top of page

(1232) 4/2/2019 فتنة الإيمان، وإغواء الشيطان، ونعمة تدبر القرآن

يناير 29

٥ min read

0

0

0

ما هي الفتنة، ولمن تكون، وكيف تكون؟!

لقد أعطى المسلمون لـ «القرآن» ظهورهم، وأخفوا «آيته العقلية» في قبور تراثهم المذهبي، وجعلوا كلام البشر فوق كلام الله، وجعلوا الرواية فوق الآية، وظنّوا أن من ظلمات القبور تخرج مشاعل النور لهداية العالمين، فنزع الله منهم خيريتهم على الأمم، وأذاقهم الخزي في الدنيا:

* «وَلَعَذَابُ الآخرةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ»

إن «الفتنة» ابتلاءٌ وامتحانٌ واختبارٌ، وكفرٌ وإثمٌ ومصيبةٌ وحرقٌ وعذابٌ بالنار، وكل مكروه يخشاه الإنسان.

إن «الفتنة» ابتلاءٌ وامتحانٌ واختبارٌ للمؤمنين، وذلك لتمحيص قلوبهم، وليعلم الله الصادقين منهم من الكاذبين:

* «أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ»

* «وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ – فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا – وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ»

ويقول الله تعالى:

* «كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ – (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) – وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ»

# أولًا:

عندما يقول الله تعالى لرسوله، في سياق مواجهة تحديات وشبهات الكافرين المكذبين، «الآيات ٧٣-٧٥ / الإسراء»:

١- «وَإِن كَادُواْ (لَيَفْتِنُونَكَ) عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ (لِتفْتَرِيَ) عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً»

فكيف نفهم سياق هذه الآية؟!

(أ) أكرر:

يستحيل فهم القرآن بمعزل عن لغته العربية، وعن تدبر سياقات آياته المحكمة.

ذلك أن كلمة «عَنِ» في قوله تعالى «عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ» تُبيّن أن هذه «الفتنة» خارج حدود «الوحي القرآني»، أي أنهم أرادوا صرف النبي «عَنِ» القرآن.

وليس «عَنِ» القرآن كله، وإنما عن «بعض الآيات» التي نزلت في شأن الكافرين والمشركين، كما بيّن الله ذلك في سياق آخر:

* «وَاحْذَرْهُمْ أَن (يَفْتِنُوكَ) عَن (بَعْضِ) مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ».

(ب) إن موضوع «الفتنة» عن مداهنة الرسول الكافرين ويُظهر لهم أنه سيسأل ربه عما طلبوه، بهدف استمالة قلوبهم لعلهم يسمعون القرآن ويتدبرون آياته.

فإذا بهم يسعدون بذلك، ويتخذون الرسول خليلا لهم «وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً»، وهذا ما حذر الله رسوله سياق آخر، وقال له:

«فَلاَ تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ – وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ»

(ج) وهل يُعقل أن يصطفي الله رسوله لحمل رسالته، وهو يعلم أن رسوله يمكن أن يفتري عليه الكذب ويُحرّف آياته؟!

وماذا عن قوله تعالى في سياق بيان تعهد الله بحفظ التنزيل والذكر الحكيم:

* «تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ . وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ . لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ . ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ . فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ . وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ»

والسؤال:

فهل هذا «القرآن» الذي قال الله عنه «وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ» هو نفس «القرآن» الذي حملته «المصاحف» على مر العصور؟!

* من قال ليس هو:

كفر بالله، وبرسوله، وبالقرآن، وخرج من ملة «دين الله الإسلام».

٢- ثم جاءت «الآية ٧٤ / الإسراء» لتؤكد استحالة تحريف حرف واحد من القرآن إلى يوم الدين، فقال تعالى:

* «وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا»

أي تركن إليهم في «الْهَمّ بالمداهنة» لاستمالة قلوبهم، وهل فعل الرسول ذلك؟!

كيف، وقد قال الله تعالى له بعدها:

* «إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا»

# ثانيًا:

هل يمكن أن تكون «الآية الإلهية» نفسها «فتنة»؟!

والجواب نعم، فقد كانت «ناقة صالح» فتنة لقومه، فتدبر:

«إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ»

وهل يمكن أن تكون «الآية القرآنية العقلية» التي أيد الله بها رسوله محمدًا «فتنة» للناس، فيضل بها كثيرًا، ويهدي بها كثيرًا؟!

الجواب نعم، ومن البراهين الدالة على ذلك:

١- لقد وصف الله تعالى جهنم فقال تعالى «الآيات ٤٣-٤٦ / الدخان»:

* «إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ – طَعَامُ الأثِيمِ – كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ – كَغَلْيِ الْحَمِيمِ»

فجاءت هذه الآية القرآنية «فتنة» للكافرين والمشركين والمنافقين، فكيف توجد شجرة في النار لا تحترق؟!

فنزل القرآن يُبيّن للناس أن كل ما يتعلق بعالم الغيب يستحيل أن يُفهم على «معناه الحقيقي» وإنما على «معناه المجازي» ومن باب ضرب الأمثال، فقد خلق الله الحواس لإدراك «عالم الشهادة» فقط، فقال الله تعالى «الآية ٦٠ / الإسراء»:

* «وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ»

* «وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ»

* «وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ»

* «وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً»

– والذي أريد الوقوف عنده هنا هو «فتنة» «الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ» والتي لا يُقصد لعنها كشجرة، وإنما لعن أهل جهنم الذين سيأكلون منها.

٢- ولقد وصف الله تعالى جهنم فقال تعالى «الآيات ٢٦- ٣١ / المدثر»، ومنها:

«سَأُصْلِيهِ سَقَرَ – عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ – وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا».

فما الفرق بين:

١- «فتنة» الكافرين والمكذبين والمنافقين بوجود آية في القرآن تصف جهنم وأحوال أهلها؟!

٢- و«فتنة» الكافرين والمكذبين والمنافقين بوجود آية في القرآن تصف «سَقَرَ» وأن «عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ»، وأن هذه «العدة» ما وردت إلا لتكون فتنة للكافرين؟!

وأنا هنا لا أتحدث عن آيات سورة المدثر، التي سيكون لها منشور مستقل، حتى لا يخرج علينا «الجُهّال الفلاسفة» ويقولون لماذا لم تستكمل الآية!!

* أنا حديثي عن إغواء الشيطان الذي يُوقع حزبه في فتنة تفسير وتأويل مسائل تتعلق بـ «عالم الغيب»، فإذا بهم يُفتنون في «إيمانهم»، ويخرجون من «دين الله الإسلام»، هذا إن كانوا قد دخلوه أصلًا!!

ينضمّون إلى «حزب الشيطان».

ثالثًا:

ومن الفتن التي وقع فيها «الجُهّال الفلاسفة» فتنة «نزول عيسى آخر الزمان»، ثم جاءت «المعجزة العدنانية العددية الكبرى» فأثبتت بـ «القيم العددية» صحة وصدق «الروايات» التي حملت هذه «الفتنة».

وسبب الفتنة هو:

الجهل باللغة العربية، وبعلم السياق، وأن هؤلاء «الجُهّال الفلاسفة» لم يتدبروا يومًا القرآن العظيم!!

وهل تدبّروا القرآن؟!

فتعالوا نفهم قول عيسى، عليه السلام، لربه يوم الحساب، «الآيات ١١٦-١١٧» من سورة المائدة:

* «مَا قُلْتُ لَهُمْ إلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ»

– كيف نفهم جملة: «وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ»؟!

المعنى: شهيدًا خلال فترة دعوتي قومي «مَا دُمْتُ فِيهِمْ»، وليس عندما ينزل آخر الزمان وإلا لأضاف لما قال جملة:

«ويوم نزلت وكسرت لهم الصليب»!!

* «فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ»

وهذا خير برهان على أن صلة عيسى بقومه قد انقطعت تمامًا، وأنه لا يعلم ماذا فعال قومه من بعده، ولو أن الله كان قد أنزله في آخر الزمان، لكان يجب أن يحمل السياق ما يشير إلى ذلك، خاصة وأنها مسألة تتعلق بأصول الإيمان.

وكيف نفهم قوله تعالى «الآية ٦١/ الزخرف»:

* «وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ – فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا – وَاتَّبِعُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ»؟!

رابعًا:

عندما نتدبر سياق سورة الزخرف من أوله نعلم أن الحديث عن القرآن وحجيته، وموقف قوم رسول الله محمد من هذا القرآن:

* «حم . وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ . إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»

١- ولكي نفهم سياق الآيات التالية يجب أن نلاحظ «عمل الضمائر» العائدة على القرآن في هذا السياق:

(أ) «جَعَلْنَا (هُ) قُرْآناً عَرَبِيًّا»

(ب) «وَإِنَّ (هُ) فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ»

وأن كلمة «إِنَّهُ»، عندما تأتي في سياق يتعلق برسالة رسول الله محمد وموقف قومه منها، يكون الضمير عائد على القرآن.

(ج) «أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِ (هِ) فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ»

(د) «وَإِنَّ (هُ) لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ»

(هـ) «وَإِنَّ (هُ) لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ»

٢- أما الذين قالوا إن القاعدة تقول:

إن «الضمير» يعود إلى أقرب مذكور، وعليه يعود الضمير في «وَإِنَّهُ» إلى أقرب آية وهي:

* «وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ»

وعليه يكون «ابْنُ مَرْيَمَ» علمًا على الساعة، أقول لهم:

(أ) إن قاعدة أن «الضمير» يعود إلى أقرب مذكور ليست مطردة، والذي يحكمها السياق، ولقد ورد موضوع «الساعة» المشار إليه في الجملة السابقة «وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ» بعدها لبيان موضوع الخلاف الذي كان قائما بين قوم عيسى، فقال تعالى «الآيات ٦٥-٦٦٦»:

* «فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ»

* «هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ»

(ب) ولماذا جاء الضمير في هذه الآية مرتبطا بالساعة «وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ»، وبعد ذكر قصة عيسى، عليه السلام؟!

لأن قصة عيسى تدور حولها الشبهات، وخاصة ما يتعلق بوفاته أو موته أو رفعه، وأنه سينزل آخر الزمان كما يعتقد الناس، فجاء الرد على هذه الشبهات بالإحالة إلى القرآن لأنه المرجعية العلمية الوحيدة «الأعلم» بأمر «الساعة» وعلاماتها.

(ج) وعِلْم القرآن بالساعة «عِلْم مجازي»، بقرينة كلمة «لَعِلْمٌ» «لِّلسَّاعَةِ» بسكون اللام، المتعلقة بـ «الْعِلْم»، وليس «لَعَلَمٌ» «لِّلسَّاعَةِ» المتعلق بـ «علامات الساعة».

واستخدم السياق الأسلوب المجازي باعتبار أن القرآن هو مصدر العِلْم «اليقيني» ومُعلّمه، بقرينة ما يلي:

* الرسول الذي قال لقومه عن القرآن: «وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ».

* الرسول الذي قال لقومه عن الساعة: «فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا».

* الرسول الذي قال لقومه: «وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ».

وهذا ما غاب عن أصحاب المعجزات العددية الكبرى، التي جاءت لتثبت وتؤكد على نزول عيسى آخر الزمان ليأخذ معه الطوائف التي كانت منتظرة نزوله إلى الجنة.

وللموضوع بقية

محمد السعيد مشتهري

يناير 29

٥ min read

0

0

0

Comments

Share Your ThoughtsBe the first to write a comment.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page