

(1657) 22/12/2020 وهل «تَعَلَّم» الرسول كيفية الصلاة من «صحف» كان يحملها جبريل؟!
يناير 28
6 min read
0
1
0
لم يكن تفصيل أحكام الصلاة، من هيئة وعدد ركعات وعدد صلوات ومواقيت «وليس علامات فلكية» …، من المواضيع التي تحتاج إلى بيان في القرآن:
فقد تعلم المؤمنون هذه الأحكام «عمليًا»، وصلّوا مع رسول الله خمس مرات يوميًا، وقد كانت هيئات القيام والركوع والسجود معروفة بين أتباع الملل المختلفة قبل عصر التنزيل.
أما «الطهارة» و«الوضوء»، فلم تكن كيفيتهما معروفة بين أتباع الملل المختلفة على النحو الذي جاء القرآن بيانه وتفصيله، فهناك مسائل كثيرة، اعتاد المؤمنون فعلها في الجاهلية، ونزل القرآن يصححها.
فـ «لباس المرأة المؤمنة»، على سبيل المثال، لم ينزل القرآن بتشريع يُحدده، وإنما نَزَلَ لشيئين:
الأول: تصحيح وضع «خمارها» الذي اعتادت لبسه في الجاهلية.
الثاني: ألّا يكشف «جل بابها» أو يُجسم أي شيء من جسمها.
ولكن السؤال:
كيف تعلم رسول الله محمد كيفية الصلاة التي أمره الله بإقامتها:
* «وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ»
* «أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ»؟!
والجواب:
لا شك أن رسول الله محمد، قد تعلم كيفية الصلاة بطريقين من طرق كلام الله تعالى مع أنبيائه، غير طريق «الوحي القرآني»، كما بيّنا ذلك في مقال أمس:
وإلا كيف يأمر الله رسوله أن يقيم للمؤمنين الصلاة في حالة الحرب، وهو لا يعلم كيفية أداء هذه الصلاة:
* «وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ – فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ»؟!
# أ ولًا:
إن الذي لا يخلع ثوب المذهبية والتفرق في الدين، ويدخل في «دين الإسلام» من باب الإقرار العلمي بصدق «الآية القرآنية العقلية» المعاصرة للناس جميعًا اليوم، والدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، فهو من الذين قال الله فيهم:
* «قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً»:
– «الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»
– «وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً»
والسبب:
– «أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ»
– «فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ»
– «فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً»
* «ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا»:
– «وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً»
وإياك أن تظن أن هذه الآية لا علاقة لها بالـ 99 % من المسلمين «الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً»، وبالـ 00.99 % «الملحدين»:
لأن الحقيقة أن الفريقين لم يدخلا في «دين الإسلام» من بابه الصحيح، فماذا ينفع «التدين الوراثي المذهبي»، وماذا ينفع «الجهل بلغة القرآن»، الذي كان سببًا في انتشار ظاهرة «الإلحاد»؟!
١- عندما تتعامل مع «القرآن» باعتباره يحمل «الآية الإلهية» الدالة «اليوم» على صدق «نبوة» رسول الله محمد، فأنت تتعامل مع آيات تحمل «كلمات»، ومُسَمَّيات هذه الكلمات موجودة حولك في آيات الآفاق والأنفس:
ولا علاقة لك بكيف وصل هذا القرآن إليك، وهل نزل مكتوبًا في صحف حملها جبريل إلى رسول الله، ثم من الذي جمع هذه الصحف:
أقول لك هذا، لأن هناك شبهات كثيرة استقاها «المشككون» في نسبة هذا القرآن إلى الله تعالى من التراث الديني، وخاصة ما تُسمى بـ «علوم القرآن».
٢- فعلى سبيل المثال: ماذا سيكون ردك على هذه الشبهات:
(أ): إذا كان النبي تلقى القرآن سماعا فقط من جبريل، فكيف كان النبي ينقله من صيغته «المسموعة» إلى صيغته «المكتوبة» التي بين أيدي المسلمين اليوم، هل كتبه «جبريل» له؟!
(ب): ومن الشبهة السابقة تظهر شبهة الاختلاف في رسم كلمات القرآن، والذي يرجع سببه إلى تلقي الرسول القرآن «سماعًا»، ثم حفظ الصحابة القرآن في قلوبهم، ثم تدوينه وجمعه بعد ذلك في الصحف، وعليه لا يكون رسم كلمات القرآن من الله تعالى.
# ثانيًا:
فإذا تركنا ما سبق من شبهات، تظهر لنا شبهات تتعلق بالآيات التي تُبيّن أن القرآن نزل على رسول الله «كتابًا»:
١- «الم (ذَلِكَ الْكِتَابُ) لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ»
٢- «طسم تِلْكَ آَيَاتُ (الْكِتَابِ) الْمُبِينِ»
فقد يقول قائل:
إن وصف القرآن بـ «الكتاب» ليس دليلا على أنه نزل في صيغة «كتاب»، فقد يكون نزل «سماعًا» ثم اتخذ شكل «كتاب» حين بلَّغه النبي إلى صحابته، بناء على أمر الله تعالى بتدوينه في «كتاب».
ولكن ماذا نفعل بالآيات التي صرّحت بأن القرآن نزل «كتابًا»؟!
(أ): «هُوَ الَّذِيَ (أَنزَلَ) عَلَيْكَ الْكِتَابَ»
(ب): «وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ»
(ج): «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ»
(د): «وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ»
(هـ): «وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا»
(و): «كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ»
(ز): «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ»
(ح): «كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ»
يقولون:
إن الآيات صريحة، في أن «القرآن» نزل من أول يوم على رسول الله محمد «كتابًا»، لعدم وجود أي قرينة دالة على أنه نزل «سماعًا» ثم دُوّن بعد ذلك في «كتاب».
# ثالثًا:
ثم ماذا نقول في الآيات التي ذكرت أن القرآن نزل «وحيًا من الله» وليس «كتابًا»؟!
١- «وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ»
٢- «نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُر ْآَنَ»
٣- «وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا»
مع أن الدليل الوحيد، على أن كتاب الله الخاتم، قد حمل «الآية القرانية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، حمل فعل «الإنزال»، فقال تعالى «العنكبوت / ٥٠-٥١»:
* «وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ»:
فقد طلب الكافرون من رسول الله محمد، أن يأتي بمثل «الآيات الحسية المشاهدة» التي أيد الله بها رسله السابقين:
– «قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ»
ثم جاءت الحجة القائمة بين الناس إلى يوم الدين، وهي أن كتاب الله الخاتم، القرآن الحكيم، يحمل في ذاته الآية الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد:
* «أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ»
* «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً – وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»
ولكن «الْكِتَابَ» لم يكن أبدًا «رَحْمَةً» و«ذِكْرَى» لـ 99.99 % من المسلمين، لأنهم «أسلموا»، ولم «يؤمنوا» الإيمان الصحيح الذي ليس له إلا باب واحد فقط، هو باب الإقرار العلمي بصدق «الآية العقلية» التي حملها كتاب الله الخاتم، القرآن الحكيم.
# رابعًا:
وبعيدا عن شبهات السلفيّين، وتحريفات الملحدين، وعن تدين الـ 99.99 % من المسلمين، فإن الذي دخل في «دين الإسلام» من بابه الصحيح، ودرس القرآن دراسة علمية جادة بمنهجية وأدوات التوجه «نحو إسلام الرسول»:
١- يعلم أن الله أنزل هذا «القرآن» على «قلب» رسوله محمد، بلفظه ورسمه الذي بين أيدي المسلمين اليوم:
(أ): يقول الله تعالى «البقرة / ٩٧»:
* «قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ»:
* «فَإِنَّهُ (نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ) بِإِذْنِ اللَّهِ»
* «مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ – وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ»
(ب): ويقول الله تعالى «الشعراء / ١٩٢-١٩٥»:
* «وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ»:
* «نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ»
* «عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ»
* «بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ»
٢- وبناء على الصورة الذهنية للآيات التي كانت تتنزل على قلب رسول الله محمد، وتعلقت به، كتب رسول الله محمد القرآن بـ «مشيئة الله وقدرته»، وأمر صحابته أن يكتبوه كما كتب.
٣- إن المصاحف التي بين أيدي المسلمين اليوم، ووفق تعهد الله تعالى بحفظ «الذكر»، موجودة بعلم الله ومشيئته، رغم اختلاف بعض كلماته ورسمها.
٤- إن الذي دخل في «دين الإسلام» من باب الإقرار العلمي بأن هذا «القرآن» الذي بين أيدي الناس اليوم، هو «الآية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، وأنه «كلام الله» يقينًا:
عليه أن يعلم «علم اليقين»:
(أ): أن إيمانه وإسلام وجهه لله تعالى.
(ب): لم يقم على كلمات القرآن المدّونة في المصحف.
(ج): وإنما على تفاعل هذه الكلمات مع «مُسَمّياتها» و«مقابلها الكوني» في الآفاق والأنفس.
(د): بأي «رسم» كانت هذه الكلمات، وبأي «حروف» تكونت.
٥- إن الذي دخل في «دين الإسلام» من بابه الصحيح، يعلم علم اليقين، أنه لا توجد كلمة واحدة من كلمات القرآن، سواء كانت «اسمًا – فعلًا – حرفًا» أنزل الله معناها «مُسَمَّاها» داخل الق رآن:
وأن «مُسَمَّيات» كلمات القرآن قد حملتها «منظومة التواصل المعرفي»، كما حملت «مُسَمَّيات» كلمات لغات شعوب العالم:
وكذلك حملت «منظومة التواصل المعرفي» كيفيات أداء «الأفعال» التي حملتها كلمات القرآن:
ككلمات: «ذَبَحَ – قَتَلَ – رَكَعَ – سَجَدَ – صَلّى – أَكَلَ – نام – نكح …»
وتعلم رسول الله محمد «كيفية الصلاة» بوحي «غير قرآني»، وعلمها لصحابته، وعلّم ويُعلّم الآباء الأبناء «الصلوات الخمس» جيلًا بعد جيل بـ «التقليد والمحاكاة» إلى يومنا هذا.
وذلك وفق تعهد الله تعالى بحفظ «الذكر»، فما فائدة حفظ كلمة «الصلاة» معرّفة في عشرات المواضع، و«القرآن» لم يبين ولم يُفصل معناها ولا كيفية أدائها؟!
والسؤال لـ «الملحدين» وأصحاب بدعة «القرآن وكفى»:
هل تعلمون أن «وجودكم ذاته» في هذه الدنيا قائم على حجية «منظومة التواصل المعرفي»؟!
كثيرا ما يسأل الأطفال الآباء: من أين جئنا، وكيف جئنا، ويُحرج الآباء من الإجابة على أسئلة الأطفال، فماذا سيقولون لهم؟!
ولكن الله تعالى قال للأزواج:
* «فَإِذَا تَطَهَّرْنَ – فَأْتُوهُنَّ – مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ»
فيا أيها الملحدون – ويا أيها القرآنيّون:
أين بيان الله وتفصيله لجملة «مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ»؟!
لقد خرجتم إلى هذه الدنيا نتيجة إتيان أزواجكم «مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ»، يعني أنتم لا شيء أصلًا، ولا قيمة لكم، بدون إيمانكم بحجية «منظومة التواصل المعرفي»:
* إن «منظومة التواصل المعرفي» هي التي علمتكم كيف تأتون أزواجكم، تقليدًا واتباعًا لمن سبقوكم، حتى تصلوا إلى آدم عليه السلام وزوجه.
فهل عرفتم الآن لماذا جعلكم الله تعالى أضل من الأنعام؟!
«أَفَلاَ تَعْقِلُونَ» – «أَفَلاَ تَتَّقُونَ»؟!
محمد السعيد مشتهري