

(1296) 8/8/2019 «مقال الخميس» «وَمَنْ نُعَمِّرْهُ – نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ – أَفَلاَ يَعْقِلُونَ»
يناير 29
7 min read
0
0
0
يبدأ سياق هذه الآية بقوله تعالى «يس / ٦٠-٦٢»:
«أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ – أَن لاَ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ – إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً – أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ»
وبعد أن حذّر الله بني آدم من عبادة الشيطان، بيّن لهم مصير الذين يتبعونه، فقال تعالى:
«هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ»
ولن ينفعهم إنكار ما فعلوه في الدنيا، لأن الحقيقة ستظهر يوم الحساب، فقال تعالى:
* الْيَوْمَ نَخْت ِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ»
وقوله تعالى:
«نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ»: الذي يخاطب المشركين
لا يتعارض مع قوله تعالى «النور / ٢٤»:
«يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ»: الذي يخاطب المنافقين، لأنه كان لابد أن تشهد «أَلْسِنَتُهُمْ» التي كانت تنطق «نفاقًا».
ثم ينتقل الحديث إلى الدنيا، وبيان أن الله قادر على طمس أعين المشركين عقابا لهم على شركهم، الأمر الذي يجعلهم يُقلعون عن شركهم، فقال تعالى:
* وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ – فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ»
وبيان أن الله قادر على أن يمسخهم إلى صورة غير إنسانية وهم جالسون في أماكنهم، ليكونوا عبرة لمن بعدهم:
* وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ»
ولما كان هذا الخطاب بمثابة الإمهال والإنذار للمشركين فقط، لأن الله في حقيقة الأمر لم يمسخهم ولم يطمس على عيونهم.
أعقب ذلك ببيان «سنة تطور الخِلْقَة»، وأن الإنسان مع طول العمر، تنقلب وتتدهور وظائف أعضائه، فكان على المشركين أن يُعجّلوا بالتوبة، فقال تعالى:
* «وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ»
أولًا:
إن «النكس» معناه: قلب الشيء على رأسه، ومن ذلك انقلاب حال الإنسان وتراجع قدراته نحو الضعف والوهن بسبب حدوث تغير في الصفات الظاهرة والباطنة لأعضائه تجعل القوة ضعفًا، والشباب هَرَمًا، ومن طال عمره تنكس في خلقته.
يقول الله تعالى «الروم / ٥٤»:
* «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ – ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً – ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً – وَشَيْبَةً – يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ»
ويقول الله تعالى في سياق الحديث عن قصة زكريا عليه السلام:
* «قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي – وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً – وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا»
ويقول الله تعالى في سياق الحديث عن امرأة إبراهيم عليه السلام:
* «قَالَتْ يَا وَيْلَتَى – أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ – وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخاً – إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ»
ثانيًا:
فتعالوا نتعرف على معنى المصطلحات التالية:
١- «الأطوار»:
جمع طَوْر، والطَوْر هو «التارة»، أي المرة من الأفعال أو من الزمان، يقول الله تعالى:
«مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ – وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ – وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ – تَارَةً أُخْرَى»
ولقد بيّن الله «أطوار» خلق الإنسان في قوله تعالى «غافر / ٦٧»:
* «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ»
* «ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً – ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ»
* «ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً – وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ»
* «وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُّسَمًّى – وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»
٢- «الوهن»:
الضعف، وعندما يصيب الوهن العظام فهذا معناه إصابة الجسم كله، وهو أسلوب بلاغي بديع، أوجز وهن الجسم كله في وهن العظام باعتبارها أقوى شيء فيه.
٣- «الرأس»:
هي العضو الذي تحمله الرقبة، وليس فقط أعلاه.
٤- «شعر الرأس»:
يشمل كل مواضع الإنبات في الرأس، ومنها اللحية و«الشنب».
٥- «الشيب»:
بياض الشعر بسبب نقص المادة التي تمده بلونه الطبيعي.
٦- وهنا يأتي «علم المجاز» لبيان معنى:
أ- «وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي»:
فإذا كان أصلب شيء في جسم الإنسان، والذي هو «العظم»، قد أصابه الوهن، فإن هذا يعني إصابة الجسم كله بالوهن.
ب – «وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً»:
تشبيه انتشار «الشيب الأبيض» في شعر الرأس باشتعال النار في «الفحم الأسود» كعلامة على كبر السن.
ثالثًا:
ولقد عَبَّرَ القرآن عن بلوغ الإنسان قمة منحنى القوة بلفظ «الأشُدّ»، وذلك عند بلوغه «الأربعين»، فقال الله تعالى:
* «حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ»
والحكمة في عطف «وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً» على «إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ» بيان أن «الأشد» يكتمل عند بلوغ الأربعين سنة.
ولذلك عبّر عن مرحلة «الأربعين سنة» في موضع آخر بكلمة «اسْتَوَى» فقال تعالي في سياق الحديث عن قصة موسى عليه السلام:
* «وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ»
١- يجب أن نعلم، أن «التطور في خِلْقَة الإنسان» يختلف باختلاف العصور والبلدان والأحوال، ثم تجتمع كل هذه الظروف في معنى واحد هو «مرحلة الكبر».
وفي هذه المرحلة، ينظر الناس إلى من «بلغوا الكبر» نظرة تراعي مقتضياته، فيقول الله تعالى في سياق الحديث عن قصة زكريا عليه السلام:
* «قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ – وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ – وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ»؟!
* «قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ»
ويقول الله تعالى في سياق الحديث عن قصة إبراهيم عليه السلام:
«الْحَمْدُ لِلّهِ – الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ – إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ – إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ»
٢- وعندما يصيب «الكبر» الزوجين، يكون مما يُتعجب من حدوثه أن يأتيا بذرية، طبعا إلا أن يشاء الله، فقالت امرأة إبراهيم عليه السلام:
* «قَالَتْ يَا وَيْلَتَى – أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ – وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا»
* «إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ»
٣- ولقد وصف الله «الكبر» بـ «أَرْذَلِ الْعُمُرِ» حيث تتناقص المهارات الذهنية، ونسيان المعلومات، فقال تعالى:
«وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى – وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ – لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا»
أي «ينسى ما يعلم»، وتصبح أي معلومة زائدة على «ما يعلم» كأن لم تكن، وهو تعبير يُقصد به بيان قلة تحصيل العلم، وليس نفيه.
رابعًا:
إن الهدف من إطالة الحديث فيما سبق هو بيان:
١- أن رحلة الإنسان في هذه الدنيا، تمر بـ «أطوار» قد فرضها الله تعالى على الإنسان فرضًا، ويستحيل أن يخرج الإنسان عن حدود هذه «ال أطوار» مهما اخترقها بـ «تقنيات التجميل والتحسين» سواء التي اكْتُشفت أو التي لم تُكْتشف.
٢- إن «سنة تطور الخِلْقَة» تبدأ بـ «الوهن» وتنتهي إلى «الوهن»، وبيان ذلك وتفصيله نجده في «علم الشيخوخة Gerontology» ومن «سنة تطور الخِلْقَة»:
أ- إذا أصيبت خلية عصبية وماتت، فإنها لا تعوض، وكلما تقدم العمر، تقل عدد خلايا المخ تدريجيًا، وتنقص كفاءة الحواس، وتقل قدرة جهاز المناعة على مقاومة الأمراض، فتكثر الأمراض.
ب- يتناقص كالسيوم العظام تدريجيًا، وهو المادة التي تكسب العظام صلابتها، ولذلك تزداد هشاشتها ويزداد معدل الإصابة بالتهابات المفاصل، وقد يتقوس العمود الفقري فينحني الظهر.
ج- ينقص إفراز الهورمونات في الجهاز الهضمي، كما ينقص امتصاص الدهون، وتزداد نسبة المعاناة من الإمساك، وتقل كفاءة الإنزيمات الخلوية في الكلية فتقل كفاءتها.د- تظهر التجعدات نتيجة تغيرات أنسجة الجلد، كما تظهر البقع الداكنة التي تُعرف ببقع الشيخوخة، وتتوقف تدريجيٌّا وظيفة الخلايا الملونة للشعر، بعدها تتوقف وظيفة خ لايا البصيلات المسؤولة عن إنتاج الشعر.
خامسًا:
وبناء على ما سبق، تعالوا نفتح ملفًا جديدًا يتعلق بـ «سنة تطور الخِلْقَة»، ونسأل الجرّاحين المسلمين الذين يقومون بـ «جراحات التجميل» ويعتبرونها حلالا قرآنيًا بنسبة ١٠٠٪:
لماذا، وانطلاقا من «سنة تطور الخِلْقَة»، تحلقون «الّلحى» على «الزيرو» ولا تتركونها حتى يظهر فيها «الشيب»؟!
هل تعلمون أن الله تعالى حرّم حلق اللحية على «الزيرو» لأن ذلك تغيير في «خلق الله»، وطاعة لأمر إبليس الذي قال:«وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ»؟!
يقولون:
إن «التحريم» يجب أن يكون بنص قرآني «قطعي الدلالة»، ولا يوجد نص في القرآن يُحرّم حلق اللحية على «الزيرو».
قلت:
١- إن معظم «المحرمات» لم تأت في القرآن بـ «صيغة التحريم» وإنما جاءت بصيغ أخرى قد ذكرتها في منشور سابق.
٢- إن الدليل على تحريم حلق اللحية على «الزيرو» دليلٌ منطقيٌ ولا يحمل «نصًا قرآنيًا»، وهو:
٣- إن أماكن إنبات الشعر عند الرجل هي نفسها عند المرأة، باستثناء الشعر الذي على جانبي وجه الرجل «اللحية»، وأسفل أنفه «الشنب» وذقنه.
٤- إن المرأة التي يظهر في وجهها شعر كالرجل، وغالبا لا يزيد طوله عن «١مم» وتختلف طبيعته، هذه المرأة مصابة بخلل في وظائف أعضائها.
٥- ولذلك يحل لهذه المرأة إزالة الشعر الذي ينبت في «غير محله»، بأي طريقة ولو بـ «الليزر»، وذلك لإعادة نعومة بشرة الوجه إلى طبيعتها التي خلق الله النساء عليها.
٦- إن الضابط الحاكم لحرمة حلق اللحية، ألا تصل درجة حلقها حتى تصبح بشرة الرجل كبشرة المرأة، أي لابد من ترك ولو «١ مم» من شعر اللحية والشنب من غير حلاقة.
سادسًا:
علة تحريم حلق اللحية على «الزيرو»:
١- وجود «بصيلات» إنبات الشعر على جانبي وجه الرجل، وأسفل أنفه وذقنه، وعدم وجودها في وجه المرأة.
٢- إن «خلق الله»: نراه في وجه المرأة على حالته المعروفة.
قال تعالى:
* «هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ»؟!
و«خلق الله»: نراه في وجه الرجل على حالته المعروفة.
قال تعالى:
* «هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ»؟!
٣- وقد قال إبليس من قبل ذلك لربه:
«وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ»
والسؤال:
أليس حلق اللحية تغييرًا في «خلق الله»، وعلى أطباء «جراحة التجميل» المسلمين، أن ينظروا أولًا في وجوههم قبل وجوه المُرَفّهين؟!
أليس الإصرار على حلق اللحية كبيرة من الكبائر، وارتكاب الكبائر إفساد في الأرض، والله تعالى يقول:
«ظَهَرَ الْفَسَادُ – فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ – بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ – لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا – لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»
فلماذا لم يرجع المسلمون عن إفسادهم في الأرض؟!
لأن إفسادهم نتيجة ما كسبت أيديهم، وكسب اليد مع الزمن تألفه النفس، حتى ولو كان منكرًا، وعندها يستحلون الحرام بدعوى عدم وجود نص قرآني قطعي الدلالة على التحريم.
لقد أصبح «المنكر» مألوفًا للمسلمين، يُمارسونه في حياتهم كـ «المعروف» تماما.
سابعًا:
«إِلْف المنكرات»:
عندما يألف المسلمون «المُنكرات» وتُصبح «معروفًا»، ينتشر الفساد والمفسدون بينهم، وتُقترف المعاصي على مرأى ومسمع منهم، وهم سعداء بـ «المعروف» الذي كان «منكرًا».
هذا هو حال المسلمين، يُجاهرون بجميع أنواع المعاصي، وأحيانا يفاخرون بها، ولا يُفكر أحد منهم في الوقوف على الأصول التي قام عليها هذا «المعروف» لعله يكون «منكرًا».١- الفرق بين «الزنى» و«التدخين»:
قد نرى مجموعة من الناس يضربون شابًا وفتاةً ضربَا مبرحًا لارتكابهما فعلًا فاضحًا في الطريق العام، وترى من بين أفراد هذه المجموعة من يُمسكون بـ «السيجارة» في يد ويضربون باليد الأخرى!!
فإذا قلت لأحدهم:
أنا معكم في أن هذا الفعل الفاضح مُحَرّم، سواء كان أمام الناس أم في الخفاء، ولكن أيضا هذه السيجارة التي في يدك هي أيضا فعلٌ فاضحٌ مُحَرمٌ، فلماذا فرقتم بين الحرامين؟!
تكون النتيجة:
سيقذفون بك على الشاب والفتاة، ليقوم الناس بضربكم أنتم الثلاثة.
والسبب:
أن الناس ألفت «تعودت» أن «الزنى» حرام أما «التدخين» فحلال.
٢- أداء فريضة الحج أكثر من مرة:
هناك ما يُسمى في مقاصد الشريعة بـ «النفع المتعدي»، وهو أن تترك مسألة نافعة إلى الأنفع منها:
إن الأموال التي يُنفقها المسلمون الذين يؤدّون فريضة الحج أكثر من مرة، تكفي لرفع مستوى دول تعيش تحت حد الفقر، وهذا من أكبر المنكرات التي أَلِفَها المسلمون، ولا تتحرك في رؤوسهم شعرة!!
إن فريضة الحج تؤدى مرة واحدة فقط لا غير، وبشرط «الاستطاعة» بمعناها العام الذي يشمل المال والصحة، والذين يذهبون للحج أكثر من مرة، لا يذهبون من أجل أداء الفريضة لأنها أصلًا سقطت عنهم.
وإنما يذهبون لأغراض تخصهم هم، في الوقت الذي قد يكون هناك من أقاربهم من هم في أشد الحاجة إلى هذه الأموال التي تنفق في مثل هذه الرحلات الترفيهية.
وكان يجب على هؤلاء المُرَفّهين أن يأخذوا بقاعدة «النفع المتعدي»، وأن يتركوا منافعهم الشخصية، من أجل تحقيق منافع غيرهم.
٣- الإنفاق على عمليات التجميل:
وهو أيضا من أكبر المنكرات التي ألفها المسلمون وأصبحت شيئًا عاديًا في حياتهم، وحققت أموالا وثرواتٍ طّائلة، لماذا؟! لأنها من تزيين إبليس.
إن طلبة كليات الطب يدرسون وظائف الأعضاء وما وراء عمل هذه الوظائف من بديع الصنع الإلهي.
كما يدرسون «علم الشيخوخة»، و«سنة تطور الخِلْقَة».
ومع ذلك نرى المسلمين منهم يلتحقون بتخصص «جراحات التجميل» لا لشيء إلا لأنها الأكثر تسويقًا ومالًا!!
والس ؤال:
أ- لماذا لا يقتصر عمل أطباء جراحة التجميل على علاج التشوهات الناتجة عن العمليات الجراحية التي يجريها أطباء الجراحة بتخصصاتها المختلفة؟!
الجواب:
لأنه في هذه الحالة ستغلق «جراحة التجميل» أبوابها.
ب- ولماذا لا يتعلم «الجرّاح» كيف يقوم بنفسه بعمليات تجميل الآثار الناتجة عن عملياته الجراحية، كلٌ حسب تخصصه؟!
الجواب:
وأطباء جراحة التجميل «يكلوا عيش منين»؟!
محمد السعيد مشتهري



