top of page

(1377) 2/4/2020 «مقال الخميس» «لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ – وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ»

يناير 29

6 min read

0

0

0

ree

لماذا يكون المسلمون سعداء وهم يضعون رؤوسهم في الرمال؟!

تعالوا نؤمن بأن القرآن ليس رسالة عالمية، وأنه خاص بـ «أمة العرب»، ونمسح «format» من قلوبنا مسألة الرسالة العالمية.

والسؤال:

هل ستلقى ربك بأصلك العربي أم بأصلك الأعجمي؟!

* «يَا أَيُّهَا النَّاسُ:

– إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى

– وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا

– إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ

– إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»

# أولًا:

في هذه المسألة، سيكون حديثي عن أصول المسلمين العرب، من الأعلى إلى الأدنى، أي عن الجذور والفروع، وليس عن أصولهم الأعجمية.

١- لا تختلف شجرة الأصول والأنساب، على مستوى شعوب العالم، إلا في المُسَمّيات، فإذا ذهبنا إلى شجرة أنساب العرب فهي من الأعلى إلى الأدنى:

* الشعب: الذي تُنسب إليها القبائل.

* القبيلة: ما انقسم فيها الشعب.

* الْعِمَارة: ما انقسم فيه أقسام القبيلة.

* البطن: ما انقسم فيه العمارة.

* الفخذ: ما انقسم فيه البطن.

* الفصيلة: ما انقسم فيه الفخذ.

٢- لا يوجد عربي على هذه الأرض، بصرف النظر عن ملته، إلا وينتمي إلى هذه الشجرة التي يصعب تتبع فروعها عبر قرون مضت، بسبب ما حدث بين هذه الفروع من اختلاط وتزاوج حتى أصبحت الأنساب تنقسم إلى نسب أصالة «وهو الأصل»، ونسب ولاء ويتعلق بـ «الموالي» ونسب حلف ويتعلق بـ «تحالف القبائل».

٣- لذلك تعالوا نتكلم عن النسبة باعتبار الانتماء إلى البلاد العربية، ونعتبرها هي القبائل، والتي على أساسها نقول:هذا مصري، سعودي، كويتي، سوري، جزائري، ليبي، يمني، لبناني، إماراتي …، مع ملاحظة أن اللهجات العربية قد تتعدد في الدولة الواحدة.

# ثانيًا:

هل هذه الشعوب العربية تؤمن بأن «القرآن» هو كلام الله الذي أنزله على رسوله محمد، عليه السلام، والذي حمل في ذاته «الآية العقلية» الدالة على صدق «نبوته»، والتي نزلت نصوصها باللغة العربية التي كانت تنطق بها ألسن قوم الرسول، لقوله تعالى:

* «وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ – لِيُبَيِّنَ لَهُمْ – فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ – وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ – وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»

وأن هذه النصوص «الآيات» واجبة الاتباع إلى يوم الدين، لقوله تعالى:

«كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ – وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ – قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ»؟!

وهل هذه الشعوب تعترف بأن الفضل الأول والأخير في تعلم اللغة العربية وفهم كلمات القرآن لا يرجع للقرآن لعدم وجود مدرسة لتعليم اللغة العربية بداخله، وإنما يرجع إلى البيئة التي تربت فيها هذه الشعوب، وإلى مراحل التعليم المختلفة؟!

فإذا أقر المسلم، الذي ينتمي إلى أي شعب من هذه الشعوب، وآمن وصَدّق بما سبق ذكره، فقد أصبح مسؤولًا مسؤولية كاملة عن تعلم لغة القرآن العربية، وعلم السياق القرآني، ولن ينفعه يوم القيامة الاعتذار بما وجد عليه آباءه.

ذلك أن المسؤولية الإيمانية، بالنسبة لأتباع الرسالة الخاتمة، لا تسقط مطلقا عن أي مسلم بسقوط أي حلقة من حلقاتها، خلال مسيرتها من عصر التنزيل إلى يوم الدين.

ولذلك حذر الله تعالى بني آدم، من أن يأتي أحدهم يوم القيامة وهو يحمل عذره معه، فتدبر:

«وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ:

– وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ

– قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا

* فإياكم:

– أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ

ـ أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ

– أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ

* وما زال باب التوبة مفتوحًا:

– وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»

# ثالثًا:

ولذلك يستحيل أن يأمر الله «الَّذِينَ آمَنُواْ» برسول الله في عصر التنزيل، والذين اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين، باتباع هذا القرآن العربي، الذي وصفه بقوله تعالى:

* «كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ – قُرْآناً عَرَبِيّاً – لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»

ولا يحفظ الله اللغة العربية التي نزل بها القرآن، والتي كان ينطق بها لسان العرب من قبل بعثة رسوله محمد.

فإذا بالذين اتبعوا آباءهم بغير علم، يقولون لله تعالى وهم يُساقون إلى جهنم:

«أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ»؟!

ليصبح أمامك خياران لا ثالث لهما:

١- أن تكفر بهذا القرآن ولا علاقة لك به نهائيًا، لا مدحًا ولا ذمًا.

٢- أن تخلع من على كتفيك وزر آبائك الذين فعلوا فيك مثل ما تفعله أنت اليوم مع أولادك وأحفادك، الذين تربوا على «الأعجمية»، وأن تتحمل جهد البحث عن معاني ودلالات الكلمات القرآنية التي حفظها الله في معاجم اللغة العربية كما حفظ الكلمة.

والسبب منطقي:

فما فائدة أن يتعهد الله بحفظ «الذكر» المكتوب، ولا يتعهد بحفظ مُسمّيات كلماته ومقابلها الكوني في الآفاق والأنفس؟!

٣- ثم تعالوا نتدبر ونفهم قول الله تعالي في الآية السابقة:

«كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ – قُرْآناً عَرَبِيّاً – لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»

* «كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ»:

أي ميّز بين ألفاظه وآياته وسوره بفواصل ليسهل الوقوف على معانيها، ولم يجعله نصًا واحدًا من أوله إلى آخره.

* «قُرْآناً عَرَبِيًّا»:

أي أن صفة هذا القرآن أنه عربيٌّ.

* «لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»:

أي أن الذين يجهلون اللغة العربية التي نزل به القرآن، بأساليبها البيانية البلاغية، ويجهلون علم السياق الذي من أجله «فُصِّلَتْ» آيات الكتاب، هؤلاء يستحيل أن يفهموا «القرآن العربي».

ذلك أن هذا القرآن العربي نزل «لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، أي يعلمون اللغة التي نزل بها حتى لا يلتبس عليهم شئ من كلماته، هذه اللغة التي كان ينطق بها لسان العرب من قبل بعثة رسول الله محمد، عليه السلام.

فكم عدد المسلمين الذين تعلّموا من آبائهم علوم اللغة العربية، وعلم السياق القرآني، وهل قاموا بتعليم أولادهم وأحفادهم هذه العلوم حتى لا يهلكهم الله كما سيهلك آباءهم «أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ»؟!

إذن عن أي «أحكام القرآن» يتحدثون، وأي «خمار» يبحثون، وأي «تدخين» يُحلّون، وأي صلاة يُقيمون، وهم أصلًا «لاَ يَعْلَمُونَ»، ورثوا الجهل باللغة العربية عن آبائهم، ويرثه عنهم أبناؤهم وأحفادهم، وهم سعداء بذلك؟!

ثم يغضبون من سلسلة منشورات:

«لن يدخل الجنة من يجهل لغة القرآن العربية»

والله تعالى يقول عن القلب السليم:

«يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»

ويقول تعالى عن التنزيل الحكيم:

«وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ»

إن «القَلْبٍ السَلِيمٍ»، بعد بعثة النبي الخاتم محمد، هو القلب العامر بـ «القرآن»، الذي تعمل آلياته «آيات التفكر والتعقل والتدير…» على تفعيل «القرآن» في حياة صاحبه وحيات الناس، ويستحيل أن يقوم صاحبه بذلك وهو يجهل علوم اللغة العربية.

# رابعًا:

ثم يخرج علينا من يتفلسف ويقول:

١- هناك خلط بين دلالات الألفاظ وبين الأحكام.

* أقول:

اذهب وتعلم أولًا الفرق بين «المعنى» و«الدلالة»، ذلك أن آيات الأحكام ما هي إلا ألفاظ تحمل معاني دالة على أشياء هي «مُسَمّيات» هذه الألفاظ، أي مقابلها الكوني الموجود أصلا خارج القرآن في الآفاق والأنفس.

فكيف يحدث هذا الخلط بين دلالات الألفاظ وبين الأحكام؟!

يقول:

٢- الأحكام الشرعية لا تكون إلا من عند الله، لأن الله هو من له الحكم.

* أقول:

وما علاقة هذه البديهة الإيمانية ببدعة الخلط الذي تكلم عنها؟!

ثم يقول:

٣- ولكن دلالات الأسماء والألفاظ لا مانع من معرفتها من اللغةوممن هو عالم بها، وهذا موافق لقوله تعالى «إبراهيم / ٤»:

«وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»

* أقول:

الحقيقة شيء غريب وعجيب، أن يظل فيروس العشوائية الفكرية كامنًا في قلوب أتباع بدعة «القرآن وكفى» لا يريد أن يفارقها.

فما معنى قوله «لا مانع» في هذه الجملة المرسلة العشوائية:

«لا مانع من معرفتها من اللغة، وممن هو عالم بها»

يعني «جاء يكحلها عماها»!!

* ثم أقول:

٤- إن «القرآن» لا يحمل إلا «كلمات» فقط، أما المعاني والدلالات فموجودة خارج القرآن، وهي التي تعلمتها الشعوب العربية خلال مراحل التعليم المختلفة، وتُعرّفها اللغة العربية بـ «مُسمّى» الكلمة.

فعندما يقول الله تعالى لرسوله:

«قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي – لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي – وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا»

فما معنى «الكلمات» في جملة «كَلِمَاتِ رَبِّي»؟!

هل هي كلمات القرآن؟! والجواب: لا.

وإنما هي معاني هذه الكلمات ودلالاتها التي حملها «مقابلها الكوني» في الآفاق والأنفس، والتي يستحيل حصرها، ذلك أن «علم الدلالة» مرتبط ارتباطًا وثيقًا بدراسة «المعاني»، فعندما يقول الله تعالى:

* «وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ»

فإنك لن تجد في القرآن معنى الـ «ذَرَّة»، ولا معنى ما هو أصغر منها ولا ما هو أكبر، ولكنك تستطيع أن تعلم «دلالة» هذا «المعنى» خارج القرآن عند علماء الطبيعة وفي معاملهم، والتي يستحيل حصرها إلى يوم الدين.

٥- من أجل ذلك قلت وأقول:

إنه يستحيل الاعتماد على «معاجم اللغة العربية» في معرفة معاني مفردات القرآن، بمعزل عن «علم السياق» الذي يساعد على الوقوف على دلالات هذه المعاني الموجودة خارج القرآن، والمتعلقة بالنواحي النفسية والإنسانية والاجتماعية والعاطفية …، غير المبيّنة ولا المُفصّلة في القرآن.

فعلى سبيل المثال، فكيف نفهم قول الله تعالى:

«وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ – فَإِذَا تَطَهَّرْنَ – فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ»

فأين في القرآن هذا الأمر الإلهي، وما معنى «مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ»؟!

وغير ذلك من مئات الكلمات والأساليب البيانية البلاغية والمجازية، التي يستحيل أن تجد لها معاني ودلالات في القرآن، الأمر الذي يُبيّن السبب في عجز أهل اللسان العربي أن يأتوا بمثل سورة من سور هذا القرآن، ولن يفعلوا إلى يوم الدين، فتدبر:

«وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا:

– فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ

– وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ

– فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ

– وَلَن تَفْعَلُواْ

– فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ»

ذلك أن كلمات القرآن «بناءٌ متكاملٌ محكمٌ»:

«كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ»

يستحيل فصل كلماته من سياقاتها، ولا عن مقابلها الكوني الموجود خارج القرآن، فتدبر ولا تكن من الغافلين.

* تذكر:

١- أني أتحدث عن «ما يجب أن يكون»، أما «ما هو كائن» فتدبر:

«وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»

٢- أنه لا إيمان ولا إسلام دون الإقرار أولًا بصدق «الآية القرآنية العقلية» المعاصرة للناس جميعًا اليوم، فهي التي حملت الفهم الواعي لـ «الوحدانية» ولـ «صدق النبوة» ولـ «الأحكام القرآنية».

محمد السعيد مشتهري


يناير 29

6 min read

0

0

0

منشورات ذات صلة

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page