

(1484) 12/7/2020 «من بحار لغة القرآن وحجيتها على المسلمين» [8] «اسم الفاعل واسم المفعول»
يناير 29
3 min read
0
0
0
لقد ختمت الدرس السابق «7» عن «حروف العلة» بقولي:
عندما نعطي علماء اللغة العربية ١٠٠٠ كلمة عربية ونطلب منهم كتابة موضوع يتضمن هذه الكلمات، فإننا سنحصل على موضوعات كثيرة ومختلفة، تعكس كفاءة وخبرة وعلم كل واحد من هؤلاء العلماء، تحصل بعضها على جوائز نوبل.
ولقد أعطى الله تعالى أهل اللسان العربي ٧٧ ألف كلمة عربية ليأتوا منها بسورة من مثل سور القرآن، فلماذا عجزوا؟!
* لأن صياغة كلمات القرآن في جمل قرآنية صياغة إلهية.
* و«مُسَمَّيات» كلمات القرآن الموجودة خارجه صناعة إلهية.
* و«التناغم» القائم بين الكلمة القرآنية ومُسَمَّاها إبداع إلهي.
لذلك قال الله تعالى:
* «قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ»:
– «عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ»
– «لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ»
– «وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً»
ثم تدبر ماذا قال الله تعالى بعدها:
* «وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـذَا الْقُرْآنِ»:
– «مِن كُلِّ مَثَلٍ»
– «فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً»
والسؤال:
١- من هم «أَكْثَرُ النَّاسِ» الذين أبوا الاستجابة لهدي هذا القرآن الذي لم يترك شيئًا فيه فائدة لهم في الدنيا والآخرة إلا ونص عليه بأسلوب بلاغي يصل إلى قلوبهم بسهولة ويُسر؟!
إنهم أصحاب القلوب التي زيّن لها الشيطان أعمالها فاتبعته دون تفكر ولا تعقل ولا تدبر ولا نظر، وجعلها تفسق عن أمر ربها وأصحابها يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
٢- ألا يعني هذا أن «أَكْثَرَ النَّاسِ»، بداية بعصر التنزيل، هؤلاء الذين استحبوا الكفر على الإيمان، كانوا يعلمون لغة القرآن العربية، وإلا فكيف يكفرون بما ضربه الله من أمثال بيانية بلاغية وهم يجهلون معناها؟!
# أولًا:
«اسم الفاعل واسم المفعول»:
إن لكل فعل فاعلًا، وقد يكون له مفعولًا:
مثال:
شرب محمدٌ العصير:
الحدث: هو الشرب، ومحمدٌ: هو الذي شرب: فهو الفاعل، وقد وقع هذا الحدث على العصير: فهو المفعول به.
فإذا قلنا: إن محمدًا «شارب» على وزن «فاعل»، فهذا هو «اسم الفاعل»، ومثله:
ضَرَبَ: ضاربٌ – هَرَبَ: هاربٌ.
وإذا قلنا إن العصير «مشروب» على وزن «مفعول»، فهذا هو «اسم المفعول»، ومثله:
مضروبٌ، مقتولٌ، مصروعٌ.
فالفرق بين «اسم الفاعل» و«اسم المفعول»:
«اسم الفاعل»: هو فاعل الحدث.
و«اسم المفعول» هو الذي وقع عليه الحدث.
# ثانيًا:
صياغة «اسم الفاعل» من الفعل الثلاثي على وزن «فاعل».
ويُصاغ «اسم المفعول» من الفعل الثلاثي على وزن «مفعول».
مثال:
١- قَتَلَ: فعل ثلاثي يكون:
– «اسم الفاعل» منه على وزن «فاعل»: «قَاتِلٌ».
– «اسم المفعول» منه على وزن «مفعول»: «مَقْتُولٌ».
٢- سَرَقَ: فعل ثلاثي يكون:
– «اسم الفاعل» منه على وزن «فاعل»: «سَارِقٌ».
– «اسم المفعول» منه على وزن «مفعول»: «مَسْرُوقٌ».
٣- أمثلة من القرآن:
(أ): يقول الله تعالى: «وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ»
اسم الفاعل: «السَّارِقُ» من الفعل «سَرَقَ» على وزن «فَعَلَ»، والسارقة مؤنث السارق، لحقته تاء التأنيث.
(ب): وعلى وزن «فَعَل» قول الله تعالى:
* «فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً»
اسم الفاعل «بَازِغَةً» من الفعل «بَزَغَ» مؤنث «بازغ».
(ج): وعلى وزن «فَعِلَ» قول الله تعالى:
* «فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ»
اسم الفاعل: «النَّادِمِينَ» جمع «نادم» من الفعل «نَدِمَ»
(د): وعلى وزن «فَعُلَ» قول الله تعالى:
* «وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً»
اسم الفاعل: «عَاقِر» من الفعل «عَقُر».
# ثالثًا:
الصياغة من الفعل غير الثلاثي:
يُصاغ «اسم الفاعل» من غير الثلاثي على وزن «مضارعه»، وذلك بحذف حرف المضارعة «الألف – النون – الياء – التاء» وجعل مكانه ميمًا مضمومة ونكسر ما قبل آخره.
وفي حالة «اسم المفعول»، تتبع نفس خطوات «اسم الفاعل» مع فتح ما قبل الآخر.
مثال:
١- اِنْتَظَرَ: فهذا فعل خماسي:
(أ): نحوله إلى المضارع بإضافة حرف المضارعة الياء، فيكون «يَنْتَظِرُ».
(ب): نحذف الياء ونضع مكانها ميمًا مضمومة ونكسر ما قبل الآخر «الظاء»، فيكون اسم الفاعل «مُنْتَظِرٌ».
(ج): ويكون «اسم المفعول» بفتح ما قبل آخر الكلمة فيكون «مُنْتَظَرٌ».
مثال: أقْبَلَ: المضارع: «يُقْبِلُ»:
– اسم الفاعل: نضع مكان الياء ميمًا مضمومة، ونكسر ما قبل آخره، يصبح اسم الفعال «مُقْبِلٌ».
– اسم المفعول: نفتح ما قبل آخر الكلمة: «مُقْبَلٌ».
وبناء على ما سبق، نستطيع أن نقول مباشرة على سبيل المثال:
– انْتَخَبَ – مُنْتَخِبٌ – مُنْتَ خَبٌ
– سَارَعَ – مُسَارِعٌ – مُسَارَعٌ
٢- أمثلة من القرآن:
يقول الله تعالى: «فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ»
اسم الفاعل: «مُّتَرَبِّصُونَ» من الفعل الرباعي «تَرَبَّص».
وقول الله تعالى:
* «إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ»
اسم الفاعل: «مُتَحَرِّفاً»، و«مُتَحَيِّزاً» من الأفعال «تَحرَّف» و«تَحَيَّز».
وقول الله تعالى:
* «مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ»
اسم الفاعل: «مُسَافِحَاتٍ» جمع «مسافحة» من الفعل «سَافَحَ».
وقول الله تعالى:
* «وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ»
اسم الفاعل: «مُّتَجَاوِرَاتٌ» جمع «متجاور» من الفعل «تَجَاوَرَ»
هذه باختصار شديد، مجرد إشارات لمحاور الموضوع، لنعلم ما يحمله القرآن من كنوز اللغة العربية التي كانت تنطق بها ألسن قوم رسول الله محمد قبل بعثته.
فكم عدد المسلمين المحبّين للقرآن، الذين يحفظونه ويقرؤونه ليل نهار، ويتهجدون به، يعلمون ما تحمله آياته من كنوز اللغة العربية؟!
إلا يخجلون وهم يقرؤون القرآن «الذي يدّعون تدبره» قراءة سطحية، ويقيمون الدورات القرآنية بدعوى معايشة آياته، وهم «لا يفقهون» بلاغة الآيات التي يُردّدونها وراء شيخهم بغير علم؟!
إن الله تعالى يقول:
* «وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا – وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»
والمسلمون يأتون باب «تدبر القرآن» فلا يفتح لهم، ويُزيّن لهم الشيطان أنه فُتح وفتح الله عليهم، والحقيقة أنهم ضلّوا الطريق، والسبب:
– أنهم لم يتقوا الله «وَاتَّقُواْ اللّهَ».
– ولم يفلحوا في تدبرهم «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» ولن يفلحوا، طالما أنهم يُصرّون على عدم دخول «التدبر» من بابه الوحيد:
«باب لغة القرآن العربية»
محمد السعيد مشتهري