top of page

(1051) 2/3/2018 عندما يُفتن أتباع “النبوة”، ولا تحكم دنياهم “الشريعة الإلهية”!!

فبراير 2

5 min read

0

0

0

فَرْقٌ بين حال “المستضعفين” الذين كان غيرهم سببًا في استضعافهم، وحال الذين استسلموا واستضعفوا أنفسهم، وأخرجوها من “دين الإسلام” الذي ارتضاه الله، إلى “دين المذهبية” الذي ارتضته لهم مذاهبهم العقدية والفقهية!!

ويقص الله القصص للناس عبرة لـ “لأُوْلِي الأَلْبَابِ”:

* “لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ – مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى – وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ – وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ – وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ”

ومن هذه القصص، قصة بني إسرائيل مع ملكهم “طالوت”:

* “أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ”

و”الملأ” اسم جمع لقوم أمرهم واحد في كل شيء، ومنه “ملء” الوعاء بالماء، حيث يملؤون قلوبهم بعقيدة ومفاهيم واحدة.

ويُفهم من السياق أن القوم كانوا يواجهون تحديات جعلتهم يطلبون من “النبي” أن يختار لهم قائدًا قويًا يملك زمام أمره، بعد أن عرفوا قيمة القتال “فِي سَبِيلِ اللَّهِ”، من قبل أن يُشرّع الله لهم القتال.

١- وهنا لفتة لغوية هامة في قوله تعالى “إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ”:

لقد جاء تنكير “نبي”، ولم يأت مُعرفًا “للنَبِيِّ”، لبيان أن محل العبرة في قصص الأنبياء ليس في “أشخاصهم”، وإنما في “أتباعهم”.

فقال لهم “النبي”:

* “قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا”؟!

٢- وهنا لفتة أخرى هامة في قوله تعالى “أَلاَّ تُقَاتِلُوا”:

فلماذا جاء في الاستفهام بالنفي “أَلاَّ تُقَاتِلُوا” وهو يعني “هلْ لاَ تقاتلون”، ولم يقل “هل تقاتلون”؟!

لبيان أن “النبي” كان يعلم أن القتال إذا فُرض عليهم فلن يقاتلوا، كما تقول لابنك “افعل كذا وكذا… وما أظنك تفعل”، لأنك تعلم من هو ابنك!!

٣- ولفتة أخرى تبيّن أهمية الاستعانة بـ “منظومة التواصل المعرفي” لبيان ما أجمله النص القرآني من معاني وأحكام.

إن من الضروري الوقوف على تاريخ الأمم، من خلال الحقائق التاريخية التي حملتها “منظومة التواصل المعرفي” للناس جميعًا، لنعلم لماذا قال “الملأ” لنبيهم “ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً”، وليس “قائدًا”؟!

لأن الله تعالى يقص علينا ما حدث بعد عصر موسى، عليه السلام:

“أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى..”

وهذه القصة تحكي انتقال نظام حكومة بني إسرائيل من “الشورى”، الذي يُسمى بـ “عصر القضاة”، إلى النظام “الملكي” الذي يسمى بـ “عصر الملوك”.

رابعًا:

ولذلك لجأ “الملأ” إلى التأويل القائم على الخداع والإيحاء النفسي الذي يُبيّن أنهم صادقون في طلبهم القتال:

* “قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا”

فماذا كانت النتيجة؟!

* “فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا – إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ – وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ”

# حكمة:

لقد كانت القلة على مر الرسالات، “إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ”، فتنة لـ “الكثرة”، الذين يتباهون بكثرة إعجاب الناس بأفكارهم، وأن هذه “الكثرة” دليل على أنهم على “الحق”!!

والحقيقة:

* “وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ”

* “وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ”

* “وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً”

خامسًا:

ولقد بعث الله، “اختار واصطفى” من بينهم، هذا “الملك”، ولكنه كان من الطبقة الفقيرة، من عامة الناس لا من سادتهم، فقالوا:

* “وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً – قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ – وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنْ الْمَالِ”؟!

١- كيف يكون “ملكًا” وشأن الملك أن يكون ذا مال يكفي للإنفاق على ملكه وشعبه، فكان رد “النبي” عليهم:

“قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ – وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ – وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ”

ومع أن “النبي” قَدَّمَ “العلم” على “القوة”، ليُبيّن لهم أن “القوة” بدون “علم” هلاك ودمار، كان من الضروري أن يؤيد الله نبيه بـ “آية” تثبت أن الله هو الذي اصطفى لهم هذا “الملك”:

“وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ – أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ – وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ – تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ – إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ”

٢- والسؤال للذين ينكرون حجية “منظومة التواصل المعرفي”، وحجية “علوم اللغة العربية”، على المسلمين جميعًا:

هل كان العرب، الذين أنزل الله عليهم القرآن، يعلمون “مسمى” كلمة “التَّابُوتُ” من قبل نزول القرآن، أم سألوا رسول الله محمدًا عن معناه؟!

وفي الحالتين، من أي المصادر المعرفية يفهم المسلمون معنى كلمة “التابوت” الذي جعله الله “آية” لنبي إسرائيل؟!

أم نحذف هذه الآية، وغيرها من آلاف الآيات، حتى لا يغضبون، ويغضب أتباعهم الذين يتبعونهم بغير علم؟!

٣- وعندما يحمل “التَّابُوتُ” لبني إسرائيل “السكينة” فذلك لأنه آية إلهية “فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ”، وفي داخله:

* “وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ”

فتسكن نفوسهم برؤية ما حفظه الله من “الألواح” التي فيها شريعتهم، خاصة وأن “الملائكة” تحمله:

* “تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ”

وهنا نتوقف عن تأويل كيفية حمل “الملائكة” التابوت، وهل كانوا على هيئة بشر أم على غير ذلك.

سادسًا:

ثم جاء موعد “الابتلاء”، ليميز الله “الخبيث” من “الطيب”، وابتعد “طَالُوتُ” بالجنود وانفصل عن مساكنهم، وأمرهم أن يطيعوا الله، ويصبروا على هذا “الابتلاء”:

* “فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ – قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ – فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي – وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي – إِلاَّ مَنْ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ – فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ”

# “حكمة الابتلاء”:

لقد ختم الله تعالى هذه القصة بقوله:

* “تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ”

تنويهًا بشأن “النبي الخاتم محمد”، وتثبيتًا لـ “قلبه”، وتعريضًا بـ “الكافرين” برسالته.

١- لقد قبل أتباع الرسل أن تُحكم حياتهم بشرائع غير التي أنزلها الله، وتقاعسوا “بعد موت الرسل” عن الجهاد في سبيل الدفاع عن أحكام الشريعة التي أمرهم الله بإقامتها، فكانت النتيجة:

٢- لقد تركهم الله يعيشون “مَعِيشَةً ضَنكًا”، سعداء بها، يستمتعون بزينتها وشهواتها، لا يجاهدون أنفسهم من أجل تغييرها.

إنها “سنة الله” التي لا تتبدل ولا تتغير:

“وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي – فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً – وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى”

٣- إن هذه “المعيشة الضنك”، التي يعيش بداخلها المسلمون، تجعل من ضاقت قلوبهم بها، “مشاريع إرهابية صغيرة”، موجودة اليوم في كل دول العالم، وبصورة أكبر في الدول الإسلامية!!

٤- إن “المعيشة الضنك” تجعل “المشاريع الإرهابية الصغير” تنمو في كل بيت من بيوت المسلمين، في غياب الفهم الواعي لحقيقة “دين الإسلام” الذي أمر الله الناس جميعًا باتباعه، فليس أمامهم بديل!!

٥- إن “المعيشة الضنك” تجعل الذين ضاقت قلوبهم بها، يسارعون إلى الانضمام إلى “الخلافة الإسلامية” المزعومة، ولو من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يريحهم نفسيًا!!

# “فعالية الابتلاء”:

١- لم يُغير المسلمون ما في أنفسهم، وهم سعداء بحياتهم الدنيا، فمَكّنَ الله أعداء دينه من رقابهم، وجعلهم يتحكمون في معيشتهم في كل كبيرة وصغيرة!!

٢- لقد ترك الله أعداء دينه يصنعون للمسلمين “خلافة إسلامية”، تسفك الدماء بغير حق، وينفقون في سبيل تحقيق ذلك المليارات، وينفق المسلمون في المقابل أيضًا المليارات للقضاء عليهم!!

٣- فتظل الفتنة قائمة، ويظل المسلمون في “معيشتهم الضنك” يَعْمَهُون، إنهم يُبصرون، ولكنهم فاقدون “البصيرة”:

* “قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً – قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا – فَنَسِيتَهَا – وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى”

* “وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى”

٤- لم يعد هناك “عقاب إلهي” بالخسف، وإهلاك الأمم التي كفرت بآيات الله وتدميرها تدميرا، وإنما “معيشة ضنك” يشعر بها المسلم في نفسه، وفي بيته، وفي أولاده.

فهل سيعمل المسلمون بقول الدكتور “مصطفى محمود”:

“نقاوم ما نحب ونتحمل ما نكره”؟!

# إن من يجد في أي مكان في العالم، “بيتًا مؤمنًا” رحمه الله وعافاه من عذاب “المعيشة الضنك”، لو تكرمتم أخبروني به، لأسرع بالذهاب إليه، لأعيش ما تبقى من عمري في مكان رضي الله عن من فيه.

محمد السعيد مشتهري

https://youtu.be/sl1E4bjO2N0?t=4


فبراير 2

5 min read

0

0

0

Comments

Share Your ThoughtsBe the first to write a comment.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page