

(1545) 17/9/2020 هل يُعقل أن يَنْزِل القرآن بالعربية، ثم يكون رسالة عالمية؟!
يناير 28
5 min read
0
0
0
من شبهات الملحدين:
لماذا كان أهل الجزيرة العربية، وخاصة قوم النبي محمد، عليه السلام، هم القاعدة التي انطلقت منها رسالة الله الخاتمة للعالمين، القرآن الحكيم؟!
# أولًا:
لأن من رحمة الله تعالى بالناس، أن أرسل كل رسول بلسان «لغة» قومه، ليفهموا ما يريده الله تعالى منهم:
* «وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ – إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ – لِيُبَيِّنَ لَهُمْ – فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ – وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ – وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»
ولما كان في مشيئة الله وعلمه أن يكون النبي الخاتم محمد هو الرسول الحامل لرسالة الله للناس جميعًا، وليس فقط لقومه، كان لابد أن تكون لغة رسالته أفضل وأغنى وأبلغ لغات شعوب العالم وإلى يوم الدين.
فكانت اللغة العربية، «لغة قوم رسول الله محمد»، أهل اللسان العربي:
* «وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ – نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ – عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ – بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ»
وإلى يومنا هذا، لم تستطع أي لغة في العالم أن تترجم جملة قرآنية واحدة على نحو صحيح يعطي المعنى المراد بيانه للناس.
فعلى سبيل المثال، تدبروا قول الله تعالى:
* «وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً – فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء – إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ»
وقول الله تعالى:
* «فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً»
ثم انظروا في التراجم لتعلموا كيف تُرجمت الآيتان، ومدى الدقة العلمية في توصيل المعنى الحقيقي المراد بيانه للناس، المعنى الذي فهمه أهل اللسان العربي عندما نزل عليهم القرآن.
ذلك أن معظم الكلمات المستخدمة في سياق الحديث عن عالم الغيب وعن القصص القرآني …، كان أهل اللسان العربي يعلمون أنها على سبيل «المجاز» وليس «الحقيقة»، ولا تملك لغة من لغات العالم الأساليب المجازية التي تملكها اللغة العربية.
فإذا نظرنا على سبيل المثال إلى ترجمة قول الله تعالى:
* «فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً»
نجد الترجمة:
So We cast [a cover of sleep] over their ears within the cave for a number of years.
وليس المقصود بمعنى «الضرب» في هذه الآية المعنى المادي «over their ears» وإنما المعنى «المجازي» المُعبّر عن قدرة الله على إيقاف عمل حاسة السمع بـ «آية إلهية»، دون تغطية الأذن بأي شيء.
# ثانيًا:
ولكون السمة المميزة للملحدين المسلمين بـ «الذات» هي «الغباء الديني»، لم يفهموا أن الآية التالية نزلت للرد على شبهاتهم الواهية، فتدبروا:
* «وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً»:
– ففي جميع الأحوال كان القرآن سينزل بلغة من اللغات، فإذا نزل بلغة لا يفهمونها، لقالوا: لماذا لم ينزل بلغة نفهمها؟!
* «لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ»
– ولأن الملحدين على مر الزمان لا يتسلّحون إلا بسلاح «الجدل العقيم»، قالوا:
* «أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ»
– كيف ينزل قرآن «أعجمي» على رسول «عربي»؟!
إنهم لا يريدون أصلًا الإيمان بالنبي الخاتم، سواء أنزل القرآن بلغة العرب، أم بلغة العجم.
تماما كما يفعل المخالفون للتوجه «نحو إسلام الرسول»، نراهم يفتعلون أي «جهل» وأي «غباء» ليهربوا من الحوار العلمي، حيث الحجة والبرهان، والذي لا تهتدي به إلا القلوب المؤمنة:
* «قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ»
– «وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى»
– «أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ»
# ثالثًا:
لقد نزل القرآن للناس جميعًا، يطلب منهم أولًا تفعيل آليات التفكر والتعقل والتدبر … آليات عمل القلب، للوقوف على أسباب إنزال رسالة الله الخاتمة بـ «اللغة العربية»:
* «الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ»:
– «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً – لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»
هذا من حيث «الإنزال»، فماذا عن «الجعل» الذي يعمل بالسنن والأسباب؟!
* «حم – وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ»:
– «إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً – لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»
فعندما يقول الله تعالى للمشركين والكافرين بمللهم المختلفة، إن هذا القرآن هو «الآية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد الذي يحملها لكم.
فإن أول خطوة إلى هدم هذه «النبوة» الجديدة أمام العالمين، هي أن يتعلم المشركون والكافرون «إذا كانوا ليسوا عربًا»، اللغة التي نزلت بها هذه «الآية العقلية»، وهذا ما أفاده قول الله تعالى مخاطبًا الناس جميعًا:
* «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»
– بيان لـ «عالمية القرآن»، ثم بيان لجانب من دلائل الوحدانية:
* «الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً – وَالسَّمَاء بِنَاء – وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً – فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ – فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ»
– ثم إقامة حجية اتباع ما أنزله الله على رسوله محمد، على الناس جميعا، وإلى يوم الدين، فتدبر:
* «وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا»:
* «فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ»
– طبعا باللغة العربية، يعني يمكثون سنوات يتعلمون خلالها لغة القرآن العربية، مستعينين بالإنس والجن:
* «وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»
– بهدف إثبات أن هذا القرآن ليس من عند الله، ومع ذلك لم يفعلوا:
* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ – وَلَن تَفْعَلُواْ – فَاتَّقُواْ النَّا رَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ – أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ»
فماذا تعني هذه الآية؟!
تعني: أن أهل الأرض «الناس جميعًا»:
١- إذا لم يستطيعوا أن يأتوا بمثل هذا «القرآن العربي».
٢- وإذا لم يدخلوا في «دين الإسلام» ولم يتبعوا «القرآن».
النتيجة: فانتظروا:
* «النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ – أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ»
# رابعًا:
وكل ما سبق بيانه لا يتحقق إلا بـ «العلم»، العلم بكيفية التعامل مع هذا القرآن العربي، وكيفية التعامل مع معاجم اللغة العربية التي حفظ الله بداخلها «مدلولات» كلماته المتناغمة مع سياقاتها.
وهذا ما نفهمه من قول الله تعالى:
* «كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ»:
* «قُرْآناً عَرَبِيّاً»
* «لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»
* «بَشِيراً وَنَذِيراً»
* «فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ»
– وهؤلاء هم الملحدون المسلمون أهل البدع الدينية كلها:
* «وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ»:
* «وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ»
* «وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ»
* «فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ»
والسؤال:
هل ك ان قوم رسول الله محمد يتكلمون اللغة العربية من قبل بعثته، ونزل القرآن يخاطبهم بـ «كلمات» هذه اللغة التي يعلمون «مدلولاتها»؟!
والجواب:
من لا يؤمن بذلك كفر، ولم تعد له أي علاقة بملة الإسلام.
السؤال:
إذن فكيف فهم الملحدون المسلمون القرآن، وأثاروا حول آياته الشبهات؟!
الجواب:
ومن قال إنهم فهموا القرآن، إنهم سيفهمون القرآن عندما تفهمه «الحمير»:
* «مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا»:
– «كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً»
– «بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ»
– «وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ»
وعندما تكون «اللغة العربية» هي لغة «دين الله الحق»، وأن هذا «الدين الحق» هو ما يجب على الناس جميعا اتباعه، فإن كل من استهان بلغة «الدين الحق» وبمعاجمها، وقال «القرآن وكفى»، فيجب أن يتعامل معه المؤمنون باعتباره من فصيلة «الحمير».
* «تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ»
# وتذكر:
أن التوجه «نحو إسلام الرسول» يهتم ببيان «أصول الإيمان»:
١- بيان وجوب العمل بمقتضيات شهادة أن «لا إله إلا الله» وأن «محمدًا رسول الله» سلوكًا عمليًا في حياة المسلمين.
٢- بيان وجوب خلع ثوب التدين الوراثي المذهبي، وإعادة الدخول في «دين الإسلام» من بابه الصحيح.
٣- بيان أن الباب الصحيح والوحيد للدخول في «دين الإسلام» هو باب الإقرار العلمي بصدق «الآية القرآنية العقلية».
٤- بيان أن «الآية القرآنية العقلية» آية معاصرة للناس جميعًا على مر العصور، وأنها البرهان الوحيد على صدق «نبوة» رسول الله محمد، عليه السلام.
٥- بيان أن الله خاطب قوم كل رسول باللغة التي كانت تنطق به ألسنتهم قبل بعثة الرسل، وقد نزل القرآن يخاطب قوم النبي محمد بلغتهم العربية.
فكيف يفهم عاقل كتابًا بغير لغته، دون أن يتعلم لغة هذا الكتاب، ولا يعتمد على من يترجمه له، الذي قد يستغفله ويضلله مستغلًا جهله؟!
٦- أن مقالات هذه الصفحة تتحدث عن «ما يجب أن تكون» عليه حياة المسلمين، أما ما يتعلق بـ «ما هو كائن» في حياتهم، فإن كل مسلم مسؤول عنه، لقول الله تعالى:
* «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»
محمد السعيد مشتهري