

(1482) 11/7/2020 «فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً»
يناير 29
3 min read
0
1
0

# أولًا:
لا يوجد في القرآن معنى أي كلمة من الكلمات الثلاث:
١- «فَتَيَمَّمُواْ»
٢- «صَعِيداً»
٣- «طَيِّباً»
# ثانيًا:
عندما يقول الله تعالى:
* «إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ»
يجب أن نستكمل سياق الآية ولا نقف عند الجملة السابقة:
– وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ»
– بَغْياً بَيْنَهُمْ – وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ – فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ»
إن دين الإسلام «علمٌ»، والذين يُحصّلون علم هذا الدين يُسمّون بـ «العلماء»، وأول أبواب هذه العلم هو باب اللغة التي نزل بها القرآن حاملًا «دين الإسلام» للناس.
فاختلاف «الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ» كان مع وجود التوراة والإنجيل بينهم، واختلاف «الَّذِينَ أُوْتُواْ القرآن» كان مع وجود القرآن بينهم، والسبب «بَغْياً بَيْنَهُمْ»، والنتيجة:
* «وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ – فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ»
# ثالثًا:
لقد بيّن الله تعالى، أن هجر تفعيل كتاب الله في حياة الناس، «كفرٌ بِآيَاتِ اللّهِ»، وهذه كانت شكوى رسوله محمد، عليه السلام:
* «وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً»
إذن فماذا يعني قول الله تعالى:
* «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً – فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ – وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ»؟!
إن الله تعالى لن يقبل غير «دين الإسلام»، السابق الحديث عنه، القائم على العلم، ولذلك قال لرسوله محمد، عليه السلام:
* «وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم – مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ – إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ»
والسؤال:
كم عدد المسلمين الذين دخلوا في «دين الإسلام» من باب «العلم» بلغة القرآن العربية؟!
والجواب:
* «وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ»
* «وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ»
# رابعًا:
ولذلك، وفي غياب «العلم» بلغة القرآن العربية، يصبح «العلماء» بهذه اللغة أوصياء على «الجهلاء»، لا لأنهم يملكون الحقيقة المطلقة، وإنما لأنهم يملكون أدوات التعامل مع القرآن التي يجهلها غيرهم.
فإذا تعلم «الجُهّال» لغة القرآن العربية، أصبحوا «علماء» وأوصياء على من يجهلها حتى يتعلمها ويصبح «عالمًا»، وهكذا، فلا وصاية دينية في «دين الإسلام» على الإطلاق.
وعندما يتعلم المسلمون لغة القرآن العربية، سترفع عنهم وصاية الملحدين الذين لن يستطيعوا بعدها أن يخدعوهم ببدعة «التنوير» وأن التشريع القرآني يجب أن يكون تشريعًا شحروريًا متجددًا سقفه «الأخلاق»!!
واللافت للنظر، والعجيب حقاً، أننا نجد هؤلاء الملحدين، لا مانع عندهم من الاستدلال بمرويات الفرقة التي ولدوا فيها، وكذلك بسير الخلفاء، عند فهمهم وتفسيرهم للآيات القرآنية، والسبب:
أنهم «ملحدون» لم يدخلوا في «دين الإسلام» من بابه الصحيح، فلا يعلمون أن هذا القرآن الذي يجهلون كيفية تدبره:
١- يحمل في ذاته «الآية الإلهية» الدالة على صدق نبوة رسول الله محمد، اليوم وليس الأمس.
٢- وأن الإقرار بصدق هذه «الآية الإلهية» هو باب الدخول الوحيد في «دين الإسلام».
٣- أن نصوص الآية الإلهية القرآنية العقلية العربية، تُفهم بأدوات وإمكانات كل عصر العلمية، دون المساس بالثوابت العقدية والتشريعية القائمة بين الناس إلى يوم الدين.
٤- أن كل التراث الديني للفرق الإسلامية، «الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً»، أصبح بالنسبة للذي دخل في «دين الإسلام» من بابه الصحيح، تراثًا جاهليًا يحرم عليه النظر فيه.
# خامسًا:
وبناء على ما سبق بيانه، ومن منطلق أدوات التعامل مع القرآن حسب التوجه «نحو إسلام الرسول»، أقول:
١- إن قول الله تعالى «النساء / ٤٣»:
* «فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَي ْدِيكُمْ»
قد خلت منه كلمة «منه» بعد كلمة «وَأَيْدِيكُمْ»، لأن السياق يتحدث عن شروط صحة الصلاة والنهي عن قربان الصلاة مع انشغال الذهن بغيرها، ثم جاء «التيمم» متفرعا عنها وليس لبيان كيفية الوضوء والبديل عنه، فناسب ذلك حذف «منه»، فقال الله تعالى:
* «يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ»
– «لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ»
– «وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ»
– «وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ»
– «فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ»
– «إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً»
٢- أما قول الله تعالى «المائدة / ٦»:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ»
– «إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ»
– «فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ»
– «وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ»
– «وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ»
– «وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء»
– «فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً»
– «فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ»
– «مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ»
– «وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»
وناسب في هذا السياق ورود كلمة «منه» فقال تعالى:
* «فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ»
أي من الصعيد الطيب «فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً»، وذلك لبيان وجوب أن يلامس «الصعيد الطيب» الجلد أثناء عملية المسح بهدف نظافته.
# سادسًا:
«الصَّعيد»: على وزن «فعيل» وهو ما يصدق فيه الصُّعود على وجه الأرض إلى مستوى مرتفع، كالنباتات والأشجار، ويُجْمَع على صُعُد وصُعُدات وهي الأشياء المرتفعة.
يقول الله تعالى:
«إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ»
ويقول الله تعالى:
«وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ – يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً»
أي عذابًا شديدًا تصاعديًا.
ويقول الله تعالى:
«يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً – كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء»
إن مهمة «الوضوء» هي نظافة الأعضاء المذكورة في الآية، ثم يأتي «التيمم» بديلًا عن «الوضوء»، فبأي شيء يكون «التيمم»؟!
* «فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً»
يكون «التيمم» بأي نباتات تصلح أوراقها لنظافة الأعضاء التي نصت عليها الآية:
«فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ»
وهذا «الصعيد الطيب» كان يعرفه أهل الجزيرة العربية، وبديله اليوم هو الفوطة «القطن» أو الفوطة «الورق».
محمد السعيد مشتهري