top of page

(1107) 3/5/2018 «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ»

يناير 30

٥ min read

0

0

0

كيف نفهم السياق القرآني؟!

ولماذا قلت في منشور:

«دعوة للتدبر حتى لا نلحد في آيات الله فندخل جهنم»

إن كل من يفهم القرآن، أو يستنبط حكمًا من أحكامه، دون علم بقواعد اللغة العربية وعلومها، وبـ «علم السياق»، وبـ «منظومة التواصل المعرفي» كافر بالله وبالقرآن؟!

لأن القرآن لا يحمل إلا «الكلمات» فقط، فكيف نفهمها بمعزل «مُسمّياتها» الموجودة خارج القرآن، إلا بفيروس «الهوس الديني»، و«الإلحاد» في الآيات، وفي استنباط أحكامها؟!

وسأبين ذلك كـ «مثال» من خلال تدبر الآيات «٣٤-٣٦» من سورة النور.

أولًا:

لقد وردت الآية «٣٦» من سورة النور، التي في أول المنشور، في سياق آيات يبدأ بـ «الآية ٣٤» وقوله تعالي:

* «وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِنْ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ»

ثم «الآية ٣٥» وقوله تعالى:

* «اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ..»

حيث يصف الله القرآن بصفات ثلاث:

# «وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ»:

تُبيّن للناس دينهم وشريعتهم.

# «وَمَثَلاً مِّنَ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُمْ»:

إن مصير المكذبين لرسالات الله واحد على مر العصور.

# «وَمَوْعِظَةً لّلْمُتَّقِينَ»:

ولن يتعظ، وينتفع بهذه «الآيات المبينات»، إلا أهل «التقوى»، فتدبر:

«ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ»

ثانيًا:

* «اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ..»

نلاحظ هنا أن «النور» مضاف إلى «الله»، ومعناه الظاهري أن ذات «الله» عبارة عن «نور» قد حَلّ في السماوات والأرض.

وبذلك نكون قد عرفنا حقيقة «ذات الله» استنادًا إلى هذه الآية!!

١- «علم البيان والمجاز»:

إن «النور» يستحيل أن يكون إلهًا لأن «النور» من المُحْدَثَات، والمحدثات تزول، والله لا يزول، ويستحيل أن يَحِل في شيء مما خلق، لانتفاء ذلك عقلًا وشرعا!!

٢- ولذلك قال تعالى «مَثَلُ نُورِهِ» لبيان أن الحديث ليس عن ذات الله، وإنما عن مخلوق خلقه الله بفعاليات أسمائه الحسنى، وجعله في هذا الكون، وهو ما بيّنه الله بقوله:

«وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ»

فالنور «مجعول»، فكيف يكون ذاتًا ملحقة بالله؟!

٣- إن إسناد «النور» إلى الله ليس على الحقيقة، وإنما من باب «المجاز»، لأن النور ضوء مُدرك بالبصر، والله لا تدركه الأبصار، لذلك قال تعالى «مَثَلُ نُورِهِ».

والضمير في «مَثَلُ نُورِهِ» عائد على الله، إذن فهناك «نور» خلقة «الله» ويضرب له المثل.

ولقد جاء هذا «المثل» بيانا لقوله تعالى:

* «اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ..»

وإشارة إلى هداية الله لكل ذرة من ذرات السماوات والأرض إلى وظيفتها وفعاليتها في هذا الكون.

٤- وكان من الطبيعي أن تكون رسالة الله الخاتمة، التي حملت «الآية العقلية القرآنية»، هي «النور» الهادي إلى صراط الله المستقيم، الذي أمر الكافرين بـ «نبوة» رسوله محمد، من المشركين وأهل الكتاب، أن يتبعوه:

(أ) «يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً»

(ب) «..فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ . قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً..»

(ج) «وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ- وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا»

(د) «فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ»

نفهم من ذلك أن هذا «المثل» يتعلق ببيان «هداية الكتاب».

ثالثًا:

حجية «منظومة التواصل المعرفي»:

ولقد كان العرب يعتبرون أن كمال الضوء ونوره يتوقف على:

١- جودة «المصباح» ووجوده في «مشكاة» حتى لا تتفرق أشعته:

«كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ»

# المشكاة: تجويف «كُوّة» في الحائط يوضع بداخلها المصباح لحمايته.

٢- وأن يكون «المصباح» في زجاجة شفافة «صافية»:

«الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ»

ووصف «كَوْكَبٌ» بـ «دُرِّيّ» نسبة إلى بياض «الدر» وصفائه.

٣- وأن يكون «الزيت» الذي يوقد «المصباح» ذا جودة عالية:

«يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ»

# حجية اللغة العربية:

هنا يوجد «محذوف» لأن الشجرة ليست هي التي توقد المصباح، والمحذوف كلمة «ثمار»، أي «يُوقَدُ مِنْ … ثمار … شَجَرَةٍ..»، وهي الثمار التي يستخرج منها «زيت الزيتون».

٤- وكانوا يعلمون أن جودة «الزيت» تتوقف على نوع الشجرة وجودة ثمارها، وكلما كانت في منطقة تكثر فيها أشعة الشمس كانت ثمارها أكثر نضجًا وصفاءً، فقال تعالى:

«لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ»

أي أنها لا شرقية وحدها، ولا غربية وحدها، وإنما «شرقية غربية»، أي أن الشمس والظل يتعاقبان عليها، كما نقول عن الشخص الذي يكثر من سفره وإقامته:

«لا هو مسافر ولا هو مقيم».

رابعًا:

حجية «علم البيان»:

١- «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ»

إذا رأيت زيت الزيتون الخالص الصافي من بعيد وهو في زجاجة شفافة، ترى كأن له شعاعًا.

وهذا أسلوب بلاغي، للمبالغة في صفاء الزيت، وأنه لإشراقه وجودته يكاد يضيء من غير نار.

٢- «نُورٌ عَلَى نُورٍ»

«كناية» عن شدة الإضاءة، وأن السبب في ذلك هو:

وجود «المصباح» في مكان ضيق «المشكاة» يجعل نوره مجمعًا ومركزًا، بخلاف المكان المتسع، وكذلك نقاء الزيت وصفائه.

٣- ثم يتحول السياق لبيان المقصد من «المثل»:

«يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ»:

في الاستدلال بالآيات وأخذ العظات.

و«النور» هنا بمعنى «الهداية»، يقول الله تعالى:

* «اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ»

٤- «وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ»

ليأخذ الناس منها العبرة التي تقودهم إلى هداية الكتاب.

٥- «وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»

خامسًا:

لقد كانت «المصابيح» التي يستخدمها أغنياء العرب تتصف بهذه الصفات، لذلك ضرب الله هذا المثل بشيء يعلمه العرب جيدًا، حتى إذا قال الله لرسوله:

«يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً . وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً»

فهم العرب أن المقصود بـ «السِرَاج المُنِير» ليس شخص النبي، وإنما «النور» الذي تحمله «آيته العقلية القرآنية» للناس.

وتبدأ فعاليات هذه «الآية العقلية القرآنية» من «المسجد»، ولذلك بدأ سياق الآية التالية بحرف بظرف المكان «في»:

١- «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ»

# حجية اللغة العربية:

فما هو الذي في البيوت التي «أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ»؟!

في الآية «محذوف» يفهم من سياق الآيات، وهو «المشكاة» السابق الحديث عنها «كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ»

والتمثيل هنا لبيان أنه كلما كان نور «المصباح» شديدًا ومنتشرًا كانت إضاءة المسجد أشد.

والمقصود: فعاليات «الآية العقلية القرآنية» التي تنطلق من المساجد.

٢- ولماذا قلت إن المقصود بالبيوت «المساجد» وليس «بيوت الناس» بصفة عامة؟!

لأن الله تعالى هو الذي أذن ببنائها من أجل الصلاة والاعتكاف..، وكان أول بيت وضع للناس هو «المسجد الحرام»، الموجود في منطقة اسمها «بكة» في بلد اسمها «مكة»، فتدبر:

* «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ»

٣- حجية «منظومة التواصل المعرفي»:

ولذلك فإن بناء «المساجد» حلقة من حلقات «منظومة التواصل المعرفي» المتصلة بأول بيت وضع للناس، وهذا ما يُفهم من قوله تعالي:

* «وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ..»

مع قوله تعالى:

* «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ»

ذلك أن معنى «أَن تُرْفَعَ» أنها كانت بيوتاً قبل الرفع، متصلة الحلقات بأول بيت، وقد أذن الله أن ترفع، ويعاد بنائها على مر العصور.

والآن نستطيع أن نتدبر باقي السياق في ضوء ما سبق:

* «وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ»

* «يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ»

* «رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ»

* «وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ»

* «يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ»

* «لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا»

* «وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ»

* «وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ»

إن ما سبق بيانه، قطرة في بحر فهم القرآن، بالمنهجية العلمية التي تحمل أدوات مستنبطة من ذات النص القرآني، ومنها:

علوم «اللغة العربية» – «علم السياق» – ،آليات التفكر والتعقل والتدبر والتفقه.. آليات عمل القلب.

ولذلك فيجب على كل مؤمن، أسلم وجهه لله تعالى، أن يعلم أن «القرآن» «علم» يستحيل أن فهم كلمة واحدة من كلماته بمعزل عن الأدوات السابق الإشارة إليها.

وإن فهم القرآن بمعزل عن هذه الأدوات = الإلحاد في آياته = الكفر بالله

ولقد شهدت هذه الصفحة عشرات الأمثلة على هذا الإلحاد والملحدين.

محمد السعيد مشتهري

يناير 30

٥ min read

0

0

0

Comments

Compartilhe sua opiniãoSeja o primeiro a escrever um comentário.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page