top of page

(1142) 9/7/2018 «مَا بَالُ أَقْوَامٍ … يقولون …» {4} * «التقوى والنفاق»

يناير 30

٤ min read

0

0

0

لقد خرجت «التقوى» من قلوب المسلمين يوم تَزَيّنت قلوبهم بزينة «الدنيا» ولم تعد «التقوى» زينتها!!

منذ أعوام وتأتيني رسائل على الخاص تعكس مدى الأزمة النفسية التي يمر بها المستخدمون لشبكات التواصل الاجتماعي بسبب الموضوعات الدينية التي تنشر عليها.

ثم ازدادت هذه الرسائل بعد نشر موضوعات «لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ مَا عَقَلُوهُ» على هذه الصفحة.

والذي لفت نظري في هذه الرسائل تعبير أصحابها عما يشعرون به من حالات الإحباط والاكتئاب وإرادة اعتزال الناس!!

والسبب: أنهم لا يملكون «العلم» الذي يستطيعون به معرفة ما إذا كان المنشور يحمل حقًا أم باطلاً!!

أولًا:

إن «المؤمن» يستحيل أن يُصاب بأي مرض نفسي لأن قلبه ينبض بنور وهداية القرآن:

* «أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ»

* «كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا»

* «كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»

إن «المؤمن» يستحيل أن يُصاب بأي مرض نفسي لأنه دائما يحافظ على «سلامة قلبه»:

* «يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ . إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»

وإذا كان الله تعالى قد أعدّ الجنة لاستقبال «المتقين» فقط:

* «… وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ»

إذن «المتقون»، هم أصحاب «القلوب السليمة»، الذين أقرّوا بأصول الإيمان الخمسة، ولم يكفروا بأي أصل منها:

* «… وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً»

وهؤلاء مهمتهم في هذه الدنيا إخراج الناس من الظلمات إلى النور:

* «كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ»

فكيف تُظلم قلوبهم بالأمراض النفسية؟!

ثانيًا:

إن الفرق بين المؤمن والمنافق أن «المؤمن» لا يصبح «مؤمنًا» حقًا، إلا إذا كان إيمانه هذا ينطلق من قاعدة «التقوى».

أما «المنافق» فليس في قلبه «تقوى» أصلًا حتى ينطلق منها الإيمان:

* «قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ»

وقد يسأل سائل:

إذا كانت «التقوى» هي القاعدة التي ينطلق منها «الإيمان»، فلماذا لم يقل الله تعالى:

* «وَلَمَّا تَدْخُلْ التَقْوَى فِي قُلُوبِكُمْ»؟!

والجواب:

لأن الله ذكر قبل هذه الآية مباشرة، القاعدة التي يتم على أساسها التفضيل بين الناس وفق ميزان الله تعالى، وهي قاعدة «التقوى»، فتدبر:

* «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى»

* «وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا»

* «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ – إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»

ثالثًا:

لماذا كان عذاب «المنافقين» في الآخرة هو أشد عذاب يشهده أهل جهنم:

* «إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ»؟!

لأن «النفاق» و«التقوى» لا يجتمعان في قلب واحد.

وبين النفاق والتقوى تقع ملل الكفر كلها، فالنفاق هو أعلى درجة من درجات الكفر، «عقديًا»، وأسفل دركة من دركات جهنم «جزاءً».

ولذلك لن يدخل الجنة «مسلم» لم ينطلق إسلامه من قاعدة «التقوى»، لأن الله لن يقبل ظاهر «الإسلام» وإن قبله الناس جميعًا.

ولن يدخل الجنة «مؤمن» لم ينطلق إيمانه من قاعدة «التقوى»، لأن الله لن يقبل ظاهر «الإيمان» وإن قبله الناس جميعًا.

رابعًا:

إذا نظرنا إلى أتباع الملل المختلفة، المعاصرين لنا اليوم، من:

«الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى»

هل ينطبق عليهم قول الله تعالى:

* «أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ»؟!

لا علاقة لهم به أصلًا!!

فأين «الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ»؟!

إن شرطٌ دخول «الَّذِينَ آمَنُوا» الجنة، قوله تعالى «كَانُوا يَتَّقُونَ» باعتبار أن «التقوى» صفة ملازمة لهم ومتجددة دومًا.

وعليه، فكيف يفهم «القوم»، أن أتباع هذه الملل:

«الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى»

سيدخل الجنة منهم:

* «مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً»

لأن الله تعالى يقول:

* «فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»؟!

ما هذا «الهوس الديني»؟!

خامسًا:

إن الله تعالى عندما بيّن أن هداية كتابه الخاتم خاصة بـ «المتقين»، فقط لا غير:

* «ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ»

قال أيضا إن هداية «القرآن» لكل الناس:

* «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ»

فهل عندما نريد أن نفهم سياق الآيتين نبحث عن الفرق بين «الكتاب والقرآن»، وهما صفتان للتنزيل الحكيم؟!

أم نبحث عن الفرق بين «المتقين» و«الناس»؟!

إن مدرسة «التفسير المادي للوجود» تبحث عن الفرق بين «الكتاب والقرآن»، لماذا؟! لإسقاط التنزيل الحكيم كله!!

أما «الربانيون» الذين تَعلّموا وعلّموا ودرسوا التنزيل الحكيم، وعرفوا أن «الكتاب، القرآن، الفرقان، النور..» كل هذه صفات له.

هؤلاء يبحثون عن الفرق بين «المتقين» و«الناس»، وعن لماذا جاء الكتاب «هُدًى لِلْمُتَّقِينَ»، وجاء القرآن «هُدًى لِلنَّاسِ»؟!

سادسًا:

عندما يجهل «القوم» اللغة العربية، وعلم السياق، وعلم الدلالة..، فاعلم أنهم أتباع مدرسة «التفسير المادي للوجود».

فكيف يكون القرآن «هُدًى لِلنَّاسِ» والناس لم يؤمنوا به أصلًا؟!

والغريب أن «القوم» يرون أن الناس في الجنة خالدون؟!

لقد ذهبوا يلحدون ويفرّقون بين «الكتاب والقرآن»، ولم يذهبوا لدراسة مفهوم «الهداية» في السياق القرآني، والفرق بين الهداية العامة والخاصة؟!

إن الله تعالى عندما يدعو الناس إلى عبادته والنظر في دلائل وحدانيته، فهذه هي «الهداية العامة» التي تهدف إلى الوقوف على الحق وتبينه.

فإذا وقفوا على الحق، وتبيّنوا الطريق إليه، كانوا من «المتقين»، وكان «كتاب الله» هو الهادي لهم «الهداية الخاصة»، الذي حَمَلَ لهم أصول الملة وأحكام الشريعة.

ولذلك كان لابد أن يبدأ الكتاب ببيان صفات «المتقين»:

* «الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ»

* «وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ»

إن «الهداية العامة» تسبق دائما «الهداية الخاصة»، وهذه الأخيرة هي طريق الفلاح:

* «أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ»

سابعًا:

لا يمكننا فهم كلمة من كلمات القرآن إلا بعد:

١- الوقوف على معناها في مراجع اللغة العربية التي حملت «اللسان العربي» الذي نزل به القرآن.

٢- النظر في مدى تفاعل هذا المعنى مع السياق القرآني الذي وردت فيها الكلمة.

فإذا بحثنا عن معنى كلمة «التقوى» وجدناه من مادة «وقى» وهي:

«ستر النفس وحفظها مما يؤذيها، ويضرها، وتخاف منه.

يقول الله تعالى:

* «وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ»

* «وَمَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ»

* «وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ»

أي وآتاهم ما به يكونون آمنين مطمئنين، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

ولكن كيف تفاعلت مادة «التقوى» مع السياق القرآني؟!

محمد السعيد مشتهري

يناير 30

٤ min read

0

0

0

Comments

Share Your ThoughtsBe the first to write a comment.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page