

(1313) 28/11/2019 «مقال الخميس» «وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ – وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ» «فأين المستغفرون الذين يرفعون العذاب عن المسلمين؟!»
يناير 29
6 min read
0
1
0
لقد وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات:
* «لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ»
– ولم يستخلفهم الله في الأرض.
ووعدهم الله أن يمكن لهم الدين الذي ارتضاه لهم:
* «وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ»
– ولم يُمكّن لهم الدين الذي ارتضاه لهم.
ووعدهم الله أن يُبدل خوفهم أمنا:
* «وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً»
– ولم يبدل الله خوفهم أمنا.
لماذا؟!
– لأن «الوعد» لـ «الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» بشرط:
«يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً».
والدرس المستفاد من الآية:
ألا تنشغل بعلو إيمانك وبتقواك، وأدائك الشعائر وقيامك الليل، وبعملك الصالح، وابحث في قلبك لعلك تجد الشرك الخفي الذي يسكن قلوب الناس كالسرطان، وهو «شرك الهوى»:
«أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ – وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ – وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ – وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً – فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ – أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ»؟!
نعم: «أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ»؟!
عندها يجب أن تتذكر أن كل ما يحدث على مسرح «الفكر الإسلامي» من دعوات «التدين السلفي والجهادي»، و«القرآن وكفى»، و«التنوير والتجديد»، و«القراءات المعاصرة للقرآن»، و«المَهْدِيّين» الذين طال انتظارهم:
كل هؤلاء يحرثون في الفضاء الإعلامي وهم داخل «عذاب الشرك بالله» ويحسبون أنهم يُحسنون صنعا، ذلك أنهم لم ينفذوا الشرط، وظلوا على شرك التفرق في الدين، حسب الفرقة التي ولدوا فيها، فلا نجد سلفيًا أو قرآنيًا أو تنويريًا أو شحروريًا، إلا ويذكر تراث فرقته: مدحًا أو ذمًا!!
إنهم لم ينفذوا الشرط، وظلوا يعيشون داخل منظومة «عذاب سفك الدماء» بغير حق، الذي ورثوه عن آبائهم منذ أحداث «الفتن الكبرى» وإلى اليوم، وما يحدث بين المسلمين في العراق وليبيا وسوريا واليمن السعيد!!
فتدبر:
«قُلْ هُوَ – الْقَادِرُ – عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ – عَذَاباً – مِّن فَوْقِكُمْ – أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ – أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً – وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ – انظُرْ – كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ – لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ»
نعم: «لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ»، فلماذا لم يفقهوا؟!
لأنهم يعيشون داخل عذاب «أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً»، بعد أن هجر المسلمون الدين الذي ارتضاه الله لهم، وغاب من حياتهم «الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ»، الذين يعبدون الله «لا يشركون به شيئا»، فاستحقوا «عذاب الاستئصال»:
فلماذا لم يُعذب الله المسلمين بـ «عذاب الاستئصال»؟!
أولًا:
تبدأ القصة بقول المكذبين «الأنفال / ٣٢»:
* «وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ – فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ»
أي إذا كان هذا «القرآن» حقًا، فَأَمْطِرْ يا الله عَلَيْنَا:
«حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ – أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ»
ظنا منهم أن الله تعالى يمكن أن يستجيب لمثل لهذا التحدي، فإذا لم يُنزل عليهم العذاب الذي طلبوه فهذا معناه أن «القرآن» ليس من عند الله!!
ولكن السؤال:
ما جدوى أن يتبين المكذبون أن «القرآن» حق أو ليس حقًا، بعد موتهم بعذاب الاستئصال؟!
والحقيقة أن الله تعالى لا يُعذب بـ «عذاب الاستئصال» إلا بعد إخراج الرسول من بلده، كما حدث مع هود وصالح ولوط، عليهم السلام، ولذلك قال تعالى «الأنفال / ٣٣»:
* «وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ – وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ»
لقد كان وجود رسول الله محمد، عليه السلام، بين قومه، مانعًا من نزول العذاب عليهم، ثم انظروا وتدبروا مقام رسول الله عند ربه، فلم يقل الله تعالى:
«وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وفِيهِمْ رَسُولُهُ»
كما قال تعالى:
«وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ»
وإنما قال تعالى:
«وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ»
فتدبر معنى «وَأَنتَ – فِيهِمْ».
ثم قال الله تعالى:
«وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ»
وأصبح الذي يرفع العذاب عن الناس:
– وجود شخص الرسول بين قومه «وَأَنتَ فِيهِمْ».
– توبة الناس واستغفارهم والتزامهم العمل بما أمر الله به.
ومعلوم أن الذي يستغفر الله هو «المؤمن» الذي أسلم وجهه لله، إذن فما علاقة المشركين بهذا الاستغفار ليقول الله «وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ»؟!
إن الاستغفار هو المحور الأساس الذي يدور حوله «دين الإسلام» ويجب أن يلازم «المسلم» دومًا، وهو الذي يلجأ إليه «غير المسلم» عند التوبة والرجوع إلى الله، فذكره الله لعلهم يرجعون.
ثانيًا:
ثم يُبيّن الله أن العذاب الذي ينزله بالمكذبين في حياة الرسل هو عذاب الردع والتخويف، لعلهم يرجعون، وهذا ما أفاده قوله تعالى «الأنفال / ٣٤»:
* «وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللّهُ – وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءَهُ – إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ – وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ»
ونلاحظ أن العذاب هنا لبعض المكذبين وليس لكلهم، وإلا أصبح «استئصالًا»، ويكون قوله تعالى:
«وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُع َذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ»
معارضًا لقوله تعالى:
«وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ».
ولا يوجد تعارض، ذلك أن من الأساليب المجازية التعبير بالكل ويراد به الجزء، فجاء التعبير بالكل «يُعَذِّبَهُمُ اللّهُ» ويراد جزء منهم وهم الذين «يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ».
وعليه نعلم أنه بمقتضى إقرار المسلمين بالوحدانية، وبمقتضى إيمانهم بأن «القرآن» كلام الله، لم يبق لهم غير الاستغفار ليرفع الله عذابه عنهم، وهذا ما أفاده قوله تعالى:
«الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ – ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ»
«وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ – ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ – يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى – وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ – وَإِن تَوَلَّوْاْ – فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ»
وتدبر الحكمة من مجيء الاستغفار «اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ» قبل التوبة «ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ».
والسؤال:
هل يقبل الله استغفار المسلم الذي يُصر على معصية الله؟!
وبدون دخول في تفاصيل المعاصي التي لا تخفى على ذي بصيرة؟!
وهل يقبل الله استغفار المسلمة التي تُصر على معصية الله؟!
وبدون دخول في تفاصيل المعاصي التي لا تخفى على ذي بصيرة؟!
فإن أكبر معصية يعيش المسلمون بداخلها إلى يومنا هذا، هي «الكبيرة» التي لم تجعل الله تعالى يوفي بوعده، وهي:
«يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً»
ألا تستحق هذه «الكبيرة» الاستغفار والتوبة دوما لعل الله يتقبل من المسلمين عودتهم إليه مخلصين له الدين؟!
ثالثًا:
إن شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، تقوم على البراهين العلمية، وفي مقدمتها إقرار المرء بصدق «الآية القرآنية العقلية» التي أيد الله بها رسوله محمدًا، وعليه تبطل شهادات المسلمين المذهبية التي ورثوها وهم في بطون أمهاتهم!!
لقد خرج المسلمون من بطون أمهاتهم يقاتلون في سبيل المذهب العقدي الذي ورثوه عن آبائهم، ويظنون أن أداء «الشعائر التعبدية» طوق نجاتهم في الآخرة!!
وليس هذا هو «دين الإسلام» الذي ارتضاه الله لـ «الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» ووعدهم أن يمكنه لهم في الأرض بشرط:
«يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا»
لم يعد «القرآن» هو «النور» الذي يُضيء قلوب المسلم ين وقلوب أولادهم، بعد أن أصبحوا يعيشون في ظلمات التسليم بما هو كائن، ولو كان على حساب ما يجب أن يكون!!
ندخل بنوكًا ومحلاتٍ وبيوتًا نسمع «القرآن» يُتلى فيها، وأهلها لا يستمعون ولا يُنصتون، والله تعالى يقول:
«وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ – فَاسْتَمِعُواْ لَهُ – وَأَنصِتُواْ – لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ»
تدبر: «لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ»:
لقد تحوّل «القرآن» إلى أنغام وتمائم وتعاويذ، فنزع الله «الرحمة» من قلوب المسلمين ليذيق بعضهم بأس بعض، والأخطر أن ينزعها من قلوب أولادهم، فيضعون آباءهم وأمهاتهم في «دار المسنين»، والله تعالى يقول لهم:
«.. إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ – أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا – فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ – وَلاَ تَنْهَرْهُمَا – وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً»
فتدبر موقع العندية «عِندَكَ» في هذا السياق، لتعلم أن أصل ال أزمات العائلية أننا نتعامل معها من منطلق ما هو كائن، أي بعد أن تربى الأولاد منذ الطفولة على عقوق الوالدين، والوالدان سعداء بهذه الطفولة البريئة الجريئة!!
لقد كان «دين الإسلام» يسري في شرايين المؤمنين الذين أسلموا وجوههم لله، وأقاموا خير أمة أخرجت للناس، فأين ذهبت هذه «الدماء الطاهرة» المتدفقة من القلوب المؤمنة السليمة؟!
لقد تخلى المسلمون عن هذه الدماء، وتركوها تتحول في قلوب الجماعات الجهادية الإرهابية إلى «دماء نجسة» تُسفك بالأحزمة الناسفة ليروح ضحيتها الأبرياء:
«وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ – إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ»
إنه ليس أمام المسلمين إلا إقامة حياتهم «الزوجية والتربوية والاجتماعية والمهنية» على الالتزام بشروط تحقق وعد الله لهم:
* «آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ»
* «يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً»
هذه هي «الفريضة الغائبة» عن حياة المسلمين، وليس التجديد والتنوير والقراءة المعاصرة المنطلقة من تدينهم الوراثي المذهبي.
هذه هي «الفريضة الغائبة» عن حياة المسلمين، وليس الانشغال بشؤون السياسة والاقتصاد والتنمية البشرية والطاقات الإيجابية، فإذا مات المنشغلون بهذه الشؤون «بغتة» وجدوا أنفسهم في جهنم.
رابعًا:
تعالوا نفترض أن زعماء العالم اجتمعوا وقرروا أن يجعلوا المسلمين هم الذين يحكمون العالم، طبعا بعد موافقة «الكونجرس»، وطلبوا من زعماء المسلمين أن ينتخبوا من بينهم رئيسًا بوزرائه ومستشاريه:
* فهل سينجح المسلمون في إدارة العالم؟!
وماذا لو أن الله تعالى أخذ المسلمين جميعًا بـ «عذاب الاستئصال»:فهل ستخسر شعوب العالم شيئًا؟!
ولذلك أبقى الله على حضارة اليابان وروسيا وأمريكا وألمانيا وفرنسا وسويسرا على قيد الحياة، وقد رحل ملوك وزعماء هذه الدول، وتركوا لمن بعدهم الجاه والسلطان والمال والقصور:
«كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ – وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ – وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ – كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ – فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالأرْضُ – وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ»
تدبر: «فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالأرْضُ»:
خطاب في المقام الأول لقوم رسول الله محمد، الذين إذا مات فيهم زعيم قالوا في موته:
لقد بكت عليه السماء والأرض، وبكته الريح وأظلمت له الشمس.
وتدبر: «وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ»:
فلم يعطهم الله مهلة للتوبة والاستغفار، فقد أخذهم الموت بغتة.
إنهم لم ينتزعوا «سرطان الهوى» من قلوبهم، وعاشوا سعداء به، فإذا هم موتى، يستيقظون فيجدون أنفسهم يقفون على ميزان الحساب في الآخرة:
* «هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ»
* «اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»
طبعا سيخرج علينا من «العشوائيين» من يقول:
إن محمد مشتهري يتهم المسلمين بأنهم يُكذّبون بـ «يوم الدين» وبـ «يَوْمُ الْفَصْلِ»!!
* أقول:
وماذا فعل المسلمون على أرض الواقع، بإقرارهم بـ «الوحدانية» وبصدق «النبوة»، وإيمانهم بـ «يوم الدين» وبـ «يوم الفصل»، وأدائهم الشعائر التعبدية؟!
لا شيء!!
إن هناك من يُفضّلون الحياة ورؤوسهم في الرمال حتى لا يشاهدون أولادهم وهم يذبحون أمامهم، إنهم يخافون من مواجهة الحق والالتزام به.
وهناك من يعتبرون مقال الخميس «مقال النكد والاكتئاب»، والحقيقة أن «مقال الخميس» مقالٌ لـ «محاسبة النفس» قبل أن يأتيها الموت بغتة:
* «أَفَأَمِنُواْ – أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللّهِ – أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً – وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ»؟!
* «بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً – فَتَبْهَتُهُمْ – فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا – وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ»
إن «مقال الخميس» طوق نجاة لـ «ما يمكن إنقاذه» قبل فوات الأوان، إنه ينطلق من قاعدة دعاء نوح عليه السلام:
«فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً»
فأين «المستغفرون» الذين يرفعون العذاب عن «المسلمين»؟!
محمد السعيد مشتهري



