

(1396) 20/4/2020 «مقال الاثنين» هل بَيّن القرآن معنى «الصلاة» التي «صلّاها» النبي مع الذين آمنوا؟!
يناير 29
٦ min read
0
0
0

لقد نزل القرآن «بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ» لم يستطع قوم النبي «أهل اللسان العربي» أن يأتوا بمثله، فهل معنى هذا أن يكون لسان قوم النبي حاكمًا على «لغة القرآن العربية»؟!
إن «لغة القرآن العربية» آية إلهية لها أسلوبها البياني البلاغي المحكم، الذي يُميّزها عن أساليب البيان التي عرفها قوم النبي، وإلا لاستطاعوا أن يأتوا بسورة من مثله، فتدبر جيدًا:
* «وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا:
– فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ
– وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
– فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ
– فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ»
وإن هذا الأسلوب القرآني البلاغي المحكم، يحمل في كلماته المعنى «الحقيقي» والمعنى «المجازي»، ويستحيل أن يخاطب الله تعالى الناس عن مسائل الغيب وفعاليات أسمائه الحسنى بالمعنى الحقيقي، ذلك أن وسائل إدراكهم لا يمكنها إدراك هذه المسائل بمعناها الحقيقي، ولذلك خاطبهم الله بالمعنى المجازي.
ولا يمكن صرف المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي إلا بقرينة صارفة، فعندما تقول:
«رأيت أسدًا يرمي بسيفه»
فأنت لا تقصد بكلمة أسد المعنى الحقيقي، أي الحيوان المفترس، وإنما تقصد «الرجل الشجاع»، ذلك أن الأسد لن يكون رجلًا، والرجل لن يكون أسدًا، والقرينة هنا هي جملة «يرمي بسيفه».
وليس معنى هذا أن كلمة «أسد» تحمل معنيين أحدهما حقيقي والآخر مجازي، ذلك أن الأسد يبقى «أسدًا» على المعنى الحقيقي، والرجل يبقى «رجلًا» على المعنى الحقيقي، وللوقوف على الفرق بينهما يكون بتفعيل آليات التفكر والتعقل والتفقه والنظر … آليات عمل القلب.
# أولًا:
إن كلمة «اليد» عندما تستخدم بمعناها الحقيقي، فإنها تعني «العضو» المعروف من أعضاء جسم الإنسان، الذي ورد في قول الله تعالى:
* «إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ – وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً – أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم …»
ومن القرائن الدالة على أن المقصود بـ «القطع» في هذا السياق هو «الفصل الكلي» قوله تعالى «مِنْ خِلافٍ»، ذلك أن «مِنْ: ابتدائية» وجاءت في موضع «الحال» من «أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ»، أي لا يُقطع إلا يد واحدة، أو رجل واحدة، «مِنْ خِلافٍ».
ولا يُصرف هذا المعنى الحقيقي إلى المجازي إلا بقرينة من ذات السياق، فعندما يقول الله تعالى:
* «يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ»
يستحيل أن يفهم مسلم عاقل أن لله تعالى «يدًا» مثل يد الإنسان، لأن هناك قرينة في هذه الجملة تمنع هذا الفهم، وهي كلمة «الله» الذي «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ».
إن قوله تعالى «يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ» جاء بأسلوب «مجازي» يعني أن الله مع الذين يبايعون النبي، وقد جاء بيان ذلك في موضع آخر، فتدبر:
* «إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ – إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ – يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ:
– فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ
– وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ
– فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً»
# ثانيًا:
نفهم من الأمثلة السابقة، استحالة فهم القرآن بمعزل عن علوم اللغة العربية، وعن علم السياق القرآني الحاكم لاستخدام هذه العلوم، ذلك أن الكلمات القرآنية تنقسم من حيث دلالاتها إلى: