top of page

(1292) 11/7/2019 «مقال الخميس» احذروا فيروس «الإلحاد» لأنه يأكل فطرتكم «الإيمانية»

يناير 29

٥ min read

0

0

0

عجيب أمر المسلمين:

أن يكون أولادهم في أحضانهم، يتحملون مسؤولياتهم التربوية، ثم يسلمونهم لـ «الملحدين»، بدعوى التنوير والحداثة والمعاصرة، فإذا سألتهم:

لماذا تركتم أولادكم ينحرفون عن صراط ربهم المستقيم، وأنتم تَدْعون ربكم في صلاتكم وتقولون «اهدنا الصراط المستقيم؟!

يردّون عليك بتلاوة قول الله تعالى:

* «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ»

* «وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى»

دون أن يتدبروا ما بين الجملتين.

أولًا:

فتعالوا نتدبر السياق الذي وردت فيه الجملتان، وهو «الإسراء / ١٣-١٥»، وقوله تعالى:

١- «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ»

٢- «وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً»

٣- «اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»

بعدها يُبيّن الله تعالى أن الإنسان هو الذي يتحمل «مسؤوليته الدينية» يوم القيامة، فيقول تعالى:

٤- «مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ – وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا»فكان من الطبيعي، بعد هذا البيان، أن يأتي بعده قوله تعالى:

٥- «وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى»

وأن يبين الله تعالى أن ميزان الحساب في الآخرة قائم على ماذا فعل الناس بـ «الرسالة الإلهية» التي حملها الرسل إليهم:

٦- «وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً»

والسؤال:

هل وصلت الرسالة الإلهية الخاتمة، «القرآن الكريم»، إلى المليارين مسلم؟!

الجواب: نعم:

وماذا فعل «الملياران مسلم» بـ «القرآن الكريم»؟!

لقد هجروا تفعيل آياته في حياتهم، تماما كما فعل الكافرون والمشركون والمنافقون في عصر التنزيل، الذين تبرأ منهم رسول الله محمد حيث قال:

* «وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً»

ولكن: هل كانت مشكلة المسلمين، على مر العصور، هي هجر تفعيل القرآن في حياتهم، أم أنهم أضافوا إلى الهجر «الإلحاد» في أحكام القرآن، وذلك عن طريق قراءات:

«سلفية، وباطنية، وجهادية، وقرآنية، وتنويرية، ومعاصرة»؟!

ثانيًا:

لقد أجمعت مراجع اللغة العربية على أن كلمة «الإلحاد» كلمة عربية فصيحة، وأن «اللام والحاء والدال» أصلٌ يدلُّ على «ميل» عن الاستقامة، و«عدول» عن الطريق القويم.

وعندما يتعلق «الإلحاد» بـ «دين الإسلام»، وبـ «أحكام القرآن»، فإن هذا «الميل» يكون عن «أحكام القرآن».

١- يقول الله تعالى:

«وَلِلّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى – فَادْعُوهُ بِهَا – وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ – سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ»

إن الذين «يُلْحِدُونَ» في أسماء الله الحسنى، هم الذين يميلون عن تفعيلها في حياتهم، ويُحرّفون معناها.

٢- يقول الله تعالى:

«إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا – لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا – أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ – أَم مَّن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

إن الذين «يُلْحِدُونَ» في آيات الله، هم الذين يميلون بها عن المعني الصحيح لكلماتها، أي يميلون عن الحق إلى الباطل.

٣- يقول الله تعالى:

«وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ – لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ – وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ»

لقد زعم المكذبون أن هناك من يُعلم الرسول القرآن، وهم يعلمون أن اللغة التي ينطق بها لسان هذا «المُعلِّم» لغة أعجمية وليست عربية.

فنزل القرآن يبين للناس أن المكذبين «الملحدين» قد مالوا عن الحق بافترائهم الكذب على الله ورسوله.

٤- إذن، فلا علاقة مطلقا بين «الإلحاد» و«إنكار وجود الله»، وذلك بشهادة المعنى اللغوي للكلمة نفسها، وهو «الميل والانحراف» عن «أوامر الله»، بصرف النظر عن «الإله» الذي اختار الإنسان أن يعبده.

ثالثًا:

لقد كان «إبليس»، أبو الملحدين، يؤمن بالله تعالى، ولكنه «فَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ»، أي عصى ربه، ولم يسجد للملائكة، أي «ألحد» و«مال» و«انحرف» عن أوامر الله، ولم ينكر وجود الله.

ولذلك على المسلمين أن ينتبهوا جيدا ويحذروا، ويسألوا أنفسهم، فما الفرق:

أ- بين «إبليس» الذي «فَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ» بمعصية الله.

– وبين «المسلم» الذي «فَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ» ولم يؤد الصلوات الخمس المفروضة؟!

ب- بين «إبليس» الذي «فَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ» بمعصية الله.

– وبين «المسلمة» التي «فَسَقَت عَنْ أَمْرِ رَبِّهِا» ولم تلتزم بإخفاء «الزينة» التي أمر الله المسلمات المؤمنات بإخفائها؟!

ج- بين «إبليس» الذي «فَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ» بمعصية الله.

– وبين «المدخن» الذي عصى قوله تعالى «وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ»؟!

طبعا هذه مجرد أمثلة من الواقع الذي لا يخفى على أحد، أما باقي الأمثلة فتحتاج أن تكتب فيها المجلدات.

١- إن الدراس لمراجع اللغة العربية يعلم أن الكمة لها أكثر من معنى يدل عليها، وقد تصل الدلالات إلى عشرات الكلمات التي يمكن تقسيمها على النحو التالي:

– كلمات أميتت ولم يبق لها أثر بين الناس.

– كلمات أهمل استعمالها ولكن مازالت موجودة في الكتب.

– كلمات تطورت مع تطور العصور مع بقاء دلالة معناها ثابتة.

– كلمات لم تتغير دلالاتها، ولم يتغير معناها، على مر العصور.

وهذا القسم الأخير، هو الذي نزل على أساسه «الذكر» الذي تعهد الله تعالى بحفظه، لضمان فعالية رسالته الخاتمة بين الناس إلى يوم الدين.

وإن هذا «الذكر» هو الذي كان يعرف العرب معاني كلماته، «أي مُسَمَّياتها»، من قبل نزول القرآن، لأنه يستحيل أن يفهم الإنسان معنى أي «كلمة» بـ «أي لغة» دون أن يكون «مُسَمّاها» مطبوعًا في قلبه من قبل سماعها.

من أجل ذلك تعهد الله بحفظ «الذكر»، فقال تعالى:

«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»

ولقد شمل هذا التعهد حفظ كلمات القرآن و«معانيها»، أي حفظ كلمات القرآن و«مُسَمّياتها» التي لم يجد «الملحدون» بابًا يدخلون منه إلى فتنة قلوب المسلمين غير باب «المسميات».

رابعًا:

وفي ظل غياب منظومة «التربية الإيمانية والعمل الصالح» عن بيوت المسلمين، استطاع «الملحدون» أن يفتنوا قلوب المسلمين بقراءات معاصرة، لم تدع كلمة واحدة من كلمات القرآن إلا ومالت بها عن معناها الأصيل، أي عن «مُسَمَّاها» المحفوظ بحفظ الله له، وفي مقدمة هذه الكلمات التي ألحدوا في معناها:

«الذكر – الكتاب – القرآن – الفرقان»

١- تحت عنوان «تمهيد في المصطلحات»، من كتابه «الكتاب والقرآن: الباب الأول: الذكر»، بدأ شيخ الملحدين «محمد شحرور» هذا التمهيد بقول الله تعالى:

«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»

ثم قال بعدها:

«تصادفنا في المصحف إلى جانب لفظة «الذكر» الألفاظ التالية:

«الكتاب»، و«القرآن»، و«الفرقان»، فهل هذه الألفاظ كلها تشير إلى:

– معنى واحد لأنها مترادفات؟!

– أم إلى معان مختلفة؟!

– وإذا كانت تشير إلى معان متغايرة، فما معنى كل لفظة؟!

ثم قال:

نبدأ أولاً بتحديد مصطلحي «الكتاب»، و«القرآن»، ونحدد ثانيًا مصطلح «الذكر»، ثم نبحث ثالثاً في مصطلح «الفرقان» انتهى.

٢- لقد ذكر «شحرور» في بداية كلامه كلمة «المصحف» عندما قال:

«تصادفنا في المصحف …»، والسؤال الذي يقصم ظهر كتابه من أوله إلى آخره:

من أين جاء «شحرور» بكلمة «المصحف»؟!

هل من داخل «التنزيل الحكيم» أم من خارجه؟!

فإذا ثبت أنها من خارج «التنزيل الحكيم»، إذن سقطت القراءة المعاصرة، وسقط «الكتاب والقرآن»، لأنه اتخذ «المنهج السلفي» قاعدة علمية معرفية أقام عليها ما سمّاها بالـ «القراءة المعاصرة».

٣- إن الذي دفع «شحرور» إلى اختيار هذا المسمى التراثي «المصحف»، هو توجهه نحو «الإلحاد» في ألفاظ القرآن، فهو لا يستطيع أن يُسمي الشيء الحاوي لآيات التنزيل الحكيم باسم «الكتاب» أو «القرآن»، لماذا؟!

لأن هذه الألفاظ، بل كل ألفاظ التنزيل الحكيم، لها عند «شحرور» دلالات إلحادية خاصة به، وقد سبق بيان ذلك في عشرات المنشورات.

خامسًا:

إن ما ورد في «التنزيل الحكيم» يتعلق بمادة «ص ح ف» هو هذه الألفاظ:«بِصِحَافٍ»، «صُحُفِ»، «صُحُفًا»

وسياقاتها هذه الألفاظ لا تحمل أي معنى يدل على هذا المصطلح التراثي «المصحف» الذي اختلف المؤرخون حول تاريخ ظهوره بين المسلمين.

١- كيف يُقيم «شيخ الملحدين» قراءة معاصرة لـ «آيات التنزيل الحكيم»، على:

أ- مصطلح تراثي.

ب- يضعه كبديل لـ «الكتاب» و«القرآن».

ج- ليهرب من «ترادف» الاسمين «الكتاب» و«القرآن».

د- فإذا به يقع في «الترادف» ولكن على المذهب «السلفي».

والسؤال:

إذا لم يكن هذا هو «عين الإلحاد»، فماذا يكون الإلحاد في كلمات القرآن، بعد أن يُسمي «شحرور» هذه الكلمات مجتمعة:

«الذكر – الكتاب – القرآن – الفرقان»

بمسمى واحد، اصطلح عليه أئمة السلف بـ «المصحف»، هروبا من مسألة «الترادف»؟!

٢- فلا تسألني:

لماذا تتسع دائرة «الببغاوات» يوما بعد يوم على «الفيس بوك»، «الناشرين والمعجبين»، حتى أصبحنا نرى أمامنا مهزلة فكرية قبل أن تكون «دينية»، تعمل ليل نهار داخل منظومة من «الجهل» بـ «دين الإسلام»، وبـ «لغة القرآن»؟!

منذ أن أنشأت هذه الصفحة، وأنا أحتفظ بمئات الملفات، كعينة تشهد على هذه المهزلة الإلحادية الدينية، وعندما وجدت أنه لا جدوى من علاج «ثمار» الإلحاد، طالما أن «الشجرة» لم تقتلع من جذورها، قمت بمسح كل هذه الملفات.

وها أنا أقتلع من جذور شجرة الإلحاد ما أستطيع اقتلاعه، ولكن:

من الذي سينقذ أولاد المسلمين من «فك الإلحاد» غير أنفسهم؟!

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا – قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً – وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ – عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ»

إلا أني أشعر أن الإشكالية ليست في «عملية الإنقاذ»، وإنما في «المنقذين» أنفسهم:

– الذين هم الآباء والأمهات.

– الذين لا يشعرون بخطر هذا «الفيروس الإلحادي».

– الذي يأكل في قلوب أولادهم يوما بعد يوم.

– وهم لا يشعرون.

محمد السعيد مشتهري

يناير 29

٥ min read

0

0

0

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page