

(1495) 28/7/2020 «وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ»
يناير 28
٦ min read
0
1
0
والسبب:
«إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ – وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ»
هكذا تعامل أئمة السلف والخلف، والنجم الأزهري «عبد الله رشدي»، مع بدعة «إرضاع الكبير».
فتعالوا نرى بقلوبنا وليس فقط بأعيننا، كيف كان هجر المسلمين للقرآن سببًا في ضياع أمتهم وتخلفها، وضياع تربية أولادهم التربية الإيمانية التي تعصمهم من الوقوع في فك الإلحاد والتهامهم، وهم لا يشعرون.
# أولًا:
في الفيديو المرفق المتعلق برأي «عبد الله رشدي» في مسألة «إرضاع الكبير»، علينا:
١- أن نتدبر جيدًا ماذا قال حتى الدقيقة «1.50» ليغسل به عقول الآلاف الذين لا يعلمون شيئًا عن حقيقة ما يقول، ولا يفقهون شيئًا في «علم الحديث».
وأن «عبد الله رشدي» يوهم المستمعين بأنه يرفض أن يكون معنى «رضاع الكبير» الوارد في «الحديث الصحيح» يعني التقام الرجل ثدي المرأة مباشرة.
٢- ثم نتدبر كيف سحب عقول الناس بعد ذلك إلى متاهات أقوال أئمة السلف، وتأويلاتهم الباطلة لهذا الحديث حتى لا يسقط بسبب استحالة أن يبيح الرسول لـ «سهيلة بنت سهل» أن تكشف ثديها لـ «سالم» قبل الرضاعة، لأن كشف عورتها محرمٌ أصلًا.
فلابد أولًا من وجود رخصة تبيح للمرأة كشف ثديها لهذا الرجل الغريب قبل أن يرضع منه، الأمر الذي جعل أئمة السلف يفقدون عقولهم دفاعا عن رواية باطلة موضوعة.
# ثانيًا:
ثم يأتي النجم الأزهري «عبد الله رشدي» ليستغفل «كعادته» عقول الآلاف، بدعوى الدفاع عن السُنّة وعن البخاري، ويقول:
١- إن زوج أبي حذيفة «سهيلة بنت سهل» لم ترضع «سالم» مباشرة من ثديها، وإنما عصرت له اللبن في كبّاية ليشربه.
٢- ثم يزيد الطين مليون بلة ويقول، إن حالة «سالم» كانت حالة خاصة، لا تطبق بعد ذلك في أي عصر، ولا يُقاس عليها.
٣- ويستند في ذلك إلى أقوال بعض أئمة السلف، وأن السيدة عائشة كانت هي الوحيدة، من أمهات المؤمنين، التي قالت إن حالة «سالم» حالة عامة وليست خاصة.
٤- وهذا يعني أن مسألة «رضاع الكبير» كانت مسألة خلافية بين أمهات المؤمنين، الأمر الذي يُسقط الاستدلال بها في بيان أحكام القرآن قطعية الدلالة والقائمة على لغة القرآن وأساليبها البيانية.
# ثالثًا:
في الحقيقة، وإلى يومنا هذا، وأنا أزداد يقينًا بأن «التفاهة» هي سر «النجومية»، وأن الإنسان «التافه» كلما تكلّم مع الناس عن أشياء لا يعلمون حقيقتها، ويُعجبون بها لأنها توافق هواهم، ولا تصطدم بما هو كائن في معيشتهم، فإنهم يمكن أن يرفعوه إلى درجة القداسة وليس الإعجاب فقط.
١- لا توجد «رواية واحدة» منسوبة إلى النبي تقول إن «سهيلة بنت سهل» عصرت اللبن لـ «سالم» في كبّاية ليشربه، وإنما هي تأويلات باطلة لمعنى «أرضعيه يحرم عليك» حتى لا يسقط علم الحديث كله.
٢- لماذا أعطى أئمة السلف ظهورهم للغة القرآن العربية التي يعلمونها جيدًا، وراحوا يبحثون عن مخرج لهذا «الحديث» حتى ولو كان على حساب الكفر بلغة القرآن العربية؟!
والجواب:
لأن «الإغواء الشيطاني» الذي أمسك بقلوب المسلمين، وجعلهم يتفرقون في «دين الإسلام» إلى شيع وأحزاب، هو نفسه الذي جعل «الرواية» مهما كانت درجة صحتها، حاكمة على «الآية القرآنية» وعلى لغتها العربية.
٣- إذا كان معنى الفعل «أرضعيه» هو أن تعصر «سهيلة بنت سهل» اللبن في كُبّاية وتعطيه لـ «سالم» من وراء حجاب ليشربه، إذن فما الذي كان يدعوها أن تقول للنبي:
* «كيف أرضعه وهو رجل كبير»؟!
وفي رواية أخرى:
«كيف أرضعه وهو رجل ذو لحية»؟!
إذا كانت قد فهمت أنها ستعصر اللبن في كُبّاية وتعطيه لـ «سالم» من وراء حجاب؟!
والجواب:
أن «سهيلة بنت سهل» فهمت من كلام النبي، ومن الفعل «أرضعيه»، أنها ستكشف ثديها لـ «سالم» ليرضع مباشرة منه، وإلا ما قالت:
«كيف أرضعه وهو رجل كبير ذو لحية»؟!
ولذلك استعظمت أن تكشف ثديها له.
ثم يقول لها النبي: لقد علمت أنه رجل كبير ذو لحية!!
# رابعًا:
لا يوجد في علوم اللغة العربية، ولا في علم المنطق، القول بأن من «شرب اللبن من كُبّاية» يُقال إنه «رضع اللبن من الثدي»، فهذا هو عين الجهل والخبل العقلي الذي أصاب أئمة السلف ومن نقلوا عنهم، مثل النجم الأزهري «عبد الله رشدي».
١- فرق كبير:
(أ): بين أن تعصر المرأة لبنها في «بزازة» وتعطيه للطفل، بسبب مرض لا يجعلها تتحمل التقام الطفل ثديها، وأن هذا اللبن يجعله ابنًا لها.
* وهنا نقول إن الطفل «شرب اللبن».
(ب): وبين أن يرضع الطفل الرضاعة الطبيعية بالتقام ثدي أمه، وأن هذا اللبن الذي رضعه يجعله ابنًا لها.
* وهنا نقول إن الطفل «رضع اللبن».
٢- ذلك أن تعريف «الرضاع» الذي عرفه أهل اللسان العربي الذين نزل عليهم القرآن هو:
«التقام الثدي»
وعليه فهم أهل اللسان العربي معنى قول الله تعالى:
* «وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ»
# خامسًا:
في عام «٢٠٠٧م» أفتى الدك تور عزت عطية، رئيس «قسم الحديث» بكلية أصول الدين، جامعة الأزهر، التي تخرج منها النجم الأزهري «عبد الله رشدي»:
«بجواز أن تُرضع المرأة زميلها في العمل، ليحل لها التواجد معه في مكان مغلق، إذا اضطرت ظروف العمل لهذه الخلوة».
فقمت بكتابة مقال في صحيفة الأحرار بعنوان «فتوى إرضاع الكبير» أرد فيه على هذه المصيبة الأخلاقية الكبرى، قبل أن تكون مصيبة عقدية، التي تسبب فيها ما يُسمى بـ «علم الحديث».
المقال:
أفتى الدكتور عزت عطية، الذي كان يشغل منصب رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين، جامعة الأزهر، بجواز أن تُرضع المرأة زميلها في العمل، ليحل لها التواجد معه في مكان مغلق، إذا اضطرت ظروف العمل لهذه الخلوة.
ولقد كانت هذه الفتوى سببا في فصله من منصبه، بعد التحقيق معه، فما هي أدلة الدكتور رئيس قسم «السنة النبوية»، كما يقولون، التي استند إليها في فتواه هذه؟!
قال:
إن الرضاع يعني «التقام الثدي».
وعندما سُئل:
هل يكون إرضاع الكبير بالحلب في إناء أم بالتقام الثدي؟!
أجاب:
«إرضاع الكبير يكون مباشرًا، أي بـ «التقام الثدي»، و«سالم» الذي رضع كان كبيرًا وله لحية، والحديث صحيح، ومن يعترض على الحديث، فيكون اعتراضه على رسول الله».
فقد ساوى رئيس قسم الحديث بين «رواية الرواة» ظنية الثبوت عن الرواة الذين نقلوها، وبين «حديث الرسول»، الذي لو كنا معه، أو لو كان هو معنا اليوم، ما وسعنا إلا طاعته.
ولكن الغريب، أن بعد صدور قرار فصل الدكتور عزت عطية من الأزهر، قام بالاعتذار عما أفتى به، وقال:
إن ما أفتى به كان مجرد اجتهاد نقله عن الأئمة: ابن حزم، وابن تيمية، وابن القيم، والشوكاني»
وبعد هذا الاعتذار أعيد لعمله، والسؤال:
على فرض أن رئاسة الدكتور عزت عطية لقسم الحديث بالأزهر، كانت في ظل نظام تحكمه الجماعة السلفية التي تقوم دائما بالتعاون مع مؤسسة الأزهر طالما أن الهدف هو تطبيق الشريعة الإسلامية، شريعة فرقة أهل السنة.
ووافق «مجلس الشعب» على العمل بفتوى «إرضاع الكبير» استنادًا إلى حجية المصدر الثاني للتشريع «السنة النبوية»، واتباعًا للحديث الصحيح المتفق عليه بين البخاري ومسلم.
وتم العمل بهذه الفتوى في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، وأصبحت المرأة تكشف ما يحرم كشفه…، والسؤال:
بماذا ستشعر المرأة، وكذلك الرجل، خلال الخمس «مَصّات المُشبعات»، وهما يعلمان أن «التحريم» لن يتحقق إلا بعد اكتمال هذه المَصّات، ثم من الذي سيحدد «الشبع»، وهل سيحدث ذلك أمام الموظفين أم في خلوة؟!!!
فإذا ذهبنا إلى المصدر الثاني للتشريع، المسمى بـ «السنة النبوية»، نجد العجب العجاب:
١- ذهب «الجمهور» إلى أن حكم الرضاع إنما يثبت في الصغير.
٢- وأجابوا عن قصة «سالم» بأنها خاصة به، كما وقع من أمهات المؤمنين لما قالت لهن عائشة بذلك محتجة به.
٣- وأجيب على ما سبق:
بأن دعوى الاختصاص تحتاج إلى دليل، وقد اعترفن بصحة الحجة التي جاءت بها عائشة، ولا حجة في إبائهن لها كما أنه لا حجة في أقوالهن، ولهذا سكتت أم سلمة لما قالت لها عائشة:
«أما لك في رسول الله أسوة حسنة»؟!
ولو كانت هذه «السُنّة» مختصة بـ «سالم» لنص النبي على ذلك.
٤- ولقد واجهت العلماء مشكلة حرمة كشف «امرأة أبي حذيفة» ثديها أصلا لـ «سالم» ليرضع وهو رجل كبير ذو لحية، فكان يجب أن يجدوا لها مخرجًا لتكشف نفسها أمامه، وهو رجل لا يحل له أصلًا أن يرى عورتها.
يذكر ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب: من قال لا رضاع بعد حولين:
أن أهل الظاهر، والليث، قالوا:
إن الرضاعة المحرمة إنما تكون بالتقام الثدي ومص اللبن منه، ورد على ابن حزم أنه يلزم على قولهم إشكال في التقام سالم ثدي سهلة وهي أجنبية منه، فإن عياضًا أجاب عن الإشكال:
باحتمال أنها «حلبته» ثم شربه من غير أن يمص ثديها.
قال النووي:
وهو احتمال حسن، لكنه لا يفيد ابن حزم لأنه لا يكتفى في الرضاع إلا بـ «التقام الثدي»، لكن أجاب النووي بأنه عفي عن ذلك للحاجة.
وأما ابن حزم فاستدل بقصة سالم على جواز مس الأجنبي ثدي الأجنبية والتقام ثديها إذا أراد أن يرتضع منها مطلقا!!
# سادسًا:
ننظر إلى من قال بأنها رخصة، وإلى من قال بأنها خصوصية، ثم من قال بجواز مس الأجنبي ثدي الأج نبية والتقام ثديها إذا أراد أن يرتضع منها مطلقا!!
ثم تعالوا ننظر إلى الفتوى رقم «٤٧٧٢١» اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية:
* هل يجوز مص صدر المرأة عند الجماع؟!
الجواب:
«الحمد لله، للزوج أن يستمتع بزوجته بما يشاء، وحتى لو رضع من ثديها فهو داخل في الاستمتاع المباح.
ولا يقال بتأثير اللبن عليه، لأن رضاع الكبير غير مؤثر في التحريم، وإنما الرضاع المؤثر هو ما كان في الحولين».
* أقول:
إذن فنحن أمام مصيبة عقدية وكارثة أخلاقية كانت وراءها «مرجعيات دينية»:
– ما أنزل الله بها من سلطان.
– تبيح قتل النفس بغير حق.
– تكشف عورات النساء أمام الغرباء.
– استنادا إلى «روايات آحاد» ظنية الثبوت عن رسول الله.
– اصطلح أئمة السلف على تسميتها بـ «السنة النبوية».
– لتأخذ قدسية في قلوب أتباع هذه المرجعيات.
محمد السعيد مشتهري
الرابط: