

(1406) 28/4/2020 لغة القرآن: الدرس «٥» «الكلام وما يتألف منه»
يناير 29
3 min read
0
0
0

لقد حفظ الله لشعوب العالم، من لدن آدم وعن طريق «منظومة التواصل المعرفي»، حروف الهجاء التي تنطق بها ألسنتهم، ولولا هذا الحفظ ما استطاع الناس فهم كلمة واحدة من كلمات الرسالات التي بعث الله بها الرسل.
يتألف الكلام من:
* الكلمة
* الكلام «الجملة»
* الكلم
* القول
# أولًا: الكلمة:
١- تتكون الكلمة العربية من حروف الهجاء المعروفة، مع ملاحظة أن أول حرف فيها هو الهمزة «ء»، أما الألف التي تحمل الهمزة فهي مندمجة مع اللام «ل» التي تُعرف بلام ألف «لا».
ذلك أن «الألف» ينطبق عليها ما ينطبق على «الواو» و«الياء» من حيث استقرار الهمزة فوقها في كتابة بعض الكلمات:
«أَ تَقُولُونَ – مُـ ؤْ مِنُون – بَرِيـ ء»
٢- ونلاحظ أن كل حرف من هذه الحروف لا يدل إلا على نفسه فقط، طالما أنه لم يتصل بحرف آخر، فإذا اتصل بحرف أو أكثر نشأ من هذا الاتصال ما يسمى «الكلمة»:
(أ): اتصال الفاء بالميم: «فَم»
(ب): اتصال العين بالياء فالنون: «عين»
(ج): اتصال الميم بالنون فالزاى فاللام: «منزل»
ومن آلية انضمام بعض حروف الهجاء إلى بعض، نشأ تركيب الكلمات «الثنائية، والثلاثية، والرباعية … وغيرها»، لتدل على معنى «جزئي» أي مفرد، لا يُفهم منه جملة مفيد.
فعندما نسمع كلمة «فَم» فإن ذهننا يذهب إلى الصورة المطبوعة في القلب عن طريق «منظومة التواصل المعرفي» التي نفهم منها معنى هذه الكلمة، ولا نفهم منها أكثر من أنها اسم لشيء معين.
إما فعالية هذه الكلمة «الشيء» ودلالتها فلا تظهر إلا إذا أصبحت في جملة مفيدة تحكمها قواعد الإعراب، وكذلك الحال مع كلمة «عين» و«منزل» … إلى آخر الكلمات المفردة.
٣- فإذا قلنا:
(أ): «الفم نعمة من نعم الله»
(ب): «العين تبدو مرهقة»
(ج): «المنزل واسع وكبير»
فلم يعد المعني هنا «جزئيًا»، أي مفردا، لأن الجملة أصبحت تحمل فائدة مكتملة، بسبب تعدد كلماتها، ولكل كلمة معنى ومُسَمّى خارجها، لنحصل في النهاية على «معنی مركب».
إذن فأنت يستحيل أن تفهم من داخل القرآن قول الله تعالى المكون من ست كلمات:
«وَ … أَقِمِ … الـ … صَّلاَةَ … لِـ … ذِكْرِي»
لأن كل كلمة من الكلمات الست، يجب أن تبحث عن «معناها – مسماها – مدلولها» في معاجم اللغة العربية، أي خارج القرآن، لتحصل على «المعنى التام» الذي على أساسه تفه م الآية وتفهم «الحكم» الذي حملته.
وهذا ما يجب أن يعلمه «القرآنيّون الملحدون الأغبياء»، وأن «أحكام القرآن» يستحيل أن تكون مُبيّنة مُفصّلة في كتاب الله، ذلك أن المُبَيّن والمُفَصّل هو إنزال الله لـ «كلمات الجملة القرآنية التي تحمل الحكم»، وليس بيان وتفصيل معنى كلماتها.
وإن هذه الجمل القرآنية تحمل «كلمات»، والكلمة الواحدة تحمل معنى «جزئيًّا» لا تسمى «كلمة» بدونه، وأحكام القرآن لا تُفهم من المعاني الجزئية.
ولقد أشرت إلى هذا الموضوع في مقال سابق بعنوان:
«البيان والتفصيل في القرآن».
* وتذكر:
١- أن الله تعالى لن يقبل إيمانًا ولا إسلامًا من امرئ لم يدخل في «دين الإسلام» من الباب الذي دخل منه الناس في عصر التنزيل، باب الإقرار العلمي بصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق نبوة رسول الله محمد، القائمة بين الناس إلى يوم الدين.
٢- أنه بدون منهجية علمية تحمل أدوات مستنبطة من القرآن، وفي مقدمتها علوم اللغة العربية وعلم السياق القرآني، لا أمل أن يفهم القرآن الذين يجهلون هذه المنهجية، ولذلك يكونون الصيد الثمين بين أنياب الملحدين.
٣- أن مقالات هذه الصفحة تتحدث عن «ما يجب أن تكون» عليه حياة المسلمين، فإذا وجدت في هذه المقالات غير الذي أمر الله به في القرآن، فأفدنا بعلمك.
٤- أما «ما هو كائن» في حياة المسلمين اليوم، فيتعلق بمسؤولية كل فرد الدينية، لقول الله تعالى:
* «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»
محمد السعيد مشتهري