

(1216) 19/1/2019 معجبون لا يقرؤون وإذا قرؤوا لا يفهمون وإذا فهموا لا يتدبرون
يناير 29
6 min read
0
0
0
لقد حملت هذه الصفحة منذ إنشائها مئات المنشورات التي تنهى عن منكرات أصحاب القراءات القرآنية المعاصرة، من قرآنيّين وشحروريّين وعدنانيّين، وغيرهم من غلمان «الهوس الديني».
ولكن اللافت للنظر أنه لم يأت أحد من المعجبين بهذه القراءات بـ «علم» يُكذب ما حملته هذه المنشورات من «براهين قرآنية»، وانشغلوا بـ «شخصنة» الموضوع!!
قالوا:
إن «محمد مشتهري» حاقد على أصحاب القراءات المعاصرة لأنهم «نجوم» يتبعهم «الآلاف»، وهو مسكين «مغمور» يتبعه «القليل»!!
فأقول:
لقد فتنهم «الشكل» وليس «العلم»، وأعجبوا بـ «الشو الإعلامي» وليس بـ «العلم القرآني»، وبـ «عدد المعجبين» وليس بـ «التحقيق العلمي».
وهؤلاء هم الذين صنع وا نجوم القراءات القرآنية المعاصرة، وأباطيل الإسلام الحر، ونعرفهم من خلال تعليقاتهم على هذه الصفحة، وعلى صفحات النجوم.
أولًا:
لقد قرأت وسمعت كل ما قاله «عدنان الرفاعي» عن معجزته الكبرى، ولو لم أفعل ذلك ما استطعت أن أتوقف عند «القاصمة» التي قصمت ظهر هذه «المعجزة الكبرى»، والموجودة في الفيديو السابق نشره، عند «الدقيقة ١٥»، حيث يقول «عدنان الرفاعي»:
من يتصور أن هذه المعادلات عبارة عن مصادفة، ماذا يختلف عمن يعتقد أن الكون خُلق مصادفة، فعندما نرى المعجزة بأعيننا ونعرض عنها، ماذا نختلف عن الذين رأوا المعجزات مع الرسل السابقين، عليهم السلام؟!
# أقول:
إن هذه هي أول مصيبة عقدية يحملها فكر «عدنان الرفاعي»:
١- أن يساوي بين نتائج المعادلات الرياضية التي تخرج للناس بناء على معادلات رياضية ومدخلات رقمية يقوم بها الإنسان وفق قانون «التباديل والتوافيق»، لتخرج النت يجة حسب هواه.
٢- أن يساوي بين فتنة «العدد ١٩» التي فَتَنَ الله بها الكافرين والمنافقين في عصر التنزيل، ليواجه بها شبهات «أهل الكتاب».
* وسأبين هذه الحقيقة في منشور مستقل، ولماذا «العدد ١٩» بالذات، على الرغم من نتائجه المُبهرة، كان محور الفتنة.
٣- أن يساوي بين اجتهادات البشر في البحث والتنقيب خلال عقود من الزمن، عن قاعدة رياضية واحدة، تُظهر للناس إحكام «النظم العددي القرآني» على مستوى المصاحف التي بين أيدي المسلمين اليوم.
# أن يساوي بين كل هذا، وبين «الآيات الحسية» التي آمن بها الناس بالرسل السابقين، وهم على يقين بصحتها بنسبة ١٠٠٪.
ثانيًا:
ثم يقول «عدنان الرفاعي»:
إن كل من عنده ذرة شك في أن القرآن قد حمل معجزة «العدد ١٩»، عليه أن يتدبر جيدًا النص الخاص بقصة نوح، عليه السلام، الموجود في سورة هود «الآيات ٢٥-٤٩».
والسؤال:
لماذا سورة هود تحديدا وقصة نوح موجودة في كثير من السور؟!
لأن هذا هو «المنهج الهرمينوطيقي» الذي قامت عليه جميع نتائج حسابات «المعجزة الكبرى»، وهو نفس المنهج الذي أبهرت نتائجه المفتونين بالقراءات الإلحادية الشحرورية!!
إن الذي يستخدم هذا المنهج يظل ينتقي معلوماته من هنا وهناك حتى يجد ما يثبت صحة توجهه العقدي أو الفقهي أو السياسي.
* يقول «فرقد المعمار» في منشور له بعنوان:
١- «حرف الألف الذي صـّدع ودوّخ المهندس عدنان الرفاعي أسابيع وأشهر»
يذكر فيه بداية فكرة «الإعجاز العددي» عند «عدنان الرفاعي» فيقول:
استنتج المهندس افتراضيًا أن سورة نوح ستكون «٩٥٠» حرفًا، ولكن عندما أخذ «المصحف المتواجد عنده» وعدَّ الحروف حرفًا حرفًا، وجدها «٩٤٩» حرفًا.
بقي المهندس أشهرًا، ربما «٧ أو ٨»، وهو يبحث عن ذلك الحرف الضائع، ثم بدأ اليأس يتسرب إلى نفسية المهندس حتى كاد يلغي الموضوع من أساسه، وكاد يلغي «النظرية العددية» من أساسها، لأن نجاحها أو فشلها يعتمد على «هذا الحرف».
٢- وفي يوم من الأيام، وعندما سهر المهندس على ذلك الحرف ولم يصل الى شيء كالعادة، نام المهندس لعل هذه المسألة من فتوحات الله على المهندس … فاستيقظ وكأن صوت وهاتف يرن بأذنه يقول له:
* قم فأبحث عن الحرف بـ «مصحف آخر» غير الذي عندك.
ثالثًا:
ثم يستكمل «فرقد المعمار» ويقول:
لقد تناول المهندس مصحفًا آخر وهو مصحف المدينة المنورة الذي لم يكن عنده آنذاك، وهو «برواية حفص ولقراءة عاصم»، فوقعت عيناه مباشرة على كلمة «ونهارًا» فوجد الحرف الضائع وهو حرف الألف الموجود بين الهاء والراء، في قوله تعالى:
«قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَارًا»
والذي لم يكن موجودًا في «المصحف الأول»، حيث كانت كلمة «وأنهارا» ترسم على شكل (وأنهرا) بـ «الألف الخنجرية» بين حرف الهاء وحرف الراء.
ولأن المهندس لا يعد «الحروف الخنجرية» ولا يعطيها أي قيمة عددية، كان ذلك الخطأ في رسم الكلمة هو سبب النقص بقيمة سورة نوح العددية التي كان يعدها «٩٤٩» حرفًا، وليس «٩٥٠».
١- إذن فقد ألهم الله «عدنان الرفاعي» بترك مصحف متداولا بين المسلمين، وموجود في بيته، لأن أعداد حروفه لا تحقق له «معجزته الكبرى»، وأن عليه أن يعتمد على المصحف الذي بقراءة «حفص عن عاصم».
* وهنا من حق أي مسلم أن يسأل:
إذن فـ «المعجزة الكبرى» لـ «عدنان الرفاعي» لا فعالية لها إلا بقراءة «حفص عن عاصم»، ووفق أصول البحث العلمي كان يجب أن يكون عنوان كتابه:
«معجزة العدد ١٩ كبرى – حسب قراءة حفص عن عاصم»
ليعلم من بأيديهم المصاحف الأخرى أن هذا الكتاب لا علاقة له بمصاحفهم.
٢- إن الذي يريد أن يقف على أي حقيقة، يجب أن يبذل أقصى من عنده جهد حتى يصل إليها.
واللافت للنظر أن مسألة الخلاف حول عدد حروف كلمات «سورة نوح» منشورة على شبكة الإنترنت في عشرات الصفحات، بما في ذلك المقارنات بين إحصاء «عدنان الرفاعي» وإحصاءات غيره.
وقد ظن البعض أن عمر نوح «٩٥٠ سنة» فظل يستخدم «المنهج الهرمينوطيقي» في حساب عدد حروف كلمات السورة لكي يصل مجموعها إلى «٩٥٠».
ووقفت أمامهم مشكلة حساب حروف كلمات قوله تعالى:
* «فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا»
وهل تحسب على أساس أن المعنى:
* «فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ سَنَ ة»؟!
٣- وبنفس «المنهج الهرمينوطيقي» وجد «عدنان الرفاعي» أن مجموع القيم العددية لقصة نوح في سورة هود، ليس من مضاعفات «العدد ١٩».
فما فعل لتصبح القيمة من مضاعفات «العدد ١٩»؟!
يقول في الفيديو المشار إليه سابقا:
إنه أمعن النظر في هذا النص، فوجدت آية واحدة في قلبه لا علاقة لها بالقصة، فالقصة بمجملها تتحدث عن قصة نوح مع قومه، وهذه الآية تتحدث عن النبي محمد، وهي «الآية ٣٥»:
«أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ»
وعندما حسب القيم العددية للنص كاملا باستثناء هذه الآية، جاءت النتيجة من مضاعفات «العدد ١٩» دون زيادة أو نقصان.
أقول:
إن المتدبر لسياق «الآية ٤٩» التي في نها ية القصة، وهي:
* «تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ»
* «مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا»
يجد الآتي:
# «تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ»: إن الحديث هنا عن «الجزء» والمراد «الكل»، بمعنى أن الأصل هو إنباء الرسول بما هو «غيب» يتعلق بقصص الأنبياء، بوجه عام، وليس بقصة نوح تحديدا، وإلا لقال: «نوحيه إليك» إشارة إلى «نبأ نوح»، ولكنه قال:
# «نُوحِيهَا إِلَيْكَ»: إشارة إلى كل غيب أطلع الله عليه رسوله.
وطبعا «إِلَيْكَ» تشير إلى «النبي محمد» وليس إلى نوح!!
# «وَلاَ قَوْمُكَ»: تتحدث عن قوم النبي محمد.
إذن فالآية من أولها إلى آخرها تتحدث عن النبي محمد وعن قومه، أما «الآية ٣٥»:
* «أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي …»
فتحتاج إلى قرينة دالة على أنها تتحدث عن النبي محمد وعن قومه، فظن «العشوائيون» أن القرينة تكمن في حصر الآيات التي بدأت بجملة «أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ»، فوجدوا أنها تتحدث عن القرآن وعن النبي محمد، فقالوا:
لقد اكتشفنا القرينة!!
والحقيقة أنها قرينة على «العشوائية» لأن الآيات التي استدلوا بها تحمل القرينة الحقة على أن الحديث عن القرآن والنبي محمد، إلا «الآية ٣٥» فلا تحمل هذه القرينة.
فتعالوا يا أيها «الببغاوات» أعلمكم كيف تتعاملون مع «السياق القرآني» بتدبر الآيات التالية:
١- القرينة: «وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ ….»
# النص: «أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ …»
٢- القرينة: «فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ …»
# النص: «أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ …»
٣- القرينة: «تَنزِيلُ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ»
# النص: «أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ …»
٤- القرينة: «وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ …»
# النص: «أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ …»
أما قوله تعالى في سورة هود «الآية ٣٥»:
* «أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ»
فلا يحمل قرينة مطلق ا دالة على أنه يتحدث عن القرآن وعن النبي محمد، وإنما يحمل القرائن الدالة على أنه يتحدث عن نوح وقومه:
* «… فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ»
* «قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاءَ..»
* «وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ ..»
# «أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي»
* «وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ..»إلى آخر القصة.
والسؤال:
لماذا اختار «عدنان الرفاعي» قصة نوح التي في سورة هود بالذات، لإثبات إعجاز «العدد ١٩»، حسب القيم العددية لحروف المصحف الذي اختاره الله له، بقراءة «حفص عن عاصم»؟!
وماذا كنا فاعلين لو أن الوحي لم ينزل على «عدنان الرفاعي» ولم يعرف قراءة «حفص عن عاصم»؟!
والجواب:
ما كانت معجزة «العدد ١٩» العدنانية ستخرج إلى الحياة!!
فاقرؤوا وافهموا، وتدبّروا واعقلوا، وادرسوا وتعلموا.
والبقية آتية إن شاء الله.
محمد السعيد مشتهري