

(1636) 5/12/2020 وماذا بعد نقض التراث الديني المذهبي، وشَغَّلْ عقلك؟!
يناير 28
4 min read
0
0
0

يقول الشيخ «علي يحيى معمر»، في مقدمة الكتاب الصادر عن «سلطنة عُمان – وزارة التراث القومي والثقافة» بعنوان «الإباضية بين الفرق الإسلامية – عند كتاب المقالات في القديم والحديث» تحت عنوان «يا أخي في الله»:
«أخي في الله: أرجو أن تقرأ هذه الفصول المعروضة بين يديك في هذا الكتاب محتسبًا أجرك على الله، وأن تأخذ منها ما استبان لك أنه الحق بحفاوة، وأن تنبذ ما استبان لك أنه الباطل على طول يدك، وأن تزن كل ذلك بالميزان الدقيق الذي لا يخطئ من قوله تعالى:
* «فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ»:
– «فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ»
– «إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ»
ثم قال:
«وأن تضع في اعتبارك أنني أرى أن جميع الفرق والمذاهب الإسلامية تقف متساوية على صعيد واحد، فليس فيها – بصفتها الجماعية – فرقة أفضل من فرقة، ولا مذهب خيرا من مذهب.
وأن في المنتمين إلى كل فرقة أو مذهب أتقياء بررة، وأشقياء فجرة، وسوادا أعظم وهو وسط بين ذلك.
* أقول:
نعم، تقف جميع الفرق والمذاهب الإسلامية متساوية على صعيد واحد، وهم يعصون الله ورسوله في عدم اتباعهم لقول الله محذرا رسوله والذين آمنوا معه من «شرك التفرق في الدين»:
* «وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ»:
– «مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً»
– «كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»
ألم يفرح «كُلُّ حِزْبٍ» سني وشيعي ومعتزلي وإباضي، «بِمَا لَدَيْهِمْ» من تراث ديني يقول لهم إنهم «الحزب الناجي» يوم القيامة؟!
فإذا كانت هذه الأحزاب تقف حقًا على صعيد واحد، ليس فيها حزب أفضل من حزب، ولا مذهب خير ا من مذهب:
١- فلماذا لا يحرقون تراثهم الديني المذهبي كله، ويعلنون ذلك أمام العالم أجمع، ويجتمعون على «القرآن» الذي يحمل البرهان على صدق «نبوة» رسولهم محمد، والذي لم يعرف الرسول والذين آمنوا معه غيره؟!
٢- لماذا لا يسمح كل حزب للآخر باعتلاء منابر دعوته، خاصة منبر صلاة الجمعة؟!
والجواب:
لأن «إبليس» يستحيل أن يسمح لهم بذلك أبدا، وإلا يكون قد فشل في مهمته الكبرى «لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ – إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ» وهل «العباد المخلصون» يتفرّقون في «دين الله» بعد تحذير الله لهم؟!
ثم يدّعي الشيخ «علي يحيى معمر» أنه يتحاكم في كلامه هذا إلى «الله ورسوله»:
* «فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ – فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ»
فهل لم يحكم الله على «الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً»؟!
ثم يقول:
«وأن تعلم أن النقاش الذي جرى على قلمي ـ في شدته ولينه وفي قسوته ورفقه ـ لا أريد به الدعوة إلى المذهبية، ولا الدفاع عن مذهبية، وأنا على يقين ـ في نفسي ـ أن المذهبية في الأمة الإسلامية لا تتحطم بالقوة ولا تتحطم بالحجة، ولا تتحطم بالقانون:
فإن هذه الوسائل لا تزيدها إلا شدة في التعصب وقوة في رد الفعل»
* أقول:
فماذا يعني الشيخ «علي يحيى معمر» بقوله:
«إن المذهبية في الأمة الإسلامية لا تتحطم بالحجة»؟!
أو ليس تحذير الله رسوله والذين آمنوا معه من التفرق في الدين، حجة على المسلمين إلى يوم الدين؟!
وإذا لم يتحاكم المسلمون إلى «حجة الله» فهل تنفع معهم «حجة الشيخ» الذي قال بعد ذلك:
«وإنما تتحطم المذهبية بالمعرفة والتعارف والاعتراف»:
١- «فبالمعرفة يعلم كل واحد ما يتمسك به الآخرون، ولماذا يتمسكون به»
* أقول:
فإن فعلوا، وعبّر كل واحد فيهم عن لماذا يتمسك بمذهبه، كما فعلت محاولات التقريب بين المذاهب عقودا من الزمن، فلن يزيدها ذلك إلا شدة في التعصب وقوة في رد الفعل.
٢- «وبالتعارف يشتركون في السلوك والأداء الجماعي للعبادات»
وهذه سيرحب بها الجميع، كما يفعل «داود بوسنان» في دورات «تدبر القرآن»، المهم ألا يقترب أحد من عقائد ومذاهب الآخرين التي ستدخلهم جميعًا جهنم بنص قرآني قطعي الدلالة عن الله تعالى.
ثم العجيب أن يقول بعد ذلك:
٣- «وبالاعتراف يتقبل كل واحد منهم مسلك الآخر برضى ويعطيه مثل الحق الذي يعطيه لنفسه ـ اجتهد فأصاب أو اجتهد فأخطأ»
٤- «وفي ظل الأخوة والسماح تغيب التحديات وتجد القلوب نفسها تريد أن تصحح عقيدتها وعملها»
ثم يهدم الشيخ «علي يحيى معمر» كل ما قاله سابقا، ويُشعلها نارًا بين «الأحزاب الإسلامية المتخاصمة المتقاتلة»، عندما يُدخل في أساليب التقريب بين المذاهب، موضوع «السُنّة»، فيقول:
٥- «بالأصل الثابت من الكتاب والسُنّة»
٦- «غير خائفة أن يقال عنها تركت مذهبا أو اعتنقت مذهبا».
* أقول:
وهل يمكن أن يتنازل أئمة حزب من هذه «الأحزاب الإسلامية»، عن بعض «مرويات السُنّة»، التي إن صحت عنده، لم تصح عند الآخرين؟!
في الحقيقة أنا لا أعلم، إلى متى تُبذل الجهود المختلفة للتقريب بين المذاهب العقدية والفقهية، في الوقت الذي يتمسك فيه كل حزب بـ «الكتاب والسُنّة»، ثم تنفض المؤتمرات، والدورات، والاجتماعات، وكأنك يا أبو زيد ما غزيت؟!
ثم يؤكد الشيخ «علي يحيى معمر» على استحالة تحقق حلمه السابق فيقول:
«ولن نصل إلى تلك الدرجة»:
– «حتى يعترف اليوم أتباع»
– «جابر وأبي حنيفة ومالك والشافعي وزيد وجعفر وأحمد وغيرهم»
– «ممن يقلدهم الناس»
– «أن أئمتهم أيضا يقفون على صعيد واحد»
– «لا مزية لأحدهم على الآخرين»
– «إلا بمقدار ما قدم من عمل خالص لله»
وطبعا هذا الكلام، لا محل له من الإعراب مطلقًا لسببين:
١- لم يحدث، ولن يحدث، أن تزن الفرق والأحزاب الإسلامية أئمتها بميزان عقدي أو فقهي واحد.
٢- إذا كان شرط عدم التمييز بين الأئمة، كما يقول الشيخ، هو:
«إلا بمقدار ما قدم من عمل خالص لله»
فإن السؤال الذي يفرض نفسه:
كيف يُقدّم:
* «الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً»
الذين قال الله لرسوله عنهم:
* «لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ»
– «عملًا خالصًا لله»؟!
محمد السعيد مشتهري