

(1057) 9/3/2018 “وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ – وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ”
يناير 30
4 min read
0
0
0
بعد أن وقفنا على حصر كلمة الرجال ومشتقاتها في السياق القرآني، وتدبرنا سياق الآيات التي وردت فيها جملة:
* “الرِجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ”
وعلمنا أن “الْنِسَاءَ” هن الإناث، وأن “الْرِجَالَ” هم الذكور.
وتأكدنا بالبحث في مراجع “اللغة العربية” أن هذا الاختيار للمعنى هو الذي يقتضيه سياق الآيات التي وردت فيها الكلمتان.
قمت ببيان مفهوم “القَيْمُومَة” التي فضل الله بها “الرجال” على “النساء”، وبيان أن اختيار صيغة المبالغة في “قَوَّامُونَ” يدل على عمق هذه الصفة وملازمتها لـ “الرجال”.
وبيّنت أن “القَيْمُومَة” لا تعني التدخل في شؤون “النساء” في البيت أو في المجتمع، ولا المساس بحقوقهن التي نص الله عليها في كتابه.
وإنما “القَيْمُومَة” مسؤولية ألقاها الله على عاتق “الرجال” تجاه “النساء”، “الرجال” الذين يحملون صفة “الرجولة” وليس جنس “الذكورة” فقط، ذلك أن الله تعالى يقول:
“مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ”
ولم يقل سبحانه: “مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (ذكور)….”، وهم أصلًا “ذكور”، لأنه سبحانه قال بعدها “فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ”.
إذن فأريد بذكر “الرجال” صفة “الرجولة”، وليس “الذكورة”.
أولًا:
إن تفضيل “الرجال” على “النساء” بـ “القَيْمُومَة” ورد في “الآية ٢٢٨” من سورة البقرة، بعد الإشارة إلى حقوق النساء:
“وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ”
فقال تعالى:
“وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ”
فما معنى هذه “الدرجة”؟!
١- إذا عدنا إلى أصل القضية، وقول الله تعالى:
“الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ” – “بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ” – “وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ” – “فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ” – “وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ …”.
نجد أن الفاء في “فَـ الصَّالِحَاتُ”، والواو في “وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ”، عائدان إلى “الأصل التشريعي” الذي ورد في أول الآية وهو:
* “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ”
أي أننا عندما نريد أن نفهم الأحكام الواردة في نشوز “النساء” في “الآية ٣٤”، وقوله تعالى:
“وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ …”
والأحكام الواردة في نشوز “الرجال” في الآية “١٢٨”، وقوله تعالى:
“وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً”
علينا أن نفهم هذه الأحكام في إطار “الأصل التشريعي”:
“الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ”
ثانيًا:
ومن أحكام “الآية ٣٤”، أن الله تعالى حمّل “الرجل” مسؤولية علاج نشوز امرأته، وذلك بـ “الأمر المباشر”، فقال تعالى:
“فَعِظُوهُنَّ – وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ – وَاضْرِبُوهُنَّ”
وهذا معناه أن “المرأة” مأمورة من الله بطاعة “زوجها” خلال فترة تفعيل هذه الوسائل، فإن أطاعته:
“فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً”
فماذا لو كان النشوز من “الرجل”:
“وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً”؟!
فهل تتبع المرأة مع زوجها “الناشز” نفس الوسائل التي اتبعها معها؟!
والجواب: لم يأمر الله “المرأة” أن تفعل شيئًا مع زوجها، وإنما عليها أن تبلغ الحكمين بنشوز زوجها:
“فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً”
والسؤال:
فهل لأننا في القرن الواحد والعشرين، ونريد أن نقرأ القرآن قراءة معاصرة، نذهب ونضحك على الناس ونقول لهم:
إن الله يقول عن حقوق النساء:
“وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ”
إذن فكما أن للرجل حق استعمال وسائل علاج النشوز هذه:
“فَعِظُوهُنَّ – وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ – وَاضْرِبُوهُنَّ”
فإن من حق المرأة استعمال نفس الوسائل في علاج نشوز زوجها.
ثالثًا:
ولذلك، ولعلم الله بما سيلقيه “الملحدون” من شبهات في طريق الفهم الواعي لأحكام القرآن، قال تعالى بعدها مباشرة:
* “وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ”
إنها درجة “القَيْمُومَة”، وهي “درجة” في “المنزلة”، لأن “الدرجة” هي ما يُرتقى عليه في سلم أو نحوه، وهنا كناية عن “الأفضلية”:
“بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ”
ولبيان أن درجة “الأفضلية” تخص “الرجال” قال تعالى بعدها:
“وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ”، وليس “وَبِمَا أَنفَقنَ مِنْ أَمْوَالِهِنّ”
١- قوله تعالى:
“وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ”
“الباء” في “بِـ الْمَعْرُوفِ” للملابسة، أي المعروف الملابس لـ “الحكم القرآني”.
ويستحيل أن يُربى “الأولاد” في بيئة لا تعلم عن “أحكام القرآن” وفعاليتها في حياتهم شيئًا، ثم بعد “الزواج” يأتون يسألون عن أحكام القرآن في “العلاقات الزوجية”؟!
لقد جاء قوله تعالى بعدها:
“وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ”
حتى لا يُظن أن المساواة بين الرجال والنساء مطلقة في كل الحقوق، وقد بيّن الله ذلك بالأصل التشريعي:
“الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ – بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ – وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ”.
٢- و”القَيْمُومَة” لا تعني الهيمنة والتسلط وإلغاء دور المرأة وفعاليتها في بيتها وفي المجتمع.
وإنما تعني أن للرجل الكلمة الفصل في المسائل المختلف بشأنها، بعيدا عن المسائل الخاصة بالمرأة، التي لا يحق لأحد أن يتدخل فيها.
٣- إن “الرجل” أشد بأسًا من “المرأة” وأكثر حزمًا وقدرة على مواجهة التحديات، فلا تحكمه الانفعالات العاطفية، ولا يقع تحت تأثير مشاعر الشفقة.
٤- إن “الرجل والمرأة” متساويان أمام الله وأمام القانون، ولهما حرية التصرف في أموالهم واستثمارها، وحرية طلب العلم..، وحرية فك عرى “الزوجية” عند استحالة العشرة، فالرجل بـ “الطلاق”، والمرأة بـ “الخلع”.
٥- ولا تتحقق “القَيْمُو مَة” بإمكانات “الرجل” وجهده الخاص، دون الاستعانة بفريق العمل الذي يعمل معه، أو بأسرته وأولاده، لاستحالة أن يكون محيطًا بكل المعلومات التي تحقق نجاحه في إدارة شؤونهم.
رابعًا:
إن مشروع “د. محمد شحرور” يقوم على “ما هو كائن”، وليس على “ما يجب أن يكون”، فهو يرى أن القرآن يجب أن يُفهم على أساس الواقع الذي نعيش فيه اليوم!!
لقد أقام “د. محمد شحرور” فهمه لكتاب الله على أساس أن “ما هو كائن” اليوم بين الناس، يجب أن يكون حاكمًا على فهمنا لأحكام القرآن!!
لقد وجد “د. محمد شحرور” أن الشهوات الجنسية أصبحت مسيطرة على الناس، فأباح لهم “الزنا” بشرط ألا يزيد عن ثلاث ليالي، وأن يكون مع امرأة غير متزوجة!!
وعلى هذا الأساس خرجت كل “القراءات الشحرورية المعاصرة” بداية بالتفريق بين “الكتاب والقرآن”، مرورا بتحريف مفهوم “الإيمان والإسلام”، وصولا إلى مصيبة المصائب في مفهومه لـ “الرجال والنساء”.
إن التلاعب في “مسمّيات” الكلمات ودلالاتها، المعروفة من لدن آدم عليه السلام، والتي تناقلتها الأجيال عبر “منظومة التواصل المعرفي”، سيجعل الناس يعيشون مخلوقاتٍ سقطت من السماء لا لون لها ولا رائحة.
والسبب:
ضياع “الهوية العربية”، وغياب “لغة القرآن” التي كان ينطق بها “لسان العرب”، واتباع المسلمين لنجوم “الإلحاد” الذين سقطوا عليهم من السماء، ويقولون لهم:
أن الشمس تعني الوردة، وإن المائدة تعني القرآن، وإن المسجد يعني الوزارة، وإن السجود يعني الضحك على الذقون..، إلى آخر ما يحملونه معهم ويُسوّدون به هواء الإنترنت.
فلما صدّقوهم قالوا لهم اليوم:
و”الإنسان يعني الحمار”، فصفقوا لهم، وجعلوهم من نجوم الفكر المستنير.
إن الإشكال ليس في “الملحدين” الذين سقطوا علينا من السماء، فهذا شأنهم، وإنما في الذين أظلمت قلوبهم يوم فقدت لغتها ا لعربية، فحق عليها قوله تعالى:
“فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ”
إن النساء هم “الإناث”، والرجال هم “الذكور”، وليس من صالح الاثنين تغيير المقاعد حتى ولو كانت المرأة أغنى نساء العالم، ووصلت إلى أعلى المناصب.
طبعا إلا إذا كان تغيير المقاعد بعمليات جراحية تفرضها الضرورة الطبية.
“تمت”
محمد السعيد مشتهري
وعلى هذه الروابط مزيد بيان:
“وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ”
https://islamalrasoul.com/988-17122017
“فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ”
https://islamalrasoul.com/989-18122017/
“وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ”