

(1623) 24/11/2020 «وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ»
يناير 28
4 min read
0
7
0
# اعلم:
* أن خطاب الله لـ «الَّذِينَ آمَنُواْ»، هو خطابٌ في المقام الأول للمعاصرين للنبي في عصر التنزيل.
* أن الأمر بـ «طاعة الرسول» هو أمرٌ للمعاصرين للرسول فقط، الذين كانوا يستطيعون التأكد من صحة الأمر منه شخصيًا.
* أن خطاب الله لـ «الَّذِينَ آمَنُواْ» بعد موت النبي، خطابٌ لـ «الَّذِينَ آمَنُواْ» إلى يوم الدين، يأمرهم باتباع نصوص «آية» رسوله محمد «القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوته».
ولذلك يجب على دارس القرآن ومستنبط أحكامه، أن يكون على دراية كاملة بـ «علم السياق»، حتى لا ينحرف بفهمه للآيات، عن الفهم الواعي الذي يقتضيه السياق، فإذا به يخلط بين ما يتعلق بعصر التنزيل، وما يتعلق بكافة العصور إلى يوم الدين.
ومن قاعدة «عصر التنزيل»، ينطلق الأمر بوجوب «طاعة الله ورسوله»، فيقول الله تعالى «الأنفال / ٢٠»:
١- «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ»:
«أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ * وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ»
وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ مَاذَا؟!
وهنا يأتي «علم السياق»، ويطلب منك أن تقرأ السورة من أولها، لتقف على الأمر الذي يجب على «الَّذِينَ آمَنُواْ» طاعة الرسول فيه، وهو أمر «القتال» في سبيل الله وتوزيع «الأنفال».
والسؤال:
لماذا قال الله تعالى للمؤمنين «وَلاَ تَوَلَّوْا (عَنْهُ)» مع أن الأمر الذي سبقها كان «أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ»؟!
والجواب:
لبيان الفرق بين «السلطة التشريعية» و«السلطة التنفيذية»:
(أ): الله تعالى وحده «المُشَرّع».
(ب): رسول الله محمد «المُنَفّذ».
ولذلك يكون التولي عن الرسول بصفته القائم على تنفيذ أحكام القرآن، ومنها ما جاء في سياق القتال وتوزيع الأنفال، وقد أكد الله تعالى ذلك بقوله بعدها:
٢- «وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ»
إن الذين «قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ» هم «المنافقون»، ويُفهم من ذلك أنه تحذير للمؤمنين من «النفاق»، وهو أخطر مرض نفسي يصيب القلب وهو لا يدري، وإنما تكشفه «الجوارح» وهي تتحرك بين الناس، ولذلك قال الله تعالى بعد ذلك:
٣- «إِنَّ (شَرَّ الدَّوَابِّ) عِندَ اللّهِ – الصُّمُّ الْبُكْمُ – الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ»
* «الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ»:
فلماذا يغضب ٩٩٪ من المسلمين عندما يذكرهم «محمد مشتهري» بقول الله تعالى:
* «وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ»:
– «لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا»
– «وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا»
– «وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا»
– «أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ»؟!
«أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ»:
وهل هناك «غفلة» بعد غفلة الـ ٩٩٪ من المسلمين عن لغة القرآن التي يستحيل فهم كلمة واحدة من آياته فهمًا صحيحًا إلا بها؟!
ولذلك قال الله تعالى بعد ذلك مبينًا طبيعة قلوب هؤلاء الذين:
* «اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللّهِ – وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ»:
٤- «وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ»:
فكيف تسمع قلوبهم «كلام الله» وقد «اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللّهِ»؟!
ولذلك قال تعالي بعد ذلك:
* «وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ»
ولو حتى أسمعهم الله، وتأكدوا أنه «كلام الله»، لن يتبعوه، و«تَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ»:
والسؤال:
وهل لا يعلم «الملياران مسلم» أن «القرآن» كلام الله؟!
إذن فلماذا لم يتبعوا ما أمرهم فيه بتحريم «شرك التفرق في الدين» وأنه من «أكبر الكبائر» التي تجعلهم في الدرك الأسفل من النار؟!
والجواب: أو ليس:
* «الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً»
– هم الذين:
* «اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللّهِ»
– هم الذين:
* «فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ – دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ – فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ – إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ»؟!
# ثم ينتقل الخطاب إلى نسبة الـ «١٪»:
٥- «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ»:
* «اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ – إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ»
– «اسْتَجِيبُواْ»:
فعل أمر، من خالفه يكون قد ارتكب أكبر «الكبائر»، وإن لم يحمل السياق صيغة «التحريم»، وهذه رسالة للذين لا يعلمون أن «التحريم» يأتي بأكثر من صيغة، وليس فقط بلفظ «التحريم».
– «إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ»:
لقد حدد السياق موضوع «الاستجابة»، وأنه يتعلق بشيء فيه حياة الإنسان «لِمَا يُحْيِيكُمْ»، فإذا تدبرنا السياق القرآني لنقف على ما هو هذا الشيء، سنجده في الآيات «الأنعام / ١١٤-١٢٢»، حيث يبدأ السياق بقول الله تعالى:
* «أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً»:
– «وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً»
– «وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ»
– «فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ»
مرورا بقوله تعالى:
* «وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ»:
– «يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ»
– «إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ * وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ»
وصولًا إلى قول الله تعالى:
* «أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ»:
والذي أحياه هو «نور القرآن» المشار إليه في أول السياق، ثم قال تعالى:
– «وَجَعَلْنَا لَهُ (نُوراً) يَمْشِي بِهِ (فِي) النَّاسِ»
فتدبر: قال عن «نور القرآن»:
* «يَمْشِي بِهِ في النَّاسِ».
ولم يقل:
* «يَمْشِي بِهِ بين النَّاسِ»
لبيان أن المقصود بالإحياء إحياء «القلوب الميتة» وليس «الجوارح المتحركة» بين الناس، فـ «القرآن» لا تستجيب لأحكامه وتعمل بها إلا «القلوب الحية»، لا قلوب الكافرين والمنافقين «الميتة المظلمة»، فتدبر:
* «كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا»:
– «كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ»
# ثم يأتي «التحذير»، الذي يجب أن يقف عنده كل من يخاف الله، بيانًا لمفهوم «الاستجابة» وتفعيلًا لفعل الأمر «اسْتَجِيبُواْ»، فقال تعالى:
* «وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ – وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ»
فماذا يحمل قلب «المؤمن المسلم»، وماذا يحمل قلب «الكافر والمشرك والمنافق»؟!
إن قلب «المؤمن المسلم» يعلم علم اليقين، أن «الموت» يحول بينه وبين «التوبة» التي كان ينوي فعلها، وكذلك بينه وبين أي عمل صالح كان ينوي أداءه، ولذلك:
يحرص «المؤمن المسلم» دوما على أن يكون قلبه عامرًا بـ «التوبة والاستغفار»، وإن لم يرتكب ذنبًا، لأن مشيئة الله إذا اقتضت موته في أي لحظة، فقد حالت بينه وبين ما كان يريد فعله، وكما يقولون:
* «إن الأجل يحول دون الأمل»
فعبّر الله عن الأماني التي يريد المرء أن يحققها بـ «القلب»، لأن «القلب» مستودع العقائد والعلوم والمعارف، التي إذا حضر «الموت» حال بين المرء وإتمامها.
فتدبر: «وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ»
والسؤال لـ ٩٩٪ من المسلمين:
متى تتوبون من «شرك التفرق في الدين»، قبل أن يأتي «الموت» فيحول بينكم وبين «التوبة»؟!
علما بأن بدعة التحول التدريجي من «شرك التفرق في الدين» إلى «دين الإسلام»، وإصراركم على ما أنتم عليه، واستغفال قلوبكم والضحك عليها بما تقومون به من دراسات قرآنية ودورات تدريبية عن تدبر القرآن:
كل هذا لن يقبله الله تعالى منكم، إلا بعد التوبة و«قسم التبرؤ من شرك التفرق في الدين».
والسؤال لـ ١٪ من المؤمنين المسلمين:
هل طهرتم قلوبكم من آثار «شرك التفرق في الدين»، والتزمتم العمل بـ «أحكام القرآن»، وعلى استعداد للرحيل من هذه الدنيا بـ «قلب سليم»؟!
محمد السعيد مشتهري



