

(1121) 23/5/2018 مسألة فرضت عليّ التدخل السريع للتذكير بها: «الصيام فريضة كتبها الله على كل مسلم عاقل قادر» «وقد انتهى العمل بالتخيير بين الصيام ودفع الفدية بنص قرآني»
يناير 30
١٠ min read
0
0
0
فأقول:
بعد أن فَرّق بين «الكتاب والقرآن»، ظنًا منه أنه سيسقط «التنزيل الحكيم»، بدعوى عدم وجود «ترادف» في القرآن.
ذهب يسقط «أحكام القرآن» بالتفريق بين الفعلين «كَتَبَ» و«فَرَضَ»، بهدف بيان أن «الصيام» ليس «فرضًا» وإنما «كتابًا»!!
وأن «الصيام» من أركان «الإيمان» وليس «الإسلام»، وطبعا حسب بدعته التي ألف فيها كتابًا عن الإسلام والإيمان!!
أولًا:
سأعقب باختصار على ما جاء بالفيديو المرفق.
يقول «د.م. محمد شحرور»:
١- الرسول الأعظم لم يطبق السلطة في الشعائر، لم يسأل من الذي صلى، ومن الذي أفطر..، وكان يستعمل الترغيب والترهيب فقط.
# تعقيب:
يقول «شحرور» إنه درس القرآن سنوات وسنوات، وتدبر آياته، وما حملته من أحكام، والسؤال:
هل لم يقرأ خلال دراسته هذه قول الله في سورة التوبة «الآية ٥»، مخاطبًا رسوله محمدًا، في سياق بيان أحكام قتال المشركين المعتدين:
* «فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ»؟!
وقوله تعالى بعدها «الآية ١١»:
* «فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ»؟!
فعندما تأتي الآيتان بعد قوله تعالى:
* «فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا…»
أليست «فَإِنْ تَابُوا» الأولى والثانية خير برهان على أن شرط عصمة دماء الكافرين المشركين، ودخولهم في «دين الإسلام»، وتحقق أخوتهم الإيمانية، هو أن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة؟!
# تعقيب:
ولماذا ذكر الله تعالى «إقام الصلاة وإيتاء الزكاة» فقط، دون ذكر أصول الإيمان الخمسة التي يقوم عليها «دين الإسلام»:
* «وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً»؟!ودون أن يذكر باقي أحكام القرآن؟!
أقول:
(أ) وبعيدا عن التراث الديني للفرق والمذاهب العقدية المختلفة، وعن منظومتهم الفقيهة التكفيرية، وما إذا كان تارك الصلاة يُقتل حدًا أم كفرًا.
فهذه الاية لا علاقة لها بكل هذا، كما أن «التراث الديني» ليس من أدوات فهمي للقرآن، وإنما هو «علم الس ياق»، فتدبر:
كيف يدخل المشرك «دين الإسلام» من باب «تنفيذ الأحكام»:«إقام الصلاة وإيتاء الزكاة»
وليس من باب التصديق بـ «الوحدانية»، وبـ «الآية العقلية القرآنية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، والتي حملت نصوصها هذه الأحكام؟!
(ب) تعريف الإيمان والإسلام:
# «الإسلام»:
هو الإذعان و«التسليم» العملي لكل ما حمله كتاب الله الخاتم من مسائل الملة وأحكام الشريعة، ولا يصح هذا «التسليم» إلا إذا قام على قاعدة «إيمانية» محلها القلب.
# «الإيمان»:
أن تشهد شهادة علمية بـ «الوحدانية»، وبـ «أصول الإيمان الخمسة»، وبصدق «الآية العقلية القرآنية» التي حملها كتاب الله الخاتم والدالة على «نبوة» رسول الله محمد.
وقد بيّن الله ذلك بقوله تعالى:
* «فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً»
تدبر: «لا يُؤْمِنُونَ» … «وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً»
# ومتى كان «الإيمان» صادقًا، كان «الإسلام» والتسليم لـ «دين الإسلام» صادقًا.
فقد كان «المنافقون» يُظهرون «الإسلام» باعتباره الجانب العملي في «دين الإسلام»، ويبطنون في قلوبهم «الكفر»، الأمر الذي كشفه الله للناس ليحذروهم:
* «إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ – وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ – وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ»
# تعقيب:
هناك ما يُعرف في «علم السياق» بـ «المفهوم الضمني»، وأن المشركين كانوا يعلمون أن «إقام الصلاة وإيتاء الزكاة» هو المظهر العام الدال على الإقرار والتصديق بـ «دين الإسلام» ملة وشريعة.
لذلك فإن قوله تعالي:
* «فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ..»
لا يعني مطلقًا أن المطلوب من المشركين أن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، وبذلك يصبحون مؤمنين أخوة للمسلمين!!
وإنما هذا هو الشعار الذي يُفهم منه أن رافعه «مسلم».
فإذا لم يقم هذا الشعار على التصديق بـ «الوحدانية»، وبصدق «الآية العقلية القرآنية» الدالة على «نبوة» رسول الله محمد، والتي حملت نصوصها أحكام القرآن من صلاة وزكاة.. إلى آخر الأحكام.
فإن رافع هذا الشعار منافقٌ، كما بين الله ذلك عند الحديث عن الأَعْرَاب:
* «قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا – قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا – وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا – وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ..»
# والخلاصة:
أن «قول شحرور» إن رسول الله محمدًا لم يكن يطبق السلطة في الشعائر، أقل ما يقال فيه إنه لا يرقى أن يكون متهافتًا!!
وهناك مئات الآيات الدالة على أن رسول الله كان رئيس دولة، وقائدًا عسكريًا، وإماما دينيًا.
ولم تكن هناك مسألة تتعلق بـ «دين الإسلام» إلا وكان «الأمر» و«النهي» فيها للرسول القائم على تنفيذ ما حمله كتاب الله بين الناس، «ملة وشريعة»، والذي أمر الله الناس بطاعته والتسليم لأمره.
٢- يعتبر «محمد شحرور» أن الآيتين «١٨٣-١٨٤» من سورة البقرة، قد حملتا «الأصول» المتعلقة بأحكام الصيام، وأن الآية بعدها جاء تخاطب من أراد الصيام ببيان ما هي «الأيام المعدودات»:
فقال تعالى «الآية ١٨٥»:
* «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ..»
# تعقيب:
عندما أوقف مقدم البرنامج «شحرور» وقال له إن «الأيام المعدودات» لا تعني «شهرًا»، وربطه بين الآيتين غير صحيح، باعتبار أنه ينفي وجود «ترادف» في القرآن، والأيام غير الشهر.
هنا سقطت قراءات «محمد شحرور» الإلحادية للقرآن، وتلعثم، وخرج عن الموضوع، وذهب يتحدث عن مسألة يعلمها أي مثقف ثقافة دينية، وهي الفرق بين الفدية والكفارة!!
ثم عندما أوقفه مقدم البرنامج عند كلمة «يطيق» في جملة «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ»، وأن هذه الكلمة تخاطب الذين يعلمون أعمالا شاقة يبذلون فيها كل طاقتهم، فلا يستطيعون الصيام.
قال «شحرور»: ماشي خليها هيك..، ثم قفز إلى قوله تعالى:
* «وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ»
ويثير حوله «كعادته» شبهات لا يثيرها إلا «الجُهّال» ويقول:
يعني هل رجل الإطفاء الأحسن له أي يصوم؟!!
وهل الذي يعيش في السويد، ورمضان «٢٢ ساعة»، نقول له «وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ»؟!
# تعقيب:
(أ) هذه الآية اتنهى العمل بأحكامها بعد نزول «الآية ١٨٥» وقوله تعالى:
* «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ..»
وسيأتي البرهان على ذلك بعد قليل.
(ب) الذي يعيش في السويد، ورمضان «٢٢ ساعة»، أو في أي مكان في العالم، مثله كمن يقضي رمضان في غواصة تحت الماء لا يرى شروقًا للشمس ولا غروبًا، أو يعيش على القمر!!
هنا يكون العمل بما يُعرف في أصول الدين بـ «المقاصد»:
فلا ينظر إلى شهر رمضان بـ «المفهوم الفلكي»
وإنما بـ «المفهوم المقاصدي»:
أي أن يلتزم بأحكام الصيام شهرًا، بعدد ساعات صيام البلد التي أنزل الله على رسوله فيها القرآن، وهي «مكة».
٣- ثم نأتي إلي المصيبة العقدية العقلية الشركية، التي تحدثت عنها كثيرًا، وصُمّت أمامها أذان أتباعه الغافلين، الذين غيّب «الجهل» آليات عمل قلويهم، فلم تعد تعقل ولا تفكر ولا تتدبر ولا تفقه!!
فها هو صاحب القراءات القرآنية المعاصرة، بعد تعلثمه وتهافت قراءاته الإلحادية لـ «الآيتين ١٨٣-١٨٤»، يستعين ويستند إلى ما يُسمى بـ «الحديث القدسي»، لعله ينقذه من غرقه في ظلمات الجهل، فيقول:
هنا نفهم قول الرسول الأعظم الصوم:
«كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»
ثم يزيد الطين بلة، ويقول تعليقا على هذه الرواية:
«إن الله خيرك، وإن صمت أحسن»!!
ولأنه لا يقيم قراءاته الإلحادية على أي منهجية علمية، فلا يعلم أنه لا يوجد كتاب من كتب المرويات التي حملت هذه الرواية، يقول صاحبه بمثل ما قاله!!
ثم يكشف عن أهداف «منظمة الإلحاد العالمية»، ويضحك على المساكين بمعادلة رياضية تجعل فقراء العالم أغنياء، على حساب إسقاط أحكام القرآن، ويقول:
إذا دفع من لا يريد الصيام «٥ دولارات» وكان عددهم «١٠٠ مليون» يصبح عندنا «١٥ مليار دولار»!!
وفيه ناس مستعدين يُطعموا «٥٠ و١٠٠» مسكين، إذا اقعتنعوا أن «الفدية» بديل لـ «الصيام»..، لأن فيه ناس بتتضايق من الصوم!!
# تعقيب:
وهكذا، يأكل الأغنياء المسلمون في بيوتهم طوال شهر رمضان، وفي أفخم المطاعم، ويُعطون «الفدية» للفقراء، ويصبح الفقراء أغنياء، فلم يعد الصيام يلزمهم.
ومع مرور الوقت، وميل النفس إلى حب الشهوات، تسقط فريضة الصيام، ليستمتع المسلم بيومه كاملًا خلال شهر رمضان!!
# قالوا لفرعون ما الذي فرعنك؟!
قال لم أجد من يقول لي أنت «جاهل»!!
وبمنهجية «القص واللصق» الذي تميزت بها قراءات «شحرور» الإلحادية، يقفز إلى قوله تعالى:
* «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ..»
ثانيًا:
إن هذه الجملة السابقة، التي استقطعها «شحرور» من «الآية ١٨٧» من سورة البقرة، هي البرهان «قطعي الدلالة» على أن كل ما قاله في هذه الحلقة المرفقة «باطلٌ»، ليس فقط «قرآنيًا»، وإنما أيضا «عقليا»!!
فتعالوا نتدبر «الآية ١٨٧» وعلاقتها بالآيات «١٨٣-١٨٤ -١٨٥»:
«الآية ١٨٧»:
* «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»
ما معنى أن تبدأ الآية بقوله تعالى:
«أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ…»
١- أن «الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ» لم يكن حلالا قبل نزول هذه الآية.