

(1572) 18/10/2020 «وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ – لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ – وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ»
يناير 28
3 min read
0
0
0

لقد وردت كلمة «أمُّي» ومشتقاتها في السياق القرآني، على النحو التالي:
# أولًا:
للتعبير عن الذين لم ينذرهم، من قبل رسول الله محمد، نذير:
* «لِتُنذِرَ قَوْماً – مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ»
* «لِتُنذِرَ قَوْماً – مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ»
* «هُوَ الَّذِي بَعَثَ – فِي الأُمِّيِّينَ – رَسُولاً مِّنْهُمْ»
* «فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ – النَّبِيِّ الأُمِّيِّ»
# ثانيًا:
للتعبير عن الذين جحدوا ما أنزله الله من كتب، ولم يعملوا بأحكامها وحرّفوا نصوصها، ثم قالوا هي من عند الله:
١- اليهود والنصارى:
(أ): يقول الله تعالى «البقرة / ٧٥»:
* «أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ»:
– «وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ»
– «ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ»
والسؤال:
ألم يعط المسلمون ظهورهم لكلام الله وتحذيره لهم من التفرق في الدين، وذهبوا يُحرّفون مدلولاته، وجاؤوا بفتاوى باطلة لتُخرجهم من دائرة الشرك وتثبت لهم الإيمان «وَهُمْ يَعْلَمُونَ» أنهم:
* «مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً»
– «كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»؟!
(ب): يقول الله تعالى «البقرة / ٧٨-٧٩»:
* «وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ»:
– «لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ»
– «فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ»
– «ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ»
(ج): يقول الله تعالى «الأعرف / ١٥٧»:
* «الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ»:
– «الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ»
٢- المسلمون «الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً»:
لأن هؤلاء ابتدعوا مصدرًا تشريعيًا ثانيًا سَمّوه باسم «السُنّة النبوية»، وجعلوه حاكمًا على «الآية القرآنية العقلية» التي هجروا أحكامها وألحدوا في آياتها، واتبعهم العامَّة الذين يُقلّدون بغير علم.
٣- ولم ترد كلمة «الأُمّي» في السياق القرآني للتعبير عن الذي لا يكْتُبُ ولا يَقْرَأ.
# ثالثًا:
١- قلنا إن الاستثناء نوعان:
(أ): المتصل:
وهو الأصل، وهو ما كان فيه المستثنى من جنس المستثنى منه:
مثال: قول الله تعالى لرسوله محمد:
* «قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً»
أي قليلا من الليل، وهذا المستثنى «القليل»، جزءٌ من المستثنى منه وهو «الليل».
(ب): المنقطع:
إذا كان «المستثنى» ليس من جنس «المستثنى منه».
وهل هذا معقول ممكن أن يحدث؟!
نعم معقول، وورد في القرآن، مثال ذلك قول الله تعالى:
* «الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ – إِلاَّ اللَّمَمَ»
فـ «اللَّمَمَ»: صغائر الذنوب دون إصرار.
فهل المستثنى «اللَّمَمَ» من جنس المستثنى منه الذي هو «كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ»؟!
٢- «ومِنهم أُمِّيُّونَ»:
والضمير في «منهم» يعود إلى بني إسرائيل، بقرينة السياق «البقرة / ٦٧-٧٨».
(أ): «إلّا أمانِيَّ»:
«الأماني»: جمع أمنية، وهي ما يتمناه ال إنسان، ويرغب في الحصول عليه، سواء تعلق بشؤون الدنيا أو الآخرة.
(ب): «إلّا»:
استثناء منْقطع، لأنَّ «أمانِيَّ» التي جاءت منصوبة، ليست من جنس «الكتاب»، ولا تدخل تحت مَدْلُوله ولا علمه.
(ج): معنى «إلّا أمانِيَّ»:
أي لا يعلمون شيئًا عن كتاب الله وتدبر آياته إلا ما ورثوه عن آبائهم بغير علم ولا تدبر، ولذلك يرجون عفو الله ورحمته وألّا يؤاخذهم بخطاياهم، وأن يجعل رسولهم والصالحين يشفعوا لهم.
٣- ومن «الأماني» التي يعتقد أصحابها أنها «حقٌ»، وهي ليست حقًا، وأنها من «عند الله» وهي ليست من عند الله:
* «وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ»:
– «وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ»
– «وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ»
هذه «الأماني» التي يَحْسَبُها أتباع الديانات أنها من الدِّينِ فيتبعونها، والحقيقة أنها مرويات وأساطير الأوّلين، كمرويات الفرق الإسلامية:
(أ): قولهم «البقرة / ٨٠»:
* «وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً»:
– «قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ»
– «أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ»
(ب): وقولهم «البقرة / ١١١»:
* «وقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ إلّا مَن كانَ هُودًا أوْ نَصارى»:
– «تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ»
– «قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ»
(ج): وهي نفس «الأمانِيَّ» التي ورثها أتباع الرسالات جميعًا عن آبائهم وأئمتهم، ومنهم أتباع الرسالة الخاتمة، القرآن الكريم، فتدبر «النساء /١٢٣»:
* «لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ – وَلاَ أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ»:
– «مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ»
– «وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً»
٤- «وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ»:
و«إنْ» هُنا النّافِيَةُ، بمعنى «مَا»، أي «وَمَا هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ».
والظن يأتي بمعنى اليقين «وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ» ويأتي بمعنى «الشك والتردد» كما ورد في هذه الآية.
وجاء بـ «يَظُنُّونَ» فعلًا مضارعًا، ولم يأت باسم الفاعل «ظَانّون» لبيان أن الشك والتردد يتجدد ويتغيّر، فهم ليسوا ثابتين على ظن واحد.
والسؤال:
هل تشعر أن ما سبق بيانه، يختلف فيه المسلمون عن أهل الملل الأخرى؟!
محمد السعيد مشتهري



