

(1373) 30/3/2020 «مقال الاثنين» «وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا – وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ»
يناير 29
6 min read
0
0
0
مطلوب «ملياران» جهاز تنفس صناعي لـ «أمة الدراويش»
* والحديث عن موضوع الفيديو المرفق في آخر المقال.
أولًا:
يعيش أتباع الفرق والمذاهب العقدية والفقهية حياتهم وهم يستحلّون شرك التفرق في الدين، ويهنؤون بافتراء الكذب على الله، ويُصِرّون على طاعة «النبي» الذي توفاه الله، ويعصون «الرسول» الذي يعيش بينهم برسالته.
والعجيب أنهم سعداء بهذا الجهل الديني العقدي، الذي لا يرون فيه أي إشكال إذا ماتوا عليه دون توبة وإنابة إلى الله تعالى، لذلك سميتهم بـ «أمة الدراويش».
و«الدراويش» جمع درويش: وهم الذين لا يأخذون بأسباب الحياة ويُكَرّسونها للعبادة، ويعتمدون في تدينهم على الإلهام واستفتاء القلوب، وفي معيشتهم على إحسان ومساعدات الآخر ين.
ثانيًا:
إن «أمة الدراويش» هم الأبناء الذين ورثوا عن آبائهم سنن التخلف الحضاري، وانشغلوا بالدفاع عن مصادرهم الثانية للتشريع، وعن شرك التفرق في الدين، فخرج أبناؤهم من بطون أمهاتهم على هذا الحال المذهبي الذي لا يخفى على ذي بصيرة.
إن «أمة الدراويش» هم الذين أمر الله آباءهم بإقامة الشهادة على الناس وإخراجهم بالقرآن من الظلمات إلى النور، وبطاعة الرسول والتسليم لحكمه تسليمًا.
فإذا بالأبناء يَخْرُجون من النور إلى الظلمات، ولم يستطيعوا إقامة الشهادة على الناس، وظنوا أن البديل الذي سيدخلهم الجنة هو أن يصلوا على النبي مئات المرات، بجمل وكلمات صنعها آباؤهم بأيديهم المذهبية، باسم «السنة النبوية» أو «الأحاديث النبوية».
إن «أمة الدراويش» هم الذين يتصورون أن:
– نور القرآن «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً» يحتاج إلى تنوير!!
– وأن الكتاب الذي أحكمت آياته «كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ» يحتاج إلى قراءة معاصرة.
– وأن «عالمية الرسالة» لن تتحقق إلا على أيدي الذين:
«فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً – كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»
فإذا بالله تعالى يُلقن «العالم أجمع» درسًا في الوحدانية «لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»، ودرسًا في فعالية أسمائه الحسنى «لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ»، وبيّن لهم أن الذي خلق «الفيروس» الذي سجنهم في البيوت هو الذي خلق العنكبوت والبعوضة والذبابة والنملة.
* «مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء:
– كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً
– وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ – لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ»
* «يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ:
– إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
– لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ
– وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ
– ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ
– مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ – إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ»
ثالثًا:
إن المؤمن الذي أسلم وجهه لله، يعلم أن كل ما يحدث في هذا الكون لا يحدث إلا وفق مشيئة الله وفعالية أسمائه الحسنى، فالله هو الذي يأتي بالوباء وهو الذي يرفعه، وهو الذي يأتي بالجائحة، وهو الذي يرفعها …، وكل هذا مُبيّن في آيات الذكر الحكيم.
ولكن الإشكا لية التي يعيش بداخلها المسلمون أنهم يجهلون هذه الحقائق الإيمانية بسبب جهلهم بلغة القرآن العربية، وبعلم السياق القرآني، وأنه لا توجد كلمة واحدة في القرآن يمكن أن يُفهم معناها من داخل القرآن، ذلك أن «مُسَمَّيات» كلمات القرآن موجودة خارجه وليس بداخله.
ثم يخرج علينا درويش من الدراويش ويقول للناس تحت راية «نور العلم»:
إن «النملة» التي ورد ذكرها في قصة سليمان، عليه السلام، ليست هي الحشرة التي عرفتها شعوب العالم منذ عَلّم الله آدم الأسماء كلها ومُسَمّياتها، وإنما هي «ملكة» كانت تحكم وادي النمل، وعندما مر عليها جيش سليمان قالت لجيشها الذي هو من البشر:
«يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ»
والسبب: أنه جاهل بلغة القرآن العربية، وبعلم السياق القرآني.
لقد خرج المسلمون من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئًا:
«وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا»
فهل سأل كل مسلم نفسه:
متى دخل في «دين الإسلام» وعلى أي مذهب تَدَيَّن؟!
هل سأل كل مسلم نفسه:
متى تعلم اللغة العربية التي نزل بها القرآن، والتي كان قوم النبي محمد يتحدثون بها، من قبل نزول القرآن؟!
هل سأل كل مسلم نفسه:
كيف فهم «كلمات» القرآن، والقرآن لا يحمل «مُسَمَّيات» هذه الكلمات، التي هي «الاسم والفعل والحرف»؟!
رابعًا:
وهل يستطيع أي «جهبذ» من جهابذة «القرآن وكفى» أن يفهم «كلمة» واحدة من كلمات هذه الآية التالية المتعلقة بـ «المحرمات من الأطعمة»، حيث يقول الله تعالى:
«حُرِّمَت ْ عَلَيْكُمُ:
– الْمَيْتَةُ – وَ – الْدَّمُ – وَ – لَحْمُ – الْخِنْزِيرِ – وَ – مَا – أُهِلَّ – لِـ – غَيْرِ – اللّهِ – ب – ِهـِ – وَ – الْمُنْخَنِقَةُ – وَ – الْمَوْقُوذَةُ – وَ – الْمُتَرَدِّيَةُ – وَ ـ النَّطِيحَةُ …» إلى آخر الآية «المائدة / ٣»؟!
١- فهل في القرآن معنى كل اسم ورد في هذه الآية؟!
٢- هل في القرآن معنى الحروف التي وردت في هذه الآية مثل «الواو واللام والباء» وبيان أهمية وجود كل حرف في الجملة التي ورد فيها هذا الحرف، كـ «حروف العطف» ومعناها؟!
٣- أليست هذه الآية هي التي وردت فيها جملة:
«الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا»؟!
فإذا كان الدين قد اكتمل، والنعمة قد تمت، ورضى الله للمؤمنين المخاطبين بهذه الآية في المقام الأول «الإِسْلاَمَ دِينًا»، وقال تعالى في موضع آخر:
«وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً – فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ – وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ»
وقال تعالى في أكثر من الآية أنه بيّن آياته وفصلها تفصيلا:
«وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً»
فإن السؤال الذي يفرض نفسه:
إذا كان المقصود بـ «البيان والتفصيل» شرح وتفسير معاني الكلمات والآيات القرآنية، فأين نجد، على سبيل المثال، معاني «الأسماء والأفعال والحروف» التي وردت في الآية السابقة «المائدة / ٣»؟!
أين نجد معنى «الْمُنْخَنِقَةُ – الْمَوْقُوذَةُ – الْمُتَرَدِّيَةُ – النَّطِيحَةُ» دون الاستعانة بمعاجم اللغة العربية؟!
خامسًا:
لقد أنزل الله هذا القرآن بلسان قوم النبي، وهم أهل اللسان العربي:
«إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»
ويستحيل أن يُرسل الله رسولًا بلغة غير اللغة التي كان يتحدث بها قوم هذا الرسول من قبل بعثته، فقال تعالى:
«وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ:
– لِيُبَيِّنَ لَهُمْ
* (ونلاحظ هنا ارتباط البيان باللغة التي ينطق بها لسان القوم)
– فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ – وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ
* (ونلاحظ هنا ارتباط الضلال والهدى بعلم قوم الرسول باللغة التي نزلت بها رسالته)
و«الكلمة» التي تحملها اللغات التي تنطق بها شعوب العالم عبارة عن «اسم وفعل وحرف»، ولم ينزل القرآن وهو يحمل معه معاني «الأسماء والأفعال والحروف»، أي لم ينزل بـ «مُسَمّيات» كلماته، أي بـ «مقابلها الكوني» الموجود خارج القرآن، والذي كان قوم النبي محمد يعلمونه من قبل نزول القرآن.
وخير برهان على ذلك:
أن الكلمات القرآنية التي يعلم المسلمون معناها، هي التي شاهدوا في طفولتهم «مسمياتها»، كالأسماء «شجرة – نهر – فاكهة …» وكفعل «يقتل – يذبح …».
أما التي لم يشاهدوا «مُسَمّياتها» ولم يعرفوا معناها من قبل، كـ «الْمُنْخَنِقَةُ – الْمَوْقُوذَةُ – الْمُتَرَدِّيَةُ – النَّطِيحَةُ»، فنجدهم يبحثون عن معناها في معاجم اللغة العربية.
نفهم من ذلك:
أن وصف الله تعالى لآيات التنزيل الحكيم بأنها بَيّنة ومُفصلة فذلك باعتبار أن الخطاب لأهل اللسان العربي الذين يعلمون استحالة فصل «الكلمة» عن «مُسَمّاها»، فهل إذا وُضع أمامك طعام لم تعرف «مُسَمّاه» ولم تذقه من قبل، ستعرف اسمه؟!
سادسًا:
إن كلمة «الخبائث» كلمة قرآنية لا يوجد معناها «مُسَمّاها» في القرآن، وكذلك كلمة «الطيبات»، فعندما يقول الله تعالى في الآية «المائدة / ٤» التي جاءت بعد الآية التي بيّنت المحرمات من الطعام:
«يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ:
– قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ … الآية»
فإن السؤال الذي يفرض نفسه:
هل التدخين من «الطيبات» التي أحلها الله للمسلمين؟!
لقد نزلت هذه الآية «قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ» للإجابة على سؤال من الذين آمنوا «مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ»، فإذا لم يكن المؤمن المخاطب بمثل هذه الآيات على دراية بعلوم اللغة العربية ومعاني كلماتها.
إذن يصبح من السهل جدًا الإلحاد في أحكام القرآن بدعوى أن الله لم يُحرّم التدخين بنص صريح!!
ويصبح من السهل جدا أن تُلحد «أمة الدراويش» في آيات الله حبًا في رسول الله، فإذا قال الله تعالى:
* «إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ»
ومعلوم أن «النبي» قد توفاه الله، وقام مقامه «الرسول» برسالته إلى يوم الدين، فإذا بـ «أمة الدراويش» يقولون «صلى الله عليه وسلم» فيخبرون عن شيء مضى، ويقولون «اللهم صلي على محمد» فيردّون الأمر بالصلاة إلى الله ليصلي هو على محمد نيابة عنكم!!
ويقول الله تعالى «صَلُّوا عَلَيْهِ»، فيجعلونها «صَلُّوا عَلَيْهِ وعلى آلِهِ»، ويقول الله تعالى: «وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً» أي لـ «حكمه»، فيجعلونها «وَسَلِّمُوا سْلَامًا» أي تحية لشخص النبي الذي توفاه الله!!
سابعًا:
مع أوائل الثمانينيات، وبعد أن انتهيت من رحلتي بين تراث الفرق والمذاهب العقدية والفقهية المختلفة، وبعد أن دوّنت آلاف الصفحات التي تحمل إشكاليات هذا التراث الديني، قمت بدعوة نخبة من علماء الفرق الإسلامية المختلفة إلى مؤتمر عالمي بعنوان:
«السنة والتشريع بين أزمة التخاصم والتكفير»
وذلك لمناقشة النتائج التي توصلت إليها خلال هذه الرحلة، ولأعلن في هذا المؤتمر أني كفرت بالتراث الديني للفرق الإسلامية كلها.
ولكن الجهات الأمنية رفضت عقد هذا المؤتمر حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه.
ومن يومها وأنا أرفض الحديث عن نقض هذا التراث الديني، بل وأعتبر كل من انشغل بنقده أو نقضه لم يدخل في «دين الإسلام» بعد، لأن «دين الإسلام» لا يعرف غير «القرآن»، والأدوات التي حملها في ذاته، لفهم آياته واستنباط أحكامها.
وأن هذا الفيديو المرفق، من أرشيف اللقاءات التي كنت أناقش فيها بعض هذه النتائج، وكان موضوعه عن «الصلاة على النبي» لذلك اخترته لكم بمناسبة الحديث السابق عن هذا الموضوع.
* تذكر:
١- أني أتحدث عن «ما يجب أن يكون»، أما «ما هو كائن» فتدبر:
«وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»
٢- أنه لا إيمان ولا إسلام دون الإقرار بصدق «الآية القرآنية العقلية» المعاصرة للناس جميعا اليوم، والتي بدونها ما عَرَفَ المسلمون مفهوم «الوحدانية»، ولا «صدق النبوة»، ولا أحكام الشريعة القرآنية.
محمد السعيد مشتهري
https://www.facebook.com/mohamed.moshtohry.1/videos/2852061868209010/?t=70



