top of page

(1519) 27/8/2020 «مقال الخميس» «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا»

يناير 28

6 min read

0

0

0

إن من الأهداف الرئيسة التي تسعى إلى تحقيقها صفحة «نحو إسلام الرسول» منذ إنشائها، ألا تكون العلاقة بين صاحب هذه الصفحة والمتابعين لها علاقة أستاذ بـ «تلميذ» وعالم بـ «متعلم»، وإنما أن تكون مع مرور الوقت، علاقة أستاذ بـ «أستاذ» وعالم بـ «عالم».

وليس المقصود بـ «العالم»، في هذا السياق، الإنسان الذي يفقه كل شيء، وإنما المقصود الإنسان الذي يفقه المعلومة التي يحملها ويعلم مصدرها، لا أن يكون تابعًا مقلدًا بغير علم.

تأتيني على الخاص أسئلة عن الفروق اللغوية بين الكلمات القرآنية من السهل جدا أن يعرف السائل إجابتها من على «جوجل».

فإذا طلبت منه أن يبحث أولًا بنفسه عن الإجابة وإن لم يصل إليها سأجيبه، يغضب ويفارق الصفحة ويشيع بين الأصدقاء أن مشتهري «متكبر»!!

وتأتيني أسئلة عن أحكام القرآن، فأسأل السائل:

هل أنت تابع لفرقة من الفرق الإسلامية، فيقول لي نعم تابع لفرقة كذا …، أقول له اخلع ثوب «شرك التفرق في الدين» أولًا، ثم تعالى اسأل عن «أحكام القرآن».

وتأتيني على الصفحة أسئلة إجابتها موجودة في الثلاثة منشورات السابقة، واختصارا للوقت أضع للسائل روابط المنشورات ليقف بنفسه على الإجابة على سؤاله بشيء من التفصيل.

فإذا به بعد نصف دقيقة يُعلّق ويقول:

لماذا لم تلخص لي الإجابة في جملتين، ويغضب ويفارق الصفحة ويشيع بين الأصدقاء أن مشتهري «متكبر»!!

وأكثر من ذلك الكثير … الأمر الذي يجعلني اضطر أحيانًا إلى استخدام الأسلوب الفظ الغليظ، وذلك من باب الترهيب، الذي يحمل في جوهره الرحمة والحرص على أن يتعلم الأصدقاء.

وهل تربى عظماء العلماء على غير أسلوب الترهيب؟!

لقد بدأت المقال بهذه المقدمة ليعلم الأصدقاء والذين يتابعون الصفحة عن بعد، لماذا تتحرك منشورات الصفحة في إطار محدد لا تخرج عنه إلا إذا اقتضت الضرورة ذلك، وهذا الإطار هو:

– دعوة المسلمين إلى إعادة الدخول في «دين الإسلام» من بابه الصحيح، باب «الآية القرآنية العقلية».

– إخراج المسلمين من دائرة الاتباع والتقليد الأعمى، إلى دائرة المنهجية العلمية في التعامل مع آيات الذكر الحكيم.

– تعلم لغة القرآن العربية وعلومها، التي حملت «منظومة التواصل المعرفي» مراجعها، كما حملت مراجع لغات شعوب العالم.

– الأولوية في النشر لما سبق بيانه، لا لبيان أحكام القرآن والرد على شبهاتها، ذلك أن الله تعالى خاطب المؤمنين بأحكام القرآن لا الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا.

# أولًا:

١- يقول الله تعالى «فصلت / ٣٠-٣١»:

* «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ – ثُمَّ اسْتَقَامُوا»:

– «تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا»

– «وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ»

– «نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخرةِ»

– «وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ»

ـ «نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ»

٢- السؤال:

* «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ – ثُمَّ اسْتَقَامُوا»:

– فهل قال المسلمون «رَبُّنَا اللَّهُ»؟!

نعم قالوا ويقولون ربنا الله في كل دقيقة.

– وهل «اسْتَقَامُوا»؟!

لا لم يستقيموا، وينتظرون منذ قرون مضت أن يهديهم الله كلما دعوه «اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ» ولم يهدهم إلى يومنا هذا، وتركهم يعيشون في مقبرة «شرك التفرق في الدين» التي سيبعثون منها مباشرة إلى جهنم.

ذلك أن «الجنة» قد أعدت لـ «المتقين»، الذين قال الله تعالى عنهم استكمالًا للآية:

– «تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا»

– «وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ»

٣- «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ» ثم لم «يسْتَقَيمُوا»، ليسوا من «أولياء الله» في «الدنيا والآخرة»، الذين قال الله لهم استكمالًا للآية:

– «نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخرةِ – وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ – نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ»

٤- نعم: «نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ»:

فهل تاب المسلمون وأصلحوا قلوبهم وقلوب أولادهم، واجتمعوا على قلب رجل واحد أمة واحدة، تفهم «دين الإسلام» بدراستها وتدبرها لـ «آيات الذكر الحكيم»، كي يغفر الله لهم ويرحمهم؟!

* «وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ»:

– «لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ»

– «وَلَـكِن كَذَّبُواْ»

– «فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ»

– هذه هي المعيشة «الدينية» الضنك التي يعيش بداخلها المسلمون، ويظنون أن معيشتهم «الدنيوية» وسعادتهم بها، هي «العمل الصالح» الذي سينجيهم من عذاب جهنم.

# ثانيًا:

١- إن «الاستقامة» كلمة قرآنية «دال» كغيرها من كلمات القرآن التي لا يحمل القرآن معناها «مدلولها»، وعلى متدبر القرآن أن يبحث عن معناها في «معاجم اللغة»، بشرط أن يكون المعنى متناغمًا مع السياق الذي وردت فيه الكلمة.

ولا يستند متدبر القرآن إلى المعارف الموروثة التي حملها قلبه منذ ولادته، عن طريق «منظومة التواصل المعرفي»، فقد حملت هذه المنظومة «الحق والباطل»، وميزان معرفة الحق ميزان ثلاثي:

– اللفظ القرآني: «دال».

– المعنى المعجمي: «مدلول» اللفظ القرآني خارج القرآن.

– تناغم الدال والمدلول مع «السياق القرآني».

إن الجذر اللغوي لكلمة «الاستقامة» يدور حول الاستواء – الاعتدال – الرشد … وفي السياق القرآني السلامة من غضب الله تعالى بطاعته واتباع أوامره.

وطاعة الله تعالى واتباع أوامره لا ينطلقان إلا من قلب سليم، قلب عَرَفَ ربه فأحسن التوجه إليه مخلصًا له الدين، سلوكًا عمليًا على أرض الواقع.

قلب تدبر القرآن وعلم معنى قول الله تعالى مخاطبًا «القاسطين» العادلين عن طريق الحق إلى طريق الباطل:

١- «وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً»:

لو أن أهل الباطل استقاموا على الطريق الإلهي الذي حمله «دين الإسلام» للناس، لفتح الله عليهم أبواب الرزق من كل مكان، وإن أهم نعمة في هذا الرزق هي نعمة الماء «لأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً»، وفي هذا السياق يقول الله تعالى:

«وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ»

٢- «لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ»

فانتبه: إن نعم الله الكثيرة قد تكون فتنة للمؤمن واختبارًا، أيشكر أم يكفر ويرتد عن دينه، وفي هذا السياق يقول الله تعالى:

«أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا – أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ – وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ – فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا – وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ»

٣- «وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً»

والصّعد: الشيء الشاق، يقال: فلان في صعد من أمره، أي في مشقة وجهد، والمقصود العذاب الشاق الأليم الذي لا مفر منه، وفي هذا السياق يقول الله تعالى:

«كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيداً – سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً»

٤- «وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً»

وهنا يجب أن تكون لنا وقفة:

ما الحكمة من مجيء هذه الآية في سياق الحديث عن «الاستقامة» والهداية إلى «صراط الله المستقيم» والتزام السير فيه دون توقف؟!

إن كلمة «الْمَسَاجِدَ»: «دال»، فأين «مدلولها»؟!

إن «مدلولها» موجود خارج القرآن منذ عصر التنزيل، مرورًا بعصرنا، وإلى يوم الدين، ولكن القرآنيّين الملحدين المسلمين لا يعلمون، لأنهم يقولون «ربنا الله» ولم «يستقيموا».

٥- إن القرآنيّين الملحدين المسلمين يتخبّطون، لأنهم ليسوا على صراط الله المستقيم، والله تعالى يقول:

– «فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ»:

– «يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ»

– «وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ»

– «يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء»

– «كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ»

ثم تدبر جيدا ماذا قال الله تعالى بعدها:

* «وَهَـذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً»

– «قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ»

# ثالثًا:

نعم: «قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ»

نعم: «قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ»

إن «البيان والتفصيل» في القرآن، هو بيان أحكام القرآن «ملة وشريعة»، وليس بيان وتفصيل «مدلولات» كلمات القرآن الموجودة خارجه.

تعجبت من منشور يسأل فيه السائل صاحب الحساب ويقول:

طالما أن القرآن تبيانٌ وتفصيلٌ لكل شيء، إذن فما حكم «الرشوة» في القرآن؟!

فيحيب صاحب الحساب، تأكيدا على أن القرآن تبيانٌ لكل شيء ويأتي للسائل بقول الله تعالى:

* «وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ – وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ – لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ – وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ»

فصفق التابعون بغير علم، تأكيدًا على أن القرآن تبيانٌ لكل شيء، ولو أن السائل كان من المتابعين لصفحة «نحو إسلام الرسول» ما قبل هذه الإجابة على سؤاله، والسبب:

أن كل كلمة «الاسم والفعل والحرف» من كلمات هذه الآية «دالٌ»، لا يحمل القرآن بيانًا ولا تفصيلًا لها بداخله «مدلولًا»، حتى يُفترى على القرآن ويُقال إنه تبيانٌ وتفصيلٌ لكل شيء.

فالله تعالى حرّم لحم «الخنزير»، فإذا سأل سائل أين الدليل على تحريم لحم الخنزير، نخرج له هذه الآية:

* «إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ»

وبذلك نكون قد أتينا بنص آية تحمل كلمات فقط «دال»، ولم نأت من داخل القرآن بالدليل على التحريم، أي بـ «مُسَمّيات» هذه الكلمات «المدلول»، لأن هذا الدليل «مسمي الخنزير» موجود خارج القرآن، فكيف يكون القرآن تبيانًا وتفصيلًا لكل شيء؟!

إن هؤلاء قالوا «ربنا الله» فقط، ولم «يستقيموا» على الفهم الواعي لكيفية التعامل مع آيات الذكر الحكيم، فكانت هذه المهزلة الفكرية الدينية التي نراها كل دقيقة على شبكات التواصل الاجتماعي.

# وتذكروا:

١- أن الله تعالى لن يقبل إيمانًا ولا إسلامًا إلا إذا كان قائمًا على الإقرار بصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسوله محمد، والقائمة بين الناس إلى يوم الدين.

٢- إن الإقرار بصدق «الآية القرآنية العقلية»، الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، يستحيل أن يتحقق دون تدبر ودراسة نصوص هذه الآية، بالاستعانة بعلوم اللغة العربية التي كان ينطق بها لسان قوم النبي محمد من قبل بعثته.

٣- إن الاستعانة بعلوم اللغة العربية فرض عين على كل مسلم ومسلمة، وذلك لفهم القرآن واستنباط أحكامه، فكيف يفهم المسلمون القرآن وهم يجهلون أساليبه البيانية و«البيان» لا يكون إلا بلغة القوم، كما قال تعالى:

* «وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ»

وعلى أساس هذا «البيان» يُحدد الإنسان موقفه من الهدى والضلال:

* «فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ – وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ – وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»

٤- أن مقالات هذه الصفحة تتحدث عن «ما يجب أن تكون» عليه حياة المسلمين كما أمرهم الله في القرآن، فإذا وجدت فيها غير ما أمر الله به فأفدنا بعلمك، أما ما يتعلق بـ «ما هو كائن» فالذي يتحمل مسؤوليته هو المسلم، لقول الله تعالى:

* «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»

محمد السعيد مشتهري

يناير 28

6 min read

0

0

0

منشورات ذات صلة

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page