

(1481) 10/7/2020 على هامش مقال أمس: «إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ – لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ – خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ» وتعليق: Wajdi Alkhorasani
يناير 29
3 min read
0
0
0
# أولًا:
ممنوع استخدام هذه التعبيرات السوقية «هههه … هههه» على هذه الصفحة، فنحن في «مقام علم» ولسنا في «سوق خضار».
# ثانيًا:
تقول: «الله كامل المعرفة، ومعرفتنا كلها في هذه الحياة نسبية مهما وصلت معرفتنا»
ثم تستشهد بآية وتكتبها من ذاكرتك، وتقول:
«حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمر الله»
فمن أين جئت بـ «أتاها أمر الله»، والصحيح: «أَتَاهَا أَمْرُنَا»، أم أنك ترى جواز الإلحاد في آيات الله بتغيير كلماتها؟!
ثم ما علاقة هذه الآية بـ «المعرفة الكاملة» و«المعرفة النسبية»؟!
أما عن «المعرفة الكاملة» المتعلقة بالله تعالى، و«النسبية» المتعلقة بالبشر، أقول لك:
ما فائدة أن يكون الله تعالى هو «الحقيقة المطلقة» في هذا الكون، «كامل المعرفة»، ثم يرسل الرسل برسالاته «كاملة المعارف»، ويأمر الناس باتباعها، وهو يعلم أن معارفهم نسبية؟!
فإذا فهم الناس الشريعة الإلهية وأحكامها «فهمًا نسبيًا»، كلٌ حسب هواه، سقطت الوحدانية، وسقطت أصول الدين، وسقط الحساب في الآخرة، ولم يعد هناك جنة ولا نار.
وعليه يكون هذا الإله الذي تتحدث عنه، والذي هذه هي شريعته، إلهًا مزيفًا ومعرفةً ناقصةً، وإذا كان هو الذي تعبده، فأنت تعبد صنمًا من أصنام الجاهلية الأولى.
إن مسألة «المعرفة النسبية» شماعة المفلسين علميًا، ولا يستخدمها في غير سياقها إلا الجُهَّال:
إن «١+١=٢» حقيقة مطلقة، يعرفها الناس جميعًا، وليست «معرفة نسبية».
# ثالثًا:
تسأل عن الآية «الواقعة / ٦٢»:
* «وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلاَ تَذكَّرُونَ»
وتقول: سؤال يتبادر إلى ذهني:
متى علمنا النشأة الأولى، وكيف لمن لا يعلم أن يتذكر؟!
* أقول:
فرق بين الذي يسأل ليتعلم، ويظهر ذلك في الأسلوب الذي يُعبر به عن سؤاله، وبين الذي يسأل ليتعالم، أو لأن الجدل العقيم يسري في دمه.
١- لقد قلت في مقال الاثنين الماضي:
«الرَّحْمَنُ – عَلَّمَ الْقُرْآنَ – خَلَقَ الإِنْسَان – عَلَّمَهُ الْبَيَانَ»
«ثم يأتي الخلق الثاني الذي حدث في عالم الشهادة، في بطون الأمهات»
٢- وقلت في مقال أمس الخميس:
* «نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ:
ثم يأتي الحديث عن دلائل الوحدانية ونعم الله التي لا تُحصى، في تناغم بديع مع آيات سورة الرحمن».
٣- قلت ذلك لبيان أن المقصود بـ «خَلَقْنَاكُمْ» هو «الخلق الثاني» الذي يكون في بطون الأمهات، بقرينة سياق الآيات التي جاءت بعد ذلك.
٤- أي أن سياق الآيات يتحدث عن خلق الإنسان الذي يعلمه الناس جميعًا ويُشاهدونه بأعينهم، وجاء ذلك في سياق بيان «دلائل الوحدانية» والرد على شبهات المكذبين المنكرين للبعث، وهذه الآيات هي:
* «أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ – أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ»
* «نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ»
* «عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ»
# رابعًا:
١- علينا أن نلاحظ التناغم بين جملة «مَا لاَ تَعْلَمُونَ»، في:
«وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ»
وجملة «فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ» في:
«نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ»
وعلاقتهما بـ «النَّشْأَةَ الأُولَى»، وذلك في سياق الرد على شبهات المكذبين، وقول الله تعالى لهم بعد ذلك:
* «وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلاَ تَذكَّرُونَ»
٢- «النَّشْأَة»: إيجاد وتكوين وخلق، وهذه «النَّشْأَةَ الأُولَى» المتعلقة بـ «عالم الشهادة»، هي التي أشارت إليها الآية «النجم / ٣٢»:
* « هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ – إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأرْضِ – وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ»
والتي ينتهي زمانها بـ «النَّشْأَةَ الأُخْرَى» التي تكون بعد الموت، ثم الإعادة إلى الحياة يوم البعث، وهذا ما أشارت إليه الآيات «النجم / ٤٥-٤٧»:
* «وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى»
٣- ونلاحظ أن هذا الخلق هو «الخلق الثاني»، بقرينة قول الله تعالى بعد ذلك:
* «مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى»
ثم يموت الإنسان، ويبعث:
* «وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى»
فالإله الذي خلق الإنسان من «مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى» في بطون الأمهات، الأمر الذي يستحيل أن ينساه أحد، لذلك جاء بمادة «التذكر» في هذه الآية:
* «وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلاَ تَذكَّرُونَ»
هو نفسه الإله القادر على إحياء الإنسان بعد موته:
* «وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى»
٤- وينتهي الحديث عن «دلائل الوحدانية» المتعلقة بـ «الخلق الثاني» المشاهد في بطون الأمهات، وبيان فعالية أسماء الله الحسنى في الخلق والجعل والإحياء والإماتة.
لينتقل السياق بعد ذلك إلى منظومة أخرى من «دلائل الوحدانية» حيث يقول الله تعالى:
* «أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ – أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ»؟!
وكل الآيات الكونية، في الآفاق والأنفس، هي «دلائل الوحدانية» التي يشاهدها الناس جميعًا ويتذكرونها جيدا، وهي المثبتة لصدق الله فيما أخير، وصدق رسوله فيما بلغ، وصدق القرآن فيما حمل:
* «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الأفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ»
* «حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ»
* «أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ»
محمد السعيد مشتهري



