top of page

(1239) 11/2/2019 «وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا» (١)

يناير 29

5 min read

0

0

0

والآن تعالوا إلى التأصيل العلمي لبعض ما ذكرته في المنشورات السابقة، لنقف على الأسباب التي أوقعت الناس في فتنة الأعداد، فأقول:

أولًا: الإشكالية الأولى

عندما كنت «سلفيًا» كنت أبدأ محاضراتي بقولي:

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ. قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟! قَالَ: فَمَنْ؟! رواه البخاري ومسلم.

كنت أبدأ بهذه الرواية للتأكيد على أن المسلمين عاشوا ويعيشون عالة على «اليهود والنصارى» في كل شيء في حياتهم وكنت أقصد «المادية»، فلم تكن عندي إشكالية في حياتنا «الدينية»، فنحن الفرقة الناجية، «أهل السنة والجماعة»، وغيرنا في النار!!

فلمّا عرفت الحق وخلعت ثوب «المذهبية» وجعلت توجهي الديني «نحو إسلام الرسول» علمت أن «الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا» هم والمشركون سواء!!

فمن غير «أهل الكتاب» جعلوا المسلمين يتخذون كتاب ربهم مهجورا، ويجعلون «الروايات» حاكمة على الآيات، حتى أصبح دين المسلمين أناجيل كأناجيل النصارى؟!

ألم يقل الله تعالى لرسول محمد:

* «وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ»

* «قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى»

* «وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ»

القاصمة:

هل لم يكن أصحاب «بدعة الإعجاز العددي» يعلمون أن هناك مللا كثيرة، وخاصة «اليهود»، كانت تستخدم هذه البدعة في إثبات أن توراتهم وأناجيلهم من عند الله؟!

* إذن فلماذا ساروا في نفس الطريق الذي سار فيه الذين من قبلهم، وكانت النتيجة أن وقعوا في نفس «الفتنة» التي وقعوا فيها؟!

ثانيًا: الإشكالية الثانية

ومن الأرشيف السلفي، كنت أخالف «السلفيّين» في مسألة «العلاج بالقرآن»، وأقول لهم:

لو رأيت بعيني الرجل يتلو القرآن فإذا به يمشي على الماء، ويطير في الهواء، ما قلت إني أمام «معجزة قرآنية» وإنما أقول إني مندهش كيف فعل هذا؟!

والسؤال:

١- ما هي «المعجزة»، وإن كان الصحيح أن نقول «الآية»؟!

٢- هل الذين قاموا خلال سنوات بعمليات الضرب والجمع والطرح حتى وصلوا إلى نتائج أبهرت شعوبهم، في الوقت الذي قام آخرون بعمليات أخرى وبأعداد أخرى أبهرت أيضا شعوبهم.

هل تُسمّى هذه الأعمال «إعجازًا عدديًا» يُنسب إلى الله تعالى؟!

أم «توافقًا عدديًا» يُنسب إلى اجتهادات البشر المختلفة؟!

٣- وإذا كان هناك من قاموا بدراسات إحصائية ورياضية على منظومة الأعداد التي ورد ذكرها في القرآن وهي:

واحد – اثنان – ثلاثة – أربعة – خمسة – ستة – سبعة – ثمانية – تسعة- عشرة – أحد عشر – اثنا عشر – تسعة عشر عشرون – ثلاثون – أربعون – خمسون – ستون – سبعون – ثمانون – تسعة و تسعون – مائة – مائتان – ثلاثمائة – ألف – ألفان – ثلاثة آلاف – خمسة آلاف – خمسون ألفا – مائة ألف.

وظهرت لهم نتائج مبهرة تفوق إبهار «العدد ١٩»، والبرهان على ذلك شبكة الإنترنت، وهذا يعني أن «اليهود» نجحوا على مر العصور في إثارة الفتن بين الناس عن طريق هذا العدد، حتى أصبح هو باب الحصول على «كارت النبوة»!!

* إذن فما هي «المعجزة الإلهية»، وهل هناك معجزة كبرى ومعجزة صغرى؟!

أقول:

إن الله تعالى لا يُعجز أحدًا، ولا يُعجزه أحد، وما أيد سبحانه به رسله «برهان» على صدق «النبوة» وليس إعجازًا.

وعندما يكون الله تعالى هو مُنزل «البرهان» الدال على صدق «نبوة» الرسل، فلابد أن يكون خارج قدرات الإنس والجن منفردين أو مجتمعين، ولا يعطيهما أي فرصة للتشكيك فيه أو إثارة الشبهات حوله.

مثال:

عندما ألقوا بإبراهيم، عليه السلام» في النار، التي أعدّوها إعدادًا بحيث لا ينجو منها أحد، كان من الممكن أن يُنزل الله المطر، وكلما أوقدوها أطفأها الله بالمطر.

فإن حدث هذا فلا تُسمى هذه «معجزة»، وذلك لوجود احتمال أن المطر كان ينزل على فترات صادفت إيقاد النار.

أما «المعجزة»، التي يستحيل أن تشوبها شائبة، أن يظل الناس ينظرون إلى النار وهي تحرق وتحرق حتى أصبحت رمادًا، فإذا بإبراهيم جالس على نفس الهيئة التي وضعوه عليها، والسبب:

* «قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ»

القاصمة:

هل يصح أن تُسمى نتائج «التوافقات البشرية العددية» بـ «المعجزات الإلهية العددية»، باعتبار أن ما صح من نتائج يكون «معجزة إلهية» وما لم يصح يكون «معجزة شيطانية»؟!

ثالثًا:

يقول الله تعالي «الآية ٣٦ / الزخرف»:

«وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ»

إن ذكر الرحمن في كلماته «المقروءة» وتفاعلها مع «مقابلها الكوني»، هذا التفاعل الذي قامت عليه «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد.

ومن هنا كان الشيطان قرينًا لكل من أبعدوا الناس عن هذه «الآية القرآنية العقلية» وشغلوهم بكلمات «الآية» المقروءة وبرسمها وبقيمها العددية حسب روايات قُرّاء القرآن المختلفة.

ولقد كان الشيطان قرينًا:

١- لأهل الكتاب الذين راحوا يُشكّكون في صدق «نبوة» رسول الله محمد، فهل نزل القرآن يقول لهم:

إنكم أهل خبرة في «المعجزات العددية» وبناء على «الأبجدية العدنانية» فإن القيم العددية لكلمة «محمد» = «٤٢»، والقيم العددية لـ «رسول الله» = «٤٢»، فهل بعد هذا من إعجاز لكم؟!

٢- للذين كفروا بأن يكون محمد رسولًا، فقال تعالى «الآية ٤٣ / الرعد»:

* «وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً»

فالذين ضيعوا عمرهم في تجهيز قيم عددية يثبتون بها أن محمدًا رسول الله، وأن القرآن حق، هؤلاء يقول الله لهم:

* «قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ»

والسؤال:

كيف يرى المكذبون «شهادة الله» الدالة على صدق رسوله محمد، وهم أصلًا كافرون بالرسول، وقد انتهى عصر «الآيات الحسية»؟!

إن «الآية القرآنية العقلية» هي «شهادة الله» القائمة بين قوم النبي تنطق بصدق القرآن، وعلى الذين يَشُكّون في ذلك أن يأتوا بسورة من سورها إن كانوا صادقين.

ولكن، الوقوف على صدق «الآية القرآنية العقلية» يحتاج إلى علم «اللغة العربية» وإلى «علم السياق»، وليس إلى علم الرياضيات، وقوانين التباديل والتوافيق، والأبجديات اليهودية، والقيم العددية الجُهنّمية الخاصة بـ «خزنة جهنم»!!

ولذلك عقب الله على ما سبق بيانه بقوله تعالى:

٣- «وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ»

وسواء كان المقصود بـ «عِلْم الْكِتَابِ»:

(أ) علم «كتاب الله الخاتم» الهادي إلى الإيمان بصدق «الآية القرآنية العقلية»

(ب) أو علم «أهل الكتاب» بصدق رسول الله محمد وصدق «آيته القرآنية العقلية»، وهذا ما أشار إليه قوله تعالى «الآيات ١٩٣- ١٩٧ / الشعراء» الذي يجب أن نتدبره جيدًا:

* «نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ – عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ – بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ»

* «وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأوَّلِينَ – أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ (آيَةً) أَن يَعْلَمَهُ (عُلَمَاء) بَنِي إِسْرَائِيلَ»؟!

وهذه الآية خير برهان على أن «عُلَمَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ» كانوا يعلمون أن هذا القرآن الذي نزل على قلب رسول الله محمد حق، فلماذا لم تؤمن باقي ملل الكفر بهذا؟!

رابعًا:

لقد تعلم أصحاب «المعجزات العددية» في المدارس أن حروف الهجاء = «٢٨» حرف، وعليه تعاملوا مع القرآن على أساس أن حروفه هي نفسها الـ «٢٨ حرف».

فقاموا بتفصيل «ثوب المعجزة العددية القرآنية» على مقاس الـ «٢٨ حرف»، متجاهلين «الحروف المبيّنة للمعاني» والتي ليست من الـ «٢٨ حرف»،ومثال ذلك «حرف الهمزة»!!

ولذلك نجدهم يقولون إن «الألف = الهمزة» = «١»!!

فهل هذا معقول يا أهل القرآن؟!

تعالوا نتدبر قوله تعالى «الآية ٢٩ / الفتح»:

«مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيمًا»

لقد حملت هذه الآية معظم حروف الهجاء القرآنية الـ «٣١» وذلك على النحو التالي:

ء . ا . ب . ت . ث . ج . ح .خ . د . ذ . ر . ز . س . ش . ص . ض . ط . ظ . ع . غ . ف . قِ . ك . ل . م . ن . هـ . ة . و . ي . ى.

فيا أهل القرآن، كيف تُحسب «الهمزة» بنفس قيمة «الألف» في السياقات المختلفة المعاني، فمثلا كيف تعتبر الهمزة هي الألف وأنت تقرأ قوله تعالى «الآية ٥٢ / غافر»:

* «يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ»؟!

كيف تعطي كلمة «سوء» نفس القيمة العددية لكلمة «سوا»؟!

* نعم: «فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ»

وياليته كان استخفافًا بعقول أتباع «المعجزات العددية» وإنما الحقيقة هو استغفال لها من أوسع الأبواب!!

وللموضع بقية

محمد السعيد مشتهري

يناير 29

5 min read

0

0

0

منشورات ذات صلة

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page