

(1016) 18/1/2018 كيف نتعامل مع القرآن (62) «فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»
فبراير 2
4 min read
0
0
0

لقد هبط آدم عليه السلام ومن معه من الجنة، وقال الله تعالى لهم:
* «فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى»
* «فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ»
# «فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»
أولًا:
لقد بيّن الله بعدها طريق «الهدى»، فقال تعالى:
* «وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا»
* «أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»
إذن فـ «بني آدم» مطالبون جميعًا باتباع «الآيات» التي سيرسل الله بها «الرسل»، على مر العصور.
إذن فـ «الهدى» في اتباع «الآيات» التي حملتها رسالات الله للناس، وليس فقط في:
«الإيمان والعمل صالح والإيمان بالآخرة»
ثانيًا:
وعندما قال اليهود والنصارى:
* «وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى»
نزل القرآن يقول لهم:
* «تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ»
ثم بيّن الله أن دخول الجنة لن يكون إلا لمن:
* «بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ»
* «فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ»
# «وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»
إن «إسلام الوجه لله» هو القاعدة التي ق ام عليها «دين الإسلام»، على مر الرسالات، وليس محصورًا فقط في:
«الإيمان والعمل صالح والإيمان بالآخرة»
ثالثًا:
والذين ينفقون أموالهم ابتغاء وجه الله، وعدهم الله بـ «الجنة»، فتدبر:
* «الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»
* «ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنّاً وَلا أَذًى»
* «لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ»
# «وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»
ويقول الله تعالى:
* «الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ»
* «سِرّاً وَعَلانِيَةً»
* «فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ»
# «وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»
فهل معنى هذا أن مفتاح دخول الجنة هو «الإنفاق في سبيل الله» فقط؟!
رابعًا:
ويقول الله تعالى في سياق عطف «متغيرات»:
* «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا»
* «وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ»
* «وَأَقَامُوا الصَّلاةَ»
* «وَآتَوْا الزَّكَاةَ»
* «لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ»
# «وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»
فكي ف نفهم هذا السياق في ضوء السياقات السابقة؟!
خامسًا:
وفي سياق الحديث عن الذين يقتلون في سبيل الله، يقول الله تعالى:
* «وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً»
* «بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ»
* «فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ»
* «وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ»
# «أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»
فهل معنى هذا أن مفتاح دخول الجنة هو «القتال في سبيل الله» فقط؟!
سادسًا:
وفي السياق العام للترغيب والترهيب، يقول الله تعالى:
١- «وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ»
* «فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ»
# «فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»
ثم بيّن معنى «فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ» فقال تعالى:
* وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمْ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ»
٢- ويقول الله تعالى:
* «يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي»
* «فَمَنْ اتَّقَى وَأَصْلَحَ»
# «فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»
ثم بي ّن معنى «فَمَنْ اتَّقَى وَأَصْلَحَ» فقال تعالى بعدها:
* «وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا»
* «أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»
إذن القضية ليست قضية إيمان وعمل صالح، كما بيّنت ذلك في منشور سابق، فقد اشترط الله شرطًا للوفاء بوعده لـ «الذين آمنوا وعملوا الصالحات»، فقال تعالى:
* «يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً»
فهل نفعهم الإيمان والعمل الصالح والإيمان بالآخرة..، وهم «مشركون»؟!أو ليس «التفرق في الدين» شرك بالله؟!
سابعًا:
وعن أصحاب الأعراف يقول الله تعالى:
* «وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ»
* «قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ»
* «أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمْ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ»
# «لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ»
فكيف نفهم هذه الآية في إطار ما سبق؟!
ثامنًا:
ثم من هم «أولياء الله»؟!
* «أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ»
# «لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»
* «الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ»
* «لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ»
ولم يقتصر نفي الخوف والحزن عن «أولياء الله»، وإنما أضاف لهم البشرى في الدنيا، قبل الآخرة.
تاسعًا:
ومن هم «عباد الله»؟!
* «يَا عِبَادِ»
# «لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ»
* «الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ»
* «ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ….»
* «وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»
وكيف نفهم أيضا هذه الآية في إطار ما سبق؟!
عاشرًا:
وعن إخلاص «العبودية» والاستقامة على «دين الله»، يقول الله تعالى:
* «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا»
# «فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»
* «أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا»
* «جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»
إن ما سبق بيانه مجرد «عينة» لكيفية التعامل مع السياق القرآني، عند بحث موضوع معين، أو عند استنباط حكم من أحكام القرآن.
فإذا نظرنا على الجانب الآخر، حيث الجهل بـ «علوم اللغة العربية»، وبـ «علم السياق القرآني»، نرى «الملحدين» وهم يُدخلون الجنة كل الملل التي:
تقول آمنا بالله، وتعمل صالحًا، وتؤمن بالآخرة!!
ويضعون لأتباعهم آية واحدة لا يملكون غيرها، وهي قوله تعالى في سورة البقرة «الآية ٦٢»:
«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»
والحقيقة أنا لست مشفقًا على «الملحدين»، الذين يجهلون كيف يتدبرون القرآن، وإنما مشفق على الذين يتبعونهم بغير علم، وللأسف هم كثر، وقدراتهم على فهم ما يُقال لهم متواضعة!!
ولذلك أرجو من الأصدقاء، من باب النهي عن منكرات الملحدين، أن يُبيّنوا لهؤلاء المساكين «علميًا طبعًا» أن:
«الآية ٦٢» من سورة البقرة، ليست هي مفتاح دخول الجنة، ولا حتى لـ «الذين آمنوا»، الذين ورد ذكرهم في أول الآية.
إن «دين الإسلام» منظومة متكاملة، لا تؤخذ أحكامه من آية واحدة، ولا من عدة آيات، وإنما بعد حصر كل ما يتعلق بموضوع البحث، سواء كان يتعلق به بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
محمد السعيد مشتهري