

(1564) 11/10/2020 «مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ»
يناير 28
7 min read
0
3
0
القضية ليست قضية «عدد» وإنما قضية «كَيْف»
فهل يعلم الـ «٩٩٪» من المسلمين ماذا «يريدون» من حياتهم الدنيا؟!
* ماذا تريد، ولماذا تعمل أو تجلس في البيت على المعاش؟!
# أولًا:
١- لقد جاء مقال «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ» لبيان أن الـ ٩٩٪ من المليارين مسلم:
* «فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ»:
– «فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً»
– «وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ»
* «بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ» بأن جعلوا خلال قرون مضت:
– «الوحدانية»: شرك المذاهب العقدية والفقهية.
– «النبوة»: سُنّة المُحَدّثين ومرويات الفرق الإسلامية، كلٌ حسب مدرسته في الجرح والتعديل والتصحيح والتضعيف.
– فأصبح «دين الإسلام»: هو دين «التفرق في الدين».
وبيّنت أن الإصرار على معصية الله يجعلها كبيرة، وضربت مثلًا بالمدخنين، وبغير الملتزمات بالخمار والجلباب.
٢- وفي المقال الأخير:
* «مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ»
بيّنت أن ميزان الحساب في الآخرة يقوم على ما قدمه الإنسان في الدنيا، وأن فعاليات رحمة الله ومغفرته في الدنيا وليست في الآخرة، فكيف تشمل من حكم الله عليهم بأنهم من أهل جنهم والدرك الأسفل من النار؟!
فإذا س ألنا الـ «٩٩٪» من المسلمين عن ماذا فعلوا بنصوص «الآية القرآنية العقلية» التي بين أيديهم، وتفعيل أحكامها في حياتهم وحياة ذريتهم؟!
قالوا: نحن نعلم أننا من أهل جهنم، ويكفينا «شرك التفرق في الدين» لنكون في الدرك الأسفل منها، ولكننا نرجو رحمة الله ومغفرته و«اللّه غَفُورٌ رَّحِيمٌ».
٣- والسؤال:
هل هناك عاقل، مهما كانت ملته، يضع حياة المسلمين ومعايشهم في كفة، وأحكام القرآن في كفة، ثم يخرج بنتيجة مفادها أنهم سيدخلون الجنة برحمة الله ومغفرته؟!
ألم يُبيّن «القرآن»، الذي بين أيدي المسلمين اليوم، من هم الذين يغفر الله لهم ويرحمهم، ومن الذين يعذبهم ولا يرحمهم، وأن يوم الحساب هو يوم الحق والعدل، يقرأ كل إنسان كتابه الذي يحمل مشوار حياته بنفسه:
* «اقْرَأْ كَتَابَكَ – كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ – عَلَيْكَ حَسِيباً»؟!
والجواب:
* «فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ – وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ»
فهل يُعقل، بعد انتهاء الحساب وعَرَفَ كل فريق مقعده من الجنة ومن النار، أن يقول الله لفريق السعير: لقد غفرت لكم ورحمتكم:
* «ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ – لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ – وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ»؟!
هكذا يُفكر الـ «٩٩٪» من المليارين مسلم، بدعوى أن الله تعالى:
* «لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ – وَهُمْ يُسْأَلُونَ»
وبدعوى أن الله تعالى يقول:
* «وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ»
ويحذفون ما قبل هذه الجملة القرآنية الذي يثبت وجود العذاب:
* «قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ»
ويحذفون ما بعدها:
* «فَسَأَكْتُبُهَا»: أي الرحمة:
* «لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ – وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ – وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ»
فعندما تجد «ملحدًا» يُعجب بـ «إلحاده» المئات والآلاف، فاعلم أنهم من الـ «٩٩٪» الذين ينتظرون دخول الجنة بمغفرة الله ورحمته.
# ثانيًا:
الحقيقة أن الـ «٩٩٪» من المسلمين يعيشون في «أمية الأماني وغيبوبة الملاهي»، ولذلك لا يعلمون كيف يعمل ميزان الحساب في الآخرة.
إنهم يظنون أن الاستمتاع بزينة الدنيا، من نجاح في الدراسة والعمل، واستمتاع بالأموال والأولاد …، هو «العمل الصالح» الذي يدخلهم الجنة.
والحقيقة أن زينة الدنيا «فتنة»، وأن ميزان الحساب في الآخرة يعمل على هذا الأساس، فتدبر:
١- «مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا»:
– «نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا»
– «وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ»
– «أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ»:
– «لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ»
– «وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا»
– «وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ»:
* ولو كانوا علماء الدول المتقدمة جميعًا، ومن فتنوا بهم وبتقدمهم.
٢- «مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ»:
– «عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ»
– «ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً»
* «وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ»:
وخلي بالك من الشرطين:
– «وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا»
– «وَهُوَ مُؤْمِنٌ»
– «فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً»
ثم يشمل السياق بعد ذلك «الإسراء / ١٩- ٣٨» الوصايا المعروفة، وينتهي بقول الله تعالى «الإسراء / ٣٩»:
* «ذَلِكَ»: أي ما سبق بيانه:
– «مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ»
إذن فعندما يقول الله تعالى «النساء / ١١٣»:
* «وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ: الْكِتَابَ – وَالْحِكْمَةَ»
يكون هذا العطف «الْكِتَابَ – وَالْحِكْمَةَ» من عطف الصفات، أي الكتب الذي يتصف بالحكمة ويحملها، بقرينة أن هذه الحكمة وحي من الله يُتلى، فتدبر:
* «وَاذْكُرْنَ – مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ – مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ»
فـ «الحكمة» تأتي في سياق التنزيل صفة للمُنزّل:
– «مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ»
وليست «مرويات بشرية» تُروى وتُدوّن «مذهبيًا» بعد وفاة رسول الله محمد بقرن ونصف قرن من الزمن «على أقل تقدير»، جعلها المحدّثون إلهًا يُعبد من دون الله، ولذلك ختم الله هذا السياق بقوله تعالى:
– «وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً»
ولقد جعل الـ «٩٩٪» من المسلمين مع الله آلهة أخرى، على رأسهم «إله الهوى»، الذي سيتقدمهم يوم القيامة وهم يُسحبون إ لى نار جهنم، هذا الإله الذي جعل لسان المسلمين لسانًا أعجميًا بعد أن نجح في إغوائهم بهجر لغة القرآن العربية.
# ثالثًا:
١- اتفقت شعوب العالم، على مر العصور، على وجوب أن يكون لها من يدير شؤونها ويعمل على مصالحها ويدافع عنها، ويحكم بين الناس فيما هم فيه مختلفون، ويقبل في حكمه شفاعة الشافعين، ونزل القرآن يخاطب قوم رسول الله محمد بما يعلمونه عن هذه «الشفاعة»:
* «مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا»
والنصيب والكفل يستعملان في الخير والشر، واستعمال «الكفل» في الشر أكثر، لذلك جاء هنا بـ «النصيب»، بـ «الكفل» في التي بعدها:
* «وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا»
فمن يتوسط في خير يكن له ثوابه، ومن يتوسط في شر يكن له عقابه.
* «وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً»
مُقِيتاً: حفيظًا على حقوق الناس، يجازيهم بما يستحقون من ثواب أو عقاب، فتدبر:
* «وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ»:
– «فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا»
– «وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا»
– «وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ»
٢- لقد نزل القرآن يخاطب الناس بما يعرفونه ويفهمون دلالات كلماته، ومن هذه الكلمات «الشفاعة» التي لم يكن لها مفهوم ولا فعالية إلا في حياة الناس الدنيا، وحذر المؤمنين من الاعتقاد بأن يكون لها فعالية في الآخرة، فقال الله تعالى «البقرة / ٢٥٤»:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»:
– «أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ»
– «مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ»
– «لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ»
– «وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ»
وهذه الآية هي «الآية الأم» في فهم موضوع الشفاعة، لأنها تنفي نفيًا قطعيًا أن تكون هناك شفاعة لأحد يوم القيامة، ولو كان رسولًا:
* «لا بَيْعٌ فِيهِ – وَلا خُلَّةٌ – وَلا شَفَاعَةٌ»
فيا أيها الذين آمنوا مع رسول الله محمد في عصر الرسالة:
لن تجدوا لكم شفيعًا يشفع لكم في الآخرة عن تقصيرك في الإنفاق في سبيل الله، حتى إذا وجدت شفيعًا فهل يمكن أن يشفع لك بدون إذن من الله؟!
لذلك قال الله تعالى بعد ذلك في الآية «البقرة / ٢٥٥»:
* «مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ – إِلَّا بِإِذْنِهِ»
ويستحيل أن تكون جملة «إِلَّا بِإِذْنِهِ» بيانًا لوجود شفاعة في الآخرة ولكنها بإذن من الله، أي إذا أذن الله لأحد أن يشفع، وأن هذه الآية «البقرة / ٢٥٥» جاءت تخصيصًا وتقييدًا للعام الذي ورد في الآية «البقرة / ٢٥٤» التي نفت شفاعة الآخرة مطلقا.
٣- إن «إذن الله» هو الأمر التكويني الذي تحمله كل ذرة لتقوم بعملها في هذا الوجود، ويشمل كل آية من آيات الذكر الحكيم، ومنها الآيات التي جعلت المشركين والكافرين يقولون لرسول الله محمد:
* «ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ»
هؤلاء الذين ورثوا عن آبائهم الأساطير المتعلقة بالآخرة، وأنهم بشفاعة الآلهة المزيفة والملائكة وغير ذلك … سيدخلون الجنة:
* «وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى – تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ – قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ»
أو أن النار لن تمسهم إلا أيامًا معدودة:
* «وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً – قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ – أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ»؟!
فهؤلاء هم الذين خاطبهم الله تعالى بقوله:
* «إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ»:
– «ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ»
– «مَا مِنْ شَفِيعٍ – إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ»
– «ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ»
لقد جاء قول الله تعالى:
«مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْد ِ إِذْنِهِ»
لتصحيح المفاهيم والمزاعم الباطلة التي كانت منتشرة في عصر التنزيل فيما يتعلق بميزان يوم الحساب، ولبيان أنه يستحيل أن يأذن الله لأحد من خلقه أن يشفع في الآخرة للمشركين والكافرين.
هؤلاء الذين كانوا يدّعون أنهم أبناء الله، وبينهم وبين الله العهود، ومنها عهود الشفاعة، فيطلب الله تعالى منهم يوم القيامة، على سبيل الإنكار، إظهار هذه العهود، فتدبر:
* «يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً»
* «وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً»
* «لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ – إِلاَّ مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً»
والسؤال:
متى اتخذ المكذبون المجرمون «عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً»؟!