top of page

(1466) 21/6/2020 «من بحار لغة القرآن وحجيتها على المسلمين» [6]

يناير 29

5 min read

0

0

0

«الذي له محل من الإعراب»

ما معنى أن يكون للجملة محل إعراب؟!

معنى ذلك أن الجملة إذا حذفت ووضع مكانها المفرد سيؤدي المفرد المعنى ويكون له إعراب، وتكون هذه الجملة حلت محل المفرد:

مثال:

١- جملة الخبر:

مثال: «محمدٌ يذاكر»

فـ «محمد»: مبتدأ، و«يذاكر»: هي الخبر: جملة فعلية: يذاكر فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو».

فهذه الجملة الفعلية «يذاكر» في محل رفع خبر، فلماذا هي في محل رفع؟!

لأنك لو حذفت هذه الجملة «يذاكر» ووضعت المفرد «مُذاكر» مكانها، وقلت «محمد مُذاكر»، فهذا المفرد «مُذاكر» سيعرب خبرًا.

إذن هذه الجملة «يذاكر» حلت محل الخبر «مُذاكر».

والأصل في الإعراب أن يكون لـ «المفردات» لا لـ «الجمل»، لذلك فهذه الجملة «يذاكر» حلت محل المفرد «مُذاكر» فهي في محل رفع مثل الخبر.

٢- جملة النعت:

مثال: «سَلَّمْتُ على رجلٍ يبتسم».

فجملة «يبتسم» جملة فعلية في محل جر نعت.

فلماذا هي في محل جر نعت؟!

لأنك لو حذفت هذه الجملة «يبتسم» ووضعت مفردا ستقول:

«سَلَّمْتُ على رجلٍ مُبتَسمٍ»

فـ «مُبتَسمٍ» نعت مجرور.

إذن فهذه الجملة «يبتسم» حلت محله «مُبتَسمٍ» فلها محل إعرابي، وهي في محل جر نعت.

٣- جملة الحال:

مثال: «جاءَ زيدٌ يضحك»

فالجملة الفعلية «يضحكُ»، التي فاعلها ضمير مستتر تقديره «هو»، في محلِ نصبٍ حالٍ، كيف؟!

لأنك لو حذفت هذه الجملة «يضحكُ»، ووضعت المفرد «ضاحك»، تقول:

«جاءَ زيدٌ ضاحكًا»

فهذه الجملة «يضحكُ» حلت محل المفرد «ضاحكًا» الذي هو حالٌ منصوبٌ.

وهذا معنى أن يكون للجملة محلٌ إعرابي.

فمتى لا يكون للجملة محل من الإعراب؟!

مثال: «جاء الذي يَضْحَك»

فجملة «يضحك» هل يصح أن تحذفها وتضع مكانها المفرد، وتقول: «جاء الذي ضاحك»؟!

طبعا لا يصح، لأنها جملة صلة الموصول «يضحك» لا محل لها من الإعراب، لأنها لم تحل محل المفرد لتأخذَ إعرَابَه.

ولو صح لكان لهذه الجملة «يضحك» محلٌ إعرابي.

وإنما يمكن أن نقول:

جاء الذي هو «ضاحك»

لأن «هو ضاحك» في هذه الحالة «جملة إسمية»

ولا نقول: «جاء الذي ضاحك».

ونلاحظ أن الجملة التي لا محل لها من الإعراب تُعرب تفصيليًا والجملة التي لها محل من الإعراب تُعرب تفصيليًا، والفرق بينهما:

– أنك بعد الجملة التي لها محل من الإعراب «يضحك» تقول وهذه الجملة في محل رفع أو نصب أو جر أو جزم بحسب محلها.

– أما الجملة التي لا محل لها من الإعراب، فبعد أن تعربها إعرابًا تفصيليًا، تقول: وهذه الجملة لا محل لها من الإعراب.

# أولًا:

الجملة الواقعة خبرًا:

وهي التي تُعرب خبرا لمبتدأ، وإما خبر لحرف مشبٍّه، إما خبر لفعل ناقص.

١- مثال الخبر لمبتدأ: قول الله تعالى:

* «وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ»

جملة: «يَتَرَبَّصْنَ»

وقول الله تعالى:

* «وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»

توضيح تفصيلي:

«الَّذِينَ»: مبتدأ خبره جملة «مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ»، أو جملة «كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ»، أو جملة «أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ»، في محل رفع.

(ب): خبر إنَّ، كقول الله تعالى:

* «إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ»

(ج): خبر كان في محل نصب، كقول الله تعالى:

* «قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ»

(د): خبر كاد في محل نصب، كقول الله تعالي:

* «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ»

٢- مثال الخبر لحرف مشبٍّه: قول الله تعالى:

* «إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ»

جملة: «عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ»

٣- مثال الخبر لفعل ناقص: قول الله تعالى:

«فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ»

جملة: «يَفْعَلُونَ».

# ثانيًا:

الجملة الواقعة حالا:

وهي التي تعرب في محل نصب حال، وهي كل جملة جاءت بعد اسم معرفة، ويُسنَدُ إليها الخبر، ويربطها بصاحب الحال رابط، وهذا الرابط:

١- إما أن يكون ضميرَ صاحب الحال، كقول الله تعالى:

* «وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ»

جملة «يَضْرِبُونَ».

٢- وإما أن يكون «الواو»، كقول الله تعالى:

* «قَالَ لاَ تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ»

جملة «وَقَدْ قَدَّمْتُ».

٣- وإما أن يكون الضمير والواو معا، كقول الله تعالى:

«فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ»

جملة «وَهِيَ ظَالِمَةٌ».

ومن ناحية أخرى فهي تنقسم إلى:

(أ): اسمية، كقول الله تعالى:

«أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ – فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ»

فجملة «وَهُم مُّكْرَمُونَ» في محل نصب حال.

(ب): فعلية، كقول الله تعالى:

* «وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ»

فجملة «تُوعِدُونَ» في محل نصب حال.

# ثالثا:

الجملة المضاف إليها:

وهي التي تعرب في محل جر مضاف إليه، وهي كل جملة جاءت بعض ظرف غير منون، وأسماء الزمان التي تلزم الإضافة إلى الجملة «إذ» و«إذا» و«حيث».

١- «إذ»، كقول الله تعالى:

* «وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ»

جملة «أَنتُمْ قَلِيلٌ» في محل جر بإضافة «إِذْ» إليها.

٢- «إذا»، كقول الله تعالى:

* «وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ»

جملة «رَأَيْتَهُمْ» في محل جر بإضافة «إِذا» إليها.

٣- «حيث»، كقول الله تعالى:

* «وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ»

جملة «خَرَجْتَ» في محل جر بإضافة «حَيْث» إليها.

# رابعًا:

الجملة الواقعة مفعولا به:

١- وهي كل جملة، سواء أكانت فعلية أم اسمية، وجاءت بعد فعل القول أو ما يشبهه، كقول الله تعالى:

* «ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ»

جملة «هَذَا الَّذِي» في محل رفع نائب فاعل «يُقَالُ».

* «وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ»

جملة «غُلْفٌ» في محل نصب مقول القول.

٢- أو جاءت بعد مرادف القول، كالنداء والدعاء، كقول الله تعالى:

* «وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ»

أو غير ذلك.

# خامسًا:

الجملة التابعة لمفرد:

(أ): الواقعة نعتًا:

وتكون في محل رفع أو نصب أو جر على حسب حالة المنعوت:

– محل الرفع، كقول الله تعالى:

* «رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً»

جملة «يَتْلُو»: في محل رفع نعت لرسول.

– محل نصب كقول الله تعالي:

* «خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا»

فجملة «تُطَهِّرُهُمْ» في محل نصب نعت «صفة» لـ «صَدَقَة».

– محل جر كقول الله تعالي:

* «وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء»

فجملة «يَحْسَبُهُ» في محل جر نعت ثان لـ «سَرَابٍ».

(ب): الواقعة بدلًا وتكون في محل رفع أو نصب أو جر على حسب حالة المبدل منه:

– محل الرفع، كقول الله تعالى:

* «مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ»

جملة: «إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ» في محل رفع بدل من «مَا» الموصولة الواقعة في محل رفع نائب فاعل «يُقَالُ».

– محل نصب، كقوله تعالى:

* «لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ»

جملة «هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ» في محل نصب بدل من النجوى الواقعة مفعولا به لـ «أَسَرُّواْ».

– محل الجر، كقول الله تعالى:

* «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأرْضُ مُخْضَرَّةً»

هذه مجرد إشارات لما تحمله لغة القرآن العربية من كنوز هي الباب الوحيد للدخول في «منظومة التدبر القرآني» وتغيير «تدينك الوراثي» إلى «التدين العلمي» الذي يُغيّر حياتك تغييرًا حقيقيًا، وليس مؤقتًا ينتهي بانتهاء مفعول «المؤثر» كالخطب والمواعظ والدورات القرآنية.

وأكرر ما سبق ذكره:

أن أمهات كتب علوم اللغة العربية كثيرة، وأن علماء الخلف يأخذون علمهم عن أئمة وفقهاء السلف ولا يأتي أحد منهم بشيء من عنده، وأنا شخصيا أنقل عنهم «ولست منهم»، وأتعلم في نفس الوقت الذي «أعلمكم فيه».

وكثير من الأمثلة التي تحملها كتب السلف والخلف مكررة، ينقل بعضهم عن بعض، ذلك أن الإطار العام للغة العربية مع اتساعه إلا أنه في النهاية محدود بحدود، سواء من حيث «القواعد» أو الاستدلال بـ «الآيات القرآنية».

قلت وأقول هذا، حتى لا يتصور أحد أني من علماء اللغة العربية، فقد قلت من قبل أن تعليمي العالي ودراساتي العليا كانت باللغة الإنجليزية، وكان مدرس اللغة العربية يأتي مكتبي ليعلمني اللغة لسنوات حتى توفاه الله، فتحملت مسؤوليتها بنفسي.

محمد السعيد مشتهري

يناير 29

5 min read

0

0

0

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page