

(1642) 12/12/2020 «وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ»: الخطاب لمن؟!
يناير 28
٥ min read
0
0
0

* هذا «كلام الله» وليس كلام «محمد مشتهري»، فافهم وتدبر:
– بماذا أمر الله «المؤمنين»، في سياق بيان منهج القرآن في بناء «مجتمع الإيمان والعمل الصالح»؟!
– وهل يتحقق «مجتمع الإيمان والعمل الصالح» ببناء «الأجساد» أم ببناء «الأنفس» التي تحملها؟!
– وهل يمكن بناء «الأنفس» و«الأجساد» وأصحابها يُعطون ولاءهم ومعاشرتهم وصحبتهم للذين «ظلموا أنفسهم»؟!
– وهل يمكن بناء «الأنفس» و«الأجساد» وانفصال أصحابها عن الذين «ظلموا أنفسهم»، ثم يعيشون بمعزل عن تفعيل «كلام الله» في حياتهم سلوكًا عمليًا؟!
إن الدماء التي تسري في قلوب «الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ» لا تحمل غير «كلام الله»، وهذا ما يجب أن نفهمه من قول الله تعالى «الشعراء / ١٩٢-١٩٥»:
* «وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ – نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ – عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ – بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ»
وهذا ما يجب أن يعلمه كل «مؤمن» أسلم وجهه لله تعالى:
أنه بدون «اللسان العربي المبين»، فإن قلبك «ميت» إيمانيًا، لا يستطيع التعامل مع آيات التنزيل الحكيم بـ «الفهم الواعي» الذي أراده الله تعالى، وفي مقدمة هذا الفهم مسألة «الولاء الإيماني» الذي يجب أن يسري في دماء كل من أسلم وجهه لله تعالى.
لقد عاش رسول الله محمد في «مكة» مع ملل الكفر، ثم هاجر إلى المدينة لإقامة «مجتمع الإيمان والعمل الصالح»، وكان على الذين آمنوا أن يلحقوا به بعد أن نزلت الآيات تحذر المؤمنين من اتخاذ الكافرين أولياء «المجادلة / ٢٢»:
* «وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ – أَوْ أَبْنَاءهُمْ – أَوْ إِخْوَانَهُمْ – أَوْ عَشِيرَتَهُمْ»
# أولًا: «الولاء الإيماني»:
يقول الله تعالى «الممتحنة / ١»:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»:
تحذير لـ «الَّذِينَ آمَنُوا» من الوقوع في «إغواء إبليس».
* «لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء»
– «لاَ تَتَّخِذُوا»: نهي «تحريم»:
عن اتخاذ أعداء الله وأعداء المؤمنين أولياء:
وعليك حصر عدد أعداء الله وأعداء المؤمنين في أجهزة الإعلام المختلفة التي يقضي المسلمون معظم أوقاتهم أمامها، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي ومنشوراتها الدينية الإلحادية:
لتفهم معنى قول الله تعالى بعد ذلك:
* «تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ – وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ»
– «بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ» = «وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ» = «وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ»
وهل يمكن أن تفهم «الحق» بدون أن يحمل دم قلبك «اللسان العربي المبين» الذي نزل به على قلب رسول الله محمد؟!
* «يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ – أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ»
– أخرجوهم من ديارهم بسبب إيمانهم «أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ».
* «إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي»
– وهي مسألة في غاية الأهمية، لأنها تتعلق بـ «النوايا»، وفي نفس الوقت تنتزع من قلوب المؤمنين أي «ولاء» لكافر:
– فإذا كنتم حقًا «أيها المؤمنون» قد خرجتم من أجل مرضاة الله وفي سبيل الله، فاقطعوا صلتكم تماما بأعداء الله، ولا تلقوا إليهم بالمودة في الخفاء:
* «تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ – وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ»
– قدم الإخفاء «مَا أَخْفَيْتُمْ» على الإعلان «مَا أَعْلَنتُمْ» زيادة في التحذير من موالاة الكافرين، وأن اللّه «يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ».
* «وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ»
والسؤال:
هل يمكن أن يجتمع «الإيمان» مع نقيضه في قلب «مؤمن»؟!
والجواب:
نعم: قلب المؤمن المنافق.
# ثانيًا: «ملة إبراهيم»:
إن «الولاء الإيماني» هو صمام الأمان الذي يحافظ على فعالية الفهم الصحيح لمقتضيات «الوحدانية» في مجتمع «الإيمان والعمل الصالح»، مجتمع «الأمة الواحدة» الممتدة إلى أبيهم إبراهيم عليه السلام، أمة العبودية الخالصة لله تعالى، أمة البراءة من الكا فرين والمشركين والمنافقين، وخاصة «الملحدين المسلمين».
فيقول الله تعالى «الممتحنة / ٤»:
* «قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ»:
* «إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ»
– إنها «البراءة» الكاملة من كل صلة، براءة لا تعرف مداهنة ولا سياسة ولا «طبطبة»:
* «كَفَرْنَا بِكُمْ»
* «وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً – حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ»
– ويخرج الملحدون المسلمون الذين يطلبون «المغفرة والرحمة» للكافرين والمشركين والمنافقين، بدعوى أن إبراهيم عليه السلام قد طلبها من ربه لـ «أبيه» وهو يعلم أنه «مشرك»:
* «إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ – لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ»
والحقيقة أن إبراهيم، عليه السلام، قال ذلك في سياق دعوة أبيه إلى الدخول في «دين الإسلام»، وقبل أن يعلم إصرار أبيه على «الشرك» بقرينة قول الله تعالى «التوبة / ١١٤»:
«وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ – إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ»:
«فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ – تَبَرَّأَ مِنْهُ – إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ»
ثم نتابع آيات سورة الممتحنة:
* «وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ»
ثم تعالوا إلى مدرسة «التربية الإيمانية» التي يجب أن يدخلها أولاد المسلمين وهم في بطون أمهاتهم، ثم يتربوا عليها من «لبن الأم»:
* «رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا – وَإِلَيْكَ أَنَبْن َا – وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ»
ثم يخاطب الله رسوله محمدًا والذين آمنوا معه، باتخاذ ملة «إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ» أسوة حسنة، فيقول تعالى «الممتحنة / ٦»:
* «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ – لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخر – وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ»
ونلاحظ المطابقة بين كثير من كلمات هذه الآية، وقول الله تعالى «الأحزاب / ٢١»:
* «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ – لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخر – وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً»
لنعلم معنى قول الله تعالى «الأنبياء / ٩٢»:
«إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً – وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ»
بعد أن ذكر مسيرة العبودية الخالصة لله تعالى التي كانت تملأ قلوب الأنبياء، بداية بـ «إبراهيم»، عليهم جميعا أفضل السلام «الأنبياء / ٥١»:
* «وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ»
# ثالثًا: «الرابطة الزوجية»:
وكان لابد من بيان أن اللبنة الأولى في بناء مجتمع «الإيمان والعمل الصالح»، هو المرأة، هذه المدرسة الحاضنة للأجيال المؤمنة وهم في بطنها.
فكانت الأولوية في بناء «الإيمان والعمل الصالح» في مجتمع المدينة، «المرأة المؤمنة»، لذلك كان لابد من امتحان النساء المهاجرات من «مكة» إلى «المدينة» للتأكد من صدق إيمانهن:
فيقول الله تعالى «الممتحنة / ١٠»:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»:
* «إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ»
* «فَامْتَحِنُوهُنَّ»
– وحسب ما تعلمناه في «علم السياق» أن هذه الآية لا تعني أن «فَامْتَحِنُوهُنَّ» خاصة فقط بـ «الْمُؤْمِنَات المُهَاجِرَات»:
وإنما هي القاعدة العامة، التي يجب أن ينطلق منها أي «عقد نكاح» بين الذين آمنوا: «فَامْتَحِنُوهُنَّ»، ولا تخدعك المظاهر والالتزام بالشعائر، ذلك أن الحقيقة في علم الله:
* «اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ»
– ويبدو أن هذا الامتحان «امتحان مصيري»، ستكون نتيجته انفصال المرأة «المؤمنة» المهاجرة عن زوجها «الكافر»:
* «فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ – فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ»
– والسبب: أن «الزواج» في «دين الإسلام» رابطة إيمانية، يحرم على المسلمين «عقد نكاح» على غير أساسها، مهما كانت الأسباب:
* «لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ – وَلاَ هُمْ يَحِل ُّونَ لَهُنَّ»
– فأي عاطفة «حب» تقوم بين رجل وامرأة على غير «الرابطة الإيمانية»، وعلى غير «الولاء الإيماني»، يحرم أن تكون ثمرتها الزواج «عقد النكاح».
* «وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا»
– فعلى المؤمنين أن يعطوا لـ «الزوج الكافر» كل ما أنفقه على المرأة المؤمنة المهاجرة تعويضًا للضرر.
* «وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ – أَن تَنكِحُوهُنَّ – إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ»
* «وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ»
* «وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ – وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا»
* «ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ – وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»
ثم يستكمل السياق الأحكام «الممتحنة / ١١»:
* «وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ»:
* «فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا»
* «وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ»
# رابعًا: «فريضة البيعة»:
فيخاطب الله تعالى «النبي» ويقول له «الممتحنة / ١٢»:
* «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ»:
* «إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ»
ـ إن «فريضة البيعة»، في «دين الإسلام»، ليست رابطة «كلامية» تربط بين المؤمنين ورسول الله، وإنما «عهد» على الالتزام بما أمر الله به ونهى عنه، ومن ذلك:
* «عَلَى أَن لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً»
* «وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ»
* «وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ»
* «وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ»
* «فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ – إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ»
ثم يختم الله تعالى السورة بالمحور الأساس لها «الممتحنة / ١٣»:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»
* «لاَ تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ»
* «قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخرةِ»
* «كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ»
– فجاءت الخاتمة متناغمة مع المقدمة:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا – لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء – تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ – وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ»
والسؤال:
أين ومتى وكيف:
قام الـ «الملياران مسلم» بتفعيل آيات «سورة الممتحنة» في حياتهم سلوكًا عمليًا، وماذا عن باقي سور القرآن؟!
ثم يقولون:
* كيف يُدخل الله تعالى 99.99 % من الوجود البشري جهنم؟!
محمد السعيد مشتهري