

(1273) 14/4/2019 الثقب الأسود ونظرية المؤامرة
يناير 29
3 min read
0
0
0
وصلتني رسالة من صديق عزيز بدأها بقوله:
«تعجبت عند قراءتي لمقالك حول الثقب السوداء، كيف يمرّ على استاذي المتألق وشيخي الفاضل مثل هكذا أمور مفبركة ومزيفة بسم العلم؟! انتبهوا هذه الأخبار مجرد دعايات سياسية وراءها أيادي الحكومة العالمية لا أكثر ولا أقل»
فأقول:
لما كانت «نظرية المؤامرة» تشغل كثيرًا من المسلمين، وتوجهي الفكري توجه ديني لا علاقة له بالمطبخ السياسي الدولي أو العالمي، كان لابد من بيان الدافع وراء ربط موضوع المنشور السابق بخبر «الثقب الأسود».
أولًا:
لقد كان تركيزي في الفترة الأخيرة على نقض التوجهات الإلحادية التي غزت الفيس بوك، وكان المحور الأساس لموضوع المنشور السابق عن «القسم الإلهي» المتعلق بدلائل الوحدانية في الآفاق.
لقد جئت بآيات سورة التكوير كمثال على هذا القسم لبيان أن الأفضل والأكرم للملحد أن يتوقف عن «الفلسفة» و«الجعجعة» و«الهوسنة» «والعك الفكري»، ويتفضل يخلق لنا أي شيء يختاره من مخلوقات الله.
وهذا لم يحدث منذ خلق الله هذا الوجود، ولن يحدث، لأن الله تعالى هو أنزل هذا القرآن ولم يدع أحد أنه هو الذي كتبه، وهو سبحانه الذي أمر رسوله محمدًا في هذا القرآن أن يقول لملل الكفر كلها «٨٤-٩٢ / المؤمنون»:
* «قُل لِّمَنِ الأرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ – سَيَقُولُونَ لِلَّهِ – قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ»
نعم: «أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ»
* «قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ – سَيَقُولُونَ لِلَّهِ – قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ»
نعم: «أَفَلاَ تَتَّقُونَ»
* «قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ – سَيَقُولُونَ لِلَّهِ – قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ»
نعم: «فَأَنَّى تُسْحَرُونَ»
* «بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ»
* «مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ – وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ – إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ – وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ – سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ»
* «عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ»
فهل فهم الملحدون المشركون ما هو المطلوب منهم؟!
إن ما سبق بيانه كان هو المحور الأساس لـ «أولًا» في المنشور السابق.
ثانيًا:
لقد ذكرت في مقدمة المنشور السابق أن حديث القرآن عن دلائل الوحدانية في الآفاق والأنفس هو القاعدة التي يقوم عليها الإقرار بصدق «النبوة» على مر الرسالات، وبالتالي تصديق الكتاب الذي أنزله الله على رسله.
فكان لابد من بيان اختلاف كتاب الله الخاتم عن جميع الكتب التي سبقته في أنه حمل في ذاته «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد.
فكان موضوع «الآية القرآنية العقلية» هو محور كلامي في «ثانيًا» في المنشور السابق.
ثالثًا:
ثم أردت بيان التفاعل القائم بين آيات الله في الآفاق ونصوص «الآية القرآنية العقلية» بضرب المثل بموضوع القسم «الْجَوَارِ الْكُنَّسِ»، وكيف فهم السلف معناها حسب إمكاناتهم العلمية والمعرفية.
ولما كان الحديث عن «الثقوب السوداء» استمر عقودًا من الزمن كمجرد «نظريات»، وتسرع بعض المهتمين بـ «الإعجاز العلمي» بالقول بأن «الْجَوَارِ الْكُنَّسِ» المذكورة في القرآن هي ما قاله علماء الطب يعة والفلك عن هذه الثقوب.
فأنا شخصيًا لم أكتب كلمة واحدة عن هذه الموضوع لأنه لم يثبت في الواقع المشاهد وقتها رؤية هذا الثقب الأسود.
فلما أعلن العلماء في ١٠/ ٤/ ٢٠١٩، في مؤتمر عالمي يشاهده علماء الدول الكبرى، وانتظرت يومين لعل علماء روسيا أو الصين أو غيرهما يُكذّبون هذا الخبر، قمت بالإشارة إليه في المنشور مع رابط الفيديو المتعلق به.
ولم يأخذ هذا الخبر حيّزا من المنشور السابق غير فقرة في ثالثًا.
رابعًا:
ثم بيّنت في ختام المنشور «رابعًا» أني لست الذي يقول كما يقول أصحاب «الإعجاز العلمي» بأن القرآن سبق العلم الحديث فيما يحمله من «آيات الآفاق»، وإنما أقول إن القرآن قال «٥٣ / فصلت»:
* «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الأفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ – حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ – أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ»
ونلاحظ العلاقة الوثيقة بين:
– «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الأفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ»
وبين:
ـ «حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ»
ثم قلت في آخر جملة في المنشور:
«فهل تبيّن للملحدين المسلمين قبل غيرهم أن القرآن حق؟!»
«أن القرآن حق»: هو المحور الأساس لجميع المنشورات السابقة، في الرد على الملحدين المستهزئين بالقرآن، الذين لا يعلمون أن كل ما يبذلونه من جهد يضيع في مزبلة الجهل، لأن رسالة الله الخاتمة ليست كتابًا إلهيًا، كالتوراة والإنجيل فقط، وإنما «آية إلهية» لو اجتمع الإنس والجن على أن يمسّوها بسوء لن يقدروا.
لذلك قلت لصديقي:
احذف الفقرة المتعلقة بخبر «الثقب الأسود» وأعد قراءة المنشور بدونها، ثم قل لي ماذا فهمت.
محمد السعيد مشتهري



