

(1338) 10/2/2020 «مقال الاثنين» «وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ» «أشعل مصباح عقلك واتبع نوره»: عقل مَنْ يقصد «سعيد الصرفندي»؟!
يناير 29
٧ min read
0
0
0

سؤال يأتيني كثيرًا على الخاص:
تقول إن توجهك الديني «نحو إسلام الرسول» لم يسبقك إليه أحد، في الوقت الذي لا يستند كثير من أصحاب «الفكر التنويري» و«القراءات المعاصرة» إلى غير القرآن مثلك، بصرف النظر عن اسم مشروعك الديني «نحو إسلام الرسول».
ثم ذكر لي أسماء كثيرة ممن يعتقد أن توجههم الديني مثل توجهي، فجئت له ببعض روابط المنشورات التي تشهد بعكس كلامه، وأن الذين ذكرهم ممن وصفهم بـ «التنويريّين» قد تم بيان الفرق الجذري بيني وبينهم، وأن «تنويرهم» انطلق من فرقة «أهل السنة والجماعة» التي ولدوا فيها.
ثم جاء أحدهم بعد فترة وقال لي:
ولكني لم أر لك منشورا عن الشيخ «سعيد الصرفندي»، فهل معنى هذا أنك توافقه فيما يقول، أم أنك لا تعلم عنه شيئَا؟!
فقلت له: سأخصص له منشورًا.
وبصرف النظر عن كلام «سعيد الصرفندي» في السياسة، وكلامه عن الإنسا نية والتنمية البشرية، وعن التاريخ …، فإن حديثي سيكون، وباختصار شديد، عن بعض ما حملته منشوراته عن التراث الديني ومروياته.
والسؤال:
ما علاقة المؤمن الذي أسلم وجهه لله تعالى، ودخل في «دين الإسلام» من باب «الآية القرآنية العقلية» المعاصرة له، بعصر الجاهلية الذي خلع ثوبه بكل ما يحمله من إشكاليات التراث الديني للفرقة التي ولد فيها؟!
والجواب:
في الحقيقة لا توجد أصلا علاقة، ذلك أن معظم المسلمين لم يخلعوا ثوب الفرقة التي ولدوا فيها، سواء كان ثوبَ تقديس لتراثها الديني أو ثوبَ كفر به، وكل الذين ذكرهم الصديق في رسالته ولدوا من رحم فرقة «أهل السنة والجماعة»، ومنهم «سعيد الصرفندي».
# أولًا:
نموذج من التعليقات على ما نشره على حسابه:
١- «قباء بناه النبي يوم قدم المدينة، وأن يؤم سالم أبي بكر في قباء فهو لي س بالمستغرب»
* «الصرفندي»:
لم استنتج يا سيدي بل أتيتك برواية البخاري!!
* تعقيب:
ألم ترو كتب الحديث أن مسجد قباء بناه النبي عندما وصل المدينة؟!
* «الصرفندي»:
«هل أنا من أتى برواية ابن عمر عن البخاري؟!
* تعقيب:
«ابن عمر ذكر أن سالم هو من بنى مسجد قباء، طيب وأنا صليت في مسجد قباء، هل في نص البخاري أن سالم صلى بأبي بكر قبل هجرة النبي، أم هو استنتاجك؟!
* «الصرفندي»
أين في الرواية أن سالم بنى مسجد قباء؟!
عندما كان سالم يصلي بالمهاجرين الاوائل، أين كان رسول الله؟!
عن عبد الله بن عمر: لَمّا قَدِمَ المُهاجِرُونَ الأوَّلُونَ العُصْبَةَ – مَوْضِعٌ بقُباءٍ – قَبْلَ مَقْدَمِ رَسولِ اللَّهِ كانَ يَؤُمُّهُمْ سالِمٌ مَوْلى أبِي حُذَيْفَةَ، وكانَ أكْثَرَهُمْ قُرْآنًا – صحيح البخاري «صحيح».
* تعقيب:
عن عبد الله بن عمر: كانَ سالِمٌ مَوْلى أبِي حُذَيْفَةَ يَؤُمُّ المُهاجِرِينَ الأوَّلِينَ، وأَصْحابَ النبيِّ في مَسْجِدِ قُباءٍ فيهم أبو بَكْرٍ، وعُمَرُ، وأَبُو سَلَمَةَ، وزَيْدٌ، وعامِرُ بنُ رَبِيعَةَ – صحيح البخاري «صحيح»
* أقول:
هل هذا هو ما تعلمه «سعيد الصرفندي» من القرآن، ومن تحذير الله لرسوله والذين آمنوا معه من التفرق في الدين، ليدخل في جدل عقيم حول ما صح وما لم يصح من مرويات الفرق التي ولد فيها؟!
٢- «الصرفندي»:
ما هو التعريف الصحيح إذن للصحابي؟!
* تعليق:
الصحابي لفظ يقع على من طالت صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم وكثرت مجالسته له عن طريق التبع والأخذ عنه … وعلى ذلك لا يعد من الصحابة الا من تحقق فيه معنى الصحبة بملازمة النبي صلى الله عليه وسلم وطول مجالسته.
* «الصرفندي»:
ما أتيت به هو تعريف «الأصوليين»، أما تعريف «أهل الحديث» فهو ما ذكرناه.
* تعليق:
إذن كيف نقول تعريف الصحابي يا سيدي؟!
* «الصرفندي»:
الصحابي ليس مصطلحًا شرعيًا، فليعرفه من شاء بما شاء، ولا يلزمنا بشيء.
* تعليق:
أريد تعريفًا ملخصًا صحيحًا من عندكم حتى لا نخطئ.
* «الصرفندي»:
كيف أُعَرّف شيئًا لا معنى له في الشرع، ولم تعرفه لغة العرب؟!
* أقول:
شرع أي فرقة يقصد «سعيد الصرفندي»؟!
إن أي إنسان يكتب على محرك البحث على شبكة الإنترنت جملة «تعريف الصحابي لغة واصطلاحا» سيحصل على عشرات الصفحات، ومنها ما قاله «ابن فارس» في «مقاييس اللغة»:
«الصاد والحاء والباء أصل واحد يدل على مقارنة شيء ومقاربته، ومن ذلك الصاحب، والجمع: الصحب؛ ومن الباب: أصحب فلان: إذا انقاد، وكل شيء لائم شيئاً فقد استصحبه»؟!
وقرآنيا، عندما يقول الله تعالى «التوبة / ٤٠»:
«إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا»
فقد كان مع النبي «صحابي»، بصرف النظر من هو.
# ثانيًا:
يقول في «٢٩ يوليو ٢٠١٩»:
«تعريف الصحابي من أعجب التعريفات التي انتشرت بين المسلمين وأخبثها، فقد قالوا بأن الصحابي هو … وزاد ابن حجر في مقدمة شرحه لصحيح البخاري … الصحابة جمع صحابي، ليس لها أصل في كتاب الله ولا ما روي عن النبي … عندما ظهرت نظرية عدالة الصحابة كان يقصد منها … وهذه النظرية تخالف القرآن … لذلك فكل رواية رواها من التقى بالنبي يجب أن نشك فيها ونردها حتى يتحقق فيها شرطان: ثبوت عدالته وعدم مخالفة روايته للقرآن، مع ملاحظة أنها عندما تثبت فهي تأتي في سياق تطبيق النبي للقرآن تطبيقا محكوما ببعدي الزمان والمكان».
* أقول:
١- هذا تعريف الصحابي عند فرقة «أهل السنة والجماعة»، فماذا عن تعريف الصحابي عند «الشيعة»؟!
٢- وإذا كانت «الرواية» عندما تثبت بالشرطين:
(أ): ثبوت عدالة الراوي.
(ب): عدم مخالفة روايته للقرآن.
فإن قبولها يأتي في سياق تطبيق النبي للقرآن تطبيقًا محكومًا ببعدي «الزمان والمكان».
ومعلوم لدارس القواعد التي قام عليها «علم الجرح والتعديل» أن مسألة «ثبوت عدالة الراوي» مسألة خلافية داخل مذاهب الفرقة الواحدة، وأن مسألة موافقة الرواية للقرآن بدعة لا قيمة لها أصلا.
إذن فما أهمية هذا المنشور لنشغل به الناس؟!
# ثالثًا:
١- يقول في «٢٣ أغسطس ٢٠١٩»:
«نُقل عن المزني صاحب الشافعي أنه قال: قرأت كتاب الرسالة للشافعي خمسمائة مرة، ما من مرة منها إلا واستفدت فائدة جديدة لم استفدها في الأخرى … أعتقد انه لو قرأ كتاب الله بتدبر خمسمائة مرة لاستخرج منه أعظم من رسالة الشافعي، ولكنه التعصب والتقليد الأعمى».
* أقول:
وهل كان من الضروري لحث الناس على تدبر القرآن، أن نأتي لهم برواية عن أئمة فرقة أهل السنة؟!
٢- يقول في «٢٥ أغسطس ٢٠١٩»:
«نقل عن ابن عباس، رضي الله عنه، أنه فسر الرعد بأنه ملك يسوق السحاب بمقلاع من فضة، وهذا تفسير مناسب لزمان ابن عباس، حيث لم يفسر القرآن طبيعة الرعد، ويستحيل أن يكون ابن عباس قد سمع هذا التفسير من النبي، عليه الصلاة والسلام، فلم يبق إلا أن ابن عباس كان نتاج زمانه ففسر الرعد استنادا إلى الخرافات والأساطير السائدة»
* أقول:
(أ): يقول: «نُقل عن ابن عباس»:
وكيف عرف «سعيد الصرفندي» أن هذا النقل صحيح؟!
(ب): «ففسر الرعد استنادا إلى الخرافات والأساطير السائدة»:
من أي مصدر من مصادر مرويات فرقة أهل السنة، جاء «سعيد الصرفندي» بأن «ابن عباس» كان يستند في مروياته إلى الخرافات وال أساطير السائدة؟!
وهذه هي إشكالية «المنهجية العشوائية» التي يتبعها من يُطلق عليهم «التنويريّون»، يهجرون تفعيل آيات القرآن في منشوراتهم «ما يجب أن يكون»، وعلاقتها بشؤون حياتهم «ما هو كائن» ويُكثرون من المواضيع التي تحقق لهم نسبة أعجاب أعلى، وخير شاهد على ذلك تعليقات المعجبين على منشوراتهم!!
# رابعًا:
١- يقول في «٢٦ أغسطس ٢٠١٩»:
«زعموا أن سنة النبي عليه الصلاة والسلام تفسر القرآن، فما هي الروايات التي صحت عندك في تفسير القرآن؟! … سيبقى القرآن رسالة خالدة وحية، ما دمنا نفهمه وفق معطيات زماننا، ولذلك لم يكلفنا الله باتباع فهم أناس معينين في زمن معين».
* أقول:
في الحقيقة أني لم أستطع الوقوف على المنهجية العلمية التي يكتب «سعيد الصرفندي» على أساسها منشوراته، وليس هو وحده، بل معظم من ذكرهم الصديق في رسالته.
فبماذا يُسمي المصدر الذي يأخذ منه «مرويات» فرقة أهل السنة التي توافق القرآن، وما هي حجية هذا المصدر في «دين الإسلام»، وعلاقة ذلك بقوله:
«ولذلك لم يكلفنا الله باتباع فهم أناس معينين في زمن معين»؟!
ثم أين فعالية التحذير من «التفرق في الدين» في قلوب أتباع الفرق الإسلامية، السلفيّين والتنويريّين، وقول الله تعالى:
«… وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً – كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»؟!
٢- وهل من «المنهجية العلمية»:
أن يقول في «٩ سبتمبر ٢٠١٩»:
«من علامات الضلال في مدارسنا ومساجدنا وجامعاتنا؛ ألا يؤتى على ذكر مقتل الحسين عليه السلام في هذا اليوم».
* أقول: