top of page

(1251) 2/3/2019 «وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ»

يناير 29

3 min read

0

0

0

لا مانع أن تنشغل بالقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبرامج التنمية البشرية والنفسية، وتوفير احتياجات الأسرة وتربية الأولاد، بشرط أن يسبق كل هذا الإجابة على هذا السؤال:

* كيف أصبحت مسلمًا، وماذا قدمت لـ «دين الله الإسلام»؟!

إن «دين الله الإسلام» يقوم على أصول إيمانية، فإذا لم تؤسس في قلب المرء فلا إسلام له ولا إيمان، وإنما هو «النفاق».

أولًا:

إن المذهبية والتفرق في الدين ليست من الأصول الإيمانية التي يجب أن يقوم عليها «دين الله الإسلام»، وعليه يسقط «إسلام» جميع الفرق الإسلامية، لأن الله تعالى يقول لرسوله محمد:

* «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ»

* «إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ»

ونلاحظ أن الآية تتحدث عن «الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً» من «الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ»، أي من قبل بعثة رسول الله محمد، عليه السلام.

فتدبر قول الله تعالى:

* «إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ»

* «وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ»

إن المصيبة العقدية التي وقع فيها «الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ»، وكانت سببًا في نزول الآيات لبيانها، هي البغي بينهم بعد العلم الذي أنزله الله عليهم:

* «إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ – بَغْياً بَيْنَهُمْ»

وصفة «الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً» هي «الكفر» إن هم ماتوا على الكفر، ولذلك قال الله بعدها:

* «وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ»

ثانيًا:

ثم نزلت الآيات تحذر «الذين آمنوا» من الوقوع فيما وقع فيه «الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ»، فقال الله لرسوله وللذين آمنوا معه:

* «فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً … مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ»

فمن هم «الْمُشْرِكِوُن»:

* «الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً – كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»

فهذه هي أول «مصيبة إيمانية»، وأول «جريمة دينية» ارتكبها المسلمون الأُوَلْ، وكانت سببًا في نكستهم ونكبتهم على مر العصور، وظلت تسري في قلوب التابعين إلى يومنا هذا.

والسؤال:

كيف يتحدث «مسلم» مع مسلمين عن قضايا مثل التي ذكرتها في بداية المنشور، وعن قراءات قرآنية معاصرة وتنويرية، وعن معجزات عددية..، دون أن يسأل نفسه أولًا:

من هم «المسلمون» الذين أخاطبهم، وكيف دخلوا في «دين الله الإسلام»، وما جدوى ما أحدثهم عنه في حساب الآخرة؟!

١- أن الله تعالى سيحاسب الناس على ما قدمت أيديهم، فتدبر قوله تعالى:

* «إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً – يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ – وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا»

وتدبر قوله تعالى:

* «وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ – يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَان وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى – يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي»

وتدبر قوله تعالى:

* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ – وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ – وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ»

٢- لن يكون الحساب على ما قدمت أيدي الناس فقط، وإنما على الآثار المترتبة على ذلك، وهذا ما غفل عنه المسلمون خلال حركة حياتهم وأثناء معايشهم، ذلك أن الله تعالى يقول «١٢/ يس»:

* «إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى – وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا – وَآثَارَهُمْ – وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ»

فتعالوا نتدبر السياق الذي وردت فيه هذه الآية لنقف على معناها:

(أ) القسم بـ «القرآن الحكيم» أن محمدًا رسول الله.

(ب) أن القرآن «تَنزِيل الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ»، وقد نزل لينذر الغافلين المكذبين الذين لا يؤمنون، فتدبر:

* «وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ»

(ج) الذين ينتفعون بهذا «الإنذار» هم:

* «إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ»

وجزاؤه:

«فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ»

ثالثًا:

نلاحظ مجيء جملة «وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ» في سياق الإنذار بالقرآن، وقد قال الله في نفس السورة «٦٩-٧٠» أن القرآن لا ينذر إلا «الأحياء»، فقال تعالى:

* «وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ»

* «لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ»

وهذا يعني أن الذين لم ينتفعوا بإنذار القرآن أموات غير أحياء، وهم «الكافرون» بـ «نبوة» رسول الله محمد.

والسؤال الذي يربط المقدمة بالخاتمة:

إذا كان الناس محاسبون على أعمالهم ومجازَون عليها، وعلى ما تركت من آثار بين الناس، فآثار الأعمال ليست هي عينَ الأعمال.

وإذا كان الله تعالى يُحصي على الناس كل شيء «١٢ / يس»:

* «وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ»

إذن فيا أيها المسلمون:

لماذا لا تضعون في مقدمة أجندة أعمالكم اليومية أن تقول لنفسك:

لا تتحدث عن أي شيء في «دين الله الإسلام» إلا عن دعوة المسلمين إلى إعادة الدخول في هذا الدين من باب الإقرار بصدق «الآية القرآنية العقلية».

فإذا مت وأنت على هذا الحال فقد أبرأت ذمتك من المصيبة العقدية التي يعيش بداخلها المسلمون اليوم، وهي «الشرك» القائم على «التفرق في الدين».

فلا يوجد مسلم عاقل يُحدث المسلمين عن شيء غير مصيبتهم العقدية، وهو يعلم أن الله تعالى يقول:

* «وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ»؟!

فما هذا التغييب العقلي العقدي الذي يعيش بداخله المسلمون؟!

محمد السعيد مشتهري

يناير 29

3 min read

0

0

0

منشورات ذات صلة

Comments

Share Your ThoughtsBe the first to write a comment.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page