top of page

(1262) 23/3/2019 عندما تُسْتَخدم «الهرمنيوطيقا» في تحريف لغة القرآن العربية

يناير 29

٥ min read

0

0

0

إن من نعم الله على الناس «شبكات التواصل الاجتماعي»، إلا أن إساءة استخدامها يجعلها عذابًا ونقمةً عليهم وعلى المسلمين خاصة.

في تعليقه على منشور «كيف نتعرف على منهج الفكر العشوائي» نقل كلام «عدنان الرفاعي» عن معنى كلمة «عربي» دون أن يذكر اسمه، فظن الأصدقاء أن الكلام كلامه وأنه على علم.

وعندما عقبت على تعليقه بقولي:

«النقل عن الغير بدون علم غير مقبول على هذه الصفحة»

فر هاربًا ولم يُعقب، وهي عادة التابعين المقلدين، الأمر الذي جعلني أشعر بضرورة تذكيركم بـ «المنهجية الهرمنيوطيقية» التي اخترقت قلوب المسلمين تابعين ومتبوعين.

* تعريف «الهرمنيوطيقا»:

منهجٌ في التفسير والتأويل، يقوم على مجموعة من القواعد والمعايير، يضعها مُفَسِّر النص وفق توجهه الفكري أو العقدي.

وفي مجال الدراسات اللاهوتية وفلسفة الدين تقوم «الهرمنيوطيقا» بتفسير «النص الديني» باعتباره منتجًا بشريًا يمكن نقده ونقضه باستخدام المنطق، والقواعد اللغوية، والتلاعب بالعواطف الدينية.

ومن هذا التلاعب قولهم:

إن النص الديني «نصٌ إلهيٌ» يجب أن يتناغم مع «ما هو كائن» في حياة الناس، ولذلك يجب ألّا تحكم القواعد اللغوية وعلم السياق الواقع المعاصر.أولًا:

لقد اخترقت «المنهجية الهرمنيوطيقية» تدين المسلمين بمختلف توجهاتهم العقدية، وأصبحنا نرى تفسيرًا سلفيًا للقرآن، وآخر قرآنيًا، وثالث معاصرًا تنويريًا، بعيدًا عن القواعد اللغوية، وعن علم السياق القرآني.

١- فعندما يقول «أئمة السلف»:

نحن نُفسر النص الديني بـ «الكتاب والسُنّة»:

فإن إضافة كلمة «السُنّة» جاءت وفق «المنهجية الهرمنيوطيقية» التي تسعى لهدم فعالية «الآية القرآنية العقلية» وذلك عن طريق المساواة بين «الآية» و«الرواية» ليصبحا منتجًا بشريًا يخضع للنقد والنقض.

* القاصمة:

إن حجية القرآن لم تقم على أساس صحة نسبته إلى رسول الله محمد، وإنما على أساس صحة نسبته إلى الله تعالى، وبرهان ذلك:

* «وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا – فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ – وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»

فلماذا ترهقون أنفسكم وأعصابكم وتضيّعون سنوات من عمرك لإثبات أن هذا القرآن من عند الله، وقد أعطاكم الله البرهان على صحة النسبة في جملة قرآنية واحدة؟!

إن على من يريد أن يأتي بسورة من مثله، ولتكن أقصر السور «الكوثر»، يجب عليه أولًا أن يَخْلُق «مُسَمَّيات» كلمات هذه السورة، فما فائدة تأليف جمل «أعجمية» يستحيل أن تتحول إلى عربية بلاغية فصيحة، إلا إذا التحمت بـ «مُسَمَّاها» الذي خلقه الله وموجود خارج القرآن؟!

وهنا يحق لنا أن نسأل المكذب:

أين هي «المثلية» التي جئت بها استنادا إلى قوله تعالى «فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ»؟!

لذلك قال الله تعالى بعدها:

* «فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ» – «وَلَن تَفْعَلُواْ»

* والنتيجة:

أن الذي لا يؤمن بأن هذا القرآن هو «الآية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، ولم يدخل في «دين الله الإسلام» من باب الإقرار بصدق هذه الآية، فهو في الآخرة من أهل النار، استنادًا لقوله تعالى بعدها:

* «فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ»

ولا يقولن قائل: كيف يستقيم هذا الكلام مع قوله تعالى:

* «لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ..»

نعم «لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ»، ويحرم إكراه أحد على اعتناق ملة من الملل، ولا عقوبة على من ترك ملته واعتنق ملة أخرى، وكفر الإنسان بغير ملته لا يترتب عليه عقوبة دنيوية.

أما في الآخرة، فقد تَوَعَّد الله الكافرين برسوله محمد عذاب النار.

٢- وعندما يقول «القرآنيّون»:

نحن نُفسر «القرآن» بـ «القرآن»، فإن لفظ بـ «القرآن» جاء وفق «المنهجية الهرمنيوطيقية» التي تسعى لهدم فعالية الآية القرآنية «العربية» العقلية، ذلك أن المدرسة التي تعلم فيها المسلمون لغة القرآن العربية ليست داخل القرآن.

٣- وعندما يقول أصحاب القراءات القرآنية المعاصرة:

نحن نتعامل مع النص القرآني باعتباره رسالة عالمية يجب أن تتفاعل مع «ما هو كائن» في حياة الناس، فإن قولهم هذا هو عين «المنهجية الهرمنيوطيقية» التي تسعى إلى تفريغ النص القرآني من محتواه الإيماني العقدي بدعوى التنوير والمعاصرة.

فما الذي يمنع، مع وجود التنوير والمعاصرة، من إقامة المؤمن المسلم «الصلاة» في مواقيتها الخمسة، وهو يعلم أنه قد دخل محراب «الصلة الإيمانية بالله» بمجرد قوله «الله أكبر»؟!

إن الذين أضاعوا الصلاة:

* «فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ – أَضَاعُوا الصَّلاَةَ»

هم الذين اتبعوا «الشَّهَوَاتِ»، وجعلوها حاكمة على «الله أكبر»:

* «وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ»

لذلك:

* «فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا»

إن ضياع الصلاة في ضياع جوهرها، وفعالياتها في حياة المؤمن:

* «إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ»

فكل فاحشة وكل منكر يفعله المسلم ولم يتب منه فلن تقبل صلاته، وإن أصر على ارتكاب الفواحش والمنكرات مات كافرًا، وقد كتبت في بيان ذلك عشرات المنشورات.

ثانيًا:

نعود إلى صاحب التعليق، وإلى موضوعه الذي نسمعه من «عدنان الرفاعي» مباشرة من الفيديو المرفق.

يقول في نقاط محددة:

١- تدخل «همزة التعدي» على الفعل فتقلب المعنى إلى النقيض، ومثال ذلك:

(أ) قَسَطَ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ»

أقْسَطَ: «وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا»

(ب) عَرَبَ: يُريك الشيء «كاملًا تامًا خاليًا من العيب والنقص.

أَعْرَبَ: نقلت المعنى إلى النقيض، والأَعْراب: هم الذين يتظاهرون بالكمال والتمام والخلو من العيب والنقص.

٢- الأَعْراب ليسوا هم سكان البادية، وكلمة «البدو» جاءت في القرآن «وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ»، فلماذا لم يقل الله تعالى:

«الْبَدْو أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقًا» وليس «الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقًا»؟!

٣- علينا أن نفهم القرآن بأدوات من داخل القرآن وليس من خارجه.

٤- «لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ»:

أي مُبهم غير كامل غير تام فيه العيب والنقص.

«وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ»:

أي أسلوب وآلية تبيان ووسيلة تفهيم كاملة تامة خالية من أي عيب ونقص.

٥- يصح أن نقول إن البشر خلفاء الله في الأرض، حتى وإن لم يقل الله ذلك، لأن معنى خليفة الله أنك أيها الإنسان معك الصلاحية والقدرة لتسخير الأسباب التي بين يديك.

ثالثًا:

إن هذا الذي قاله «عدنان الرفاعي» هو عين «المنهجية الهرمنيوطيقية» التي جعلته يقع في «فخ الجهالة» ويُحرّف معنى «عرب» و«عربي» إلى شيء لا وجو له أصلًا في معاجم اللغة العربية وهو:

«الكمال والتمام والخلو من العيب والنقص»

وهذا ملخص ما أجمعت عليه أشهر معاجم اللغة العربية:

«لسان العرب – مقاييس اللغة – تاج العروس»

يقولون: «العُرْبُ والعَرَبُ»:

العين والراء والباء أصول ثلاثة:

– أحدها الإبانة والإفصاح.

– والآخر النَّشاطُ وطيبُ النَّفس.

– والثالث فسادٌ في جسمٍ أو عضو.

والذي يهمنا هو الأصل الأوّل، فأجمعوا على أن:

١- أعْرَبَ الرّجُل:

أي عبّر عن نفسه، وأعرب عنه لسانه، فهو عَرَبانيُّ اللِّسان.

٢- العَرَبُ:

جِيْلٌ من الناس معروف خِلافُ العَجَم، وهم أهل الأمصار، وسمِّيت عَرَبًا لأنَّ لسانَها أعْرَبُ الألسنة، وبيانَها أجودُ البيان.

٣- العربي:

من كان نسبه في العرب ثابتًا، وإن لم يكن بدويًا أو فصيحًا، وجمعه «العرب».

كما نقول: رجل مجوسي ويهودي نسبة إلى «قومه»، والجمع المجوس واليهود.

٤- عربي اللسان:

من كان فصيحًا لا يتكلم إلا بالفصحى.

٥- قرآن عربي:

نسبة إلى العرب الذين أنزل الله القرآن بلسانهم.

٦- الأعرابي:

البدوي، سواء كان من العرب أو من مواليهم، والجمع أَعْرَاب.

٧- الأَعْرَاب:

سكان «البادية» من العرب الذين لا يقيمون في الأمصار، والذين نزل فيهم قوله تعالى:

* «قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا»

وهؤلاء أظهروا الإيمان وأبطنوا النفاق، كالذين قال عنهم الله تعالى:

* «الأَعْرابُ أَشدّ كُفراً ونِفاقاً»

٨- العَرَبُ العارِبة:

الخُلَّصُ من العَرَب.

٩- العَرَبُ المُسْتَعْرِبة:

الدُخَلاءُ الذين ليسوا بخُلَّصٍ.

١٠ـ الإِعْرَاب:

علم يُفرَق بين المعاني في سائر أبواب النَّحو.

١١- العربية:

اللغة التي يتحدث بها «العرب»، كما نقول «الإنجليزية» اللغة التي يتحدث بها «الإنجليز»

هذا هو «عدنان الرفاعي»، الذي يتبعه آلاف الجهلاء، ينطلق في قراءاته الدينية كلها، مثله مثل أصحاب القراءات القرآنية الشاذة، من قاعدة«المنهجية الهرمنيوطيقية»، فيصفق له الغافلون!!

* «فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ»

فهل فكّر أحد أن يبحث في معاجم اللغة العربية المعتبرة عن معنى كلمة «عرب» وكلمة «عربي» فوجد معناها:

«الكمال والتمام والخلو من العيب والنقص»؟!

أما عن قوله:

يصح أن نقول إن البشر خلفاء الله في الأرض، حتى وإن لم يقل الله ذلك… إلى آخره.

فلماذا العجب ولماذا الاستغراب؟!

هكذا هي «المنهجية الهرمنيوطيقية»:

فمرة يكون سلفيًا.

ومرة يكون داعشيًا «خليفة الله في الأرض»

ومرة يكون مُلهمًا من الله فيذهب إلى قراءة حفص عن عاصم فيجد معجزته العددية.

أما هذه المرة فكانت الضربة القاضية.

محمد السعيد مشتهري

https://youtu.be/OEnbrzfkx74

يناير 29

٥ min read

0

0

0

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page