top of page

(1663) 28/12/2020 «فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ – فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ»

يناير 28

3 min read

0

0

0

لقد أنعم الله تعالى على بني إسرائيل بنعم كثيرة في حياة رسولهم موسى، عليه السلام، وأورثهم مشارق الأرض ومغاربها بعد نجاتهم من فرعون:

* «وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ – الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ – مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا»

وأسكنهم الأرض المباركة ورزقهم من الطيبات «يونس / ٩٣»:

* «وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ»

* «وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ»

١- يُذَكّر الله تعالى بهذه النعم، ذرية بني إسرائيل الموجودين في عصر التنزيل، ويُبيّن لهم مسألة يجب الانتباه إليها وهي:

أن الناس يعيشون أمة واحدة، يستمتعون بنعم الدنيا وشهواتها، بلا قيود تحكم حريتهم …، إلى أن يرسل الله إليهم الرسل بشريعة «افعل ولا تفعل»، فيبدأ الخلاف والاختلاف حولها:

يقول الله تعالى «البقرة / ٢١٣»:

* «كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً»:

– «فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ»

– «وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ»

وفي سياق الآية جملة محذوفة تُفهم ضمنيًا وهي:

أن بعد إنزال الكتاب بالحق، يختلف الناس، وتكون مهمة الرسل الحكم بينهم بما أنزل الله، ذلك أن الكتاب نفسه لا يحكم، كما هو الظاهر من جملة «لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ».

٢- ولقد ورد هذا المفهوم الضمني أيضًا في قول الله تعالى «يونس / ١٩»:

* «وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً – فَاخْتَلَفُواْ»

أي أن الناس كانوا «أُمَّةً وَاحِدَةً»، وعندما بعث الله إليهم الرسل اختلفوا، ولذلك قال الله تعالى بعد ذلك:

* «وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ – لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ»

وهذا ما بينته الآية «البقرة / ٢١٣» بقول الله تعالى:

* «وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ – (إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ) – مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ»

أي أن الاختلاف حدث بعد إرسال الرسل بـ «الْبَيِّنَات»، وكان سبب الاختلاف «بَغْياً بَيْنَهُمْ»، وكان هذا هو موقف «المؤمنين» من هذا الاختلاف:

* «فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ»:

– «وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ»

٣- فإذا عدنا إلى قول الله تعالى «يونس / ٩٣»:

* «وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ – وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ»

نجد أن الله تعالى يقول بعد ذلك:

* «فَمَا اخْتَلَفُواْ – حَتَّى جَاءهُمُ الْعِلْمُ»:

أي أن بني إسرائيل لم يختلفوا إلا بعد إنزال التوراة، تحمل لهم الشريعة الإلهية بـ «افعل ولا تفعل»، فكان من الطبيعي أن يختلف «ما هو كائن» عن «ما يجب أن يكون» وفق الشريعة الإلهية:

وهنا تكمن فتنة الآبائية على مر جميع الرسالات:

* «بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا»

ولكون «فتنة الآبائية» تظل تسري في دماء الأبناء، جيلا بعد جيل، ولا ينجو منها «القلة» التي خلعت ثوب الفتنة ولبست ثوب أحكام الشريعة الإلهية وعملت بمقتضياتها، قال الله تعالى بعد ذلك:

* «إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ – فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ»

وذلك لأنه من الصعب أن يخلع أعضاء منظمة «بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا» ثيابها في الدنيا.

٤- ثم يوجه الله تعالى الخطاب إلى رسوله محمد، في أصعب سياق يمكن للقلب المؤمن أن يفهمه، ما بين اصطفاء «النبوة» وفتنتها «يونس / ٩٤-٩٥»:

* «فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ»:

– «فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ»

– «لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ»

– «فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ»

– «وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ اللّهِ»

– «فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ»

فأنا شخصيًا، وأنا أكتب هذه الآيات، وقبل أن أكتب هذه الفقرة، لم أصدق أن هذا الخطاب لرسول الله محمد، فإذا بي أتذكر قول الله تعالى «الزمر / ٦٥»:

* «وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ»:

– «لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ»

– «وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ»

والسؤال:

لماذا لم يقل الله تعالى محذرًا جميع الرسل:

«لَئِنْ أَشْرَكْتَم لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَم …»؟!

هذا أسلوب بلاغي أريد به بيان أن التحذير يشمل كل واحد من الرسل، أي ولقد أوحى إلى كل واحد منهم، لئن أشركت ليحبطن عملك، كما يشمل تحذير أمة رسول الله محمد في شخصه.

فهل لم تشرك أمة رسول الله محمد بعد وفاته؟!

والجواب:

نعم أشركت بالله تعالى، وأعطت ظهرها إلى يومنا هذا لقول الله تعالى:

(أ): «… وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ – مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»

(ب): «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً – لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ – إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ – ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ»

(ج): «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ … وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا – كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ – لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ»

فهل اهتدى «الملياران مسلم» بهذه الآيات؟!

٥- إن قول الله تعالى لرسوله محمد:

* «فَإِن كُنتَ فِي (شَكٍّ) مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ – فَـ (اسْأَلِ) الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ»

من البراهين القرآنية المثبتة لحجية «منظومة التواصل المعرفي» التي حجيتها من حجية القرآن، ذلك أن إحالة الرسول في حالة «الشك» إلى تبين «الحق» خارج «القرآن»:

يُبيّن أن الله تعالى قد حفظ «من خارج القرآن» كل ما تكون له فعالية مع كلمات القرآن وآياته إلى يوم الدين.

وليذهب أصحاب بدعة «القرآن وكفى» إلى أقرب «مقبرة جهل» ويدفنون أنفسهم فيها، أكرم لهم من إظهار عوراتهم الجاهلة كل يوم على شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة:

* عورة الكفر بـ «الصلوات الخمس»

* عورة الكفر بـ «الخمار والجلباب»

محمد السعيد مشتهري

يناير 28

3 min read

0

0

0

منشورات ذات صلة

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page