top of page

(1501) 6/8/2020 «مقال الخميس» «يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم»

يناير 28

٥ min read

0

0

0

أريد أن أبيّن في البداية، أن هذا المقال يحوي كثيرًا من التعبيرات المجازية والأمثلة التي لا يعلم حقيقتها إلا الله تعالى، وقد جاء بها السياق القرآني لتقريب المعاني.

# أولًا:

إن نور الإيمان بالنسبة لـ «المسلم»، والذي لا مصدر له غير القرآن الذي حمل آية صدق «نبوة» رسوله محمد، هو حياته المادية والمعنوية، وبدون هذا «النور» لن يُحشر أي إنسان يوم القيامة مع المؤمنين:

* «أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً»:

– «فَأَحْيَيْنَاهُ»

– «وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ»

والسؤال: لماذا قال الله تعالى «في النَّاسِ» ولم يقل «بين النَّاسِ» وهو الأنسب للمعنى؟!

والجواب: قال تعالى «في النَّاسِ» لبيان أن «نور الإيمان» يجب أن يدخل «في» قلوب الناس وليس فقط بينهم، أي لا يكون نور زينة ظاهرية والقلوب خاوية.

و«النور» يقابله «الظلمات»:

– «كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا»

وجاء «النور» بصيغة المفرد «نُوراً» لأن الحق واحد، أما «الظُّلُمَات» فتتعدد وتختلف صورها وأجناسها، وفي هذا السياق يقول الله تعالى:

«قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ – أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ»؟!

– «كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ»

إن «النور» تنكشف به «الظلمات»، والنفاق من أخطر صور الظلمات القلبية، ولذلك كان هو أول شيء حذر الله المؤمنين منه، ثم بعد أن جمع صفات المنافقين المحورية، ضرب المثل على حالهم فقال تعالى «البقرة / ١٧-١٨»:

«مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً»:

– «فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ»

– «ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَ يُبْصِرُونَ»

– «صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ»

إن المنافقين استوقدوا نارًا، أي أخذوها من غيرهم، فلما فرحوا وأضاؤوا بها ما حولهم، ذهب الله بهذا النور وتركهم في ظلماتهم.

ولماذا لم يقل الله تعالى «ذَهَبَ اللّهُ بِنَارِهِمْ» ليوافق السياق؟!

لأن المنافقين كانوا يُظهرون «الإيمان» ويدّعون أنهم يحملون «نُورَه» الذي يحمله المؤمنون، والحقيقة أنهم كانوا يعيشون بين المؤمنين وليسوا منهم، ويقولون «آمنا» نفاقًا، وقد كشف الله نفاقهم هذا فقال تعالى:

* «قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا – قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا – وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا – وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ»

إن «النفاق» من أخطر الأمراض القلبية التي يستحيل أن تسمح لـ «نور الإيمان» أن يدخلها.

إن «نور الإيمان»، الذي حملته «الآية القرآنية العقلية»، هو العاصم الوحيد من «نفاق القلوب»، هذا إذا أردنا مجتمعًا إيمانيًا يُحشر يوم القيامة والنور يسعى من بين أيديهم وبأيمانهم.

* «يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم»

فإياك أن تموت، وأنت لا تحمل معك نور «الآية القرآنية العقلية»، وإلا حشرت مع «المنافقين»، لأن الله تعالى يقول:

* «وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً – فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ»

# ثانيًا:

إن «الآية القرآنية العقلية» هي وحدها القادرة على إخراج الناس من ظلمات ملل الكفر كلها إلى نور الوحدانية، فيقول الله تعالى:

* «الر – كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ – لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ – بِإِذْنِ رَبِّهِمْ – إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ»

ويقول الله تعالى:

«قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ – يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ – وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ – وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»

إن قول الله تعالى: «يَهْدِي بِهِ» يُبيّن أن العطف الوارد في جملة:

«قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ – نُورٌ – وَ – كِتَابٌ مُبِينٌ»

عطف صفة وتأكيد بيان، فـ «النور» صفة «الكتاب المبين، فتدبر:

«يَا أَيُّهَا النَّاسُ»:

– «قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ»

– «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً»

فهل البرهان غير النور؟!

إن الله تعالى عندما يصف كتابه بأنه «نُورٌ – ومُبِينٌ» فيستحيل أن تكون «اللغة» التي نزل بها هذا الكتاب لا تهدي الناس إلى صراط ربهم المستقيم، وخاصة إذا كان الناس هم العرب قوم النبي محمد.

فهل أنت من العرب، ولدت عربيًا وتتحدث العربية، وهل الآية التالية تخصك، وأن الله سيحاسبك على عدم تعلمك لغة القرآن العربية، إلا إذا كنت غير عاقل:

* «الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ»:

– «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً»

– «لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»؟!

ولاحظ أن «الكتاب المبين»، هو نفسه «القرآن المبين»، فتدبر:

* «طس – تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ – وَكِتَابٍ مُبِينٍ»

* «الر – تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ – وَقُرْآنٍ مُبِينٍ»

وفي الحالتين لقوم يعقلون:

* «قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»

* «إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»

إن «آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ» نزلت «قُرْآناً عَرَبِيّاً» بلغة عربية كان ينطق بها لسان العرب، وكانت مصاحبة لهم في كل شأن من شؤون حياتهم، ولذلك تعالوا نتدبر عمل «باء المصاحبة» في الآيات التالية:

* «وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ (بِـ) لِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ»

* «لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (بِـ) لِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ»

* «فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ (بِـ) لِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ»

* «فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ (بِـ) لِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»

«لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»:

فإياك أن تموت قبل أن تتذكر وتتعقل وتتدبر جيدًا أن «نور الإيمان» في هداية «لغة القرآن العربية»، وأن:

* «وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً – فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ»

# ثالثًا:

إن العلامة التي تُميّز أهل الجنة عن أهل جهنم يوم الحساب، أن أهل الجنة يصاحبهم «نور» دوما:

يقول الله تعالى «التحريم / ٨»:

* «يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ – نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ»

* ويقول الله تعالى «الحديد / ١٢»

* «يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ – يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم»

ونلاحظ أن في الآية الأولى قال تعالى:

* «نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ»

وفي الآية الثانية قال تعالى:

* «يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم»

ذلك أن في الآية الأولى جاء السياق بالجملة الاسمية لإفادة الثبوت والدوام، تشريفًا لذكر اسم النبي فيها، وجاء في الآية الثانية بالجملة الفعلية لإفادة الحدوث والتجدد، لأن المقام مقام بشرى للمؤمنين بما فيهم النبي، عليه السلام.

ويسأل يوم القيامة المنافقون المؤمنين من أين جاؤوا بهذا النور، فيقول المؤمنون لهم:

* «ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً»

أي ارجعوا إلى هذا المكان الذي وراءكم وستحصلون على النور.

وهو أسلوب تهكم وسخرية واستهزاء، يناسب ما كان يفعله المنافقون في المؤمنين في الدنيا.

وعندما ذهب المنافقون إلى هذا المكان ليحصلوا على هذا النور ضُرب بينهم وبين المؤمنين بحاجز منيع يفصل بين «مقام الرحمة» الذي سيعيش فيه المؤمنون، وبين «مقام العذاب» الذي سيعيش فيه المنافقون.

إن المنافقين لا يعلمون أن هذا النور الذي:

«يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم»

هو نور إخلاص عبوديتهم لله تعالى.

نور العمل بأصول الأيمان الخمسة.

نور خلع ثوب التدين الوراثي والدخول في «دين الإسلام» من بابه الصحيح، باب الإقرار بصدق «الآية القرآنية العقلية».

فإياك أن تموت، وأنت لا تحمل معك نور الإقرار بصدق «الآية القرآنية العقلية» والعمل بما حملته نصوصها، وإلا حشرت مع «المنافقين»، ولم تكن من «المؤمنين»:

«يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ – يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم»

وانتبه:

* «وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً – فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ»

* وتذكروا:

١- أن الله تعالى لن يقبل إيمانًا ولا إسلامًا إلا إذا كان قائمًا على الإقرار بصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسوله محمد، والقائمة بين الناس إلى يوم الدين.

٢- إن الإقرار بصدق «الآية القرآنية العقلية»، الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، يستحيل أن يتحقق دون تدبر ودراسة نصوص هذه الآية، بالاستعانة بعلوم اللغة العربية التي كان ينطق بها لسان قوم النبي محمد من قبل بعثته.

٣- إن الاستعانة بعلوم اللغة العربية فرض عين على كل مسلم ومسلمة، وذلك لفهم القرآن واستنباط أحكامه، فكيف يفهم المسلمون القرآن وهم يجهلون أساليبه البيانية و«البيان» لا يكون إلا بلغة القوم، كما قال تعالى:

* «وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ»

وعلى أساس هذا «البيان» يُحدد الإنسان موقفه من الهدى والضلال:

* «فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ – وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ – وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»

٤- أن مقالات هذه الصفحة تتحدث عن «ما يجب أن تكون» عليه حياة المسلمين كما أمرهم الله في القرآن، فإذا وجدت فيها غير ما أمر الله به فأفدنا بعلمك، أما ما يتعلق بـ «ما هو كائن» فالذي يتحمل مسؤوليته هو المسلم، لقول الله تعالى:

* «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»

محمد السعيد مشتهري

يناير 28

٥ min read

0

0

0

Comments

Share Your ThoughtsBe the first to write a comment.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page