

(1229) 1/2/2019 «الإعجاز العددي» من اليهود إلى فيثاغورس إلى «الرفاعي»
يناير 29
5 min read
0
1
0
لا تختلف عبادة الأعداد، التي وقع الناس في فتنتها، عن عبادة الأوثان والأصنام في شيء، وبعد أن كانت «الأعداد» نعمة والطريق إلى مبادئ الرياضة، أصبحت نقمة والطريق إلى الشرك بالله.
ولم تختلف الأصول والآليات التي قامت عليها «عبادة» الأعداد و«معجزاتها» على مر العصور، بعد أن حوّلت أبجديات لغات العالم إلى أرقام وأعداد وعمليات حسابية عن طريق ما يسمى بـ «حساب الجُمَّل» الذي ألّفه الإنسان حسب هواه.
فما هي «الفتنة» في هذا الذي يُسمى بـ «الإعجاز العددي»؟!
أولًا:
لقد استخدم اليهود «حساب الجُمَّل» للإفساد في الأرض وتخويف الناس بمعجزاته العددية التي تنبئهم بمسائل غيبية تهدد حياتهم، والتي لا يعلمها إلا الله تعالى.
وهذه هي الأبجدية اليهودية مترجمة حسب الأبجدية العربية:
«أبجد، هوز، حطي، كلمن، سعفص، قرشت»
وأعطوا لكل حرف قيمته العددية.
إذن فليس من الإبداع في شيء، أن يسير «عدنان الرفاعي» على خطى اليهود، الذين أسّسوا النظرية، ووضعوا آليات عملها، وعمل بها المسلمون، بدعوى أن جاء بـ «أبجدية جديدة» مستنبطة من القرآن!!
وهل «الفتنة»:
١- في حروف «الهجاء العربية» التي نزل بها كلام الله على رسوله محمد، والتي تعلمها العرب في طفولتهم؟!
٢- أم في اتباع البدعة اليهودية الشيطانية التي وضعت أمام كل حرف من حروف الهجاء قيمة عددية، بصرف النظر إذا كانت هذه القيم العددية مستنبطة من التوراة أم من الإنجيل، أم من القرآن؟!
# الفتنة الشيطانية والبدعة الرفاعية:
في اتباع اليهود في الفكرة ذاتها، وفي آليات الجمع والطرح والضرب، وليست في أن تأتي بالقيم العددية من القرآن!!
* «فَمَا لِهَؤُلاَءِ الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا»
ثانيًا:
ثم قامت النظريات الفلسفية، ومنها فلسفات فيثاغورس، الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد، وأفلاطون وأرسطو..، على تقديس «الأعداد» بعد أن وقفوا على فعالياتها في هذا الوجود مع اختلاف مناهجهم في«العد»، ومنها:
١- أن القيم العددية تقوم على «١» وكل الأعداد ناتجة عنه.
٢- أن القيم العددية لأضداد «١٠»، وهي:
«الحد : اللامحدود» = ١، «الفردي : الزوجي» = ٢، «الواحد : الكثير» =٣، «الأيمن : الأيسر» = ٤، «المذكر : المؤنث» = ٥، «الثابت : المتحرك» = ٦، «المستقيم : المنحني» = ٧، «النور : الظلمة» = ٨، «الخير : الشر» = ٩، «المربع : المستطيل» = ١٠.
ولقد كانوا يرمزون للأعداد بالنقط والرسومات الهندسية ويُعطونها دلالات: فالعقل = ١ لأنه ثابت، والظن = ٢ لأنه تردد بين طرفين، .. والعدد ١٠ حاصل جمع الأعداد «١+٢+٣+٤».
٣- أن مثلث العشرة «Decade» هو الصورة الكاملة لطبيعة جميع الأعداد، ولذلك كان «العدد ١٠» هو المحور الأساس الذي تدور حوله القيم العددية الدالة على أن الكتب الإلهية من عند الله.
٤- قدّسوا «مثلث العشرة»، وصنعوا له رمزًا على هيئة «هرم»، ووضعوه على صدورهم اعتقادًا منهم أن الأعداد صورة «الإله» التي تعبّر عن أفكاره!!
# الفتنة الشيطانية والبدعة الرفاعية:
في اتباع نفس الفكرة اليهودية النصرانية في الوقوف على دلالات ومفاهيم الأشياء عن طريق بدعة مقابلة «الأبجديات» بـ «قيم عددية»، سواء استنبطها اليهود والنصارى من كتبهم المقدسة، أو استنبطها المسلمون من القرآن!!
* «فَمَا لِهَؤُلاَءِ الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا»
ثالثًا:
ثم أخذ الفرق الإسلامية المختلفة عن اليهود والنصارى «بدعة الإعجاز العددي» وصبغوها بالصبغة الإسلامية، كلٌ حسب هوى مذهبه العقدي، وكل ما فعلوه ليتميّزوا عن الأبجدية العبرية أن أضافوا إليها «ثخذ، ضظغ»، لتصبح أبجدية حساب الجُمَّل هي:
«أبجد، هوز، حطي، كلمن، سعفص، قرشت، ثخذ، ضظغ»
١- فإذا كان الله تعالى قد أصلح حال بني إسرائيل بـ «١٢» نقيبًا، وأمر النبي محمد أن يتخذ «١٢» نقيبًا من الأنصار، فلماذا لا يكون أئمة الشيعة «١٢»؟!
٢- لقد أخذت «الإسماعلية» عن الفلسفة «الفيثاغورسية» عقيدتهم في الأعداد، وأن لكل عدد ما يقابله من الدين، فكان العدد «٧» هو المحور الأساس للعقيدة «الإسماعلية» لذلك سُمّيت «السبعية»، وكان العدد «١» هو العقل الكلى أو القلم، والعدد «٢» هو العقل الكلى والنفس الكلية، أي القلم واللوح.
٣- أما «القرامطة» فقالوا لا يكون بعد وفاة النبي إلا «٧» أئمة، كعدد أيام الأسبوع، والسموات «٧»؟!
٤- واستخدم «الدروز» حساب الجُمّل لإثبات صحة معتقداتهم، وأن بسم الله = «٧» ودعاة أصحاب الأقاليم «٧»، الرحمن الرحيم = «١٢» نقيبا.
ولا مانع عندهم من تغيير حرف الصاد في «صدق» إلى «س» لتتحقق القيم العددية للمعادلة وتصبح الكلمة «سدق»:
الـ س = ٦٠، والـ د = ٤، والـ ق = ١٠٠ المجموع = ١٦٤.
فماذا تمثل الـ «١٦٤»؟!
أ- «٩٩» لقائم الزمان – «٦٠» للجناحين الأيمن والأيسر – «٤» للحدود – «١» دليل توحيد مولانا ومعرفة ناسوت المقام.
وعليه نعلم لماذا كانت أسماء الله الحسنى = ٩٩.
ب- «٦٠» للجناحين الأيمن والأيسر.
ج- «٤» للحدود.
د- «١» دليل توحيد مولانا ومعرفة ناسوت المقام.
٥- وأقامت «البابية والبهائية» عقائدهم وعباداتهم ومعاملاتهم ..، على الفلسفة «الفيثاغورسية»:
أ- أن الله خلق العالم بسبع صفات تسمى «أحرف الحق»، وهي: القدرة والقضاء والإرادة والمشيئة والأذن والأجل والكتاب.
ب- أن «العدد ١٩» هو الحياة، فكانت السنة البهائية «١٩» شهرًا، والشهر «١٩» يومًا، فتكون السنة «٣٦١» يوما.
# الفتنة الشيطانية والبدعة الرفاعية:
لقد أراد «عدنان الرفاعي» أن يختلف عن اليهود والنصارى، وعن المسلمين الذين سبقوه إلى «بدعة الإعجاز العددي»، فأعلن أن معجزته الكبرى لا علاقة لها بـ «حساب الجُمّل»، وأنه انفرد بأبجدية جديدة تُعرض على العالم لأول مرة!!
طيب انت حتضحك على مين؟!
لقد اتبع «عدنان الرفاعي» فتنة «اليهود» التي أوقعوا فيها الناس من قبل ميلاد المسيح، عليه السلام، فإذا بالمسلمين يقعون فيها بتغيير الشكل مع بقاء الجوهر اليهودي!!
واتبع «عدنان الرفاعي» «النصارى» الذين جعلوه يُبشّر بنزول عيسى آخر الزمان، والسبب:
أن عيسى ليس بشرًا كمحمد، وإنما من «روح الله»، تعالى الله عما يصفون.* «فَمَا لِهَؤُلاَءِ الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا»
رابعًا:
لقد قلت في منشور سابق، أرجو من الأصدقاء قراءته أكثر من مرة، وكان بعنوان:
«المنهجية الهرمنيوطيقية ومعجزة عدنان العددية»
قلت:
إن قوله تعالى: «لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً»
هو القرينة على أن الله جعل أتباع الرسل يُثبتون ما ألقاه الشيطان في الصحف والكتب ليكون فتنة، لمن؟!
* «لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ م َرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ»
أما «العلماء» المؤمنون الذين أخلصوا عبوديتهم لله تعالى، يستحيل أن يُفتنوا لأنهم الذين يكشفون للناس حقيقة هذا «الوحي الشيطاني».
فقال تعالى بعدها:
* «وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ – أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ – فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ»
١- إن المتدبر لكتاب الله يعلم أن كثيرًا من الآيات نزلت لتواجه العقائد الفاسدة التي كانت موجود بين الناس في الجاهلية، ومن هذه العقائد الباطلة «بدعة الإعجاز العددي» التي تخصص فيها «أهل الكتاب»، وكلما نزلت تتعلق بمسائل الغيب، يستخرجون من كتبهم ما يقابلها، ويؤكدون صحته عن طريق «حساب الجُمَّل».
٢- لقد نزل القرآن يُبيّن للناس أن كل ما يتعلق بمسائل الغيب لا يعلمه إلا الله، خاصة ما كان متعلقًا بـ «الإسرائيليات» التي حملها المنافقون في عصر التنزيل ونشروها بين المسلمين كدين واجب الاتباع.
٣- لقد حمل القرآن «أعدادًا» تتعلق بمسائل الغيب، اختلف عليها الناس على مر العصور، وهو أمر طبيعي لأنها «غيب»!!
واختلف الناس حول «عدة» أصحاب الكهف، وأشعلت أباطيل «أهل الكتاب» الخلاف، وهي مسألة من المسائل العقدية كان لابد أن ينزل القرآن لمواجهتها، فقال تعالى:
* «سَيَقُولُونَ ثَلاَثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ»
* «رَجْماً بِالْغَيْبِ»
* «وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ»
* «قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم – مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ»
* «فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاءً ظَاهِراً وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً»
إن الذي أردت بيانه بذكر هذه الآية هو:
أ- «رَجْماً بِالْغَيْبِ»
هذا بالنسبة للبشر الذين نفى الله علمهم وأكد ذلك بقوله تعالى بعدها لرسوله محمد:
ب- «قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم»
ثم نلاحظ أنه لم يقل بعدها مباشرة «إِلاَّ قَلِيلٌ» وإنما قال تعالى:
«مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ»
لبيان انتفاء العلم مطلقا عن البشر، بقرينة مقابلة «مَّا يَعْلَمُهُمْ» لـ «رَّبِّي أَعْلَمُ»، ولبيان أن هناك من العوالم الخفية من يعلمون عدتهم.
وللموضوع بقية
محمد السعيد مشتهري



