top of page

(1577) 21/10/2020 «علم السياق» وأزمة التكفير بين «رشدي والبحيري»

يناير 28

9 min read

0

0

0

لماذا يَكْفُر المسلمون بـ «مقتضيات» نبوة رسول الله محمد؟!

توجد على هذه الصفحة عشرات المقالات في بيان أن من كَفَرَ بـ «نبوة» رسول الله محمد ولم يتبع رسالته:

«فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً»

أي في جهنم، لأنه بكفره هذا يكون قد كَفَرَ بأصول الإيمان الخمسة:

بـ «اللّهِ – وَمَلاَئِكَتِهِ – وَكُتُبِهِ – وَرُسُلِهِ – وَالْيَوْمِ الآخِرِ»

صحيح أن موضوع هذا المقال يتعلق بما سبق نشره عن كفر من كفر بنبوة رسول الله محمد، إلا أنه يعالج الموضوع من زاوية منهجية التدليس التي يتبعها «إسلام بحيري» في برامجه الهوائية، ويستغفل بها قلوب الجُهّال.

فـ «إسلام بحيري» يؤمن بأن من كفروا «من أهل الكتاب» بنبوة رسول الله محمد، «مسلمون» يدخلون الجنة لأن الله لم يُكّفرهم.

ولقد عرض «محمد الباز» الأزمة التي حدثت بين «عبد الله رشدي» و«إسلام بحيري» في برنامجه «آخر النهار»، حسب ما ورد في الرابط المرفق.

والذي يهمني بيانه في هذا السياق، هو ما قاله «إسلام» في مداخلته التي اعترف فيها أنه لا يكفر من كَفَرَ بنبوة رسول الله محمد، فتعالوا نتدبر ماذا قال «إسلام» لنحكم عليه بناء على اعترافه الصريح الذي لا شبهة فيه.

# أولًا:

يقول «إسلام»: أنا لم أتحدث أبدا عن «الفتنة الكبرى» من أصلها، أنا لا يعنيني النظر إلى الماضي وإنما النظر إلى الأمام.

* أقول:

١- كيف لا يهتم «إسلام» بـ أحداث «الفتن الكبرى» التي مزقت «الأمة الإسلامية»، وقد أشار القرآن إلى حدوثها بقول الله تعالى مخاطبًا صحابة رسول الله:

* «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ – أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ»؟!

ألم ينقلب صحابة رسول الله بعد موته على أعقابهم، وسفكت دماء الآلاف منهم، في أحداث «الفتن الكبرى» بداية بمقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان؟!

٢- هل لا يعلم «إسلام» أن ٩٩٪ من المليارين مسلم من ثمار «الفتن الكبرى» الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، ولم يدخلوا في «دين الإسلام» إلى يومنا هذا؟!

٣- هل من المنطق أن ندعو المسلمين إلى نبذ تراثهم الديني بعرض إشكالياته خلال مئات الحلقات، أم ندعوهم إلى الدخول في «دين الإسلام» من بابه الصحيح، باب الإقرار العلمي بصدق «الآية العقلية» التي حملها القرآن الكريم والمعاصرة للناس اليوم؟!

# ثانيًا:

يقول «إسلام»: القرآن سَمّى أتباع كل أهل الأديان الأخرى «مسلمون»، وجاء بآيات قرآنية بمنهجية «القص واللصق»:

١- قول الله تعالى «البقرة / ١٣٢-١٣٣»:

* «وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ»:

– «يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ»

– «أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ»

– «إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي»

– «قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»

* أقول:

لقد فهم «البحيري» من هذه الآيات أن أتباع إبراهيم عليه السلام «مسلمون» حسب ما ورد في القرآن، وهذا صحيح، ولكن من هم هؤلاء الأتباع «المسلمون»؟!

إنهم الذين آمنوا برسل الله جميعًا، واتبعوا رسالات الله، وماتوا على «ملة إبراهيم»، ولم يكونوا من المشركين.

٢- والسؤال:

لماذا لم يأت «إسلام» بسياق الآية من أوله «البقرة / ١٣٠-١٣٢»؟!

والجواب:

لأن هذا هو منهج «القص واللصق» الذي تخصص فيه الملحدون، فالسياق يبدأ بقول لله تعالى:

* «وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ»:

– «إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ»

– «وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا»

– «وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ»

– «إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ»

٣- ولقد بيّن الله مدلول كلمة «الإسلام»، وأنه التسليم والخضوع لأمر «رب العالمين»، فقال تعالى بعد ذلك:

– «قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ»

وهذا التسليم لأمر «رَبِّ الْعَالَمِينَ» هو موضوع وصية إبراهيم، عليه السلام، التي جاءت بعد ذلك:

– «وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ»

# ثالثًا:

١- هل كان «أهل الكتاب» يتبعون «ملة إبراهيم» في عصر التنزيل؟!

الجواب:

منهم من آمنوا برسول الله محمد واتبعوا رسالته، ومنهم من كفروا به، وظلوا على كفرهم إلى يومنا هذا.

وهذا تحذير من الله لـ «الذين آمنوا» من طاعة الذين كفروا من الذين «أوتوا الكتاب»، ولم يقل من «أهل الكتاب» لأن الذين «أوتوا الكتاب» هم الأعلم مما يُخشى على المسلمين من فتنتهم، فقال تعالى «آل عمران / ١٠١-١٠٣»:

* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ»:

– «إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ»

– «يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ»

٢- إن جهل «إسلام البحيري» بالفرق بين «أهل الكتاب» و«الذين أوتوا الكتاب»، هدم كل الآيات التي استدل بها، فـ «الذين أوتوا الكتاب» ليسوا ملة أخرى غير ملة «أهل الكتاب»، وإنما هم طائفة من «أهل الكتاب» متخصصة «فقهاء» في «علم الكتاب».

إن جهل «إسلام» بهذا الفرق، جعله لا يفهم قول الله بعد ذلك مخاطبًا «الذين أوتوا الكتاب»، وفي نفس الوقت هو خطاب لعامة «أهل الكتاب» الذين يتبعون علماءهم من «الذين أوتوا الكتاب»:

* «وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ»:

– «وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ»

– «وَفِيكُمْ رَسُولُهُ»

– «وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ»

٣- ثم ماذا قال الله تعالى بعد ذلك، وهو البرهان الساطع الذي يشهد بأن الـ ٩٩٪ من المليارين مسلم، ومنهم «البحيري»، ليسوا هم المخاطبين بهذه الآية:

* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ»:

– «اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ»

– «وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ»

ومن مقتضيات التقوى وإسلام الوجه لله الاعتصام بحبل الله، فقال تعالى:

* «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ»:

هذا الاعتصام الذي هو «الفريضة الغائبة» عن حياة الـ «المليارين مسلم» الذين يحدثهم «البحيري» عن التنوير!!

فهل اعتصم المسلمون بالله ونبذوا التفرق في الدين؟!

أم أصروا عليه، وأعطوا ظهورهم لقول الله تعالى بعد ذلك:

* «وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ»:

– «إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ»

– «فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً»

– «وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا»

– «كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ»؟!

وهل بعد هذا البيان، «يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ»، اهتدى المسلمون بهدي القرآن وأحكامه، أم افتروا على الله الكذب، وألحدوا في مدلولات كلماته، وقالوا إن القرآن تبيانٌ وتفصيلٌ لكل شيء، لتوظيف إلحادهم في أحكام القرآن لصالح الإغواء الإبليسي؟!

# رابعًا:

ويستدل «إسلام البحيري» بقول الله تعالى «آل عمران / ٥٢»:

* «فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ»:

– «قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ»

– «قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ»

– «آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ»

على أن «كل أتباع الديانات مسلمون»، والسؤال:

فلماذا لم يأت «البحيري» بقول الله تعالى بعد ذلك «آل عمران / ٥٣»:

* «رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ»:

– «وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ»

– «فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ»

١- فهل «النصارى» الذين كانوا موجودين في عصر التنزيل من «الحواريّين» الذين آمنوا بما أنزل الله على أنبيائه، وشهدوا بوحدانيته، ولم يقولوا:

* «وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ»:

– «وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ»

– «ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ»

– «يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ»

– «قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ»

* «اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ»:

– «أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ»

– «وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهاً وَاحِدًا»

– «لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ»

فكيف يكون «المشركون» مسلمون؟!

٢- ثم يزيد الطين بلة ويقول:

إن الشرط الوحيد لدخول الجنة من حيث الإيمان بالله هو الآية «البقرة / ١١٢»:

* «بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ»:

– «فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ»

– «وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ»

هذا هو الشرط الوحيد بين الإيمان والكفر:

«أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ»:

وليس بالأنبياء أو الديانات جميعها أو الرسل!!

* أقول:

ما معنى «وليس بالأنبياء أو الديانات جميعها أو الرسل»؟!

وهل «إسلام الوجه لله» ممكن أن يحدث بمعزل عن التسليم للأنبياء والرسل واتباع الرسالات التي أنزلها الله عليهم؟!

# خامسًا:

١- إن «إسلام البحيري» يريد أن يُدخل بجهله وإلحاده كل من «أسلم وجهه لله» الجنة، وإن كفر بـ «نبوة» رسول الله محمد ولم يتبع رسالته، استنادًا إلى قول الله تعالى عن جزاء هؤلاء:

* «وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ»

٢- وإن المتدبر للقرآن، الدارس لسياقاته، يعلم أن هذه الجملة القرآنية «وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ» التي يستغفل بها «البحيري» قلوب الجُهّال أمثاله، وردت في أكثر من موضع بشروط مختلفة وليس فقط «إسلام الوجه لله»، فتدبر:

(أ): «يَا بَنِي آدَمَ»:

– «إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي»

– «فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ»

– «فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ»

(ب): «أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ»:

– «لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ»:

– «الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ»

والسؤال:

«الَّذِينَ آمَنُواْ»: آمنوا بماذا؟!

(ج): «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ – ثُمَّ اسْتَقَامُوا»:

– «فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ»

والسؤال:

«ثُمَّ اسْتَقَامُوا»: على أي أساس، وما هي المرجعية المعرفية؟!

٣- ثم القاصمة الكبرى لظهور الملحدين في أحكام القرآن، فتدبر:

* «قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً»:

– «فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى»

– «فَمَن تَبِعَ هُدَايَ»

– «فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ»

– «وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا»:

– «أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»

والسؤال:

ألم يأمر الله تعالى «أهل الكتاب» الذين يجدون رسول الله محمد «مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ»، باتباع النور الذي أنزله عليه:

* «فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ»:

– «وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ»

– «وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ»

– «أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»؟!

فكيف يكون الذين كفروا برسول الله محمد من «المفلحين»؟!

# سادسًا:

وانطلاقا من أباطيل «البحيري» السابقة، قال:

١- ومن هنا نفهم قول الله تعالى «آل عمران / ٨٥»:

* «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً»:

– «فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ»

– «وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ»

والسؤال:

ما هو «دين الإسلام» واجب الاتباع؟!

والجواب:

جاء في نفس سياق هذه الآية التي استقطعها «البحيري» منه، والذي يبدأ بقول الله تعالى «آل عمران / ٨١»:

* «وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ»:

– «لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ»

– «ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ»

والضمير في «جَاءكُمْ رَسُولٌ» يعود إلى أتباع «النَّبِيِّيْن» الذين كانوا موجودين في عصر التنزيل وأمرهم الله باتباع رسوله محمد، بقرينة قوله تعالى بعد ذلك:

* «لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ»

٢- إن المفترض أن يقول أتباع «النَّبِيِّيْن» نفس ما قاله «النَّبِيِّون» وأقروا به كلٌ في عصره، فتدبر:

* «قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي»

– «قَالُواْ أَقْرَرْنَا»

– «قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ»

والسؤال:

هل أقرّ أتباع «النَّبِيِّيْن»، الذين كانوا معاصرين عصر التنزيل، بصدق نبوة رسول الله محمد؟!

والجواب:

لم يقروا ولم يشهدوا، وتولوا وكانوا من الفاسقين «آل عمران / ٨٢-٨٣»:

* «فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»

ثم بيّن الله تعالى بعد ذلك حقيقة «دين الإسلام»:

* «أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ»:

– «وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً»

– «وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ»

٣- ثم يتوجه الخطاب إلى رسول الله محمد، وإلى كل مؤمن أسلم وجهه لله تعالى:

* «قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا»

– «وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ»

– «وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ»

– «لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ»

– «وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»

والسؤال:

فلماذا لم يؤمن أتباع «ملة إبراهيم» السابق ذكرهم برسول الله محمد ولم يتبعوا رسالته؟!

والجواب:

لأنهم لم يتبعوا «دين الإسلام» فكانوا من الخاسرين، فتدبر «آل عمران / ٨٤»:

* «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً»:

– «فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ»

– «وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ»

٤- ثم تعالوا إلى البرهان قطعي الدلالة على أن كل من لم يؤمن برسول الله محمد فهو في جهنم خالدًا فيها «آل عمران / ٨٥-٨٨»:

* «كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْماً»:

– «كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ»

– «وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ»

– «وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ»

– «وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ»

* «أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُمْ»:

– «أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»

* «خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ»

# سابعًا:

ثم يزيد «البحيري» الطين مئة بلة ويقول:

١- ودليل آخر وهو الآية «البقرة / ٦٢»:

* «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ»:

يقول: هؤلاء هم نحن المسلمون فقط.

– «وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ»

– «مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ»

يقول: هذا هو الشرط الخاص بـ «الإسلام»، أي أن من اكتفى بالإيمان «بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً» فهو مسلم، وإن لم يؤمن برسول الله محمد ولم يتبع رسالته، بدعوى أن الله تعالى قال بعدها:

* «فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ – وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ»

٢- ويُعقب فيقول:

إذن هناك فرق بين الكفر بالله، أي إنكاره، فهذا «غير المسلم»، لأننا مأمورون بالإيمان بكل الأديان السابقة والرسل، استنادًا إلى قول الله تعالى «البقرة / ٢٨٥»:

* «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ»:

– «وَالْمُؤْمِنُونَ»

– «كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ»

– «لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ»

– «وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ»

٣- ويقول: أما الخطاب بـ «أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ» فهو خاص بالذين آمنوا بالله عن طريق النبي محمد، لأن هناك طرق مختلفة إلى الله، وهذا الطريق اسمه «الإيمان».

فـ «المسلم»: هو المؤمن ببعثة النبي محمد، و«مسلم» لله.

لكن «غيرنا» مسلمون لله ويؤمنون بأديانهم.

* أقول:

ما هذا «الخبل العقلي» و«العك الديني»؟!

وهل يمكن فصل «أصول الإيمان» عن مقتضياتها وفي مقدمتها «إسلام الوجه لله تعالى»؟!

٤- ثم يقول: ولذلك نجد الآية الحاسمة «المائدة / ٤٨»:

* «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ»

– «مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ»

– «فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ»

– «وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ»

– «لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً»

يقول «البحيري»:

الله يعترف في حياة النبي محمد بالشرائع المختلفة، ولا يقول نسخ بعضها البعض، ولذلك قال تعالى بعد ذلك:

– «وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً»

ويقول: حكمة من ربنا نكون شرائع وأديان مختلفة.

– «وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم»

– «فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً»

– «فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ»

٥- ويقول: هذا هو «الإسلام» الذي في القرآن، هذا هو الاجتهاد:

أن «أهل الكتاب» في القرآن لم يوصفوا بـ «الكفر» أبدًا.

لكن أي آية جاءت تبيّن أنهم لم يُصدّقوا حتى بكتابهم سَمّاهم القرآن «الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ» وليسوا «أهل الكتاب».

فالله تعالى لم يقل إن كتب «أهل الكتاب» محرّفة «على الإطلاق»، بل قال «المائدة /٦٦»:

* «وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ»:

– «وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ»

– «لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم»

– «مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ»

– «وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ»

* أقول:

(أ): طبعا الخطاب لليهود والنصارى في عصر التنزيل، يبيّن الله لهم أنهم لو عملوا بما جاءت به كتبهم، وحفظه الله إلى عصر التنزيل لإقامة الحجة عليهم، وهو وجوب اتباع النبي الخاتم، ودخلوا في «دين الإسلام»:

* «لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم»

(ب): وقرينة ذلك قول الله تعالى بعدها:

* «مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ – وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ»

فهل لم يفهم «إسلام البحيري» هذا الذم لكثير من «أهل الكتاب» الذين فسدت نفوسهم، فلم يتبعوا النبي الخاتم مثل «الأمة المقتصدة»، وقد أشار الله إلى ذمهم هذا بقوله تعالى:

* «وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ»؟!

أليس هؤلاء يا «بحيري» من «أهل الكتاب»؟!

٦- وكعادة الملحدين، أعطى ظهره للآية التي قبلها، والتي تقول «المائدة / ٦٥»:

* «وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ»:

– «آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ»

– «لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ»

– «وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ»

فهل وصل به حد «الغباء الديني» إلى درجة أنه لم يفهم معنى هذه الآية السابقة التي تشهد بأن «أهل الكتاب» في عصر التنزيل:

لم يؤمنوا ولم يتقوا ولن يُكفر الله عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ولن يدخلهم جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وهم في جهنم خالدون؟!

محمد السعيد مشتهري

https://www.youtube.com/watch?v=Ia595bquK5M

يناير 28

9 min read

0

0

0

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page