top of page

(1005) 5/1/2018 القواصم والعواصم «6»

فبراير 2

4 min read

0

1

0

ذكرت في المنشور السابق أن آية سورة العنكبوت «وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ..» لا علاقة لها بنفي أو إثبات القراءة والكتابة عن النبي، وإنما تنفي استنساخ النبي القرآن من كتب ملل أخرى.

وقد بيّنت قبل ذلك أن طرق كلام الله مع البشر ثلاثة:

– فتارة ينزل كلام الله على القلب بغير واسطة

– وأخرى بإسماع الكلام

– وثالثًا بواسطة ملك، وغالبا هو «جبريل».

وليس من بين هذه الطرق ما يفهم منه أن القرآن كان يتنزل على النبي محمد مكتوبًا في صحف، وبرهان ذلك هو لفظ «التكليم» في قوله تعالى:

«وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ..»

فالله لم يكتب للأنبياء وإنما تكلم معهم، ثم جاءت الكتابة لاحقة.

ولقد تكلم الله مع النبي محمد بواسطة «جبريل»، الذي كان يتنزل بالقرآن على قلب النبي، ويراجعه معه نصًا ورسمًا ونطقًا.

وقد أشار الله إلى ذلك بقوله تعالى:

«لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ . إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ . فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ . ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ»

ونلاحظ أنه بعد أن ذكر الله طرق الكلام الثلاثة قال:

«فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ»

إذن فهذه الطرق الثلاثة تُسمى «وحيًا»، ولذلك إذا ورد لفظ الوحي في السياق القرآني دون النص على كيفيته فقد يعني طريقًا من هذه الطرق.

# القاصمة «٨»

يقولون إن الله لم ينزل على قلب النبي غير «الوحي» بالقرآن، ولم يشهد عصر التنزيل غير هذا «الوحي».

وعليه فإن الأحكام التي وردت في القرآن «مجملة»، دون بيان كيفية أدائها، كـ «الصلاة»، يستفتي فيها المسلم قلبه، ويؤديها حسب هواه!!

# العاصمة «٨»

أولًا:

تعالوا نفهم معنى «الذكر» الذي ورد في قوله تعالى:

«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا (الذِّكْرَ) وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»

ولماذا لم تأت الآية على النحو التالي:

«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا (الكتاب) وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»

أو على هذا النحو:

«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا (القرآن) وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»

١- لأن «الكتاب» يشير إلى «المكتوب»، وقد تختلف كلماته ورسمها لأسباب بلاغية، وتظل في إطار الحفظ الإلهي، ولكن قد يتخذها «الجُهّال» مدخلا للتشكيك في حفظ الله لكتابه.

٢- و«القرآن» يشير إلى «المقروء»، وقد يكون هناك من لا يستطيع القراءة».

٣- أما «الذكر» فإنه لا يقوم على المكتوب ولا على المقروء، وإنما على «الصورة الذهنية» التي تُطبع في القلوب لـ «مُسمّى» الكلمة الموجود خارجها والذي يستحيل «تذكر» الكلمة دون سابق معرفته.

٤- عندما عجز أهل «اللسان العربي» عن الإتيان بسورة مثل سور القرآن، لم يكن ذلك بسبب عجزهم عن الإتيان بالمكتوب فقط، وإنما عن الإتيان بـ «الذكر»، أي بـ «المقابل الكوني» للمكتوب.

ولذلك لم يجد المكذبون شيئًا يقولونه وهم أمام هذا «الذكر» إلا:

«وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ»

٥- إن علينا أن نتعامل مع «كتاب الله»، «القرآن الحكيم»، بمفهوم «الذكر»، فلا نتعامل مع «كلماته» فقط، وإنما أيضا مع «مقابلها الكوني»، فهما لا ينفصلان في قلوب «العلماء».

مثال:

عندما يقول الله تعالى مخاطبًا ملل الكفر كلها:

«إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ»

علينا أن نطالبهم ليس بمحاكاة هذه الجملة والإتيان بمثلها، وإنما بالإتيان أيضا بـ «مُسمّيات» كلماتها، وأن يخلقوا «ذبابة» واحدة.

ثانيًا:

وتعالوا نفهم معنى قوله تعالى:

«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»

١- إن هذه الآية تحمل البراهين، «قطعية الدلالة»، على استحالة تحريف كلمات القرآن عن «مُسمّياتها» التي حفظها الله إلى يوم الدين، وكان من آليات هذا الحفظ، أن طبع الله القرآن على قلب النبي، وكان النبي يعلم «مُسمّياتها» كلمات هذا القرآن.

٢- لقد خاطب الله أهل «اللسان العربي» بما كانت تنطق به ألسنتهم من أساليب بيانية، ومنها ضمير «الجمع»، الذي يستخدم في سياق إظهار «التعظيم»، فبدأ الله الآية بقوله:

* «إِنَّا نَحْنُ»

فلنا أن نتخيل، عندما تأتي جملة «إِنَّا نَحْنُ» في سياق بيان حفظ «الذكر»، ثم يُضاف إليها بيان أن الذي أنزل هذا «الذكر» هو الله:

* «نَزَّلْنَا الذِّكْرَ»

ثم يُضاف إليهما بيان أن الذي حفظ هذا «الذكر» هو الله:

* «وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»

فيكون السؤال:

لماذا لم يقل الله تعالى «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ» دون «وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»، وقد يظن البعض أن الذي ينزله الله من المفترض أن يحفظه؟!

أقول:

لقد أنزل الله الكتب السابقة ولم يتعهد بحفظها، وإنما طلب من أهلها أن يحفظوها، فقال تعالى:

«.. بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ..»

فكانت النتيجة:

تحريف الكتب المنزلة، وبيان ذلك في القرآن، ليبقى القرآن هو الكتاب الإلهي الوحيد المحفوظ على هذه الأرض بحفظ الله له.

ثالثًا:

إن «الكلمة القرآنية» لم ولن تنفصل عن «مُسمّاها»، منذ أن نزلت على قلب النبي محمد وإلى يوم الدين، وعلى الملحدين في آيات الله أن يأتوا بالبرهان على أن «الآية ٩» من سورة الحجر:

«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»

ليست من كلام الله، فإن فعلوا فقد أسقطوا القرآن كله بـ «الضربة القاضية»، ولم يعد لمثلي حديث بعد ذلك!!

إن الذين لم يدخلوا «دين الإسلام» من باب «آيته القرآنية» يتعاملون مع القرآن باعتباره «كتابًا إلهيًا» فقط، وليس «ذكرًا» يستحيل عزل كلماته عن «مُسمّياتها» الموجودة خارج القرآن.

ولذلك لم يكن غريبًا أن نرى شبهات الملحدين تملأ منشورات الفيس بوك، يُشكّكون الناس في كل كلمة من كلمات القرآن.

وكما أقول دائما إن العيب ليس فيهم وإنما في «المساكين» الذين يُعجبون بإلحادهم بغير علم.

يقولون أين بيان القرآن لكيفية الصلاة، ولمعنى الكلمات التي جاءت في سياق تشريعي، «كالخمار مثلا»، وأن المسجد الحرام الموجود في مكة اليوم، ليس هو الذي صلي فيه النبي.. إلى آخر ما تعلمونه وتقرؤونه على حساباتهم.

فهؤلاء هم «المنافقون» الذين خاطبهم الله بقوله تعالى:

«أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا»

رابعًا:

أحد الملحدين في أحكام القرآن، من الذين لا أريد فتح ملفاتهم واكتفي بالرد على شبهاتهم دون ذكر أسمائهم، لم يكتف بكفره بـ «اللغة العربية»، وإلحاده في جميع أحكام القرآن، وخاصة «الصلاة» فذهب يهدم أصول الإيمان، وبدأ بشهادة:

«ألا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله»

بدعوي أن هذه «الشهادة» باطلة لأنها لم تُذكر في القرآن!!

ولو أن هذا «الجاهل» دخل «دين الإسلام» من باب «آيته القرآنية» لعلم الفرق بين الشهادة «العلمية» والشهادة «الحضورية»

إننا عندما نشهد أن «لا إله إلا الله»، فهذه «شهادة علمية»، تقوم على «العلم اليقيني» بموضوع الشهادة، القائم على الأدلة والبراهين الحضورية المشاهدة، وهي «دلائل الوحدانية» التي نراها بأعيننا.

وعندما نشهد أن «محمدًا رسول الله»، فهذه أيضا «شهادة علمية»، تقوم على «العلم اليقيني» بموضوع الشهادة، القائم على الأدلة الحضورية المشاهدة، وهي «الآية العقلية القرآنية» التي بين أيدينا.

ولكن الذي يحزنني فعلا، أن أرى من الأصدقاء من يُعجبون بهذا الإلحاد، فأقول في نفسي:

«أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمْ ارْتَابُوا»؟!

فيا من تكفرون بـ «اللغة العربية وعلومها»، وبـ «أحكام القرآن»، وفي مقدمتها «هيئة الصلاة»، وتسعدون بمن يبيح لنسائكم التحلل وكشف العورات والزنا، وتجعلون من كل من يهدم التراث الديني نجمًا إعلاميًا، وبطلًا يبتلى ويسجن في سبيل الله.

اعلموا:

أنكم لستم على «دين الإسلام» الذي ارتضاه الله للناس، وأن الذين تدافعون عنهم، لم يبتلوا من أجل هذا الدين، وإنما من أجل الدفاع عن المذهبية و«التفرق في الدين».

وكل الحكاية أنهم يريدون تنقية «الأحاديث النبوية» المُدوّنة في أمهات الكتب التابعة للفرقة التي «ولدوا فيها»، فكان من المنطقي أن يأتيهم «الابتلاء» من نفس الفرقة!!

والسؤال للظالم والمظلوم:

ما حكم: «الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً»؟!

محمد السعيد مشتهري

فبراير 2

4 min read

0

1

0

منشورات ذات صلة

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page