top of page

(1593) 2/11/2020 هكذا يُفكر «الملحدون» المسلمون الذين يُعجب بهم المسلمون «المُغَفّلون»

يناير 28

10 min read

0

0

0

لقد وضع أحدهم رابط لمنشور بعنوان:

«تفصيل إقامة الصلاة في كتاب الله»

كتبه صاحبه «Ali Grama» في ١٤ /١٠/ ٢٠٢٠:

ولما كان من شروط التعليق على مقالات الصفحة عدم وضع روابط للغير، وأن على صاحب التعليق أن يكتب بنفسه ما فهمه من موضوع الرابط لأقوم بالتعليق عليه.

ولما كان الذي وضع الرابط يجهل أصلا ما فيه، وإن كان يعلمه فلا يستطيع المخاطرة بالحوار معي حول مسائله، ولى هاربا ولم يُعقب.

وها أنا أضع بين أيدي الأصدقاء موضوع هذا الرابط كما كتبه صاحبه، بما فيه من أخطاء لغوية جسيمة، وصياغة ركيكة، لأن المصيبة أكبر من جهله باللغة العربية بكثير.

وفي هذه المرة، لن أقوم بالتعليق على ما كتبه الملحد صاحب المنشور، ويكفي ما أصاب صدري من ضيق أثناء إعدادي هذا المنشور لنشره عليكم.

وسأترك لكم التعليق بناء على ما أصبحتم تحملونه من علم تستطيعون به مواجهة مثل هذه الشبهات الجاهلية التي لم يتعلم الملحدون غيرها.

وسأضع أمامك بعض الحقائق التي يجب أن تكون حاضرة في أذهانكم وأنتم تقرؤون ما كتبه صاحب المنشور:

# أولًا:

ما ذكرناه في دروس اللغة العربية من بدهيات لغوية لسانية تعلمها شعوب العالم وهي:

١- أن «الكلمة»: اسم – وفعل – وحرف، وأن مدلول «أي معنى» الكلمة يوجد خارجها، أي أن معنى «الاسم» ومعني «الفعل» ومعنى «الحرف» يوجد خارج كلماتها، ويتعلمه الإنسان من خارجها.

مثال:

* كلمة «تفاحة»:

لو لم يشاهد الإنسان «التفاحة» في الواقع، ولم تُطبع صورتها في قلبه، يستحيل أن يفهم معناها إذا قرأها أو سمعها.

* كلمة «يسجد»:

لو لم يشاهد الإنسان فعل «السجود» في الواقع، ولم تطبع كيفيته في قلبه، يستحيل أن يفهم معناه إذا قرأ الكلمة أو سمعها.

* كلمة «عَلَى»:

لو لم يشاهد الإنسان ظرف المكان وهو يعمل في الواقع، ولم تطبع كيفيته في قلبه، بأن يوضع الكتاب «على» المكتب مثلا، يستحيل أن يفهم معناه إذا قيل له: ضع الكتاب «على» المكتب.

٢- أن جميع كلمات القرآن، من سورة الفاتحة إلى الناس، يستحيل أن يفهم أي إنسان كلمة واحدة منها، «اسم – فعل – حرف»، إذا لم يكن مدلولها «معناها» مطبوعًا مسبقًا في قلبه، وإلا سيذهب إلى معاجم اللغة يبحث عن معناها.

فعندما يقول المسلمون إنهم يفهمون القرآن، فهذا ليس لأن القرآن قد بيّن لهم مدلولات «معاني» كلماته، وإنما لأنهم تعلموا هذه المدلولات من خارج القرآن منذ صغرهم.

فإذا قرؤوا أو سمعوا قول الله تعالى:

* «وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً»

ولم تكن مدلولات «معاني» كل كلمة «اسم – فعل – حرف» من كلمات هذه الآية قد انطبعت في قلوبهم منذ طفولتهم، يستحيل فهمها.

فإذا جاء الملحدون المسلمون وقالوا لهؤلاء الجُهّال الغافلين عن لغة القرآن العربية:

إن «الخرور» يعني ترقص، وإن «الأذقان» يعني تتحزم بحزام، وإن «البكاء» يعني تتمايل أثناء الرقص، وأن «الخشوع» يعني تجعل أعضاء جسمك تتمايل بقوة … سيصدقهم الجُهّال ويفعلون ما يأمرهم إبليس.

# ثانيًا:

هناك بعض الملاحظات المنهجية، عن طريقة تفكير الملحدين العشوائية الجاهلية، وهي:

١- لقد بدأ هذا الملحد حديثه بتعريف «الركوع»، ثم إذا به يرهق نفسه ويبحث عن الآيات التي تحدثت عن «الخرور»، لماذا؟!

لأنه لا يريد مدلول «الركوع» الذي حملته «منظومة التواصل المعرفي» للمسلمين، منذ «ركع» رسول الله محمد والذين آمنوا معه في صلاتهم، وإلى يومنا هذا.

وإنما يريد الإلحاد في مدلول «الركوع» إلى مدلول شيطاني لم يحدث أن شهده عصر من العصور، خلال منظومة تواصل حلقات كيفية إقامة الصلاة منذ عصر التنزيل وإلى يومنا هذا.

٢- عندما يقول الله تعالى «ص / ٢٤»:

* «فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ – وَخَرَّ – رَاكِعاً – وَأَنَابَ»

فإن لكل كلمة من كلمات الآية مدلولها الخاص بها، فمدلول فعل «خَرَّ» غير مدلول فعل «رَكَعَ»، فذهب الملحد يتحدث عن «خرّ» ولم يقل لنا ما هو مدلول «رَكَعَ»، ليصل إلى قوله:

«نفس الفعل الذي استخدم في الركوع استخدم في السجود، فعل «خَرَّ»، وهذه ليست صدفه، بل دلالة على اشتراكهما بنفس الوضعية، أي يجلس «يجثوا» المصلي على ركبتيه «نفس وضعية التشهد»

والله معكم يعينكم على استكمال هذا المنشور الشيطاني.

# ثالثًا:

تعالوا الآن إلى ما قاله الملحد في منشوره:

«تفصيل إقامة الصلاة في كتاب الله»

والذي بدأه بسؤال:

ما هو الركوع في القرآن؟!

ويقول:

لو فهمنا معنى الركوع من القرآن، لعرفنا كيف نتعامل مع الآيات التالية، وذكر «البقرة / ٤٣، آل عمران / ٤٣، المائدة / ٥٥»:

يقول سبحانه مخبرا عن عبده داوود «ص / ٢٤»:

* «فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ»

ولمعرفة كيف ركع داوود تماما، علينا أولا معرفة معنى «خر» من القرآن.

ثم ذكر الآيات:

– «الأعراف / ١٤٣»: «وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا»

– «النحل / ٢٦»: «فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ»

– «مريم / ٩٠»: «وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا»

– «الحج / ٣١»: «وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ»

– «سبأ / ١٤»: «فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ»

وعلّق على الآيات قائلًا:

من الآيات السابقة يتبين أن فعل «خر» فعل حركي بامتياز ويعني السقوط من أعلى الي أسفل على الأرض، وليس الانحناء الذي نصنعه في الصلاة، وجاء هذا الفعل في موضع واحد في القرآن بمفهوم معنوي في قوله سبحانه «الفرقان / ٧٣»:

* «وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانا»

إذن ما هو الركوع؟!

«الركوع»: ان تجثوا على ركبتيك، ولتقريب المعنى أكثر هو نفس وضعية «التشهد» الذي تصنعونه في الصلاة.

«الركوع»: يكون خارج الصلاة، لأنه ليس من أركان الصلاة، كما سنوضح ذلك لاحقا.

وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ

لذلك فإن قول الله تعالى «البقرة / ٤٣»:

* «وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ»

جاءت بعد:

«وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ»

لماذا؟!

لأن «الركوع» ليس من أركان الصلاة.

وكذلك فإن قول الله تعالى «آل عمران / ٤٣»:

«وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ»

جاء بعد:

«يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي»

وبانتهاء السجود تنتهي الصلاة.

والأمر هنا هو «التسبيح» بعد الصلاة في وضعية «الركوع» ودليل ذلك قوله سبحانه «ق / ٤٠»:

«وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ»

وأما قول الله تعالى «المائدة / ٥٥»:

«وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ»

فجاءت بعد إقام الصلاة:

«الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ»

وقد تم تفسير «الركوع» أنه خضوع لله عندما تؤتي الزكاة، ليس لدي اعتراض، لكن منشوري عن المعنى الحركي، أن الله سبحانه يفصل لنا لنفهم أن «الركوع» ليس من الصلاة في شيء.

ثانيًا: السجود:

يقول الله تعالى «الشعراء / ٤٥-٤٦»:

* «فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ»

* «فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ»

هنا فألقي السحرة، أي سقطوا على الأرض:

يقول الله تعالى «يوسف / ١٠٠»:

* «وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا»

يقول الله تعالى «مريم / ٥٨»:

* «إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا»

يقول الله تعالى «السجدة / ١٥»:

* «إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا – وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ»

نفس الفعل الذي استخدم في الركوع، استخدم في السجود، فعل «خر»، وهذه ليست صدفه، بل دلالة على اشتراكهما بنفس الوضعية، أي يجلس «يجثوا» المصلي على ركبتيه «نفس وضعية التشهد»

ولتأكيد صحة ما ذهبت إليه، فلنتابع الآيات التالية:

– «البقرة / ١٢٥»:

«أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ»

– «الحج / ٢٦»:

«وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ»

– «الفتح / ٢٩»:

«تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا»

الملاحظ في الآيات السابقة، أن الله سبحانه ذكر الركوع والسجود بدون واو عطف بينهما، وذلك لاشتراكهما بنفس الوضعية.

وذكرهما أيضا وبينهما واو عطف، ولنتابع الآيات التالية:

– «آل عمران / ٤٣»:

* «يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ»

– «الحج / ٧٧»:

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ»

في الآيتين السابقتين ذكر الركوع والسجود وبينهما واو عطف، وهذا كله ليس من قبيل الصدفة، لأن لكل حرف في القرآن دلالته ومعناه وسيسأل سائل وما الفرق بينهما؟!

أقول:

إن هناك حركة إذا عملتها تخرجك من الركوع وتدخلك في السجود، ولكي نعرف هذه الحركة فعلينا ان نتابع الآيات التالية:

يقول الله تعالى «الإسراء / ١٠٧»:

* «إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا»

ويقول الله تعالى «الإسراء / ١٠٩»:

* «وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا»

ما معنى «يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ»؟!

هل هي حشو؟!

حاشاه أن يكون في كتابه حشو سبحانه.

ثم قال:

كان لي تعليق على منشور لأحد الأخوة، وكان عن الصلاة، فكتبت أن السجود بهيئته الحالية يشبه وضعًا جنسيًا، فجاءني الرد سريعا أنت مريض نفسيًا … ما علينا الآن ستفهمون قصدي إن شاء الله.

يقول الله تعالى «البقرة / ٥٨»:

* «وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ»

ويقول الله تعالى «النساء / ١٥٤»:

* «وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا»

ويقول الله تعالى «الأعراف / ١٦١»:

* «وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ»

ثم يسأل:

كيف سيدخلون الباب سجدًا؟!

طبعًا بنفس طريقة التفسير المعنوي، قالوا إن المقصود بالسجود هنا هو الخضوع لله، أو تطبيق قوانينه:

حسنًا لو سلمت جدلًا بصحة هذا الكلام، فكيف سيكون الوضع مع هذه الآيات:

قول الله تعالى «البقرة / ٢٣٨-٢٣٩»:

* «حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ»

* «فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ»

هذه الآية تتحدث عن الصلاة الحركية بدلالة وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ»:

يقول الله تعالى «الزمر / ٩»:

* «أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخرةَ»

وقد شرحت في منشور سابق معنى الصلاة الوسطى، فالله سبحانه يشدد على أداء الصلاة، حتى في أوقات الخوف، فيجب أن تصلي «صلاة حركية».

فإذا كان السجود بهيئته الحالية «على سبعة أعظم»:

فكيف ستسجد وأنت راجل «أي تسير على قدميك».

أو وأنت راكب «سواء على دابة أو سيارة».

فهل رب العالمين سيأمرنا بشيء لا نستطيع فعله؟!

وهل سيأمر بني اسرائيل أن يدخلوا الباب سجدًا، بهيئة السجود الحالية؟!

طبعا مستحيل.

إذا ما علاقة السجود بالأذقان؟!

الإجابة على هذا السؤال لن تجدها الا في كتاب الله سبحانه، فلنتابع:

يقول الله تعالى «القلم / ٤٢»:

* «يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ»

هذه الآية لا تتحدث عن الدنيا، كما ذهب بعض الأخوة في منشوراتهم، ودليل ذلك الآية التي تليها مباشرة:

* «خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ – وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ»

لو بحثنا عن ««خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ» في القرآن كله، فلن تجدها إلا في ذكر الآخرة.

ما معنى يوم يكشف عن ساق؟!

يقول العرب:

– كشفت الحرب عن ساق:

إذا اشتد الأمر فيها، وعظمت.

– شمّر عن ساقه:

إذا وقع الرجل في أمر عظيم يحتاج فيه الي الجد ومقاساة الشدائد، يعني اشتداد الأمر على الكفار والمشركين يوم القيامة.

ويرون أن كل ما وعد به الله سبحانه حقيقة، فيدعوهم الله الي السجود فلا يستطيعون، وقد كانوا يدعون الي السجود في الدنيا وهم سالمون، ولكنهم كانوا يرفضون!!

فما الذي يمنعهم من السجود يوم القيامة؟!

بعيدًا عن التراث، فالإجابة دائمًا في كتاب الله:

يقول الله تعالى:

* «إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ»

انظروا في هذه الآية، ذكرت الأذقان، وهي نفس الأذقان المرتبطة بالسجود:

– وما علاقة الأذقان بالأغلال؟!

– وما علاقة الأعناق بالأغلال؟!

يكرر الله سبحانه الاغلال في الأعناق في هذه الآية أيضًا:

يقول الله تعالى «الرعد / ٥»:

* «وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ»

ويقول الله تعالى «غافر / ٧١»:

* «إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ»

لو عرفنا معنى «مُقْمَحُونَ» في جملة «فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ» سنعرف العلاقة بينهم جميعًا:

يقال: أقمح القيد الأسير، أي ضاق على عنقه، فأضطره الي رفع رأسه.

«مُقْمَحُونَ» تعني أنهم يرفعون رءوسهم متضررين من ضيق حلقات الأغلال حول أعناقهم.

إذن يخرون للأذقان تعني: خفض الرأس محاولًا ملامسة ذقنك لصدرك.

لذلك الكفار والمشركين لا يستطيعون خفض رءوسهم لتلامس أذقانهم صدورهم، بسبب الأغلال حول أعناقهم، لذلك لا يستطيعون السجود، عندما يدعوهم الله يوم القيامة للسجود.

لذلك يشترك الركوع والسجود في الهيئة، وبمجرد خفض رأسك، فإنك تخرج من الركوع وتدخل في السجود مباشرة.

ولذلك أمر الله بني اسرائيل أن يدخلوا الباب وهم ساجدين، وأمرنا أن نصلي حتى ونحن راجلين أو راكبين.

فالركوع ستمر به اضطراريًا وأنت تصلي، لأنك ستهوي من القيام وتستوي على الأرض جثوا على ركبتيك، فتكون بذلك راكعًا، وعندما تخفض رأسك ستكون ساجدًا.

ثالثًا: أركان الصلاة الحركية:

يقول الله سبحانه «آل عمران / ١١٣»

* «لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ»

ويقول الله سبحانه «الفرقان / ٦٤»

* «وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا»

ويقول الله سبحانه «الزمر / ٩»

* «أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ»

في الآيات السابقة، يوضح لنا الله سبحانه أن الصلاة تتكون من قيام وسجود فقط.

حسنا فكيف يجب أن نصلي؟!

في الآية التالية شرح مفصل أكثر للصلاة، فلنتابع:

يقول الله تعالى «النساء / ١٠٢»:

* «وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا»

كلام سهل لا يحتاج تفصيل بعد أن شرحت لكم كيفية الركوع وكيفية السجود: قيام وسجود لا غير.

القيام تلاوة لآيات الله، ودليل ذلك قوله «آل عمران / ١١٣»:

* «لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ»

تقوم ويديك بجانبيك وتقول:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لقوله سبحانه «النحل / ٩٨»:

* «فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ»

ثم تبدأ بالتلاوة، وتكون قرأتك على مكث وتمهل لقوله سبحانه «الإسراء / ١٠٦»:

* «وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا»

وتعطي كتاب الله حقة في التلاوة لقوله سبحانه «البقرة ١٢١»:

* «الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ»

وإن كنت لا تحفظ، فاجعل القرآن في يدك وأقرأ منه، وليس شرطا أن تبدأ بالفاتحة، فليس هناك دليل على ذلك:

يقول الله تعالى «المزمل / ٢٠»:

* «فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ»

يؤكدها الله سبحانه في نفس الآية مرتين.

حتى تنتهي من قرأتك، فتخر إلى الأرض على ركبتيك وتستوي راكعا «اضطراري، كما شرحت أعلاه»، وتخفض رأسك محاولا لمس صدرك بذقنك، تكون ساجدًا، وتبدأ التسبيح، ودليل ذلك قوله سبحانه «الإنسان / ٢٦»:

* «وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا»

ويقول الله تعالى «السجدة / ١٥»:

* «إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ»

والتسبيح يكون بجميع أسماء الله الحسنى في كتابه، ولا يقتصر على اسم معين، فإذا انتهيت من التسبيح، وتريد أن تنهي صلاتك، فارفع رأسك، تخرج من الصلاة، وليس هناك تسليم.

بمجرد أن ترفع رأسك تكون قد أنهيت صلاتك، وخرجت من وضعية السجود، ودخلت في وضعية الركوع، وتبدأ مباشرة في التسبيح بعد الصلاة، لقوله سبحانه «ق / ٤٠»:

* «وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ»

وبعد انتهائك من التسبيح، تبدأ في الدعاء، لأنه لا يوجد دعاء في الصلاة، القيام قراءة للقرآن، والسجود تسبيح، والصلاة مكونة من قيام طويل وسجود طويل.

لا توجد سجدتين للقيام الواحد، والدليل ذكرناه في «النساء / ١٠٢»، فقد صلى الرسول بطائفة من المؤمنين، فسجدوا وظل الرسول قائمًا، وبمجرد أن سجدوا أنهوا صلاتهم، وتبادلوا الحراسة مع الطائفة الثانية.

ودخلت الطائفة الثانية مع الرسول، فأكملوا معه الصلاة، وهذا يعني أن الطائفتان اللتان صلتا خلفه، قصرتا في الصلاة، والرسول عليه الصلاة والسلام صلّاها كاملة.

ومن نفس الآية نستطيع أن نفهم أن القصر في الصلاة، هو قصر في الوقت، لأنه لا يوجد عدد، قيام واحد وسجود واحد، وأيضًا إذا قام الإمام وصلى وأطال القيام.

وهناك من لا يتحمل الإطالة، فيستطيع أن يخر ساجدًا وينهي صلاته وينسحب، سبحانه لا يكلف نفسًا إلا وسعها.

وسأفرد للقصر منشورا مفصلا إن شاء الله.

والصلاة وقت، فالننتبه لهذه النقطة جيدا، تمتد من ٣٥ دقيقه إلى ٤٥ دقيقة أو أكثر، فالقراءة في القيام طويلة، والتسبيح في السجود طويل.

الصلاة ثلاثة أوقات في كتاب الله سبحانه:

صلاة الفجر – صلاة العشاء – صلاة الليل

وسيكون لي فيها منشور مفصل إن شاء الله.

ملاحظة:

لا توجد تكبيرة إحرام، ولا ضم، ولا تسليم، فكل ذلك ليس فيه دليل من الكتاب، ولا سجود سهو، لأن الصلاة كلها قيام واحد طويل وسجود واحد طويل.

# رابعًا:

لذلك قلت وأقول:

إن من لم يصل «الصلوات الخمس»، بالكيفية التي حملتها «منظومة التواصل المعرفي»، التي حجيتها من حجية ذات القرآن نفسه:

فهو من «المنافقين»، المشركين الكافرين بالله وبرسوله وبالقرآن، الذين مصيرهم «إن لم يتوبوا» في الدرك الأسفل من النار.

اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد.

محمد السعيد مشتهري

يناير 28

10 min read

0

0

0

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page