

(1503) 8/8/2020 «من بحار لغة القرآن وحجيتها على المسلمين» [11] «التشبيه»
يناير 28
3 min read
0
0
0

قلت وأقول:
إن تعامل المسلمين مع القرآن ككتاب إلهي بمعزل عن «الآية العقلية» التي يحملها، والدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، كتعامل اليهود والنصارى اليوم مع كتبهم.
فماذا يفهم المسلم من قول الله تعالى «الزمر / ٢٢»:
* «أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإسْلاَمِ»:
– «فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ»
– «فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ»
– «أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ»؟!
لقد بدأت الجملة الأولى باستفهام إنكاري «أَفَمَن»، والدارس المتدبر للقرآن، سيشعر بأن هناك شيئًا ناقصًا في الجملة ليُتم معناها، فهل يعلمه الذين يعطون ظهورهم لعلوم اللغة العربية؟!
إنه خبر «مَن» الذي يجب أن يكون موجودًا قبل جملة «فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ» لاستكمال نفي المساواة بين شيئين على النحو التالي:
«أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإسْلاَمِ»
«كَمَنْ»: لم ينشرح صدره للإسلام وبقي على كفره؟!
إن الذي لم يفهم أداة التشبيه «كـ» التي حملتها الكلمة المستترة «كَمَنْ» هو من الذين «اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً»، ويدّعون أنهم من أهل تدبر القرآن، ذلك أن:
«المُشَبَّه»: في هذه الآية جملة كاملة وهي:
* «مَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ»
وباقي أركان التشبيه في الجملة «المستترة»:
«كَمَنْ لم ينشرح صدره للإسلام وبقي على كفره»؟!
– أداة التشبيه: «كـ».
– المُشَبَّه بِه: باقي الجملة.
– وجه الشبه: عدم التمييز بين الحق والباطل، بين الهدى والضلال.
ثم وماذا عن قول الله تعالى «الزمر / ٢٤»:
* «أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ»؟!
ألم تشعر بعد قراءتك لجملة:
«أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
بوجود شيء ناقص قبل جملة:
«وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ»؟!
إن هذه الآية لا تحمل أيضًا غير «المُشَبَّه» وهو:
«مَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
وباقي أركان التشبيه «مستترة» في جملة:
«كَمَنْ نجّاه الله من سوء العذاب ودخل الجنة»؟!
أي هل يستويان يوم القيامة؟!
واعلم أن صياغة معظم آيات الذكر الحكيم على هذا النحو من بلاغة البيان الذي حملته نصوص «الآية القرآنية العقلية»، فهل تقرأ وتتدبر القرآن على هذا الأساس العلمي؟!
# أولًا:
١- يقول الله تعالى «الحج / ٣١»:
* «وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ»:
– «فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء»
– «فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ»
– «أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ»
وهو تشبيه لـ «المشرك» الذي يحسب أنه على شيء ينجيه من عذاب جهنم، بمن خرّ من السماء دون شيء ينجيه من الموت المحقق، فإذا بالطير تتقاسم جسده بمخالبها، أو تهوي به الريح في مكان يصبح فيه جيفة منتنة.
وهو تشبيه تمثيلي على هيئة صورة متحركة لسوء عاقبة ملل الكفر كلها عندما تعطي ظهرها لطاعة الله ورسله.
٢- ويقول الله تعالى «القمر / ٧-٨»:
* «خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ»
وهذا نوع من التشبيه يبيّن كيفية خروج الناس من قبورهم:
إنهم يخرجون من قبورهم كخروج جراد العالم في وقت واحد من بيوتهم، مندفعين مسرعين نحو هدف واحد، جاء تشبيه آخر لبيانه:
يقول الله تعالى «المعارج / ٤٣-٤٤»:
* «يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ – خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ»
وانظر هنا عندما يأتي التشبيه بما كان يفعله الكافرون المشركون في الدنيا من الإسراع نحو آلهتهم التي يقدسونها من دون الله، سواء كانت حجرًا أو شجرًا أو بشًرا:
«كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ»
وعندما يأتي تشبيه الخروج من القبور بـ «الْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ»:
يقول الله تعالى «القارعة / ٤»:
* «يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ»
ولكن الأمر يوم القيامة يختلف، حيث يكون الخروج والإسراع إلى «ميزان الحساب»:
* «فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ – فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً -وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْر ُوراً»
* «وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ – فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً -وَيَصْلَى سَعِيراً»
وكما أقول دائما في دروس اللغة العربية، إن مهمتي في هذا السياق، هي الإشارة فقط إلى الموضوع الذي يحتاج بيانه وتفصيله إلى عشرات المقالات، ويمكنكم الرجوع إلى التفاصيل في مراجعها الموجودة على شبكة الإنترنت.
محمد السعيد مشتهري