top of page

(1169) 15/8/2018 «لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ»

يناير 30

3 min read

0

1

0

لم يطلب الله تعالى من الناس البحث عن ذات الله، وإنما طلب منهم الوقوف على دلائل وحدانيته، وفعاليات أسمائه الحسنى في هذا الوجود، والأخذ بسنن وأسباب تقدمهم الحضاري.

لقد دمرت القنابل النووية كل شيء يمكن أن يجعل لليابان قائمة بعد ذلك، فهل كتب الله على اليابان الدمار، أم كتب عليها النهوض والنهضة؟!

فإذا كانت «كتابة الأعمال» تعني «الجبرية»، فهل معنى هذا أن شعب اليابان استطاع أن يخترق قدر الله وقضائه ومشيئته، وحطم «الجبرية» وأصبح يقود العالم اليوم بتقنياته المذهلة المعجزة؟!

أولًا:

من الضروري أن يكون متدبر القرآن على دراية بعلوم اللغة العربية وبعلم السياق، خاصة عند مناقشة مسائل تتعلق بعالم الغيب، وبحقيقة «الوحدانية»، وبفعاليات أسماء الله الحسنى.

إن الذي كان يشغل بال المكذبين لـ «نبوة» رسول الله محمد، مع اختلاف مللهم، كيف يثبتون للناس أنه يفتري على الله الكذب، ومن الشبهات التي أثاروها:

١- أن الله لم يؤيد رسوله بـ «الآيات الحسية» كما أيد الرسل السابقين:

* «وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ»

فنزل القرآن يبين لهم أن «الآيات الحسية» حجة على من شاهدها فقط، فإذا مات الرسول ماتت معه الحجة، أما رسول الله محمد فقد أيده الله بـ «آية عقلية قرآنية» لا تنتهي فعاليتها بموت الرسول، لأن رسالته رسالة عالمية قائمة بين الناس إلى يوم الدين.

فقال الله تعالى ردا على المكذبين:

* «أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»

٢- تأخر نزول العذاب الذي توعد الله به المكذبين، وكان المتوقع أن ينزل عليهم لإثبات صدق «نبوة» الرسول، ولكن لم يحدث، ونزل قوله تعالى:

* «وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ»

* «لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ»

إن الأجل هو الوقت المضروب لانقضاء أمد أي شيء في هذا الوجود، وهناك مساحة زمنية، كمساحة الكتاب، لها أول يبدأ بيوم خلق الشيء، ولها آخر وهو يوم فنائه.

ثانيًا:

إن كل شيء في هذا الوجود له أجل، ولكل أجل كتاب، وهذا الكتاب في لوح محفوظ، في «أم الكتاب»، تتفاعل أحداثه في هذا الوجود وفق قدر الله وقضائه ومشيئته.

فالله يأمر الناس بالإيمان، ويعلم مَنْ سيؤمن ومن سيكفر، من قبل أن يأمر، فمن آمن آمن بإرادته، ومن كفر كفر بإرادته، وذلك في إطار قدر الله وقضائه ومشيئته.

وحسب السياق القرآني تنقسم الآجال إلى:

١- «آجال مقضية»: بمعني أنها كُتبت على الناس، ومقضيٌ بأجلها بالأسباب والمسببات، يقول الله تعالى:

«هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً»

٢- «آجال مُسَمّاة»: كُتبت على الناس وغير مقضي بأجلها بالأسباب والمسببات، فيقول الله بعدها:

* «وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ»

ومن الآجال المقضية والمتعلقة بإنزال الكتب الإلهية وتأييد الرسل بالآيات الدالة على صدق «النبوة»:

نسخ الشرائع السابقة وآيات الرسل الحسية، فقال تعالى:

* «يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ»

يمحو الله ما يشاء من الموجودات ويبقي ما يشاء منها.

يمحو الله الشرائع السابقة ويثبت ما شاء إثباته منها.

ينسخ الله الآيات الحسية ويأتي بخير منها «آية عقلية قرآنية».

فيقول الله تعالى ردًا على أهل الكتاب:

* «مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ»

* «مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»

وكتب الله أيضا في «أم الكتاب» استجابة الله لدعوة التائبين المستغفرين وآجالها…، إلى آخر ما يستحيل حصره من فعاليات «قدر الله وقضائه ومشيئته» مع «منظومة الأسباب والمسببات».

ولو اطّلَعَ الناس على كتب آجالهم «لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ» الموجودة في أم هذه الكتب «أُمِّ الْكِتَابِ»، ما وصلت البشرية إلى ما وصلت إليه اليوم من تقدم حضاري معجز، ثمرة نعمة «حرية الاختيار».

ثالثًا:

لقد ادعى المشركون أن ما هم عليه من شرك هو مشيئة الله وقدره النافذ الذي لا يستطيعون الفرار منه، قال تعالى:

* «سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ»

وعلى مر العصور يتخذ الناس مسألة «المشيئة» مبررًا لإفسادهم في الأرض بجميع صوره.

واستسلم خليفة المسلمين الثالث عثمان بن عفان للقتل، وهو يقول «وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً»، بعد أن علم من رسول الله في المنام أن سيموت مقتولا!!

فهل كانت عقيدة «القدرية» قد انتشرت بين المسلمين في خلافة عثمان بن عفان؟!

وتفرق المسلمون في «دين الإسلام»، وسفكت دماء الآلاف في الفتن الكبرى، وخرج من يقول «وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا»!!

وادعى أئمة سلف جميع الفرق والمذاهب العقدية أن الله تعالى أنزل على رسوله محمد «وحيان»، الأول «آيات» والثاني «روايات»!!

فلماذا ترك الله هذه «الروايات» تنتشر بين الرواة حتى دوّنت في الكتب، وأصبحت هذه الكتب دينًا مقدسًا موازيًا لكتاب الله؟!

قالوا: لو شاء الله لخسف بها، فهو الفعال لما يريد، إذن فهذه هي مشيئته النافذة التي لا مفر منها!!

ولذلك أختم هذه السلسلة من المنشورات بالعنوان الذي بدأت به المنشور الأول وهو قوله تعالى:

* «وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ»

* «وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

* «وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ»

* «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ»

نعم، لقد أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانًا!!

محمد السعيد مشتهري

يناير 30

3 min read

0

1

0

منشورات ذات صلة

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page