

(1054) 6/3/2018 ماذا يحمل التَابِع والمَتْبوع من “علم” يفهم به “القرآن”؟!
فبراير 2
4 min read
0
1
0
تعليقًا على منشور الأمس “يوسف زيدان، والبحيري، وحكاوي القهاوي”، سألتني الصديقة فاتن الصنعاني:
“هل جربت أن تسأل من هم أصدقاءك، ومعجبون بعلمك، وموافقون على رؤيتك، لماذا يُشجعون بنفس الوقت رؤى أخرى مثل رؤية الدكتور “محمد شحرور” أو المهندس “عدنان الرفاعي” أو الباحث “إسلام بحيري” أو غيرهم..، وإن حدث ذلك، ممكن تخبرنا بماذا أجابوك؟!”
أولًا:
منذ عام “٢٠١٣م” وهذه الصفحة تحمل ما يزيد عن “١٠٠٠” منشور معظمها كان للرد على أصحاب بدعة “القرآن وكفى”، والقراءات “المعاصرة”، و”التنويرية”، وعلى مناهجهم العشوائية في فهم آيات الذكر الحكيم.
ثانيًا:
عندما أذكر “اسم” شخص من أصحاب هذه القراءات فذلك عندما أجد أن توجهه الديني أصبح ظاهرة يتبعها الكثير بغير علم.
لقد خرج علينا “د. شحرور” بفهمه لكلمة “النساء”، ليسقط به معظم أحكام “النساء”، متبعًا في ذلك منهج “الهرمنيوطيقا” الذي ذكرته في منشور سابق.
لقد اعتاد “د. شحرور” أن ينتقي من مراجع “اللغة العربية” معاني الكلمات التي توافق هواه، ومن ذلك معنى كلمة “النساء”.
ولقد قمت ببيان تهافت ما ذهب إليه في أكثر من منشور، ومن ذلك المنشور رقم “٩٨٧” بعنوان:
“نَسَأَ شحرور وأنصاره، فأصبحوا نِسَاءً”
على هذا الرابط:
https://islamalrasoul.com/987-15122017
ومن منطلق إلحاده في فهم كلمة “النساء”، ذهب يُبيّن معنى أحكام “الآية ٣٤” من سورة النساء:
* “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ”
* “فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ”
* “وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ”
* “فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ”
* “فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً”
* “إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً”
١- إن هذه “آية واحدة”، ويستحيل فهم أحكامها إلا في إطار فهم سياقها العام.
٢- يستغل “الملحدون” في أحكام القرآن جهل المتابعين لهم بـ “علم السياق”، وبـ “علوم اللغة العربية”، ويقولون لهم ما لا يصدر عن عالم يحترم العلم الذي يحمله.
٣- إن مراجع “اللغة العربية” تحمل “معاني الكلمة” فقط، ولا علاقة لها بأي سياق سيوضع فيه هذا المعنى.
فإذا ذهبنا نبحث “مثلا” عن معنى كلمة “ضَرَبَ” في مراجع اللغة سنجد الكثير من المعاني، ومنها:
ضرب الوتد “دقه حتى رسب في الأرض” – وضرب الدرهم “طبعه” – وضرب القلب “نبض” – وضرب في الأرض “سار فيها” – وضرب على يده “منعه” وتعني أيضا “عقد معه البيع” – وضرب الفحل الناقة “نكحها” – وضرب عنه “أعرض” – والضرب “المثل”.
وكل هذه المعاني معاني “مجازية” يشهد لها السياق، أما المعنى “الأصيل” لكلمة “ضَرَبَ” فهو:
إيقاع شيء على شيء، يقال ضرب دابته، إذا استخدم أداة لضربها ليعدلها إلى الجهة التي يريدها.
ولذلك فمن هذه المعاني ما يناسب السياق الذي وردت فيه كلمة “ضَرَبَ”، ومنها ما لا يناسب السياق مطلقا.
وهنا يأتي “د. شحرور” وينتقي المعاني التي لا علاقة لها بالسياق الذي وردت فيه، ثم يقول للناس إن هذا المعنى حسب ما ورد في “مقاييس اللغة”!!
ثالثًا:
لقد بدأ “د. شحرور” مسيرته الفكرية بـ “انتقاء المعاني” التي تناسب المصطلحات التي يستخدمها في قراءاته المعاصرة، ومن ذلك تحريفه لمعنى “الكتاب” و”القرآن” و”السُنّة” و”الزنا” و”النساء”… إلى آخره.
وكل المعاني التي يستخدمها في مؤلفاته، قد يكون لها أصل في مراجع “اللغة العربية”، باعتبارها “كلمات مفردة”، ولكن “السياق القرآني” يَلْفُظها كلها، وقد بينت ذلك في عشرات المنشورات.
وبعد أن حرّف “د. شحرور” معنى كلمة “النساء”، ذهب وانتقى جملة من “الآية ٣٤”، وألبسها ثوب هذا المعنى، وهي:
* “الرِّجَالُ قَ وَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ”
وعندما اصطدم بـ “تاء التأنيث” في قوله تعالى بعدها:
* “فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ”
انظروا ماذا قال:
وحيث أن “القوامة” فيها ذكور وإناث، فإذا كانت في “الإناث”، هنا تصبح “النساء” جمع “امرأة”، وهو المقصود بـ “تاء التأنيث” في “الصَّالِحَاتُ”.
يقصد “الصالحات للقوامة”!!
وهذا هو منهج “الهرمنيوطيقانيّين” في فهم أحكام القرآن!!
رابعًا:
# يسأله مقدم البرنامج عن معنى:
“الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ”
# شحرور: الله قال “الرجال” ولم يقل “الذكور”.
# مقدم البرنامج: وهل “الرجال” غير “الذكور”؟!
# شحرور: نعم، و”النساء” غير “الإناث”، يعني ممكن يكون الذكور “نساء”، وممكن يكون الإناث “رجال”!!
ثم يستخدم منهجه العشوائي، ويستدل بآية لا علاقة لها مطلقا بالموضوع، وهي قوله تعالى:
“وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً”
# فيقول: رجالا يعني “مترجلين”.
صحيح إن هذا هو معنى “رِجَالاً” في هذا السياق، ولكنه ليس هو معنى “الرجال” في “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ”، ولا في قوله تعالى:
“مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً”
إن “د. شحرور”، لا مانع عنده من الاستعانة بـ “الروايات”، “السُنيّة طبعا”، في فهم القرآن، تماما كما يفعل “السلفيّون”.
لقد ذهب إلى تراث الفرقة “السُنيّة” التي ينتمي إليها، ليثبت للناس أن كلمة “رجال” في قوله تعالى “مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ” تعني “النساء” بمفهومه، فيقول:
إن أول قتيل في سبيل الله كانت امرأة، هي “أم عمار”!!
خامسًا:
وخلاصة مفهوم “د. شحرور” للآية:
١- أن “الرجل” هو الإنسان “المتمكن” في شؤونه المادية والإدارية والذهنية، سواء كان من “الذكور” أم من “الإناث”.
٢- أن “النساء” هم “الذكور والإناث”، الذين هم أقل درجة من “الرجال” في “التمكن” من الشؤون المادية والإدارية والذهنية.
وطبعا يستند في ذلك إلى تعريفه لكلمة “النساء”، وأنها مأخوذة من “نسيء”، أي الشيء المتأخر، أي ما تأخر عن “الرجال” من “الذكور والإناث” في إمكانياتهم الإدارية والمالية.
والمنشور المرفق سيبين تهافت ما ذهب إليه.
٣- وبناء على ما سبق تتحدد “القوامة”:
فـ “الرجال”، أي “الذكور والإناث”، قوامون على “النساء”، أي على “الذكور والإناث” الذين هم أقل منهم درجة في:
(أ) النواحي الإدارية: وهذا معنى:
“بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ”،
(ب) أو النواحي “المالية”، وهذا معنى:
“بِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ”.
٤- ويمكن أن تنقسم “القوامة” بين “الذكر والأنثى” كلٌ حسب كفاءته الإدارية والمالية، والذي يتفوق في أحدهما هو الذي تكون له الكلمة، أي “الق وامة”!!
ويستدل على ذلك بقوله تعالى:
“بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ”
بدعوى أن الله لم يقل:
“بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضِهِن”
كما قال تعالى:
“انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ..”
٥- ثم يستند في بيان أنه إذا كانت المرأة هي صاحبة المال، تكون لها الكلمة، أي “القوامة”، إلى مرجعيته “الروائية” “السُنيّة” ويقول:
وهذا ما حدث مع رسول الله محمد، فقد كانت السيدة خديجة هي التي تنفق على تجارتها، التي كان رسول الله يعمل فيها، “وكانت لها الكلمة”، وحتى بعد ما بُعث الرسول وتفرغ للدعوة كانت هي التي “تُنفق عليه”!!
لقد كانت هذه هي المقدمة، وللموضوع بقية.
محمد السعيد مشتهري
رابط الحلقة



