

(1467) 22/6/2020 هل يمكن أن تصل درجة «التنفيس» إلى هذا المستوى؟!
يناير 29
4 min read
0
0
0

لقد فوجئت مساء أمس، بهذا البوست المرفق، موجود على «الهوم»، فأردت أن أفهم الحكاية، وما علاقة الأمهات بالموضوع، فإذا الموضوع عن «أزمة المثلية» وهل هي «معصية» أم لا، وهل الترحم على من مات ملحدا جائز؟!
علما بأن ما ورد في هذا البوست يتعلق بالذين كانوا يحاورون صاحبه على حاسبه، وليس موجها لي، فأنا لا أعرف صاحبه، ولم أتحاور معه أصلا، فأردت أن أبين ذلك من البداية، حتى لا يظن أحد أن هذه الشتيمة الموجودة في البوست موجهة لي.
وبعد عرض صاحب المنشور وجهة نظره في الموضوع، ومفهومه لـ «المعصية»، وأن «الدِين» يرشد إلى العلاقة الطبيعية بين الرجل والمرأة، وما عدا ذلك فيبعُد بدرجات متفاوتة في البعد أو في الانحراف.
اعترف بأن المثلية سلوك غريب يبتعد عن نصح الشريعة بالتزام الطريق الطبيعي أو الصحيح، إلا أنه لا يرى اختزال الموضوع في مسألة «حرام ومعصية».
وردا على من قالوا إن الله أهلك «قوم لوط» بسبب هذه «المثلية»، جاء من سورة هود بما يرى أنه السبب الرئيس لهلاك «قوم لوط» وهو:
١- جريمة انهيار القيم الإنسانية العامة.
٢- انحلال الأخلاق بالكلية.
٣- العدوان على الناس.
٤- ارتكاب الفواحش على الملأ.
٥- البلطجة على المسالمين.
٦- قطع الطريق.
وقال: إن مسألة «إتيان الرجال» مجرد مظهر واحد من مظاهر الانحطاط، والتحرش بضيوف لوط الغرباء الكرام، ومحاولة الاعتداء عليهم.
* أقول:
كما تعلمون، فإن قضية التوجه «نحو إسلام الرسول» الرئيسة هي «النهي عن المنكرات الدينية» التي يرتكبها من ينتسبون إلى «دين الإسلام» بالوراثة.
ولذلك لم أعمل «مينشن» باسم صاحب الموضوع، لأني لا أريد فتح باب الحوار حول هذا الموضوع، وسأكتب وجهة نظري فيما قاله من باب «النهي عن المنكر»، وعلى الأصدقاء الذين يريدون الاطلاع على منشوراته أن يذهبوا إلى حسابه.
أما عن الدافع الذي دفعني إلى النهي عن هذا المنكر، فهو الجملة الأولى من كلامه التي حملها البوست المرفق.
# أولًا:
إن الذي لم يؤمن بـ «نبوة» رسول الله محمد، ولم يتبع كتاب الله الخاتم، القرآن الكريم، فهو «حر»:
* «لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ»
ولا عقوبة عليه في الدنيا، إلا إذا كان من المعتدين:
* «فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ»
# ثانيًا:
لقد أنزل الله القرآن، ليتبع أحكامه، من آمن بصدق «نبوة» رسول الله محمد، وبأن هذا القرآن هو «كلام الله» واجب الاتباع، ومن أحكام القرآن، قول الله تعالى:
* «وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ»:
– «أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ»
– «يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا»
– «فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ»
– «حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ»
– «إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ»
– «إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً»
والذين يستحلّون ما حرّم الله، هم الذين «يكفرون» بما حرّمه الله، الذين بارتكابهم المحرم «يستهزؤون» بآيات الله، وقد حرّم الله القعود مع هؤلاء، ووصف من يقعد معهم ويستمع لهم بـ «المنافق».
وقد حرّم الله تعالى على المؤمن أن يستغفر أو يطلب الرحمة لكافر أو منافق، فقال تعالى بأسلوب بلاغي، خاطب به رسوله محمدًا ليكون حكمًا عامًا يشمل المؤمنين جميعًا إلى يوم الدين:
* «اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ»
– «إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً»
– «فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ»
– «ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ»
– «وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ»
والسؤال:
ما هي ملة هذا الإنسان، الذي علم أن «اللّه لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ»، ثم يطلب من الله لهم الرحمة؟!
ونلاحظ في هذا السياق، سياق «الاستغفار»، لم يقل الله تعالى:
* «وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ»
ذلك أن السياق الذي وردت فيه هذه الآية، يتعلق بمواقف «المنافقين» من الالتزام بأحكام القرآن، باعتبارهم يظهرون أمام الناس «إسلامهم»، ويدّعون «إيمانهم».
وعليه، يحرم على المؤمن أن يستغفر أو يترحم على من يعلم أنه مات «مصرًا» على ارتكاب ما حرم الله دون توبة، استنادا إلى قول الله تعالى:
* «بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً»
– سيئة واحدة، ولكنه أصر على فعلها حتى تحولت إلى خطيئة تحيط به:
* «وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ»
* «فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ – هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»
# ثالثًا:
لقد بَيّن الله تعالى وفَصّل، السبب الرئيس والوحيد في هلاك «قوم لوط»، وهو الشذوذ الجنسي «المثلية» الذي لم يفعله أحد في الأمم السابقة مطلقا، بقرينة:
١- قول الله تعالى «الأعراف / ٨٠-٨١»:
* «وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ»:
– «أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ»
– «مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ»؟!
فما هي هذه الفاحشة غير المسبوقة؟!
* «إِنَّكُمْ»:
– «لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء»
– «بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ»
٢- قول الله تعالى «العنكبوت / ٢٨-٢٩»:
* «وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ»:
– «إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ»
– «مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ»
فما هي هذه الفاحشة غير المسبوقة؟!
* «أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ»
* «وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ»
* «وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ»
* «فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا»
* «ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ»
فظن من لا يعلمون «علم السياق القرآني» أن قول الله تعالى:
* «وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ»
يعني قطع الطريق والاعتداء على الناس وأخذ أموالهم!!
وأن قول الله تعالى:
* «وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ»
يعني ارتكاب الفواحش والمنكرات بوجه عام على الملأ.
والحقيقة غير ذلك:
(أ): لا علاقة لنا بما ورد في كتب التفسير عن معنى الجملتين:
* «وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ»
* «وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ»
(ب): عندما لا تتحرك شهوة الرجال للنساء وإنما للرجال:
* «إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء»
وترتكب هذه الجريمة على مستوى الشعب كله، فهذا معناه:
– الإعراض عن مكان الحرث وإتيان ما ليس بحرث:
– فتكون النتيجة الحتمية «قطع السبيل» إلى النسل:
– الذي هو السبيل الوحيد إلى بقاء النوع.
(ج): إن السياقات القرآنية لقصة «قوم لوط»، لم تشر مطلقا إلى أن هناك جرائم كانوا يرتكبونها غير فاحشة «إتيان الرجال» في العلن عندما يجتمعون في أي مكان، لقول الله تعالى:
* «وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ»
فظن الذين لا يعلمون، أن كلمة «النادي» تعني المكان المبني بالحجارة الذي يعلمه الناس اليوم، والحقيقة غير ذلك:
وتكمن الحقيقة في اسم الإشارة المحذوف «هذا»، المفروض أن يُفهم ضمنيًا:
* «وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ [هَذَا] الْ مُنكَرَ»
وكذلك معنى حرف «فِي» في جملة «فِي نَادِيكُمُ»، الذي لم يأت هنا بمعنى الظرفية «الحقيقية»، كما تقول: «أقمت في الفندق»، وإنما جاء بمعنى الظرفية «المجازية»، كقول الله تعالى:
* «وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ»
ذلك أن كلمة «النادي» لا تطلق إلا حالة وجود الناس وتجمعهم:
من «ندا» القوم يَندون «ندوا»: إذا تجمعوا، ومنه «الندوة» التي تعقد مرة واحدة، فإذا انفض الناس وتفرقوا زالت هذه التسمية «الندوة»، فتدبر قول الله تعالى:
* «فَلْيَدْعُ نَادِيَه – سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ»
أي فليدع «الجماعة» أو «العشيرة» التي كانت تحميه.
فـ «قوم لوط» لم يكن يستمتعون بارتكاب فاحشة «إتيان الرجال» إلا عند تجمعهم «الجنس الجماعي».
هكذا يجب أن نفهم القرآن ونستنبط أحكامه.
محمد السعيد مشتهري



