

(1043) 22/2/2018 لماذا يريدون أن نصفق لشحرور عندما يُلحد في أحكام القرآن!!
فبراير 2
3 min read
0
0
0
إن الشرط الأساس للحصول على عضوية “منظمة الإلحاد العالمية” أن يكون العضو مصابًا بـ “لوثة الهوس الديني” ويعتبر نفسه سقط على “القرآن” من السماء ويريد أن يفهم آياته!!
ويُشترط أن يفهم القرآن بمعزل عن البيئة المعرفية التي سقط عليها، بدعوى أن “كلام الله” لا يحتاج إلى وسطاء يفسّرونه للناس.
ولذلك لم يكن غريبًا أن نجد أعضاءً من هذه المنظمة يكتبون “آلاف الكلمات” في مقابل “أربع كلمات” فقط هي محتوى سؤال وجهته إليهم أن يأتوا من السياق القرآن بمعناها، وهي كلمات:
“الْمُنْخَنِقَةُ” – “الْمَوْقُوذَةُ” – “الْمُتَرَدِّيَةُ” – “النَّطِيحَةُ”
ومع قولهم إن “اللسان العربي” الذي نزل به القرآن هو نفسه “اللهجة العامية” التي يتحدثون بها، والتي ورثوها عن آبائهم.
فلم يستطيعوا أن يأتوا من السياق القرآني، نقلًا عن آبائهم، بمعاني هذه الكلمات!!
والمصيبة الفكرية الكبرى، أنهم أثبتوا لأنفسهم حجية آبائهم كـ “مصدر معرفي” خارج القرآن، ولا يُفهم القرآن بمعزل عنه، وهو “اللهجة العامية”.
ثم يذهبون ويُلقون المصادر المعرفية الأخرى، التي يَفهم من خلالها المسلمون معاني الكلمات القرآنية، في البالوعات، «على حد قولهم»!!
ولا نملك إلا أن ندعو لهم بالشفاء العاجل.
يسأل الصديق Waez Waez عن أحكام الطلاق وعلاقتها بما قاله “محمد شحرور” في الفيديو المرفق، والذي ملخصه:
إن الطلاق يجب أن يسبقه “الإيلاء”، ومدته أربعة أشهر، ثم بعدها يُطلق الرجل “الطلقة الأولى”، ثم ينتظر ثلاثة أشهر، وهي فترة العدة، وللزوج أن يُمسك زوجه قبل انتهاء العدة.
فإن فعل سقطت “الطلقة الأولى”، وإن لم يفعل وانتهت العدة، يُطلقها “الطلقة الثانية”، فلا تحل له بعد ذلك، لأن الله يقول “الطلاق مرتان”!!
أي أن حكم الطلاق عند “شحرور” هو:
“الطلقة الأولى” تكون بعد أربعة أشهر، أي بعد فترة “الإيلاء”، ثم تأتي “الطلقة الثانية” بعد ثلاثة أشهر، أي بعد فترة “العدة”، وبعدها تصبح زوجه محرمة عليه!!
أولًا:
تعالوا نفهم سياق الآيات “٢٢٤ – ٢٢٩” من سورة البقرة، الذي ورد فيه أحكام الطلاق، والذي يبدأ بقوله تعالى الآية ٢٢٤”:
* “وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”
ثم قوله تعالى بعدها “الآية ٢٢٥”:
* “لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّ هُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ”
ثم قوله تعالى بعدها “الآية ٢٢٦”:
“لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ”
والسؤال:
ما علاقة حكم “الأيْمَان”، الذي ورد في الآيتين “٢٢٤-٢٢٥”، بحكم “الإيلاء” الذي ورد بعدها؟!
# لقد قلت وأقول وسأقول:
باستحالة فهم القرآن واستنباط أحكامه “على وجهها الصحيح”، دون الاستعانة بأدوات خمس وهي:
١- منظومة التواصل المعرفي
٢- علوم اللغة العربية
٣- علم السياق القرآني
٤- آليات عمل القلب
٥- آيات الآفاق والأنفس.
ويجب الاستعانة بهذه الأدوات “مجتمعة”، فإذا انفصلت واحدة عن الباقي تكون النتيجة “إلحادًا” في الآيات، و”كفرًا” بأحكامها!!
وإن المحور الأساس الذي تدور حوله هذه الأدوات هو “منظومة التواصل المعرفي”، التي حملت لشعوب العالم أجمع “مُسمّيات” الكلمات التي تنطق بها ألسنتهم، والتي يستحيل فهم كلمة واحدة من القرآن دون الاستعانة بها.
وإن “منظومة التواصل المعرفي” هي التي حملت للمؤمنين بالقرآن “مُسمّيات” كلماته التي تعلّموها من مصادر معرفية خارج القرآن، وخاصة ما يتعلق بأحكام القران، ومن ذلك كلمة “إيلاء”.
ثانيًا:
يقول الله تعالى “الآية ٢٢٦”:
“لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ”
وعندما نبحث في مراجع اللغة العربية عن معنى “يُؤْلُونَ” ككلمة مفردة، سنفهم أنه يدور حول الحلف على الامتناع والترك.
فإذا أضفنا إلى «يُؤْلُونَ» جملة “مِنْ نِسَائِهِمْ” لن نحصل إلا على مفهوم واحد عرفه العرب من قبل نزول القرآن، ثم نزل القرآن يخاطبهم به، وهو أن يحلف الرجل ألا يجامع زوجه.
وعُدّى فعل الإيلاء بـ “مِن”، في “مِنْ نِسَائِهِمْ”، لأنه الحرف المناسب لبيان معنى «البُعد»، كأنه قال:
“للذين يؤلون متباعدين من نسائهم”
إذن فهناك علاقة بين آية “الإيلاء”، والآيتين اللتين سبقتها، ولا نستطيع الوقوف على هذه العلاقة إلا من خلال الاستعانة بمراجع “اللغة العربية”.
لقد كان الرجل الذي يريد أن يعاقب امرأته، في الجاهلية، ويمنعها من الزواج بغيره، يحلف ألا يقربها مدى الحياة، وفعلا لا يقربها، ويتركها مُعلّقة، فنزلت الآية تضع حدًا لهذا “الإيلاء”.
لقد أمهل الله الزوج مدة “أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ” ليترك خلالها هذا الضرر الواقع على زوجه، فإن أصر على ألا يقربها، أمره أن يطلقها.
وإن رجع عما حلف عليه “فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ”.
أي فإن الله سيغفر له حنثه في يمين «الإيلاء» وعدم الوفاء به.
ثم قال الله تعالى بعدها “الآية ٢٢٧”:
“وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”
أي وإن عزم الذين “يؤلون” أن يُطلّقوا نسائهم، فإن الله سميع لكلامهم، عليم بما في قلوبهم، وعليهم أن يبدؤوا في اتخاذ إجراءات الطلاق.
وبذلك يصبح “الطلاق” نهاية لفترة اسمها “الإيلاء” بأحكامها، وبداية مرحلة جديدة ستتم خلالها إجراءت الطلاق، ولا علاقة لها مطلقًا بفترة وأحكام “الإيلاء”.
وبذلك ثبت تهافت وسقوط اشتراط “شحرور” أن تكون “الطلقة الأولى” بعد انتهاء “الأربعة أشهر” الخاصة بفترة “الإيلاء”.
إن «الإيلاء» ليس طلاقًا، وإنما «حلف» على عدم قرب النساء، وقد يُنهي الرجل هذا «الإيلاء» بعد أسبوع أو شهر أو اثنين..، فمن قال إنه لابد أن يصل إلى أربعة أشهر؟!
وللموضوع بقية
محمد السعيد مشتهري