التي نسبها الرواة إلى رسول الله، حملت البرهان الدال على صحة نسبتها إلى الله تعالى؟!

“قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا (يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى) فَمَنْ (اتَّبَعَ هُدَايَ) فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى” – “وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ (ذِكْرِي) فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى” – “قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً” – “قَالَ كَذَلِكَ (أَتَتْكَ آيَاتُنَا) فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى”


(142) 4/3/2014 (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ..)

 عدد المشاهدات : 113

لقد أنعم الله تعالى على الإنسان بأربع نعم هي:1- نعمة التكريم: “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ”: خلق الله الإنسان بصفات تميز بها عن سائر المخلوقات، وذلك ليقوم بمهمة استخلافة في الأرض على خير وجه، وأعلى هذه الصفات آليات التفكر والتعقل والتدبر والنظر…، آليات عمل القلب.2- نعمة المواصلات: “وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ”: وسخر الله للإنسان كافة وسائل النقل، في البر والبحر، وألهمه كيف يستعملها، واستطاع بتفعيل آليات التفكر والتعقل والنظر…، أن يسخر أيضا الهواء.3- نعمة الغذاء: “وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ”: ولقد بيّن الله للإنسان ما ينفعه من الطعام والشراب، وكيف أن هذه النعمة ممكن أن تتحول إلى نقمة إذا لم يلتزم بحدودها: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا”.4- نعمة التفضيل: “وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً”: ومن منطلق ما حمله الإنسان من صفات “التكريم”، مَكّنَ الله له تسخير كافة المخلوقات لصالح مهمة استخلافه في الأرض وإعمارها، تشريفا له وتفضيلا.وحتى لا يغتر الإنسان بهذه النعم، جاءت لفظة “كثير” في قوله تعالى “وفضلناهم على “كثير” ممن خلقنا”، ليعلم أن هناك مخلوقات في عالم الغيب يمكن أن تكون أفضل عند الله، فليحذر من الغرور!!والسؤال الذي سيفرض نفسه: هل كرم الله تعالى الإنسان ليكون فقط مستهلكا لهذه النعم، أم ليكون أيضا منتجا؟!* لقد كرم الله الإنسان بفطرة إيمانية، وبآليات تمكنه من الإقرار بـ “الوحدانية، وجعل دلائل الوحدانية في الكون كله، ويسر له كافة الوسائل والمعلومات التي تعينه على الدخول في الإسلام…، واستهلك المسلمون من المعلومات الدينية كَمّاً هائلا يستحيل ترجمته بالأرقام، فأين ما “أنتجوه” في مقابل ما “استهلكوه”؟!* وكرم الله الإنسان بالقدرة على “العمل”، ويسر له الأسباب والإمكانات التي تعينه على ذلك، واستهلك العالم المتقدم الإمكانات المتاحة له، وأنتج ما لا يخفى على ذي بصيرة…، فماذا صنع المسلمون بإمكاناتهم المتاحة، وأين ما أنتجوه، مقارنة بما استهلكوه؟!* وأنعم الله على الإنسان بنعمة “الوقت”، فحرص العالم المتقدم على أن يكون استهلاك “الوقت” مقابل فائدة مرجوة، وألا يضيع الوقت في كلام مرسل عقيم، وأصبحت أجندة عمل اليوم معلومة مسبقا لصاحبها، فجاء انتاجه مقابل استهلاكه من “الوقت”…، فكيف يستهلك المسلمون أوقاتهم؟!وقس على ذلك باقي مناحي الحياة.* إن الإنسان مُكَرّمٌ بما ينتجه لآخرته، وليس بما يستهلكه في دنياه

* وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً {70} الإسراء


(143) 6/3/2014 (“وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ” )

 عدد المشاهدات : 113

لماذا نُحَمّل دائما غيرنا كل المصائب التي نعانيها؟!* هل المشكلة في الشيطان، وسلطانه على الإنسان، أم في اتباع الإنسان له؟!“وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ (دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ”ولم يقل آدم وزوجه: “نعمل إيه… الشيطان كان أقوي منا”!! وإنما قالا:“قَالا رَبَّنَا (ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا) وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ”* هل المشكلة في “الاستعمار”، وتآمر القوى الخارجية على الشعوب المستضعفة، أم في كفاح الشعوب، ونهوضها من كبوتها؟!“أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ (هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”* هل المشكلة في سيطرة الظروف الخارجية علينا، أم في سلامة “القلب” وإرادة “التغيير”؟!“إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ (حَتَّى يُغَيِّرُوا) مَا بِأَنفُسِهِمْ”* هل المشكلة في غياب آليات التفكر والتعقل والتدبر والنظر…، أم في عدم تفعيل الإنسان لها؟!“وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ (السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ) كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً”* هل المشكلة في “الإسلام”، أم في اتباع المسلمين لدين غير الدين الذي ارتضاه الله للناس؟!“وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ (الإِسْلامِ دِيناً) فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ”* هل المشكلة في “السلف الصالح”، أم في تحمل “الخلف” مسئولية السلف الدينية؟!“تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ (وَلا تُسْأَلُونَ) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ”

* هذا هو القانون الإلهي:“وَمَا ظَلَمَهُمْ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ”


(144) 8/3/2014 (لا تجلدوا أنفسكم، ولكن … هل هذا هو “الإسلام”؟!)

 عدد المشاهدات : 143

لقد انشغل أئمة السلف بمدوناتهم الدينية، وما حملت من اجتهادات، وشروح، وحواشي على الشروح، وهوامش على الحواشي…، إلى أن أُغلق باب الاجتهاد، منذ ألف عام تقريبا، تاركا وراءه كَمّا هائلا من أمهات كتب التفسير والحديث والفقه!!لقد تحول الإسلام من “آية قرآنية”، حفظ الله نصوصها إلى يوم الدين، إلى روايات آتاها الباطل من بين يديها ومن خلفها…، ومن منظومة حياتية فاعلة في حياة الناس، إلى منظومة فكرية معقدة، لا يحمل مفاتيحها إلا أئمة السلف!!لقد أصبح المتحدث الرسمي باسم “الإسلام” هم علماء الدين، ومنابر الدعوة، وأمهات الكتب، والمؤسسات والمعاهد الدينية، وخطباء الجمعة، والدروس والمواعظ، والبرامج الدينية، … والمسلمون على هذا الحال قرونا من الزمان!!لقد أصبح “الإسلام” كلاما في كلام، أي “مكلمة”، ولم يحول المسلمون الكلام إلى عمل، ولم يقيموا الدين بل تفرقوا فيه، ولم يقيموا الشهادة على الناس، ولم يخرجوا الناس من الظلمات إلى النور!!لقد هجر المسلمون السنن والقوانين الكونية، واغلقوا الباب على أنفسهم، وألقوا مفتاحه في عرض البحر!!لقد عاش المسلمون داخل دائرة مغلقة، هي دائرة “الفكر الإسلامي”، كلٌ حسب مذهبه العقدي والتشريعي، لذلك لم يقفوا على الصورة الكاملة لحياة الشعوب، ولا على العلوم والمعارف العالمية، ودورها في بيان فاعلية آيات الآفاق والأنفس في الكون!!فهل ظلم الله تعالى المسلمين عندما تركهم يسيرون في طريق التخلف الحضاري!!ومع وضوح مأساة المسلمين، كوضوح الشمس في كبد السماء، إلا أن هناك من يعتقدون أن ما أنشره على هذه الصفحة جلد للذات، وأن الأفضل أن أضع الحلول البديلة لهذا الجلد!!وحسب خبرتي المتواضعة، أعلم، أن الذي يسأل كثيرا عن الدواء، هو الذي لن يستخدمه، إلا في حالة واحدة:أن يؤمن أن مرضه من الأمراض العضال، وأن هذا الدواء هو الوحيد الذي يشفيه!!فإذا اعترف المسلم بالمرض، وآمن بضرورة البحث عن الدواء، فإنه لن ينتظر حتى يأتيه الدواء وهو جالس في بيته!! إنه لن ينام، وسيبحث عن الذين أصابهم المرض مثله، ويقيمون غرفة عمليات، ويعلنون حالة الطوارئ…، لأنها ليست قضية فرد وإنما قضية مجتمع!!إننا دائما نبحث عن الدواء، ولو صَدَقْنا، ما انتظرنا حتى يأتينا الدواء [صُدْفَة]!!

* “أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ”“وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَتَمَنَّوْن الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ”“وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ (أَفَإِن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ) وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ”

 


(145) 10/3/2014 (“السنة” بين اللسان العربي، واللسان المذهبي )

 عدد المشاهدات : 127

يقول ابن منظور، في لسان العرب، عند تعريفه لـ “السنة”:“وسَنَّ الله سُنَّة أَي بَيَّن طريقاً قويماً. والسُّنَّة: السيرة، حسنة كانت أَو قبيحة. وكل من ابتدأَ أَمراً عمل به قوم بعده قيل: هو الذي سَنَّه”. اهـوهذا هو التعريف العام لـ “السنة” في قاموس اللسان العربي. ولكن انظر كيف اخترقت “المذهبية” هذا التعريف، وأخرج أصحاب المعاجم معنى الكلمة عن سياقها في اللسان العربي، لتوافق توجهاتهم العقدية!!فيقول ابن منظور، بعد ما ذكر التعريف السابق:“وإذا أُطْلِقَت في “الشرع” فإِنما يراد بها ما أَمَرَ به النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، ونَهى عنه، ونَدَب إليه، قولاً وفعلاً مما لم يَنْطق به الكتابُ العزيز، ولهذا يقال في أَدلة الشرع: الكتابُ والسُّنَّةُ، أَي القرآن والحديث”. اهـانظر إلى إقحام “الشرع وأدلته”، في “اللسان العربي”، الذي كان موجودا قبل بعثة النبي الخاتم محمد، عليه السلام، وقد ظهرت أدلة الشرع التي يتحدثون عنها بعد قرنين من وفاة النبي!!ثم انظر إلى قولهم: “مما لم يَنْطق به الكتابُ العزيز”، والذي يتعارض تماما مع معنى “السنة” في اللسان العربي، الذي ذكره ابن منظور سابقا، كما يتعارض مع معناه في السياق القرآني!!إن “السنة” في السياق القرآني، وفي اللسان العربي، هي “طريقة أداء”، وليست “نصا مدونا”، فمن أين جاؤوا بـ “السنة” القولية، والتقريرية؟! وحتى “السنة العملية” التي حملتها مرويات الرواة، ونسبوها إلى النبي، لا تؤخذ على إطلاقها، فهي محكومة بما سميته بـ “منظومة التواصل المعرفي”، فيرجع إليها في المنشور بتاريخ 9-12-2013 [خامسا].فأيهما أولى بالاتباع: “سنة الرسول” بمعناها القرآني، والذي يوافق اللسان العربي، أم “سنة المذاهب” بمعناها الروائي، الذي اصطلح عليه علماء السلف، كلٌّ حسب شروطه في الجرح والتعديل، والتصحيح والتضعيف؟!وإذا كان التعريف المذهبي لـ “السنة” يتهم النبي بأنه أمر المسلمين باتباع وحي قولي ثان اسمه “الأحاديث النبوية”، فهل يعقل أن يترك الله “الوحي” يأتيه الباطل، ليأتي المحدثون بعد قرنين من وفاة النبي، فيغربلون نصوص هذا الوحي، ويفصلون الحق عن الباطل، ثم يصنّفون الحق إلى حق “صحيح”، وحق “حسن”، وثالث “ضعيف” يُعمل به في فضائل الأعمال؟!أفلا تتفكرون …. أفلا تعقلون …. أفلا تتدبرون!!!

قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ (سُنَّةُ) الأَوَّلِينَ [38] الأنفال وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ [11] كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ [12] لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ (سُنَّةُ) الأَوَّلِينَ [13] الحجر* وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنْ الأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً [76] (سُنَّةَ) مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ (لِسُنَّتِنَا) تَحْوِيلاً [77] الإسراء* مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ (سُنَّةَ) اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً [38] الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً [39] الأحزاب* لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً [60] مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً [61] (سُنَّةَ) اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ (لِسُنَّةِ) اللَّهِ تَبْدِيلاً [62] الأحزاب* اسْتِكْبَاراً فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ (سُنَّةَ) الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ (لِسُنَّةِ) اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ (لِسُنَّةِ) اللَّهِ تَحْوِيلاً [43] فاطر* فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا (سُنَّةَ) اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ [85] غافر* وَلَوْ قَاتَلَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوْا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً [22] (سُنَّةَ) اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ (لِسُنَّةِ) اللَّهِ تَبْدِيلاً [23] الفتح


(146) 12/3/2014 (أسئلة مشروعة …)

 عدد المشاهدات : 115

هل يحل لمسلم أن يُكفر مسلما اتباعا لسنة الرسول؟!وهل يحل لمسلم أن يقتل، أو يفجر نفسه، لأي سبب كان، اتباعا لسنة الرسول؟!وهل يحل لمسلم أن يُفسد في الأرض اتباعا لسنة الرسول؟!وهل يحل لمسلم أن يستحل أموال وأعراض المخالف له في الملة أو المذهب اتباعا لسنة الرسول؟!وهل يحل للمسلمين أن يظلوا قرونا من الزمن متخلفين، عالة على غيرهم، تُنتهك حرماتهم، وتسلب خيراتهم، ويُعتدي على مقدساتهم، بدعوى أنهم مستضعفون؟!وهل الإيمان بالله إقرار من ذات الإنسان، أم إقرار آبائه نيابة عنه؟!أو ليس المرتد هو الذي رجع عن ملته بعد أن اختارها بإرادته، وهو في كامل قواه العقلية، وبكامل حريته، دون ضغط اجتماعي، أو إرهاب فكري مذهبي؟! فمن من البشر اختار ملته بإرادته ليُحكم عليه بالردة؟!وهل إذا بلغ الإنسان رشده، وعرف الحق، ووجد الحق يخالف ملته التي تربى عليها، هل عليه أن يكتم إيمانه خوفا من سيف الردة المسلط على رقبته؟!ولقد خلق الله الإنسان بآليات التفكر والتعقل والتدبر والنظر…، ليتحمل مسئولية التعرف على الإله الذي خلقه، وعلى الرسول الذي حمل إليه رسالة ربه…، وذلك على أساس علمي، وليس تقليدا لآبائه، فهل قام المسلمون بتفعيل هذه الآليات، فآمنوا بإله واحد، وبرسول واحد، وبكتاب واحد؟! إذن فلماذا تفرقوا وتقاتلوا وتخاصموا، وقد (حرم الله) عليهم ذلك؟!تدبر قوله تعالى:مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ [31] مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [32] الروموتدبر قوله تعالى:إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [159] الأنعامفأين القلوب التي تفاعلت مع كلام ربها، فلم تجد سبيلا إلى مرضاته، إلا الاعتصام بكتابه؟!


(147) 15/3/2014 (الفقه القرآني … والفقه السلفي )

 عدد المشاهدات : 140

اليوم، وبعد أن أصبح العالم قرية واحدة، بفضل هذه الشبكة العنكبوتية العالمية…، ومن منطلق “الآية القرآنية” التي جعلها الله تعالى حجة على العالمين إلى يوم الدين…، فإن العالم اليوم في أشد الحاجة إلى “فقه قرآني”، يتفاعل مع آليات التفكر والتعقل والتدبر….، آليات عمل القلب، لمواجهة التحديات المحلية والعالمية، برؤية حضارية، تحقق للناس أمنهم، وحريتهم، وسعادتهم.و”الفقه” هو “فهم” ما يحتاج إلى إعمال آليات عمل القلب: آليات التفكر والتعقل والتدبر والنظر…، فإذا تعلق بالشريعة الإسلامية فلا يخرج عن “الفقه القرآني”، أي الفهم القرآني لنصوص “الآية القرآنية”.أما “الفقه” بمعناه “السلفي” فلا علاقة له بـ “الفقه القرآني”، بل ويتصادم معه!!لذلك أرى أنه لا يجب على أصحاب مشاريع تجديد الفكر الإسلامي، وتطوير الفقه السني…، ضياع ساعة واحدة في بيان ما أصاب “الفقه السلفي” من تغييب عقلي، وتخلف حضاري، فكل هذه الجهود تبذل خارج دائرة ما يجب أن يكون، وما أمر الله باتباعه، فأئمة وعلماء السلف [والخلف] قد أعدوا لكل سؤال جوابا، ولكل شبهة مخرجا…، والعامة من المسلمين هم الضحية!!إن العالم اليوم في أشد الحاجة إلى “فقه قرآني”، يحكم قلوب الناس، ويحافظ على سلامتها، ويضمن لهم السلامة والنجاح والرقي في كافة مناحي الحياة، بلغة علمية معاصرة، تعيد للمسلمين خيريتهم، وكرامتهم، وعزتهم.إنه لا مفر من دعوة المسلمين إلى إعادة قراءة القرآن قراءة علمية، باعتباره “آية قرآنية” معاصرة، وليس فقط كتابا إلهيا، الأمر الذي لن يتحقق إلا من خلال “موسوعة للفقه القرآني المعاصر”، يخلع فيها المسلمون ثوب الفرقة والمذهبية، ويرتقوا إلى مستوى الفهم الحضاري لفاعلية نصوص “الآية القرآنية”، في إقامة الشهادة على الناس، وإخراجهم من الظلمات إلى النور.لقد شاء الله تعالى أن يترك المسلمين لاختياراتهم، فإذا استيقظوا من سباتهم، وأرادوا التغيير، وأعدوا له عدته التي أمرهم بها…، أيدهم بنصره، ومَكّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم.

“وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ) وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً (يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ”.


(148) 17/3/2014 (من أصول النقد العلمي)

 عدد المشاهدات : 118

من الخطر الكبير، على “الإسلام” والمسلمين، أن يعطي المسلم رأيه في مشروع فكري [إسلامي أو غير إسلامي] دون دراسة واعية للمنهج الذي أقام عليه صاحب المشروع مشروعه، والأدوات التي استخدمها لتحقيق أهدافه.من أصدقاء الصفحة من يُعجبون بالمنشور الذي يوافق توجهاتهم الفكرية، فقط لا غير، والغريب أن الموضوع إذا كان على جزئين، أراهم يُعجبون بالجزء الأول ولا يعجبون بالثاني، مع أن الثاني نتيجة للأول!! فإن كان هذا حقهم، فإن الذي ليس من حقهم، أن ينتقدوا شيئا دون استيعاب كامل للأصول التي أقام عليها الكاتب مشروعه الفكري، والأدوات التي استخدمها لتحقيق أهدافه!!ولقد ظهرت هذه الأزمة الفكرية بصورة جلية بعد نشر مقال “الإرادة الشعبية، وسنن التغيير”، فهناك من ظن أن القلم خانني “هذه المرة”، لأن المنشور جاء مخالفا لتوجهه الفكري!! لذلك لزم البيان والتوضيح.أولا: أنا لست سياسيا، ولا أعمل في مجال السياسة، وعندما أعيش في دولة لا يرفع أفرادها راية “الإسلام” لا أتحدث، ولا أتفاعل مع أي حدث له علاقة بسياسة هذه الدولة، سواء انقلب الشعب على الدولة، أو انقلبت الدولة على الشعب!!أما عندما أعيش في دولة يرفع أفرادها راية “الإسلام”، ولها دستور ينص على أن دين الدولة هو “الإسلام”، واستطاعت التيارات الدينية أن تصل إلى حكم هذه الدولة…، هنا أشعر بواجبي الشرعي أن أنهى عن هذا المنكر [طبعا من وجهة نظري]، والذي حذرت منه في عدة مقالات، بعد أن فاحت رائحة “الفتن الكبرى”، في النصف الأول من يناير 2011، وهذه المقالات منشورة على موقعي.ومن هذه المقالات: مقال: “الدولة المدنية والمرجعية الدينية”، حيث قلت:“إنه من الخطر الكبير، أن نرفع شعار “الدولة المدنية ذات المرجعية الدينية”، مستغلين عاطفة الشعب الدينية، التي دفعته أن يقول “نعم” للإسلام، وليس لهذه المرجعيات الدينية المذهبية، التي لا يعلم عن تاريخ صراعها الديني والسياسي شيئا!!”وفي مقال بعنوان “جمعة الشريعة الإسلامية” قلت:“إن ما حدث يوم الجمعة [29-7-2011] من رفع التيارات “الدينية المذهبية” شعار مليونية المطالبة بتطبيق “الشريعة الإسلامية”، ينذر بخطر عظيم، يهدد مستقبل المسلمين، ويشوه صورة “الإسلام” أمام العالمين. ذلك أن كل من خرجوا إلى هذه “المليونية”، استجابة لدعوة أئمتهم، لا يعلمون شيئا عن حقيقة هذا الشعار الذي يرفعونه!!”. انتهىإنني كمسلم، أملك من أدوات البحث العلمي ما يمكني من الدفاع عن “الإسلام” بمنهجية علمية، يحق لي أن أستخدم نفس الأسلوب الذي اتبعه أهل الباطل، وذلك لأسقط حجيتهم.فعندما قالوا: “إن العبرة بالصندوق”، قلت لهم، في هذا المقال: “إذا كانت الديمقراطية هي الصندوق، والصندوق يمثل الإرادة الشعبية، فلماذا يتشنج البعض عندما تغير الإرادة الشعبية ما جاء به الصندق؟!”والحقيقة أنا لا مع “الصندوق”، ولا مع “الإرادة الشعبية”، ولا مع “الانقلاب العسكري”، ولا مع أي مصطلح سياسي ظهر خلال هذه الفترة، فأنا لا أعمل في “المطبخ السياسي”، المحلي أو العالمي، لأكون مع أو ضد!!أما عن الدماء التي سُفكت، فإن الذي يتحمل مسئوليتها أمام الله هو من سفكها، أو أمر بسفكها!! ولقد نهانا القرآن أن نقول ما ليس لنا به علم:“وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً”إنني مع “سنن التغيير”، وهذه هي التي أعلمها جيدا، وهذا ما لم يدركه من انتقدوا هذا المقال، على الرغم من أني قلت فيه:“إن سنن التغيير، قوانين إلهية، تعمل في هذا الكون، ولا علاقة لها بعقائد الناس، ولا بتوجهاتهم الدينية أو السياسية، من أخذ بها أعطته على قدر ما أخذ!!”!!وقلت: “إن المسلمين لم يأخذوا بسنن النصر، وأخذ بها غيرهم، فأعطتهم ثمار ما أخذوا”!!لقد كانت الدولة، ونظامها، وجميع مؤسساتها، في يد من رفعوا راية “الإسلام”، وكان بإمكانهم تطبيق “الشريعة الإسلامية” من أول يوم، فلماذا لم يفعلوا؟! ولماذا ذهب من أيديهم كل هذا؟!أرى أن الله تعالى لم يمكنهم من الاستمرار في حكم البلاد، لأنه سبحانه وعد ألا يمكن إلا للدين الذي ارتضاه للناس، وهم قد أساؤوا إلى الدين الإلهي، وإلى المسلمين!!إن “سنن التغيير” ماضية لن تتوقف، وللأسف الشديد كثير من المسلمين لا يعلمون شيئا عنها، وهل هي تعمل لهم أم عليهم!!


(149) 18/3/2014 (“يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ” / “يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي”)

 عدد المشاهدات : 141

ماذا قدمت لدنياك؟ّ! وماذا قدمت لآخرتك؟!كثير من الناس، يعيشون أسرى مؤامرة التزيين والإغواء الشيطانية (لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ).وكثير من المسلمين أعطوا ظهورهم للسلاح الوحيد الذي يبطل مفعول هذه المؤامرة الشيطانية، وهو سلاح إخلاص العبودية لله تعالى (إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ).إن “الإسلام” منظومة منهجية وحياتية متكاملة، فإذا استطاع الشيطان اختراق هذه المنظومة الحياتية المتكاملة، وتحويلها إلى منظومة إيمانية فكرية دعوية فقط، فإن هذا معناه أن سلاح إخلاص العبودية، (المانع) لهذا الاختراق، أو (المقاوم) له، لم يكن فاعلا!! ولقد نجح الشيطان في الحالتين.ولقد بيّن الله تعالى للناس أن معركتهم مع الشيطان قائمة إلى يوم الدين (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً)، فهل أعد المسلمون العدة لهذه المعركة؟!لقد نجح الشيطان في إغواء المسلمين، وتزيين أعمالهم، تحت شعار (العمل عبادة)، بل ونجح في أن تصبح حياة المسلمين إيمانية فكرية دعوية، لا علاقة لها بالمفهوم القرآني لمعنى العبادة (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)، فأصبحوا خارج دائرة (العبودية) الخالصة لله تعالى!!ونجح الشيطان في أن تتشرب قلوب المسلمين عقيدة من قال “لا إله إلا الله” دخل الجنة (وإن دخل جهنم فترة) فأعد المسلمون أنفسهم لاحتمال دخولهم جهنم (مش مشكلة)، المهم ندخل الجنة في النهاية…، ولو دخلوا جهنم ما خرجوا منها: “فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ (أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ)”!!لقد تحول مفهوم (العمل الصالح) ليشمل كل عمل يقوم به المسلم، باعتبار أن كل من ولد مسلما تكون أعماله كلها عبادة…، فضيّع الشيطان العبادة، وأفسد العمل، ومزّق الأمة!!انظر إلى حياتك اليومية، واسأل نفسك عند النوم:ماذا قدمت اليوم لدنياك، وماذا قدمت في دنياك (من الناحية العملية) للإسلام، غير الصلوات الخمس؟! ثم ضع نسبة مئوية لما قدمت في الحالتين، وحاسب نفسك على هذا الأساس، بشرط ألا تعتبر ما قدمت لدنياك داخل نسبة ما قدمته للإسلام، إلا إذا انطلق من منظومة الإسلام الحياتية المتكاملة، التي جاء القرآن ليقيمها بين الناس سلوكا عمليا!!القضية أبسط مما تتصور: مُدخلات (دنياك) > مُخرجات (آخرتك)

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ”


(150) 21/3/2014 (“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً”)

 عدد المشاهدات : 128

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً”ذكرت، في المنشور السابق، أن الشيطان نجح في إخراج المسلمين من المنظومة الإسلامية، القائمة على تفعيل نصوص “الآية القرآنية” في حياة الناس…، إلى المنظومة الكلامية الدعوية، تاركين “العمل الصالح” يقوم به غيرهم!!إن “الصلاة” صلة بين طرفين، ويسمى الطرف الثاني (المتصل بالأول بصلة مباشرة) بالـ “مُصَلِّى”. والعرب يُسمّون الفرس الثاني وصولاً في السباق، الذي يضع جحفلته (شفته) على مؤخرة الفرس الأول، بـ “المُصَلِّي” [ابن منظور – لسان العرب].و”الصلاة”، في السياق القرآني، صلة متبادلة بين الله تعالى وجميع المخلوقات، قال تعالى في سورة النور:أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ (عَلِمَ صَلاتَهُ) وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ [41]قكل شيء في هذا الوجود، يعلم طبيعة صلته بالخالق عز وجل، وماذا عليه أن يفعل في (صلاته)؟! ومن هذا المعنى العام، خص الله تعالى بمزيد من البيان “الإنسان”، فبيّن طبيعة الصلة بين الله تعالى والناس، وبين رسوله والمؤمنين، وبين المؤمنين ورسوله، وبيان ذلك على النحو التالي:أولا: فعن الصلاة (الصلة) المتبادلة بين الله والناس، يقول تعالى في سورة إبراهيم:الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [1]إن مهمة الرسول: هي إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وذلك بإقامة (الصلة) بينهم وبين ربهم، وتفعيل نصوص “آيته القرآنية” في حياتهم.ومهمة الناس: هي طاعة الرسول، وتأييده ونصره، الأمر الذي يستحيل تحققه إلا في حياة النبي، حيث تتوافر شروط (الطاعة) دون وسيط، وعلى رأسها (السمع)، يقول الله تعالى: “وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا”، “وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا”… إلى آخره.ثانيا: وعن مقتضى هذه “الصلة”، وهي “صلة” قائمة إلى يوم الدين، بيّن الله تعالى ما يجب على الذين آمنوا أن يفعلوه، شكرا لله على نعمة إخراجهم من الظلمات إلى النور، فقال تعالى في سورة الأحزاب:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً [41] وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً [42] هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [43]ولا شك أن للملائكة دورا رئيسا في هذه “الصلة”، وعلى رأسهم جبريل عليه السلام.ثالثا: ثم بيّن الله تعالى طبيعة “الصلة” بين المؤمنين والنبي، على النحو التالي:1- الصلاة (الصلة) بين المؤمنين والنبي، قال تعالى في نفس السورة:إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [56]إن الجزء الأول من هذه الآية (خبر)، يُخصص العام الذي ورد في الآية [43]، لأن النبي من المؤمنين المخاطبين في الآية. إذن فماذا عن الجزء الثاني، الحامل لصيغة الأمر: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً”؟!إن هذا الجزء، بيّن طبيعة الصلة بين المؤمنين والنبي، أي: يا من آمنتم بالنبي، أطيعوا النبي، وأيدوه، وانصروه…، وسلموا له (تسليما)، أي انقيادا عمليا، وليس (سلاما) قوليا، وفي هذا السياق يقول الله تعالى في سورة النساء:فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى (يُحَكِّمُوكَ) فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً (مِمَّا قَضَيْتَ) وَيُسَلِّمُوا (تَسْلِيماً) [65]2- الصلاة (الصلة) بين النبي والمؤمنين، قال تعالى في سورة التوبة:خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا (وَصَلِّ) عَلَيْهِمْ إِنَّ (صَلاتَكَ) سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [103]رابعا: إن هيئة الصلاة، بالمعنى المتعارف عليه من قيام وركوع وسجود، هي مظهر من مظاهر “الصلة” بين العبد وربه، تُعبر عن الطاعة والتسليم والخضوع لأوامره، فإذا أقام المسلم الصلاة حق إقامتها، فإنها لا شك ستنهاه (عمليا) عن الفحشاء والمنكر.إن الصلة بالله تعالى ليست كلاما وإنما تفعيلا لهذا الكلام في حياة الناس.ولكن الشيطان نجح في تحويل حياة المسلمين إلى (كلام في كلام)، وتحول “حب الرسول” من تفعيل لنصوص “الآية القرآنية”، التي هي البرهان الوحيد على صدق “نبوته” إلى يوم الدين، إلى مجرد كلام ينطق به اللسان (كلما ذُكر اسم الرسول)، مصاحب بتفاعل جسدي!!ولكن الأغرب من هذا، أن هذه الحالة النفسية، لا تحدث عندما يذكر اسم الله تعالى!! أليست هذه مصيبة كبرى تحتاج إلى وقفة!!

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ”

يناير 31

٣٦ min read

0

2

0

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page