top of page

(1154) 24/7/2018 «حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ»

يناير 30

٤ min read

0

0

0

إن الهدف من هذا المنشور وما سبقه، ليس الحديث عن:

«علم الإيبيجينيتك = علم ما فوق الوراثة = علم ما فوق الجينات».

وإنما إلقاء الضوء على بعض المحاور الرئيسة التي حملها هذا العلم، والتي تساعد على فهم القاعدة التي انطلقت منها فكرة هذه المنشورات، وهي الجملة التي قالها نوح عليه السلام في دعائه:

* «وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً»

فهل كان المولود يتربى على الكفر وهو في بطن أمه، لذلك خرج إلى الدنيا كافرًا؟!

أم أن «العوامل البيئية» التي تربى «المولود» في أحضانها هي التي جعلته كافرًا، نتيجة تدخل «عوامل الوراثة فوق الجينية» التي اكتسبها من البيئة الكافرة، بتنشيط «جينات الكفر» وتثبيط «جينات الإيمان»؟!

أولًا:

إن الحمض النووي «DNA»، الذي هو شفرة حياة الإنسان، عندما يتعرض لتدخل «عوامل الوراثة فوق الجينية»، التي يكتسبها الإنسان من البيئة، فإن هذا التدخل يُحْدث تغييرًا في صفات الإنسان الظاهرية.

وذلك لأن العوامل البيئية تقوم بتَنْشيط أو تَثْبيط عمل «الجينات» فينتج عن ذلك تغيرات في الصفات الظاهرة، مع ثبات تركيب «الجينات» ذاتها، فلا يتغير بفعل هذه الظروف، كما بينت في المنشور السابق.

ثانيًا:

إذا كان كفر الناس بالله تعالى وبآياته قد ورثوه عن آبائهم، وتشربته قلوبهم، ولم يؤثر على تقدمهم الحضاري، ولا على رغد معيشتهم، ولا أن يصبحوا قادة العالم، حتى أصبح «جيناتهم» كافرة.

فلماذا إذن يُغيّرون ما بأنفسهم، ويعيشون في «بيئة إيمانية» تجعل «عوامل الوراثة فوق الجينية» تدخل لـ «تنشيط» جينات الإيمان بالله وبـ «القرآن» الذي بيّن للناس دلائل الوحدانية وفعالياتها في الآفاق والأنفس..، و«تثبيط» جينات الكفر؟!

ثالثًا:

إن «المُدخّن» الذي يُشعل سيجارته ويستمتع بدخانها، يعيش في بيئة «سلبية» تجعل «العوامل الوراثية فوق الجينية» ترسل رسالة إلى «الجينات» تجعلها تقرأ «الشفرة الوراثية» بصورة سلبية، فيصاب بالأمراض التي لا تحصى.

فإذا قرر أن يُغيّر ما بنفسه، ويُغيّر العامل البيئي «السيء» إلى عامل «إيجابي» بامتناعه عن التدخين، مع تجنب التواجد في بيئة المدخنين، فإن «العوامل الوراثية فوق الجينية» تتدخل وترسل رسالة تُثبّط عمل الجينات الضارة.

رابعًا:

مثال لعملية التنشيط والتثبيط التي تتعرض لها «الجينات» نتيجة العوامل البيئية المختلفة، مما يُغير عمل «الجين»، بالنسبة للون جلد الإنسان:

# دور العامل البيئي «١»:

تعرض الجسم لأشعة الشمس المباشرة فترة طويلة.

أثر ما فوق الجينات «١»:

التدخل برسالة إلى «الجينات» المسؤولة عن تلوين الجلد، فيزاد نشاطها، وتفرز صبغة «الميلانين» التي تُلوّن الجلد.

# دور العامل البيئي «٢»:

الابتعاد عن أشعة الشمس المباشرة.

أثر ما فوق الجينات «٢»:

تعود البشرة تدريجيًا إلى ما كانت عليه.

# النتيجة:

إذن فتغير لون البشرة لم يحدث نتيجة تغير تركيب «الجينات» ذاتها، وإلا لاستحال أن تعود البشرة إلى ما كانت عليه.

خامسًا:

كيف فهم نوح، وكيف فهم موسى، عليهما السلام، العوامل البيئية التي يعيش بداخلها الإنسان، والتي يكون لها تأثير على إيمان الناس وكفرهم، وقول موسى لربه بعد إصرار فرعون على الكفر:

* «رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ»

* «فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ»؟!

إذن فقد كانا على علم بتأثر «الجينات»، بتنشيط أو بتثبيط العوامل البيئية التي يعيش بداخلها الإنسان، وما يُعرف بـ «العوامل الوراثية فوق الجينية».

وإلا لظل الكافر كافرًا، والمؤمن مؤمنًا، من لدن آدم وإلى قيام الساعة، وما كان هناك ما يدعو لإرسال الرسل، ولا لجنة أو نار!!

لقد كان آل فرعون والذين من قبلهم في نعمة، فلما فتنهم الشيطان واتبعوا خطواته «عمليًا» في بيئتهم، تدخل العامل البيئي، وأرسل رسالة لتثبيط «جين النعمة»، وتنشيط «جين النقمة».

إذن فالإنسان هو الذي يصنع مستقبله في الدنيا، ويقرر مصيره في الآخرة، وفق السنن الإلهية الموجودة في هذا الكون، والتي محورها الأساس:

* «وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا»

* «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا»

سادسًا:

عندما يقول الله تعالى في سورة الأنفال «الآية ٥٣»:

«ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ»

فإن جملة «لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً»، تعني أن تغيير الله لحال الإنسان، من نعمة إلى نقمة أو العكس، سنة كونية تتجدد إلى يوم الدين، وأن الذي يتخذ قرار التغيير هو الإنسان نفسه.

ولقد جاءت هذه الآية بين «الآية ٥٢»:

* «كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ»

و«الآية ٥٤»:

* «كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ»

ونلاحظ أن جملة «كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ» تُبيّن أن التكذيب كان متعلقًا بمقام «الربوبية» وهو مقام «نعم» لا تحصى، ومع ذلك كفروا بها.

لذلك استخدم لفظ «الإهلاك» ليكون مناسبًا لكفرهم بـ «النعم»، لأنه أشد من «الأخذ» الذي جاء في «الآية ٥٢»: «فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ» بسبب كفرهم بآيات الله.

سابعًا:

لقد تكررت جملة «حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ» في «الآية ١١» من سورة الرعد، فتدبر:

* «لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ»

* «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ»

* «وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ»؟!

فإذا تدبرت كل الآيات التي وردت في هذا المنشور، تجد أنها تؤكد صحة ما توصل إليه علماء الوراثة حديثًا، وأشرت إليه في أول المنشور:

«علم الإيبيجينيتك = علم ما فوق الوراثة = علم ما فوق الجينات».

هذا «العلم» الذي جاء يكشف لنا حقيقة هذا «اللغز» الذي في دعاء نوح عليه السلام:

* «وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً»

* «إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ»

* «وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً»

والسؤال:

١- لماذا لم يُغير المسلمون ما بأنفسهم «نحو إسلام الرسول»؟!

٢- ولم يدخلوا «دين الإسلام» من بابه الصحيح، باب «الآية العقلية القرآنية»؟!

٣- وما زال «الترف الديني» هو حياتهم الفكرية؟!

٤- ينتظرون كل بدعة تُسقط من على أكتافهم المزيد من أحكام القرآن؟!

والجواب:

١- لأن «العوامل الوراثية فوق الجينية»

٢- هي نفسها «الجينات الوراثية»

٣- التي يحملها «الحمض النووي DNA»

٤- ومعلوم أن «الجينات الوراثية» يستحيل تغيير تركيبها.

إذن:

فـ «المهدي المنتظر» هو الحل!!

محمد السعيد مشتهري

يناير 30

٤ min read

0

0

0

Comments

Share Your ThoughtsBe the first to write a comment.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page