top of page

(1494) 27/7/2020 «مقال الاثنين» «أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً – نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ – وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ»؟!

يناير 29

٦ min read

0

0

0

لم يأمر الله تعالى المسلمين بقتال غير المعتدين على حق الإنسان في اختيار «الدين» الذي يراه، حسب فهمه، دينًا واجب الاتباع، ويصدون الناس عن اتباع «الدين» الذي جاء به النبي الخاتم رسول الله محمد عليه السلام.

# أولًا:

يقول الله تعالى «الممتحنة / ٨-٩»:

* «لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ»:

– «لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ»

– «وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ»

– «أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ»

– «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ»

* «إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ»:

ـ «قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ»

ـ «وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ»

– «وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ»

– «أَن تَوَلَّوْهُمْ . وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ»

فها هي «أحكام القرآن» تأمر المسلمين بالبر والإقساط لكل من وقف موقف المسالمة والحياد، «من أي ملة كان»، وأن يحترموا العهود والمواثيق التي يعقدونها، إلا إذا نُقضت هذه العهود وتم الاعتداء عليهم.

يقول الله تعالى «التوبة / ١٢»:

* «وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم – مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ – وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ»

فإن نكث المشركون ما أقسموا عليه الأيْمان من وفاء بالعهود، وطعنوا في «دين الإسلام» الذي حمله «القرآن الكريم» بأي صورة من صور الطعن:

«فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ – إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ – لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ»

إن مجيء الآية «وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم …» معطوفة على الآيات التي سبقتها «التوبة / ١-١١»، يُبيّن أنه من الضروري عند استنباط «أحكام القرآن» أن نكون على دراية بـ «علم السياق»، ومن قبله «علوم اللغة العربية»:

١- فقد جاءت هذه الآيات تبيّن أحكام نقض المشركين المعتدين لعهودهم وأيْمانهم.

٢- لم تشترط الآيات على الناكثين العهود والأيْمان الدخول في «دين الإسلام»، فمن تاب منهم، ودخل في «دين الإسلام»، وعمل بأحكامه، وأقام الصلاة وآتى الزكاة … إنما فعل ذلك بكامل إرادته بعد أن علم أنه سيكون أخاً للمسلمين يحرم عليهم قتله.

٣- لا يصح استقطاع آيات أو جمل من هذه الآيات «التوبة / ١-١٥» وتوظيفها خارج سياقها المرحلي الذي نزلت تتفاعل معه في عصر التنزيل، إلا إذا تكرر هذا السياق في أي عصر، فعندها تطبق أحكام الآيات كما نزلت.

٤- كما لا يصح الإلحاد في أحكام الآيات ولي عنقها وتحريف دلالات كلماتها لتوافق توجهات منظمات حقوق الإنسان العالمية بدعوى الدفاع عن حرية الإنسان، فـ «ما هو كائن» في حياة الناس، لا يكون حاكمًا أبدًا على «ما يجب أن يكون» وفق أحكام القرآن.

# ثانيًا:

لماذا قال الله تعالى:

«فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ – إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ»

ولم يقل: «فَقَاتِلوُهُم – إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ»

لأن الكفر أصبح له «أئمة» يقودونه ويحملون لواءه، وهي من أشر الصفات التي عرفتها البشرية، لذلك وضع «أَئِمَّةَ الْكُفْرِ» موضع ضميرهم في «فَقَاتِلوُهُم»، ثم جاء بعلة ذلك فقال تعالى:

* «إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ»:

إنهم لا يتحرجون من أيْمان يُقسمونها ثم يغدرون بالمسلمين، فلعل قتالهم يجعل من لم يُقتل منهم ينتهي عن هذا «الكفر»:

* «لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ»:

عن كفرهم وشركهم الذي حملهم على نكث الإيْمان ونقض العهود، فقال الله تعالى بعد ذلك:

* «أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً»:

– «نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ»

إن حياة المعتدين الكافرين المشركين ومعيشتهم بين المسلمين كلها نكث للإيمان ونقض للعهود.

– «وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ»

والتعبير بـ «الهَم» يشير إلى ما في قلوبهم من نيّة منعقدة على إخراج الرسول من «مكة»، ولكنهم ينتظرن الفرصة المناسبة لذلك.

وفيها إشارة إلى أن هجرة الرسول إلى المدينة كانت بسبب هذا الإيذاء الذي تعرض له من المشركين في مكة، والذي لم يتوقف حتى بعد إقامة الرسول في المدينة:

– «وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ»

فتدبر: هم البادئون المعتدون، الذين حاولوا أكثر من مرة إخراج الرسول والذين آمنوا معه من المدينة، ولكنهم فشلوا.

فخاطب الله المؤمنين، من باب شد عزيمتهم وتحريضهم على قتال المشركين المعتدين، بأسلوب بلاغي يلفت نظرهم إلى مسألة إيمانية أكبر:

– «أَتَخْشَوْنَهُمْ . فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ . إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ»

وفي هذا السياق، ولبيان أن «دين الإسلام» كان هو الهدف الرئيس الذي يسعى المشركون المعتدون إلى النيل منه وفتنة المسلمين فيه، يقول الله تعالى «البقرة / ٢١٧»:

«وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ»:

– «حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ»

– «وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ»

* وهنا أقول:

إن الذي دخل في «دين الإسلام» وارتد وخرج منه، لا عقوبة عليه في الدنيا، وبرهان ذلك هو تحذير الله للمرتد أن يظل في حياته مصرًا على ردته وكفره:

– «فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ»

فإذا به يجد عقوبته في الآخرة:

– «فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ»

– «وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»

# ثالثًا:

وبعد أن حذر الله المسلمين من خشية المشركين المعتدين، ونفى عنهم «الإيمان» إن تلبست هذه الخشية قلوبهم، قال لهم في سياق شد أزرهم وتحريضهم على القتال، إنه عز وجل معهم ناصرهم:

١- «قَاتِلُوهُمْ – يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ – وَيُخْزِهِمْ – وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ»

نعم «وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ»: فلا تقوم لهم قائمة بعد ذلك.

٢- «وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ»:

صدور هؤلاء الذين نال منهم المشركون وعذبوهم وغدروا بهم وأخرجوهم من ديارهم، والسبب:

أنهم تمسكوا بـ «دين الإسلام» والتزموا بـ «أحكام القرآن»، وفي هذا السياق يقول الله تعالى «الحج / ٤٠»:

«الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ – إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ»

٣- «وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ»:

إن شفاء ما «في الصدور» غير ذهاب غيظ ما «في القلوب»:

– فالأول: بشرى وإشارة إلى انتصار الحق على الباطل وإظهار «دين الإسلام» على الدين كله.

– والثاني: ذهاب ما في قلب كل مسلم من غيظ وحقد على من غدر به وظلمه من المشركين.

٤- «وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ – وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»:

يتوب الله على «المشركين» الذين علم الله صدق توبتهم وإخلاص عبوديتهم، وليس الذين تابوا نفاقًا ليعصموا أنفسهم من القتل.

# رابعًا:

وإن البرهان على صدق التوبة، وإخلاص العبودية لله، والفهم الواعي لحقيقة الإيمان، والإقرار بأصول الإيمان الخمسة …، وكل ما يعصم المسلم من «النفاق»، إن هذا البرهان هو:

أن يجعل المسلم كل ذلك يسري في شرايين حياة «مجتمع الإيمان والعمل الصالح» سلوكًا عمليًا جنبًا إلى جنب مع «الإسلام» والتسليم لأحكام القرآن، في مواجهة التحديات والفتن والابتلاءات

يقول الله تعالى «التوبة / ١٦»

١- «أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ»:

إنه الابتلاء، وإنها الفتنة، فتدبر «العنكبوت / ٢-٣»:

«أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا»:

– «أَن يَقُولُوا آمَنَّا»

– «وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ»

– «وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ»

– «فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا . وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ»

ولذلك قال الله تعالى:

٢- «وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ»

٣- «وَلَمْ يَتَّخِذُواْ»:

(أ): «مِن دُونِ اللّهِ»

(ب): «وَلاَ رَسُولِهِ»

(ج): «وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ»

– «وَلِيجَةً»:

ولج يلج ولوجا: إذا دخل، وكل شيء دخل في شيء ليس منه فهو وليجة، والمراد بها هنا «البطانة».

والمعنى: ألا يتخذ المسلم «مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ» بطانة يَلجون منها إلى روابطهم ومصالحهم الخاصة مع المشركين، ويطلعونهم على أسرار «مجتمع الإيمان والعمل الصالح».

إنه الكشف عن معدن «الإيمان» وحقيقة «الإسلام» اللذان لم نعد نرى لهما اليوم أي مظاهر دالة على صدقهما.

لم نعد نرى «الولاء الإيماني» هو الرابطة الوحيدة التي تربط المسلمين بعضهم ببعض، لم نعد نرى «المفاصلة الإيمانية» التي تفرض على كل مسلم ألا ينكح إلا مؤمنة، وعلى كل مسلمة ألا تنكح غير مؤمن، والسبب:

أننا لا نرى أصلًا «مجتمع الإيمان والعمل الصالح»، ولا نرى أصلًا أي محاولات لإقامة هذا المجتمع، الذي يبدأ ببناء بيت الزوجية القائم على «الإيمان والعمل الصالح».

فهل يعلم المسلمون أن الله تعالى:

٤- «وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ»؟!

إذن فانظروا إلى بيوتكم، وإلى معيشتكم، وإلى أحوال أولادكم، وإلى ولائج السوء الذين يحيطون بهم، واسألوا أنفسكم:

أين «البذور» التي زرعها المؤمنون الدراسون المتدبرون للقرآن في أرض الواقع اليوم، والتي تثمر ولو بعد عقود من الزمن «شجرة» مجتمع الإيمان والعمل الصالح؟!

وإياكم أن تغفلوا، أن تضعوا في بيوتكم من اليوم، لافتة مكتوب عليها:

«وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ»

* وتذكروا:

١- أن الله تعالى لن يقبل إيمانًا ولا إسلامًا إلا إذا كان قائمًا على الإقرار بصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسوله محمد، والقائمة بين الناس إلى يوم الدين.

٢- إن الإقرار بصدق «الآية القرآنية العقلية»، الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، يستحيل أن يتحقق دون تدبر ودراسة نصوص هذه الآية، بالاستعانة بعلوم اللغة العربية التي كان ينطق بها لسان قوم النبي محمد من قبل بعثته.

٣- إن الاستعانة بعلوم اللغة العربية فرض عين على كل مسلم ومسلمة، وذلك لفهم القرآن واستنباط أحكامه، فكيف يفهم المسلمون القرآن وهم يجهلون أساليبه البيانية و«البيان» لا يكون إلا بلغة القوم، كما قال تعالى:

* «وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ»

وعلى أساس هذا «البيان» يُحدد الإنسان موقفه من الهدى والضلال:

* «فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ – وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ – وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»

٤- أن مقالات هذه الصفحة تتحدث عن «ما يجب أن تكون» عليه حياة المسلمين كما أمرهم الله في القرآن، فإذا وجدت فيها غير ما أمر الله به فأفدنا بعلمك، أما ما يتعلق بـ «ما هو كائن» فالذي يتحمل مسؤوليته هو المسلم، لقول الله تعالى:

* «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»

محمد السعيد مشتهري

يناير 29

٦ min read

0

0

0

Comments

Share Your ThoughtsBe the first to write a comment.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page