

(1559) 5/10/2020 «وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا»
يناير 28
3 min read
0
4
0

تعالوا نتدبر السياق الذي وردت فيه الجملة القرآنية السابقة، لنعلم هل هو سياق ترغيب وترهيب وتحريم، أم سياق ترغيب فقط، والمسلم حر في أن يجتنب «الطاغوت» أو لا يجتنبه؟!
يقول الله تعالى «الزمر / ١١-٢٠»:
* «قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ»
* «وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ»
* «قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ»
* «قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي»
* «فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ»:
– «قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ»
– «لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ»
– «ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ»
* وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ»:
– «الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ»
– «أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الألْبَابِ»
* «أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ»
* «لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ»:
– «لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ»
– «تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ»
– «وَعْدَ اللَّهِ لاَ يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ»
إن كل معصية لله في هذا الوجود تحدث بسبب «الإغواء الشيطاني»، ولما كان «الطاغوت» من الطغيان، يصبح «الشيطان» هو رأس الطاغين، ذلك أنه الذي أقسم أن يغوي الناس جميعًا إلا عباد الله الْمُخْلَصِينَ.
ولقد أشار الله تعالى إلى أن الذي يصنع الطواغيت في العالم هو «الشيطان»، فقال تعالى:
* «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ»:
– «آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ»
– «يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ»
– «وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ»
– «وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً»
ولذلك قال الله تعالى:
* «وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا»
فقال تعالى «يَعْبُدُوهَا» ولم يقل «يَعْبُدُوه»، أي الطاغوت، لبيان أن «الشيطان» كان وراء كل الأشياء التي يعبدها الناس من دون الله.
«وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ»:
هم المؤمنون الذين أسلموا وجوههم لله، والتزموا بأحكام القرآن، وأعرضوا عن أي شيء يُقربهم من دائرة الشرك بالله، واجتنبوا الشيطان الرجيم، «وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ» نادمين تائبين عن كل معصية فعلوها، فكانت «لَهُمُ الْبُشْرَى» بالجنة:
* «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا»:
– «تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ»
– «أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا»
– «وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ»
وأضاف الله تعالى إلى صفات «الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ»:
* «الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ»:
– «أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ»
– «وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الألْبَابِ»
«أُوْلُوا الألْبَابِ»:
إشارة إلى تفعيلهم لآليات التفكر والتعقل والتدبر والتفقه …، «آليات عمل القلب»، انطلاقا من قاعدة الهداية «أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ».
فلنا أن نتخيل أن صانع الطواغيت في العالم، وصانع المعاصي بأنواعها، لم يُحذر الله تعالى الناس منه بصيغة «تحريم» وإنما بصيغة «اجتناب»:
* «وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ»
فاحذروا «الطواغيت» بأنواعها، «مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ»، وخاصة «طاغوت الهوى» الذي يستحيل أن تكتشفه إلا إذا كنت من «المتقين».
وتذكروا:
أن التوجه «نحو إسلام الرسول» يهتم ببيان «أصول الإيمان»:
١- بيان وجوب العمل بمقتضيات شهادة أن «لا إله إلا الله» وأن «محمدًا رسول الله» سلوكًا عمليًا في حياة المسلمين.
٢- بيان وجوب خلع ثوب التدين الوراثي المذهبي، وإعادة الدخول في «دين الإسلام» من بابه الصحيح.
٣- بيان أن الباب الصحيح والوحيد للدخول في «دين الإسلام» هو باب الإقرار العلمي بصدق «الآية القرآنية العقلية».
٤- بيان أن «الآية القرآنية العقلية» آية معاصرة للناس جميعًا على مر العصور، وأنها البرهان الوحيد على صدق «نبوة» رسول الله محمد، عليه السلام.
٥- بيان أن الله خاطب قوم كل رسول باللغة التي كانت تنطق به ألسنتهم قبل بعثة الرسل، وقد نزل القرآن يخاطب قوم النبي محمد بلغتهم العربية.
فكيف يفهم عاقل كتابًا بغير لغته، دون أن يتعلم لغة هذا الكتاب، ولا يعتمد على من يترجمه له، الذي قد يستغفله ويضلله مستغلًا جهله؟!
٦- أن مقالات هذه الصفحة تتحدث عن «ما يجب أن تكون» عليه حياة المسلمين، أما ما يتعلق بـ «ما هو كائن» في حياتهم، فإن كل مسلم مسؤول عنه، لقول الله تعالى:
* «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ – وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً – اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً»
محمد السعيد مشتهري



