top of page

(1283) 2/5/2019 على هامش الهامش «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ»

يناير 29

٥ min read

0

0

0

تعالوا نضع الضوابط الحاكمة لـ «لباس المرأة المؤمنة» حسب ما ورد في التنزيل الحكيم:

أولًا:

قول الله تعالى: «وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ – إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا»

١- «وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ»:

إن جسم المرأة، منذ أن كانت في بطن أمها، كله «زينة خِلْقِيّة» يحرم عليها إبداء شيء منها إلا بأمر من الله تعالى، وقد جاء الأمر في هذا الاستثناء «إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا».

٢- ونفهم لغويًا وبيانيًا من هذا الاستثناء «إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا» أن المراد ما ظهر من أعضاء جسم المرأة دون إرادة منها واختيار، وإلا لقال تعالى «إِلَّا مَا أَظْهَرَتْه مِنْهَا» أي حسب رغبتها.

٣- ولما كانت أعضاء جسم الإنسان تسترها الملابس، ولم نر يوميًا أن عضوا ظهر منها من تلقاء نفسه دون فعل فاعل، علمنا أن جملة «إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا» جاءت على سبيل «المجاز العقلي» وليس «الحقيقة».

٤- لو أننا قمنا بتحكيم آليات التفكر والتعقل والنظر فيما يجب أن يظهر من أعضاء جسم المرأة فإنها ستحكم بـ «الوجه» وذلك بمقتضى الأداء الوظيفي.

٥- إن «النهي المطلق» الذي ورد في الجزء الأول من الآية:

* «وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا»

جاء بعده تصحيح لوضع «الخمار» الذي كانت تستخدمه المرأة قبل نزول القرآن:

* «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ»

ثم جاء بعد ذلك النهي الثاني:

* «وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ إِلاَّ …»

فماذا يعني هذا الترتيب؟!

يعني أن هذا «النهي المطلق» يتعلق بالناس جميعًا الذين يحرم على المرأة المؤمنة أن تتعامل معهم بغير «الخمار والجلباب».

أما الذين ورد ذكرهم في النهي الثاني فهؤلاء هم الذين يُباح للمرأة أن تظهر أمامهم بدون «الخمار والجلباب» أي بـ «الثياب الساترة» لملابسها الداخلية، بشرط أن تكون هذه الثياب غير كاشفة لما تحتها، لقوله تعالى مخاطبا النساء «العجائز»:

* «وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء – اللاتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً – فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ – وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ – وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»

ثانيًا:

قول الله تعالى: «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ»

١- إن الله تعالى لم يفرض على «المرأة المؤمنة» ثيابًا لم تكن تعرفها من قبل، وإنما نزل القرآن لتصحيح وضع الثياب التي كانت تستخدمها في الجاهلية.

ومن الأحكام التي نزلت لتصحيح وضع ثياب المرأة المؤمنة الأمر بتغطية منطقة «الجيب والعنق» التي كانت المرأة تكشفها، وهذه هي حكمة مجيء هذا التصحيح مباشرة بعد النهي عن إبداء «مَا ظَهَرَ مِنْهَا»، وقبل ذكر الذين ستبدي لهم المرأة زينتها.

٢- إن استخدام فعل الضرب «وَلْيَضْرِبْنَ» جاء بالمعنى الحقيقي وهو «إيقاع شيء على شيء»، وهو هنا بمعنى إحكام وضع «الخمار» على الشعر والأذن والرقبة وصولًا إلى الجيب.

والسؤال:

عندما نزلت هذه الآيات تحمل أحكامًا تفرض على المرأة المؤمنة الالتزام بها وإلا كانت آثمة، هل كان قوم النبي يعلمون معنى هذه الأسماء «خمار – جيب – جلباب»، ومعنى هذه الأفعال «يُبْدِينَ – يَضْرِبْنَ – يُدْنِينَ»؟!

الجواب:

نعم، ومن يشك في ذلك جاهل يتهم الله تعالى بمخاطبة الناس بأحكام لا يعلمون معناها.

٣- هل تعهد الله بحفظ القرآن «الذكر» الأمر الذي يقتضي حفظ معاني «مُسَمّيَات» كلماته إلى يوم الدين؟!

الجواب:

نعم، ومن يشك في ذلك لا علاقته له بهذا القرآن أصلًا، فلماذا يُسَوّد حياته ومنشوراته بالحديث عن القرآن والإلحاد في أحكامه؟!

ثالثًا:

وإذا كانت المرأة المؤمنة في عصر التنزيل، الملتزمة بأحكام القرآن، تعرف «الخمار» من قبل نزول القرآن، فما الدليل على أنها لم تكن تغطي به «وجهها مع جيبها وصدرها»؟!

١- لقد أمر الله بني آدم جميعًا بستر العورات والالتزام بضوابط اللباس التي تحافظ على كرامتهم وتقواهم، فقال تعالى «٢٦ / الأعراف»:

* «يَا بَنِي آدَمَ – قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً – يُوَارِي سَوْآتِكُمْ – وَرِيشاً – وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ – ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ»

إن ستر العورات فريضة شرعية وليست عادةً أو عرفًا، ولقد بيان ذلك بضرب المثل بجسد الطير المغطى بالريش باستثناء الوجه والأرجل، الأمر الذي نفهم منه أن اللباس الذي فرضه الله على بني آدم ينقسم إلى جزئين:

– جزء يستر السوأتين «يُوَارِي سَوْآتِكُمْ»

– وجزء يستر باقي الجسم «وَرِيشاً» باستثناء ما اقتضت الضرورة الحياتية ستره، وهو بالنسبة للمرأة المؤمنة الوجه والكفان.

٢- لقد خاطب الله تعالى رسوله محمدًا وقال له «٥٢ / الأحزاب»:

* «لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ – وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ – وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ … الآية»

والسؤال للعقلاء فقط:

كيف يُعجب النبي بـ «حسن» امرأة ليتزوجها دون النظر إلى وجهها، وهو يراها أمامه كـ «الخيمة» المتحركة لا يظهر منها شيء، علما بأن الخطاب للنبي شخصيًا «أَعْجَبَكَ» وليس لمندوبه أو مندوبته؟!

٣- لقد جاء الأمر بإدناء جلباب المرأة «الذي كانت تعرفه من قبل نزول القرآن» ليصل إلى تغطية الكعبين، فقال تعالى «٥٩ / الأحزاب»:

* «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ – قُل لأزْوَاجِكَ – وَبَنَاتِكَ – وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ»

* «يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ»

* «ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ»

* «وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيمًا»

يغفر لكم «رجالًا ونساءً» ما كان منكم في عصر الجاهلية.

فإذا تدبرنا «علة» الأمر بـ «إدناء الجلباب»:

* «ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ»

نعلم أن هذا «الإدناء» هو أقل ما يمكن أن يحمي المرأة من الإيذاء، لماذا؟! لأن الوجه والكفين أصلًا مكشوفان ممكن أن تؤذى بسببهما.

٤- عندما استثنى الله تعالى من الزينة الخِلْقِية «مَا ظَهَرَ مِنْهَا» استثنى ما يعلم العقلاء ضرورة كشفه وإلا تعطلت وظيفته الحقيقية التي يعلمها الله ولا يعلمها الناس.

ولذلك فإن الذين يفرضون «النقاب» على النساء بدعوى أن به فتحتين تنظر منهما المرأة، وأنها تأكل من تحته، وتسمع به..، هؤلاء جعلوا من أنفسهم آلهة يفترون على الله الحق الكذب.

والذين يُبيحون للنساء كشف أعضاء من أجسامهن لم يأمر الله بكشفها، والتي لن تتعطل وظيفتها بسترها، هؤلاء هم «جُنُودُ إِبْلِيسَ» الذين سيأخذون معهم أتباعهم إلى جهنم وساءت مصيرا.

رابعًا:

إن من المعلوم بديهة أن الزوج يحل له رؤية ما شاء من جسد زوجه، فهل معنى ذكره ضمن المستثنين أنه يحق لهم رؤية ما يراه من زوجه؟!

وهنا نعلم أهمية تفعيل أدوات فهم القرآن «مجتمعة» عند تدبر آياته واستنباط أحكامها، وفي مقدمتها اللغة العربية وعلم السياق وآليات التفكر والتعقل والتدبر… آليات عمل القلب.

١- إن آليات عمل القلب تفرض على متدبر القرآن أن يعلم أن ما يُباح للمرأة إظهاره للمستثنين من أعضاء جسمها ليس على حد سواء، فالأمر يتوقف على درجة القرابة من المرأة.

فما تبديه المرأة للزوج، غير ما تبديه للأب، غير ما تبديه للأبناء والأخوة، غير ما تبديه للخدم الذين يخدمونها في البيت.

٢- إن آليات عمل القلب تحكم على أي امرأة ورثت تدينها وهي في بطن أمها وماتت قبل سن بلوغ النكاح واكتمال الرشد، فإنها ستدخل الجنة من أوسع أبوابها.

وتحكم على أي امرأة مسلمة بلغت سن النكاح واكتمل رشدها وأصرت على عدم الالتزام باللباس الذي أمرها الله به وماتت، فإنها ستدخل جهنم من أوسع أبوابها.

٣- إن «دين الإسلام» قائم على ما يُعرف بـ «المقتضيات»:

«مقتضيات الوحدانية، ومقتضيات الإيمان، ومقتضيات الإسلام»

و«المقتضى» هو ما يتطلب الشيء فعله، فمقتضيات العمل هي متطلباته، ولا يعقل أن يقبل الإنسان عملًا ثم لا يعمل بمقتضياته!!

إن المصيبة «العقدية» التي يعيش بداخلها المسلمون، وهم يحسبون أنهم يُحسنون صنعا، أنهم يُحبون «دين الإسلام» ويكرهون مقتضياته، ويفرحون بالذي يُحل لهم «ما هو كائن» ويغضبون ممن يطلب منهم تغييره إلى «ما يجب أن يكون».

لقد أَلِفَ المسلمون «المنكر» حتى أصبح «معروفًا»، ويتحدثون عن القرآن وهم يجهلون لغته العربية، ويُعجبون بما يوافق هواهم غير العلمي ويهجرون العلم.

فإذا جاء من يقول لهم:

إن هذا الذي أصبح معروفًا في حياتكم، هو في حقيقته من أكبر المنكرات، تكون النتيجة هي:

يا ويله وسواد ليله

محمد السعيد مشتهري

يناير 29

٥ min read

0

0

0

Comments

Deine Meinung teilenJetzt den ersten Kommentar verfassen.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page