top of page

(1298) 22/8/2019 «مقال الخميس» «أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ – أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً» «إسلام على هوى المسلمين»

يناير 29

6 min read

0

0

0

من أنْتَ؟! ومن أنْتِ؟!إياكم أن تقولوا: «نحن الْعَقْل»؟!فهل تقصدون «الْعَقْل» السُني، أم الشِيعي، أم الصُوفي، أم المُلْحد؟!

أولًا:

يقول الله تعالى «النحل / ٧٨»:«وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ – لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً – وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ – وَالأَبْصَارَ – وَالأَفْئِدَةَ – لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»

١- يخرج الإنسان من بطن أمه بوسائل إدراك «خام»، فتبدأ بيئته في تصنيعها حسب «كتالوج الآباء» وتظل تنمو في حراسة «الآباء» حتى يبلغ الإنسان النكاح ويكتمل رشده ويصبح أمام الله مسؤولًا مسؤولية كاملة عن نفسه، وإن ظل يعيش أسيرًا لـ «الآبائية».

٢- يخرج الإنسان من بطن أمه بقلب «خام»، فتبدأ بيئته في حشو قلبه بـ «ملة آبائه» وتزويده بشعائرهم، ويظل يتبعها حتى يبلغ النكاح ويكتمل رشده، ويصبح أمام الله مسؤولًا مسؤولية كاملة عن نفسه، وإن ظل يعيش أسيرًا لـ «ملة الآبائية» وشعائرها.

ثانيًا:

إن الإنسان يحمل «قلبًا» ولا يحمل «عقلًا»، والذين ابتدعوا بدعة «العقل» هم أصحاب «التفسير المادي للوجود»، أي الذين ينكرون ما وراء العالم المادي ويقولون «لا إله والحياة مادة»، الذين لا يعترفون بأي مصدر معرفي إلا إذا كانت الحواس تدركه خارج الذات الإنسانية.

١- إن «القلب» الذي ورد ذكره في القرآن، ليس من «عالم المادة» الذي تدركه الحواس، ومع أنه لا يُرى، فإن الإنسان لن يدخل الإنسان الجنة إلا إذا كان قلبه سليمًا:

«يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»

٢- إن الله تعالى لم يخلق الإنسان بعضو اسمه «العَقْل»، وإنما خلق الإنسان بقَلْبٍ «يَعْقِلْ» عن طريق منظومة من الآليات لا تُدْرَك بالحواس، كآليات التفكر والتذكر والتدبر … إلى آخر آليات عمل القلب.

٣- إن «القلب السليم» هو الذي «يَعْقِلْ عن الله»، أي الذي يقوم صاحبه بتفعيل عمل آليات القلب، للربط بين الآيات المسطورة، والآيات المنظورة، والاستفادة من ذلك خلال مسيرة حياته.

٤- و«القلب المريض» هو القلب المُغلق بـ «أقفال الهوى»، فلا يستطيع صاحبه تفعيل عمل آلياته، فيعيش حياته تابعًا مقلدًا لغيره، يكره «العلم»، ومعظم هؤلاء من «المنافقين» الذين خاطبهم الله تعالى بقوله:

«أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ – أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا»؟!

ثالثًا:

إن معظم «أقفال القلوب» هي «أقفال الآبائية» التي تظل مُغْلَقة حتى يبلغ الإنسان النكاح ويكتمل رشده، ثم يفتح الله تعالى هذه الأقفال لأن الإنسان أصبح مسؤولًا مسؤولية كاملة عن نفسه، وعليه أن يختار:

إما أن يظل أسيرًا لـ «الآبائية»؟!

أو يُحرر نفسه من أسرها بتفعيل عمل آليات قلبه.

١- لن يستطيع الإنسان تحرير نفسه من أسر «الآبائية» إلا بتحصيل «العلم»، وعليه يُصحح مسار تدينه، ذلك أنه بدون «العلم» لن يستطيع الإنسان أن يُفرّق بين الوحدانية والشرك، والله تعالى:

«وَوَصَّيْنَا الإِنْسَان بِوَالِدَيْهِ حُسْناً – وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي – مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ – فَلاَ تُطِعْهُمَا – إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»

٢- كيف لا يُطيع الإنسان والديه في شركهما، بعد بلوغه النكاح واكتمال رشده، وهو أصلًا «لا يعلم» الفرق بين الوحدانية والشرك؟!

وهل يعلم «الملياران مسلم» الفرق بين الوحدانية والشرك؟! إذن فلماذا يُصرون على «التفرق في الدين» وقد نهاهم الله عن ذلك، وحذرهم أن هذا التفرق سيقودهم إلى الشرك، فقال تعالى:

«.. وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»؟!

رابعًا:

إن الله تعالى يَعْلَم أن الأولاد سيعيشون أسرى «ملة الآبائية»، وأنها ستملأ قلوبهم منذ طفولتهم، ومع ذلك قال تعالى لرسوله محمد، عليه السلام:

* «أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ – أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً»

والسؤال:

إذن متى يصبح الإنسان متخذا «إِلَهَهُ هَوَاهُ»، ويستحق أن يوصف بما وصفه الله به، فقال تعالى بعدها:

* «أَمْ تَحْسَبُ – أَنَّ أَكْثَرَهُمْ – يَسْمَعُونَ – أَوْ – يَعْقِلُونَ – إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأنْعَامِ – بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً»؟!

والجواب:

يصبح الإنسان متخذا «إِلَهَهُ هَوَاهُ» يوم يبلغ النكاح ويكتمل رشده، ويترك «أقفال الآبائية» على قلبه، ولا يسعى إلى كسرها بتحصيل «العلم»، وهؤلاء هم الذين قال الله تعالى عنهم:

* «وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ – اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ – قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا – أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ – لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً – وَلاَ يَهْتَدُونَ»

ونلاحظ مجيء قول الله تعالى «لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً»، في سياق بيان وجوب تفعيل آليات عمل القلب، ثم جاء قوله تعالى بعدها:

* «وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ – كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ – بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء – صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ – فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ»

فلماذا قال الله تعالى: «صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ»؟!

لأنهم بعد أن بلغوا النكاح واكتمل رشدهم، لم يُصححوا مسار تدينهم، لذلك وصفهم الله تعالى بعدها بقوله «فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ»، فلم تعقل «قلوبهم» تأثير «الآبائية» عليهم، ولذلك استحقوا أن يصفهم الله في موضع آخر بقوله تعالى:

«وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ – كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ – لَهُمْ قُلُوبٌ – لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا – وَلَهُمْ أَعْيُنٌ – لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا – وَلَهُمْ آذَانٌ – لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا – أُوْلَـئِكَ – كَالأَنْعَامِ – بَلْ هُمْ أَضَلُّ – أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ»

إن هؤلاء هم «أهل جهنم» الذين تربوا على ملة آبائهم، ولم يصححوا بعد بلوغهم النكاح واكتمال رشدهم مسار تدينهم.

خامسًا:

لم يصحح أتباع الفرق والمذاهب العقدية والفقهية المختلفة مسار تدينهم المذهبي و«تفرقهم في الدين»، وانتشرت بينهم «بدعة العقل»، وأن «العقل» يعلو فوق النص القرآني بدعوى أنه لولا «العقل» ما فهم أحد النص!!

١- يقولون: لقد «آمنا بعقولنا» – و«تديّنا بعقولنا» – و«نُفكّر بعقولنا» – و«نُلْحِد بعقولنا» … والحقيقة أن هذا «العقل» الذي يتحدثون عنه، لا وجود له أصلًا في جسم الإنسان!!

٢- ويُبين الله تعالى في كثير من الآيات القرآنية أن المحور الأساس الذي تدور حوله آليات التفكر والتعقل والتدبر والتفقه … هو «القلب» وليس «بدعة العقل»، وأن هذا القلب هو «محل الهوى»، فيقول الله تعالى:

«أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ – وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ – وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ – وَقَلْبِهِ – وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً – فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ – أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ»

٣- ولماذا «وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ»؟!لأن العلم «علمٌ مذموم» كانت نتيجته «الختم على القلوب»، والذي يستحيل إزالته إلا عن طريق الإنسان نفسه، أي عن طريق تحصيله «العلم».

سادسًا:

إن «المؤمن» المتدبر لآيات الذكر الحكيم، يقول:

«آمنت بقلبي» – و«تديّنت بقلبي» – و«فكّرت بقلبي» …، لأن هذه هي الحقيقة التي يشهد بها قلبه يوم اتخذ قرار تغيير مسار تدينه نحو تفعيل آليات عمله، هذا التفعيل الذي يدور حول محور واحد فقط هو «الحجة والبرهان».

فتعالوا نتدبر هذه المجموعة من الآيات:

١- «أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً – (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ) – هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ – وَذِكْرُ مَن قَبْلِي – بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ – فَهُم مُّعْرِضُونَ»

٢- «أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ – وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ – أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ – (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ) – إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ»

٣- «وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى – تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ – (قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ) إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ»

٤- «وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً – فَقُلْنَا (هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ) – فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ – وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ»

سابعًا:

إن كل ما سبق قوله في هذا المنشور، ما هو إلا ذرة في بحر ما يجب أن يُقال حول «بدعة العقل» التي أصبحت «شماعة» يُعلّق عليها كل جاهل «جهله»، ويسعد بها كل من أتعبته الحقائق «أي ما يجب أن يكون» ويفرح بها كل من أراحته الأكاذيب والأهواء، «أي ما هو كائن» في حياة الناس.

١- إن مثل هؤلاء يخافون من الإصابة بمرض «الاكتئاب» إن هم التفتوا ولو دقيقة واحدة إلى «ما يجب أن يكون»، لذلك يُفضّلون الوقوف مع الواقفين في البوست على باب «أكاذيب مريحة».

٢- ما هي «الأدوات» التي حملتها قلوب المسلمين، وفي مقدمتها «لغة القرآن العربية» و«علم السياق القرآني»، والتي بدونها يستحيل تدبر القرآن، والتفريق بين الحق والباطل فيما ينشر على الفيس بوك؟!

والجواب:

لا أدوات، ولا منهجية علمية في التعامل مع القرآن، لأن هذا معناه الوقوف عند باب «حقائق متعبة» الذي كما نلاحظ في البوست لا يقف عنده أحد.

ثامنًا:

سأضرب لكم مثالًا واحدًا يتعلق بالشيء الوحيد الذي يُشْعِرْ المسلمين بأنهم مازالوا «مسلمين»، وهو أداؤهم الصلوات المفروضة وخاصة لو كانوا يؤدّونها جماعة في المساجد السنية أو الشيعية أو الصوفية، أو غيرها.

١- لا أبالغ إذا قلت إن «٩٩٪» من المسلمين يؤدّون هذه الصلوات حسب ما وجدوا عليه آباءهم، وحسب ما ألفته قلوبهم، ولا علاقة لها بفريضة «إقام الصلاة» التي أمر الله بها بشروطها.

٢- إن المصلي يبدأ «صلاته» بقوله «الله أكبر»، وهذا إقرار منه بأن «الله أكبر» من أي شيء يشغل باله، فهل هذا فعلا ما تربى عليه المسلمون ويفعلونه في صلاتهم؟!

لا، لماذا؟! لأن ذلك من باب «الحقائق المُتْعِبَة».

٣- المفروض أن المصلى وهو واقف «بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ» يكون في أسعد لحظات عمره، حيث يبدأ «قلبه» في إرسال إشارة إلى أعضاء جسمه يقول لها:

«اخشعوا لأنكم ستسمعون حديث الله»

وإشارة أخرى إلى «الجلد» تقول لها:

«اقْشَعِرّ لأنك ستسمع حديث الله».

فالله تعالى يقول:

«اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ – كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ – تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ – ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ»

٤- «القشعريرة»: ظاهرة فيسيولوجية تؤدي إلى تقلص عضلات الجلد نتيجة إفراز هرمون «الأدرينالين» عند الخوف والخشية من شيء.

فهل تقشعر جلود المسلمين عند سماع «القرآن»، سواء كان ذلك في صلاتهم، أو أي وقت آخر، في الوقت الذي يقول الله تعالى فيه:

«وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ – فَاسْتَمِعُواْ لَهُ – وَأَنصِتُواْ – لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ»؟!

لا، لماذا؟! لأن ذلك من باب «الحقائق المُتْعِبَة».

تاسعًا:

ولماذا لا تحدث «القشعريرة»، والله تعالى يقول لرسوله، عليه السلام:

«تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ – فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ»؟!

والجواب:

لأن «القلب» لم يدخل «دين الإسلام» من بابه الصحيح، لذلك لا يحمل أي طاقة إيمانية تجعله يُصدر إشارات إلى أعضاء الجسم وإلى الجلد، وهذا ما نشاهده فعلًا على أرض الواقع:

ادخلوا أي مكان يُذاع فيه القرآن، وانظروا إلى حال المسلمين الذين يتعاملون مع هذا المكان، وأنتم تعلمون كيف اتخذ المسلمون إلههم هواهم.

إنه يستحيل أن ينهض المسلمون من سباتهم بالقراءات القرآنية السلفية أو التنويرية أو المعاصرة، لأن كل هذه القراءات تعمل داخل دائرة «التعقل عن الهوى» الذي يريح القلوب، وليس «التعقل عن الله» الذي تقشعر منه الجلود.

محمد السعيد مشتهري


يناير 29

6 min read

0

0

0

Comments

Share Your ThoughtsBe the first to write a comment.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page